Skip to main content

Full text of "أعداد سلسلة عالم المعرفة"

See other formats








سلسلة كتب ثقافية شهرية يسدرها المبلس الوطنة للثقافة والفنون والآداب الكوين 


لكيه ١‏ لمجودد ء 


© عند الكائنات الحيّة 


تأليف 
د . أحمد مد حت إسلام 


سلسلة كت ثقافية شيرية 9 المبلس الوطنع للثقافة والفنون والآداب الكوين 


صدرت السلسلة قئ يناير 8/]| بإاشراف أحمد مشارى العدواتى 3 1|990 





23 
لهذ ١‏ لكمبوساء 


عند الكائنات الحيّة 
تأليف 


د. أحمد مد حت إسلام 











سس سس ا 1701 
المواد المنشورة في هذه السلسلة تعبر عن رأي كاتبها 
ولا تعبربالضرورة عن رأي المجلس 


الفصل الأول: 
مواد الأثر 


الفصل الثاني: 


مواد الإنذار 


الفصل الثالث: 
جنات اقبي 


الفصل الرابع: 

نظرية الشم 

الفكل الام 

لغة الكيمياء داخل الأجساد الحية 


الك ا 
الخلية الحية 


الفصل السابع: 
مغردات اللغة الكيميائية في الخلية الحية 


الفصال اللغامة: 
الأنزيمات 


الفصل التاسع: 
المنظمات الحيوية 


لمكتل الا 
مركبات الكاينين 


23 


535 


ا5 


6 


65 


79 


89 


9 


المتوع 


الفصل الحادي عر 
الهرمونات 


الفصل الثاني عشر: 
الفيتامينات 


لفك انالف 1 
العوامل الوراثية 


الفصل الرابع عشر: 
منظمات النمو 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


التتصال السافيين مضره 
مصادرالطاقة في الخلية الحية 


الفصل السابع عشر: 
نظام الدفاع والأمن في الكائن الحي 


595 


10 


اذا 


39 


65 


|53 


95 


| 08 


99 


مقدمه 


تلعب اللغة دورا هاما في حياة الأفراد. فهي 
إحدى وسائل الاتصال الهامة التي تستخدم في 
تبادل المعلومات. كما تستخدم في تسجيل؛ مختلف 
أنواع المعرفة وفي حفظها . 

وقد استخدم الإنسان منذ قديم الزمان ما 
يصدر عن حنجرته من أصوات كوسيلة للتخاطب 
والتفاهم وكأداة للتعبير عن عواطفه وآرائه 
ومعتقداته. 

ويعتقد أن وسائل الاتصال بين أغراد الإنسان 
الأول لم تكن تزيد عن بعض الهمهمات أو ما يشبه 
الزمجرة التي تختلف في نوعيتها أو في حدتها من 
موقف لآخرء وكان يصحبها في كثير من الأحيان 
بعض الإشارات باليدين أو بالرأس أو بالعينين مما 
قد يساعد على إيصال المعنى المقصود من فرد 
لآخر. 

ولابد أن هذه الهمهمة أو الزمجرة قد تطورت 
بمرور الزمن إلى كلمات محددة المعنى تستعمل ضفي 
مناسبات خاصة؛ ويدل كل منها على شيء ماء ثم 
تحولت بعد ذلك إلى لغة خاصة تترتب فيها هذه 
ويتمشى مع كل مناسبة. 

وقد ترتب على ذلك أن اختلفت هذه اللغات 
واللهجات من مجموعة بشرية إلى أخرى فتعددت 
هذه اللغات بين القبائل المختلفة, وأصبح لكل منها 
لغة خاصة بها تستخدمها في التعبير عن رغباتها, 


لغه الكيمياء 


وفي تبادل المنافع والمعلومات بين أفرادها. 

وقد تعددت هذه اللغات وتنوعت حتى داخل الجنس الواحد. ويمكننا أن 
نرى ذلك بجلاء في القارة الهندية؛ فيوجد بها ما يزيد على تسع وعشرين 
لغة مستقرة: بينما يقدر عدد هذه اللغات أو اللهجات على مستوى العالم 
بما يزيد على عدة مئات؛ يتعامل بها البشر فيما بينهم كوسيلة للتفاهم 
وتبادل المعرفة. 

ولا تعد اللغة المنطوقة الوسيلة الوحيدة لإجراء الاتصالات وتبادل 
العلوم اكول لقح اشكر الأتسان وسناكل أتقرى لجرا مكل هذه الأتصالات 
فاستخدم الاشازات الضوثية مثلا لتبادل الوسائل بين الققطع البحرية والسفن 
في عرض البحارء كما استخدم إشارات مورس لنقل الرسائل والأخبار عبر 
المسافات, إلا أننا نلاحظ أن جميع هذه الوسائل التي ابتكرها الإنسان 
فك اساسا كل حانيكين هما حانيفا الشيع والبصن شي جميع هذه 
الحالات ولا تخرج عن كونها وسائل تعتمد على إصدار الصوت أو على رؤية 
الضورة: 

ويصعب علينا كثيرا أن نتصور أن هناك طرقا أخرى للتخاطب أو 
للاتصال بين أغراد بعض الكائنات الحية خلاف ما نعرفه من وسائل؛ بل 
يصعب علينا كذلك أن نتصور أن هناك مخلوقات أخرى تستطيع أن تتبادل 
المعلومات فيما بينها بطرق أخرىء كأن تفرز بعض المواد الكيميائية التي 
يمكن تذوقها أو شمها والتعرف عليها والتأثر بها تبعا لذلك. 

وقد يشق علينا أيضا أن نتصور أن لكل مادة من هذه المواد الكيميائية 
طعما خاصا أو رائحة خاصة تستثير إحساسا خاصا عند الكائن الحي 
الذي يقوم باستقبالهاء فيصبح لكل منها بذلك مدلول خاصء ومعنى معين؛ 
فتشبه بذلك كلمات اللغة العادية؛ ويمكن استخدامها بدلا من هذه الكلمات؛ 
كما يمكن ترتيبها بأسلوب خاص بحيث تكون فيما بينها جملا مفيدة تحمل 
الس التصووة: 

وعلى الرغم من صعوبة تصور هذه الأفكار. وعدم اكتشافنا لهذه 
الاحتمالات بصورة عملية فيما حولنا من كاثنات:؛ إلا أنها على الأقل؛ تظل 
قاكمة ومحتملة من الناحية التظرية: 

وفي حقيقة الأمر. ليس من الصعوبة أن نبنيء. من الناحية النظرية: 


مقدمه 


نظاما للاتصال يقوم على استخدام المواد الكيميائية. بحيث يستطيع هذا 
النظام أن ينقل إلينا عددا هائلا من المعلومات بكفاءة كبيرة. ولو أخذنا 
المركبات العضوية مثالا لذلك لوجدنا أنها متنوعة التركيب وتوجد بأعداد 
هائلة. فيبلغ المعروف منها حاليا ما يزيد على المليونين من المركبات؛ وطبقا 
لنظرية الاحتمالات. يمكن أن يوجد من هذه المركبات العضوية مئّات الملايين» 
مما يزيد من صلاحيتها للاستخدام كمفردات في لغة الكيمياء 

.وتتميز المركبات العضوية بصفة عامة؛ بأنه يمكن تغيير حواسها بإجراء 
للاستخدام لنقل الرسائل والمعلومات في هذه اللغة الجديدة التي نحن 
بصددها. 

ولا شك أن هذا التصور يبدو غريبا إلى حد كبير بالنسبة للكثيرين منا 
وذلك لأن نظرتنا إلى مثل هذه الأمور قد تشكلت تماما بقدراتنا السمعية 
والبصرية وأصبح من العسير تغيير معتقداتنا في هذا المجال أو حتى 
تقديلها تفديلة ظفيقا . 

ولا يعتبر هذا المفهوم غريبا حقا إذا تذكرنا أن تبادل المعلومات والرسائل 
داخل جسم الإنسان وغيره من الكائنات» إنما يتم في الحقيقة عن طريق 
مثل هذه المواد الكيميائية: فالمخ يسيطر سيطرة تامة على الجسد عن 
طريق الرسائل الكهروكيميائية التي يرسلها ويتلقاها على الدوام. كذلك 
فإن أغلب الأعمال ل الحيوية الهامة التي تدور داخل خلايا الكائنات الحية, 
إنما تسيطر عليها بعض الجزيئات الكيميائية التي تتميز بتركيب خاص 
والتي تحمل في تركيبها هذا قدرا هائلا من المعلومات في شفرة كيميائية 
غريدة في نوعهاء تحدد نوع وتركيب المواد الكيميائية الأخرى التي تنتج 
داخل الخلية الحية؛ وكذلك تحدد طبيعة هذه المركبات ووظائفها وتحدد 
نوع الكائن الحي نفسه وطبيعته. 

ويبدو من كل ذلكء أن هناك لغة كيميائية خاصة تربط بين مختلف 
الخلايا في الكائن الحيء وأن جميع الأوامر والتعليمات التي تتلقاها هذه 
الخلايا إنما تصدر منها أو إليها على هيئّة جزيئات كيميائية محددة التركيب 
تشبه المفردات اللغوية إلى حد كبير. 

ويمكن تصور هذا المفهوم بطريقة أفضل إذا انتقلنا إلى مملكة الحشرات, 


لغه الكيمياء 


فمن المعروف أن هذه الحشرات تعيش في تجمعات خاصة تشبه المجتمعات, 
تتم فيها الأعمال بمنتهى الدقة والنظام. 

ولنسأل أنفسنا كيف تستطيع هذه الحشرات أن تحتفظ بهذا النظام 
الفائق داخل مستعمراتها؟ وكيف تقوم بتقسيم العمل بين مختلف أفراد 
هذه المستعمرة؟ وكيف تعلم بوجود دخيل أو حدوث عدوان على مستعمرتها؟ 
وكيف تتعرف على موقع الغذاء. ومتى تقوم بتخزينه5 إلى غير ذلك من 
الأسئلة التي قد تخطر ببالنا. 

وللاجابة على ذلك لا بد أن نفترض أن هناك وسيلة ما للاتصال بين 
أفراد هذه المستعمرات وتبادل المعلومات فيما بينهاء ولكنها قطعا تفعل ذلك 
بأسلوب غير تقليدي لم يختلف كل الاختلاف عن الأساليب التي ألفناها 
في عالمنا نحن البشر. 

وقد تم اكتشاف عدد من وسائل الاتصال الكيميائية المعقدة التي 
تستخدمها بعض هذه الكائنات لتبادل المعلومات؛ وتبين أن بعض الحشرات 
تقوم بإفراز بعض المواد الكيميائية في مناسبات معينة؛ وهي تفعل ذلك إما 
للتأثير المباشر في الأغراد المحيطة بهاء وإما للتحكم في البيئة نفسها. وهي 
تقوم بذلك ببراعة؛ فهي لا تخلط بين مناسبة وأخرىء ولا تخطىّ في ذلك 
على الإطلاق: فلكل مناسبة مادة خاصة يهاء كما أن لكل مادة غدة خاصة 
بها أيضا. 

وتبدو هذه الظاهرة بوضوح في مستعمرات النمل الأبيضء فإن كلا من 
جماعات النمل المخصصة للتكاثر. وجماعات الجنود التي تتولى الدفاع عن 
المستعمرة؛ تفرز مادة كيميائية معينة تمنع جماعات النمل الأخرى من التحول 
إلى صورتها. وبذلك يتم الاحتفاظ بالتوازن في أعداد كل صنف داخل 
المستعمرة. ومن المعتقد أن هذه المواد الكيميائية تؤثر على الغدد الصماء 
فى هذه الكائنات: وهى الغدد التى تسيطر على عمليات التحول من صنف 
لآخر والمسئولة عن اكتساب الضيفات النوعية لكل حشرة. 

ولا يقتصر الأمر على مستعمرات النمل فقطء بل تنتشر هذه الظاهرة 
بين غيرها من أفراد مملكة الحشرات: فذكور الجراد البالغة تقوم بإفراز 
مادة كيميائية متطايرة من السطح الخارجي لجلودها لتساعد على الإسراع 
في نمو أفراد الجراد الصغير السن. وقد اتضح أن عذراء الجراد عندما 


مقدمه 


تحس بوجود هذه المادة. ترتجف قرون استشعارها بوضوح كما أن أرجلها 
الخلفية وبعض أجزاء فمها تهتز عند تعرضها لهذه الرائحة. 

كذلك تمتد هذه الظاهرة لتشمل كثيرا من أفراد مملكة الحيوان» وقد 
تتسبب بعض هذه المواد الكيميائية في إحداث بعض التغييرات الفسيولوجية 
في جسم الحيوان دون أن تحدث أثرا ملحوظا في سلوكه أو في تصرفاته 
الظاهرة. ومن أمثلة ذلك ما يحدث لبعض إناث الفئران عندما تشم رائحة 
بعض الإناث الأخرى من أفراد نوعها . فعند وضع هذه الإناث في مجموعات 
من أريعة أفرادء نلاحظ أن حالات الحمل الكاذب تنتشر فيما بينهاء ولكن 
هذه الإناث تعود مرة أخرى إلى حالتها الطبيعية الخصبة عند عزلها ووضع 
كل منها على انفرادء أو عند إزالة بسيلان الشم منهاء مما يدل على أنها 
تستقبل رائحة خاصة تقوم بإفرازها بعض الإناث الأخريات. 

وتدل هذه التجربة على أن دورة المبيضين في إناث الفئثران يحدث بها 
شيء من الاضطراب عندما تضطر هده الإناث للعيش مزدحمة في 
مجموعات كبيرة» وربما كانت مثل هذه المواد الكيميائية التي تفرزها هذه 
الإناث إحدى الوسائل التى تستخدمها هذه الحيوانات لتحديد نسلها 
واللسيط على كقاقة السكان: 

وقد اتضح كذلك أن رائحة أحد ذكور الفثران تساعد على بدء دورة 
المبيض في إناث الفئران: كما أن رائحة ذكر فأر غريب قد تتسبب في 
إنقاش كول بعري لإحدى الإناث؛ بينما نلاحظ أن رائحة الذكر الأأصلي 
الذي تسبب في الحمل لا أثر لها طبعا على حمل هذه الأنثى. 

ويعتقد بعض العلماء أن هناك بعضا من الأدلة على أن رائحة ذكر الفأر 
الغريب تتسبب في تعويق إفغراز هرمون «البرولاكتين» مما يؤدي إلى عدم 
استكمال نمو إحدى غدد المبيض عند أنثى الفار. 

وتدل هذه الظواهر جميعا على أن هناك لغة خاصة بين هذه الكائنات 
الحية تستخدم فيها بعض المركبات الكيميائية التي تقوم بإفراز كل منها في 
إحدى المناسيات الخاصة أو من أجل غرض معين. ولا يعرف أحد تماما ما 
يحدث في هذه الحالات: فلم يتم بعد فصل هذه المواد الكيمياتية التى 
00 التغيرات: إلا في بعض الحالات القليلة. ولذلك لا تعرف 
طبيعة أغلب هذه المواد أو تركيبها حتى الآنء كما أن الآثار التي تحدثها 


لغه الكيمياء 


بالكائن الحي وطريقة عملها في جسده لم يتم فهمها بعد بصورة جيدة في 
أغلب الحالات. 

وقد تم فصل بعض المواد الكيميائية البسيطة التي ينتشر استخدامها 
في مملكة الحيوان لإحداث أثر واحد محددء وثم التعرف على تركيب بعض 
منها. وتحدث مثل هذه المواد تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي المركزي. 
وتخدم بذلك كثيرا من الأغراض والوظائف. فهي قد تحدد سلوك الحيوان 
بالتأثير في تصرفاته المباشرة؛ ويمكن بذلك اعتبارها بديلا للغة الكلام 
فهي تسهم في تبادل المعلومات وفي تلقى الأوامر المباشرة. ومن أمثلة هذه 
المواد تلك المواد المعروفة باسم «مواد الأثر» وهي المواد التي يستخدمها 
النمل لتحديد اتجاهات سيره وحركاته خارج المستعمرة؛ و«مواد الإنذار» 
وهي المواد التي تطلقها الحشرات للإنذار بوقوع الخطرء و«جاذبات الجنس» 
التي تطلقها الإناث لجذب ذكور الحشرات. 

ويتضح مما سبق أن لكل مادة كيميائية أثرا معيناء وفعلا خاصا تنفرد 
به هذه المادة دون غيرهاء وأنه إذا أطلقت هذه المادة بين كائثنين أشبهت فى 
ذلك الكلمات والجمل المفيدة التي تتكون منها لغة الكلام عند الإنسان. ا 

أما إذا أطلقت هذه المواد داخل جسد الكائن الحي فإنها تشبه في ذلك 
الرسائل المكتوبة التي تحمل التعليمات. وتحدد خط السير وأسلوب العمل؛ 
وهي تمائل في ذلك تعليمات التشغيل أو الشفرة؛ وهذه هي الطريقة التي 
تعمل بها الأحماض النووية داخل أجساد الكائنات الحية, كما فتعل ذلك 
كثير من المواد الكيميائية الأخرى. مثل مركبات الكاينين والإنزيمات ومنظمات 
النمو وغيرها. 


مواد الاق 


ريما كانت أكثر أنظمة الاتصال الكيميائية تطورا 
فى الطبيعة؛ هى تلك الأنظمة التى تستخدمها بعض 
أهراة مجلعة الحشرات الشافعة) بعكم مكل اشحل 
أو النمل. 

ومن المعروف أن هذه الحشرات تعيش في 
تجمعات كبيرة. فهي في حالة النمل تعيش في 
مستعمرات كبيرة تبنيها في باطن الأرض أو في أي 
تجويف يمكن العثور عليه؛ بينما في حالة النحل 
تعيش في خلايا تقيمها داخل الأشجار أو في أي 
مكان مهجور. 

وقد ظن فى بادئىٌ الأمر أن أفراد هذه 
التسميهات الحغرية قن سادل الرسائل وا تاوما 
بتحريك قرون الاستشعار على هيئة إشارات خاصة 
لكل منها مدلول خاص. 

ولكتنا لو فتحضنتا مساكن هذه الحشرات»: 
لوجدنا أن كلا من المستعمرات التي يقيمها النمل. 
والخلايا التي يبنيها النحل تتكون من سراديب 
متشعبة يغشاها الظلام الدامس على الدوام: وبذلك 
فان أفراد هذه الآنواع من الحشرات تعيش عادة 
في ظلام تام داخل هذه الخلايا أو المستعمرات؛ 
حتى أنه قد يصعب على إحداها أن تميز الأخرى 


لغه الكيمياء 


داخل ممرات ودهاليز هذه المساكن المتشعية. 

وينبثى علن ذلك أن أخراد هذه الجموعات الغشرية أن تستطيع أن 
تتبادل الإشارات فيما بينهاء حتى لو أرادت ذلك. فلن يمكن لأحد هذه 
الأفراد أن يميز بوضوح نوع الإشارة التي قد يرسلها له فرد آخر في هذا 
الظلام الحالك: ويعني هذا أن نظام تبادل المعلومات داخل المستعمرات أو 
الخلايا عن ظريق الإشاراك: ضيح يكين الاحتمال ولا يد أن حكون هناك 
وسيلة أخرى قصاح للتخاطب وتبادل المعلومات حتى في هنذا الظلام التاعن. 

وقد رأى بعض العلماء أن أنسب أنظمة الاتصال بين هذه الحشرات قد 
#ومرتطانا يتضين إكراة ميض اراد العوبياقية العطايرة الع يكن 
استكدانها الايضال معلومة سعينة او لأصتدار ار هاءولة شك أن مكل هنذا 
النظاخ لن وتاخرجانظاكم الداسى النسهر سن بغاذيا اواسسسرات هذه 
الحشرات. 

وو كيكو لجاب سحديكا عن إقياات ضبغلة 34 انرس روقبين نيتم أن 
هناك شفرة كيميائية خاصة بكل نوع من أنواع هذه الحشراتء وقاموا 
باتد اصن الجارب السلمية المبيطة والشر القت من العرا رهن 
الفكرق وابكتر فيض الحالاك من ميل يكن الر عات الكبميافية 
السقحدية فى هذا القرض وتمرفوا عليه روصق كركييه] العيميافي. 

وقد تناولت تجارب هؤلاء العلماء أنواعا متعددة من الحشرات؛ ولكنها 
كانه رحيه كاسية على ماشه لسر تتبن :للك بم سولق اليسطمول 
على أفراد هذه الحشرات التي تنتشر في كل مكان: كما انه يسهل متابعة 
أفراد النمل في حركتها اليومية أثناء التجارب المعملية المختلفة. 

وقد استن العلماء في تجاربهم خطة عمل غاية في البساطة؛ فقد قاموا 
أولا بدراسة أنواع الغدد التي توجد على جسم شغالات النملء ثم قاموا 
بفصل هذه الغدد واحدة بعد الأخرى, واستخرجوا محتويات كل منها. ثم 
بدءوا في دراسة أثر محتويات كل غدة؛ على حدة؛ على مسلك أفراد الشغالات 
في مستعمرة النمل. 

ويرجع السبب في احتيان أفراد الشدالات لإجراء هده التجارب عليها: 
إلى أنها أكثر أفراد مستعمرة النمل عدداء كما أن هذه الشغالات هي 
المسئولة عن القيام بأغلب الأعمال الهامة في المستعمرة: ولهذا فهي على 


1“ 


مواد الأثر 


الأغلبء أكثر أفراد هذه المستعمرة تلقيا للأوامر. وأشدها احتياجا للحصول 
على المعلوماته للقيام بوظائقهنا على اكمل وبحة: 

وتتميز جميع أفراد النمل بأنها مزودة بنظام متطور من الغفدد يتوزع 
على جميع أجزاء جسدها. وحتى عهد قريب كانت أغلب هذه الغدد غير 
محددة الوظيفة: ولا يعلم أحد عن فائدتها شيئاء ولكننا الآن نعرف الكثير 
عن بغطن هذه الفدد: آمكن التغرف على وظيفة البعض منهاء فهي تغتبر 
مصدرا لعديد من المواد الكيميائية التي تستخدم في عمليات الاتصال 
وتبادل المعلومات والرسائل بين مختلف أفراد المستعمرة. 

وقد أدى التعرف على هذه الغدد. ومعرفة الأثر المباشر الذي تحدثه 
محتويات كل منها إلى التوصل لفهم بعض الأسس التي يقوم عليها ذلك 
النظام الرائع الذي يسود مملكة النمل ويميزها من غيرها من الحشرات. 

ومن أهم إفرازات هذه الغدد تلك المادة الكيميائية التي يتركها النمل 
على الأرض أثناء سيره والتي تستخدم دليلا للشغالات يساعدها على تحديد 
اتجاهها أثناء انتقالها من مكان لآخر ولذلك فهي تسمى عادة «مادة الأثر» 
أو «مواد الأثر» فربما كانت خليطا من المواد الكيميائية ولا يعرف شيء عن 
تركيبها حتى الآن. 

لقد تبين أن «مواد الأثر» تستخدم في الحقيقة في عديد من الأغراض 
في مملكة النمل فهي قد تستخدم في زيادة نشاط الشغالات ودفعها إلى 
مزيد من العملء كما إنها قد تستخدم في هداية الشغالات إلى مواقع 
كناسية ابذامكن جديد: وللكن شاكددها الركيسية العالية هي إرشاد 
مجموعات الشغالات إلى مواقع الغذاء. ا 

وقد أجريت التجارب الخاصة بمواد الأثر على نوع خاص من النمل 
يعرف باسم «نمل النار» «كاصك ع:ز», وتبين من هذه التجارب أن هذه المواد 
تفرز بواسطة غدة خاصة تتصل بإبرة اللدغ الموجودة بمؤخرة النملة: وعندما 
تريد هذه النملة أن تضع مواد الأآثر على الأرض فهي تفعل ذلك عادة بأن 
تلسن الأرض بإيرضيا الخلفية اثناء سيرهاء وه تعمل ذلك على قكرات 
متقطعة بحيث تضع كل مرة قدرا ضيئلا من مادة الأثر. وينتج عن ذلك أن 
الإقرال الذي تضهه التملة على الأرضن لآ يكون على هيكة خط مستهر: بل 
يأخن هيئة الخط المتقطع: ويشبه تصرف النملة هذا ما يقوم به قلم التحبير 


لغه الكيمياء 


المعروف عندما يرسم مجموعة من الشرط على خط واحد مستقيم . 


للللطلتن :|| الحكككخخةحةتخ| | | (لنصحكةخة#*ةاطخ_|| + لخصتلت<هحك 


ولا يعرف السبب الحقيقي في قيام النملة بوضع هذا الخط المتقطع 
من مادة الآثر بدلا من وضعها على هيئة خط واحد متصلء ولكن يبدو أن 
النملة تفعل ذلك كي توفر في كمية المادة المستخدمة من مواد الأثر؛ بل ربما 
كانت تفعل ذلك حتى لا يزيد تركيز هذه المادة على الحد المطلوب. 

ولا بد لنا هنا أن نتساءل عن الأسباب التي تؤدي إلى استعمال مواد 
الأثر, وسور هده رضو كن الخط المتقطع؟ 

لقد أثبتت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن هذا يحدث عادة 
عندما تعثر إحدى الشغالات على الغذاء أثناء تجوالها. فهي عندما تعثر 
مثلا على حشرة ميتة أو أي شيء آخر يصلح غذاء لأبناء جنسهاء تتناول 
منه قدرا كافيا ثم تبدأ في العودة إلى مكان تجمع النمل أو إلى المستعمرة 
كي تخطر بقية الأفراد بوجود وفئرة من الغذاء في هذا الموقع الجديد. 
وحتى لا تضل هذه الشغالة الطريقء تقوم أثناء عودتها بوضع مادة الأثر 
على سطح الأرض مبتدئة من موقع الغذاء حتى تصل إلى موقع المستعمرة 
وبذلك تكون قد رسمت لغيرها دون مجهود. الطريق الصحيح الذي يجب 
أن يسلكه كل من يريد الوصول إلى موقع الغذاء. 

ويبدو أن الشغالات تنجذب انجذابا شديدا نحو مواد الأثرء هما أن 
تحس بوجود هذه المواد على الأرضء حتى تندفع بصورة تلقائية نحو هذا 
الخط المتقطع المرسوم بدقة؛ والذي يشبه ذلك الخط الأبيض المتقطع الذي 
تضعه إدارة المرور في منتصف الطريق الصحراوية؛ وتبدأ كل منها في 
السير عليه وتتبعه حتى تصل إلى موقع الغذاء. 

ولعل ذلك يفسر لنا تلك الظاهرة التي نلحظها دائماء فجموع؛ النمل 
تسير دائما بعضها وراء بعضء سواء على الأرض أو على الجدران. وهي 
تفعل ذلك في نظام شديد وكأنها تتبع في سيرها خطا وهميا. وضي الحقيقة 
لم يعد هذا الخط وهميا الآن؛ بل أصبح أمرا واقعاء فإن أفراد النمل تتبع 
ذلك الخط المتقطع من مادة الأثر على طول الطريق. 

والآن هل يعرف النمل الذي يتبع الطريق الذي تحدده مادة الأثر حقيقة 


106 


مواد الأثر 


الغرض من رحلته؛ أم أنه يفعل ذلك دون وعي وتفكير؟. 

وللإجابة عن هذا السؤال لابد أن نذكر بعض التجارب التي قام بها 
المهتمون باستجلاء أسرار هذه الشفرة الكيميائية التي يخاطب بها النمل 
ويتبادل بها المعلومات؛ والتي تبين منها أن شغالات النمل تتبع مواد الأثر 
دون وعي أو إدراك؛ وأن هذا يعتمد أساسا على درجة تركيز هذه المواد على 
طول الطريق. 

لقد قام بعض العلماء بقتل بعض أغراد النمل من الشغالات. ثم قاموا 
باستخلاص محتويات الغدة التي تقع بمؤخرة هذه الشغالات والمستولة عن 
إفراز مادة الأثر. واستخدموا محتويات هذه الغدة لإحداث أثر مصطنع 
على سطح الأرض. 

ويمجرد وضع مادة الأثر على سطح الأرض على هيكة خط متقطع: 
قامت في الحال مجموعة كبيرة من الشغالات بتتبع هذا الأثر دون تردد. 
وحتى في الحالات التي رسم فيها هذا الخط على هيئة دائرة كبيرة مقفلة, 
تبدأ من مستعمرة النمل لتعود إليها مرة أخرئء كانت الشغالات تتبع هذا 
الأثردون وعي أو تفكيرء وتسير في هذه الدائرة لتعود إلى مستعمرتها دون 
أن تعثر على شيء ذي قيمة ودون أن تعرف لماذا تفعل ذلك5. 

وقد لوحظ أن زيادة تركيز مواد الآثر يؤدي إلى حدوث ظاهرة غريبة لا 
تحدث إلا نادرا في مستعمرات النملء فعند وضع كمية كبيرة من محتويات 
الغدة التي تحتوي على مواد الأثر بجوار إحدى مستعمرات النمل. يحدث 
فى الحال ما يشبه الهجرة الجماعية: فيتجه قسم كبير من هذه المستعمرة 
ودع الاك اانا فى اتا دوه اكحتريات تارك القسه اللخومع لمعيه 
وراءه. ويبدو أن هذه الزيادة الهائلة في تركيز مواد الآثر يعتبر مؤشرا إلى 
زيادة أعداد سكان المستعمرة عما تستطيع أن تحتويه هذه المستعمرة فتحدث 
الهمجزة الجماعية: 

ولا يعرف حتى الآن تركيب مواد الأآثر؛ وان كان من المنتظر أن تعرف 
ذلك في القريب العاجل بعد تقديم طرق التحليل الكيميائي. وكل ما يعرف 
عنها الآن أنها مادة طيارة إلى حد ما بمعنى أنها لا تبقى في مكانها طويلاء 
بل سريعا ما تتبخر ويضيع أثرها بمرور الوقت؛ كما اتضح أنه يلزم وجود 
تركيز معين من هذه المادة حتى تتمكن الشغالات من الإحساس بها. 


لغه الكيمياء 


وقد بينت التجارب التي أجريت في هذا المجال؛ أن تركيز مادة الأثر 
يبدأ في الاضمحلال فور وضعها على الأرضء ويضيع هذا الآثر نهائيا بعد 
مضي دقيقتين تقريبا على بدء وضعها على أي سطح من السطوح. 

ويترتب على ذلك أن الشغالات التي تقوم بتتبع هذا الأثر وتنطلق بعيدا 
عن مستعمرة النملء لا تستطيع أن تتبع هذا الأثر الكيميائي المتطاير إلا 
لمسافة بسيطة تتناسب مع سرعتها ومع الزمن اللازم لتبخر مادة الأثر, 
وهي لا تزيد كثيرا على المسافة التي تستطيع النملة أن تقطعها سيرا في 
دقيقتينء وهو الزمن اللازم لتبخر مادة الأثر. ولا تزيد هذه المسافة في 
المتوسط على خمسين سنتيمترا. 

وقد يبدو من كل ذلك للوهلة الآولىء: أن هذه الخاصية الطيارة لمادة 
الأثر تمثل عائقا كبيرا بالنسبة لصلاحية هذه المادة. وذلك لأنها تحدد 
المسافات التي يمكن فيها للنمل أن يتبادل المعلومات. ولكن ذلك غير صحيح: 
بل على العكس من ذلكء فإن هذه الخاصية الطيارة التي لمادة الأثر تعتبر 
من أهم مميزاتهاء وهي تساعد على سهولة عمليات الاتصال داخل المستعمرة 
إلى حد كبير. فسرعة تطاير مادة الآثر وعدم بقائها على سطح الأرض 
لفترة طويلة يمنع تداخل الآثار القديمة التي سبق لأفراد النمل أن وضعتها 
في فترة سابقة. مع الآثار الجديدة. وذلك لأن الآثار القديمة تكون قد 
تبخرت وانتهت منذ زمن طويل. 

ولا شك أن هذه ميزة كبرى؛ فإنها تؤدي إلى عدم تداخل المعلومات 
القديمة مع المعلومات الجديدة وتمنع ما يمكن أن يحدث من لبس بالنسبة 
لأفراد الشغالات التي تخرج وراء الصيد الجديد. 

وهناك ميزة أخرى تعود بالنفع على أفراد الشغالات من سرعة تبخر أو 
تطاير مادة الأثر. فقد اتضح أن أهمية الصيد أو الغذاء الذي يقود إليه 
هذا الأثرء تتناسب تناسبا طرديا مع كثافة مادة الأثر التي تضعها الشغالات, 
ويعني هذا أنه كلما كان تركيز مادة الأثر عالياء كان هذا دليلا على وفرة 
الصيد أو الغذاء الذي يقود إليه هذا الأثر. 

ولا بد لنا أن نتساءل كيف تتمكن شغالات النمل من زيادة كثافة مادة 
الآثر أو التقليل منها! ويمكن الإجابة على هذا التساؤل إذا تصورنا الوضع 
التالي: عندما تكتشف إحدى الشغالات مصدرا للغذاء أثناء تجوالها تقوم 


مواد الأثر 


أولا بإققطاع بجو سو هذا الفذاء لتقسيهاء # سسقدير ماكدة إلى سي هرنيا 
لتخبر بقية أفراد هذه المستعمرة بهذا الاكتشاف. 

وما أن تبدأ النملة في رحلة العودة حتى تأخذ في وضع مادة الأثر على 
الأمص على طينة خط سقط كما بق أن ذكرتادبرية فويضل هذا الكل 
بين نصدو الغذاء اذى .قن يكون بنش اكوا السكرية ا وهشرة ميثة :وبين 
الشههرة 

وكند ها تكسن الشكالات الألخرياك يرافغنة ملظ الأكر سدقم حنوعها 
ساكرة قوق هذا الأثرفي اتجاه مصدر الغذاء .وقد لوحظ أن الحشرة التي 
لحمياء علق فاضا بين القذان مكدو قاكلة كن تجاه ا امتعودرة وس 
علذما قعل ذللى فشيف من تشيكيا العلفية إلى ماذة الأخر الأصلية أثقاء 
وحلة العودة :انا الحشرة الى لأ تستطيع أن تحصيل على العذاء او لا تين 
عقاف يا فاكلد كتسون إلن مستعمركها دوق أن هيك شنينا إلى ناد الأثر 
الأصلية. 

ويترتب على ذلك أنه كلما كان الغذاء وفيرا عند نهاية خط الأثرء كلما 
استطاعت الشغالات أن تحصل على نصيب منه لنفسها. ويزداد بذلك عدد 
الشقالات التي تحضئل على كفايتها من الغذاء ويرتفع بالتالى تركيز مادة 
الآأثر بما تضيفه كل من هذه الشغالات أثناء عودتها إلى المستعمرة مما 
باجم قيرها على اللاهاب إلى تتصيد و العذاء فيل أن ينهذ 

ومن البديهي أنه عندما يقارب الغذاء على النفاد. نجد أن عدد الشغالات 
لش لا تستطيع الحصول على تصيب منه يزذاد بمزور الوقك: وعلى ذلك 
فإن مكل شذز الققالات كدو إلى السشهرة دوق أن تضيق قيكا إلى ماده 
الأثر. فتبد! كثافة مادة الأثر شي التناقص تدريجيا مع تناقص كمية الغذاء: 
ويشاقص تبعا تذلك اعداد الشغالات الث تذهب إلى موقع الغداء حتى 
كر ماده الأكن كهاكيا بعرو الرظه ويبهع زقبال الشغالات على القياة 
نهذة الزحلة, 

ردكي حي الرشم النعابة بيك الننوق الث سمه كن اكرات وال 
تعرف باسم «المدق». فإذا وجدت قرية أو سوق في نهاية أحد هذه «المدقات» 
ازدادت الحركة عليه وصارت أرضه ممهدة. أما إذا نقل السوق من نهاية 
هد اند ق يكإن التعركة شوك سرقهه ونمهع الباير عليه قيضي سيهاةا 


10 


لغه الكيمياء 


وتغطيه الحشائش والأعشاب تدريجيا حتى يختفي تماما في نهاية الأمر. 

ويمكننا أن نستخلص مما سبق أننا إذا رأينا صفا من النمل يسير على 
الأرض أو فوق سطح جدار في انتظام: لكان معنى ذلك أن هذا النمل يسير 
فعلا في طريق معلوم مرسوم لا نراه نحن, ولكن النمل يحس به ويدركه 
بطريقته الخاصة؛ كذلك إذا لاحظنا أن عددا كبيرا من أفراد النمل يتتبع 
هذا المسارء لكان معنى ذلك أن هناك غذاء وفيرا في نهاية هذا المسارء 
بينما إذا وجدنا أن عددا قليلا من النمل يتحرك فوق هذا المسار؛ فان هذا 
يعني أن النمل إما أن يكون ما زال في بدء رحلة الاستكشاف وإما أن يكون 
قد أقبل على نهاية هذه الرحلة. 

وقد بينت التجارب التي أجريت في هذا المجال أن مادة الأثر تتوزع 
بطريقة متكافتة على طول خط الأثر؛ أي أن تركيزها يكون متساويا على 
طول المسارء فهي لا تكون مركزة في جزء منه ومخففة في جزء آخرء. بل 
يكون توزيعها ثابتا على طول الطريق. 

ولو أننا استطعنا أن نرى المادة الكيميائية التي تحدد الأثر لرأينا خطا 
متقطعا منتظما يتكون من عدة شرط متتابعة: ولرأينا أن جميع هذه الشرط 
متساوية في الطول وفي السمك على طول المسار. ولا شك أن هذا التوزيع 
المتكافيٌ لمادة الأثر على طول المسار يخدم غرضا رئيسيا وهاماء فهو يساعد 
على اندفاع شغالات النمل نحو الهدف دون تردد وبسرعة ثابتة» وذلك لأن 
رائحة مادة الأثر تكون دائما ثابتة التركيز أمام هذه الشغالات: وهي تشدها 
إلى الأمام بنفس القدر مما يجعلها تسير على هذا الخط في انتظام حتى 
تصل إلى نهايته. 

وقد اتضح كذلك أن الأثر الفعال لمادة الأثر يتركز فوق خط المسار 
فقطء وأن هذا التركيز يقل كثيرا بل يقل فجأة إذا خرجنا عن هذا الخط. 
ويمكن فهم ذلك لو تصورنا أننا نضع خطا بقلم من الحبر على ورقة من 
أوراق الصحف فسنرى على الفور أن هذا الخط لن يكون محددا وذلك لأن 
ورق الصحف يتشرب الحبر بسهولة؛ ولذلك يبدأ الحبر في الانتشار خلال 
الورق. ويتحول هذا الخط الرفيع بعد فترة إلى خط سميك غير محدد 
المعالم. أما إذا رسمنا هذا الخط بنفس قلم الحبر على ورق من النوع 
الجيد المصقولء فإن الحبر لن ينتشر خلال نسيج هذا الورق. وسيبقى هذا 


مواد الأثر 


الخط واضحا محدد المعالم لأن تركيز الحبر فيه يكون متكافئا على طول 
امتداده. 

وتشبه مادة الآثر خط الحبر الرفيع المرسوم على الورق الجيد المصقول 
كما في المثال الأخيرء ويعني هذا أن مادة الأثر لا تنتشر في الفراغ المحيط 
بالمسارء بل تبقى مركزة في هذا الخط على الدوام حتى يتم تبخرها بعد 
ذلك يمرور الوقت. 

ولا شك أن هذه الخاصية تضمن توحيد الاتجاه الذي تسير فيه شغالات 
النمل وإلا لخرج الكثير منها عن هذا الخط ولا تنتشر في كل اتجاه. 
ولفقدت مستعمرة النمل ما تتميز به من انضباط ونظام. 

ولا تتشابه مواد الأثر التي تستخدمها أنواع النمل المختلفة؛ بل يبدو أن 
كل نوع من أنواع النمل له مواده الكيميائية الخاصة به. وقد أثبتت التجارب 
صحة هذه القاعدة إلى حد كبيرء فقد لوحظ أن مواد الأثر المستخرجة من 
غدد جنس ما من النمل لا تؤثر في أفراد جنس آخر بل يبدو أن كل جنس 
من النمل له لغته الخاصة ومصطلحاته التي يتعامل بها. ولهذا لا يحدث 
خلط ما أو حتى اضطراب من أي نوع عندما يتقاطع خطا أثر لنوعين أو 
أكثر من أنواع النمل المختلفة؛ بل نجد أن كل فريق منها يستمر في تتبع 
مساره الخاص دون أن يلقى بالا أو حتى يشعر بمسار الفريق الآخر. 

ويشبه هذا ما قد يحدث عندما يتقابل فردان يتكلم كل منهما بلغته 
الخاصة ولا يفهم لغة الآخر. ولكن الفرق هنا كبيرء فإن الإنسان يستطيع 
أن يتعلم أكثر من لغة. فهل تستطيع شغالات النمل أو أفراد الحشرات تعلم 
لغة بعضها الآخر؟ 

نشك في ذلك كثيراء فإن استقبال الحشرات لهذه المواد الكيميائية يتم 
بطريقة محددة وفي مراكز خاصة كما سنرى فيما بعد عند مناقشة الطريقة 
التي تشم بها الكائنات الحية روائح ما حولها من موجودات. وهذا في 
تقديرناء لن يسمح بحدوث التأقلم المطلوب أو يسمح بهذا النوع من التعليم. 

ولا يقف استخدام مواد الأثر على مملكة النمل فقطء. بل هناك أنواع 
أخرى من الحشرات تقوم باستخدام بعض المواد المشابهة؛ ولكنها لم تدرس 
بعد بدرجة كافية كما درست مواد الآأثر في حالة النمل. 


مواد الإندار 


لا تعتبر مواد الأثرهي المواد الكيميائية الوحيدة 
التي يستخدمها النمل في عمليات الاتصال بين 
أفراده: بل هناك عدد آخر من هذه المواد تستخدمها 
الشغالات لتنظيم العمل داخل مملكة النمل الفائقة 
التنظيم. 

وقد ساعد اكتشاف مواد الأثر على دقع بعض 
العلماء للبحث عن مثل هذه المواد الكيمياتية التي 
تؤدي غرضا معينا وتقوم بدور فعال في حياة 
مستعمرة النملء وانتهت هذه البحوث إلى اكتشاف 
بعض المواد الكيميائية الأخرى التي تستخدم في 
تبادل بعض الأخبار والمعلومات بين أغراد الشغالات 
مثل مواد الإنذار بالخطر أو الإنذار بالوفاة. 

ولو أننا كنا من هواة مراقبة النمل في حياته 
اليومية العادية لوجدنا أن مستعمرة النمل الصغيرة 
تموج بالحركة والنشاط؛ ولوجدنا الشغالات دائبات 
الحركة رائحات غاديات فى كل اتجاه. ولو أننا قمنا 
بإحدى التجارب البسيظة والعطيرنا قضييا زتخاجيا 
نظيفاء ثم لمسنا به ظهر إحدى هذه الشغالات 
لوجدنا أن هذه الشغالة ستقفز في الحال وتتملكها 
حالة من الفزع والاضطراب تجعلها تندفع في كل 
اتجاه. وربما كان هذا الاضطراب الذي تعانيه هذه 


لغه الكيمياء 


النملة التي نحن بصددها هو رد فعل طبيعي لخوفها من لمسة القضيب 
الزجاجيء ولكن الشيء المدهش أنه. في خلال أجزاء من الثانية؛ ينتقل هذا 
الفزع والاضطراب من هذه النملة إلى بقية أغراد النمل المحيطة بهاء ويبداً 
الجميع في التدافع والقفز في كل اتجاه دون هدف واضح. 

ولو أننا مضينا في مراقبة هذه المستعمرة الصغيرة للاحظنا أن هذا 
الاضطراب كان محليا إلى حد كبيرء وأن موجة الفزع والقفز والتدافع إنما 
حدثت في قطاع صغير من هذه المستعمرة: وكانت على التحديد في القطاع 
المحيط بالنملة التي لمسنا ظهرها فقطء بينما بقيت جميع أنحاء المستعمرة 
الأخرى على حالها دون أن تحس من ذلك شيئًا . كذلك سنلاحظ أن هذا 
الاضطراب والفزع المحلي لن يبقى أكثر من دقيقة واحدة. وسرعان ما يعود 
الهدوء إلى هذا القطاع وتنتهي حالة الفزع والتدافع التي حدثت وتعود 
حركة النمل إلى حالتها العادية التي كانت عليها. 

وتثير هذه التجربة عدة تساؤلات؛ أولها يتعلق بالكيفية التي انتقل بها 
الإحساس بالخطر من النملة التي لمسناها إلى بقية النمل المحيط بهاء 
وثانيهما يتعلق بالسبب في عدم اتساع دائرة الإحساس بالخطر ليشمل 
المستعمرة كلهاء بينما ينصب ثالث هذه التساؤلات على الطريقة التي يعود 
بها الهدوء إلى النمل الذي أحس بالخطرء وعلى الكيفية التي يفهم بها 
النمل أن الخطر قد زال! 

وقد تصور بعض العلماء أن عملية الإنذار بالخطر تنتقل من نملة إلى 
أخرى عن طريق ألمسء بمعنى أن النملة التي لمسنا ظهرها يصيبها الاضطراب 
فتندفع في طريقها لتصطدم بالنملة المجاورة لها التي تندفع هي الأخرى 
لتصطدم بغيرهاء وتتكرر هذه الحالة مرات ومرات فيسري الاضطراب في 
مجموعة النمل المحيطة بالنملة الأصلية. كذلك اقترح علماء آخرون أن 
عملية انتقال الإنذار بالخطر تحدث عن طريق حركة قرون الاستشهارء 
فتقوم النملة التي تشعر بالخطر بالدق بقرون استشعارها بطريقة معينة 
على ظهور أفراد النمل المحيطة بها ثم تتكرر هذه الحالة من نملة إلى 
أخرى. 

ولا تفي هذه الفروض بالرد على التساؤلات السابقة: فانتقال الإنذار 
عن طريق اللمس أو عن طريق الدق بقرون الاستشعار عملية آلية. ومن 


24 


مواد الانذار 


القتروكن 1ف كل عانة يشترع يبقل هدذة الإكذاو إلى ها سراي ويقرتب عل 
قنك أن الإنذاو را لعخظو سبداة ل ومنرهة من تمل إحن الخرى ححى يلقل 
السعمزة كليار وهوما ياه موسا حظاننا السازعةامن أن الإتذان بالنقظر 
في حقيقة الأمر لا يتعدى؛ دائرة ضيقة؛ ويبقى محصورا دائما في القطاع 
المقير للحي بالواة ال شكرف بالخطن. 

ولا بطبك لتقسيو كذ الكلاخرة لان[ ى ادقرضن آن اقول المستروة أن 
الكاكنة عند ما لتر والخطر يوم بإقوار عاب كرمياكية من تو كاسن 
مكدر الخطاء التسط. يها رقي الإنداو بالخطر لحب أفراد الخمل 
الوحودة بيةا القطاع, وق اأقصه العجا رب مصكة هذا القرض: وآن النملة 
الى تشعو بايخظوا, يمتريها الاتزمات مدني كر ايحي تقوم بإقرا زرماكة 
كيميائية خاصة من إحدى الغدد الموجودة بجسمها.ء وهى غدة أخرى خلاف 
الغدة الف فرق ماده الآثر. ا 

ون تمك العلماك مق مفرظة عضن واد الآنذان الت وبتخدمها التفل 
وتبين أنها مواد بسيطة التركيب وذات وزن جزيئي صغيرء ومن أمثلتها 
السجرال» والسعرونياةله:والهينا نرقو الدتدوولة يق 

رحن الحريب ا مهت الموان أو الركيات اتعببيا ب 9 زلار ااهل الإكفاق: 
ول سر شيك كرا هلي لأطلزق وه ققور باسمرة انه منود حات راكضة 
زكيه ولا شيء أكثر من ذلك؛ بينما تحدث نفس هذه المركبات موجة من 
الهواج والقاهر الماقل بدن حضون لقتل بل بهن حد قم مكمه رقامن التمل إل 
القيام اعمال متهلة فى متقيئ القريرة والعتقه ولفل هذا الكال يبي لكا 
الفرق الفاكل بين إعيباس الالشان بها بحيط يددويين عون الخيراناة 
|لتتقافة بعالم للحي مياء وتملها للافقطق كثيرا إذا نقلنا أن فللامتييها 
يعيش :فى هاله الخاض: 

وكما في حالة المواد الكيميائية المستخدمة في إحداث الأثر. فإن هذه 
الواد الستعرية ق الإثذار بالحظر كنوع يدويها يكفاءة غالية: وريها 
ساغدها التجرية الثالية على إذراك مدى الكفاءة الفائقة التى تعمل بها 
مواد الإثذار: لو أثنا أفرغنا مستويات غدة التكين فى تققالات الثفل: وه 
الجدد القى للحتو على سواف الإنذاو فى كان فتعرل يقال من العبارات 
الوزاكية لريفةتا أؤهادة الإنقار بالنخطن الطيارة كيدا هى الانقفا قد ريج 


01 0 
| | 
0 0 0 جا 0 08 - 0 و08 


سترال 1ه 


53:6 531 
| | 


70 0 011 11 011 - 0 و0 


سترونيلال 1281اعصمسكت 


0 


! 
5[ © ميته وله :1ه ميته :011 


هبتانون - 2 2 -ع0ممهمامع1آ1 


يت يله مك 
هه 
ك0 ع - 
| | 
1 0 :59 
١‏ بتكن سه 
كك 


في الهواء الساكن لتشفل كراهن اليوانزييلة الطرها كوالن سيكة مشتيمترات 
فى وكا ل جد ومثرة كصيرة لا فز على كلاط حككرة نا ديه ولكن مله 
العرقهن البكار لاتق دويلا و كبه] كي الانكى قو خورريديا بحدى 
تتلاشى نهائيا في مدة لا تزيد على خمس وثلاثين ثانية على الأكثر. 
ويتضح من ذلك أن فترة الإنذار قصيرة جداء وهي في أفضل الظروف. 
أي في الهواء الساكن؛ لا تزيد بأي حال من الأحوال عن نصف دقيقة. كما 
أن مداها قصير جداء فإن أثرها لا يصل إلا للشغالات التي توجد على بعد 


ثلاثة سنتيمترات على الأكثر من مركز الإنذار. 


260 


مواد الانذار 


وإذا درسنا الطريقة التي تنتشر بها هذه المواد لتبين لنا أن مادة الإنذار 
تتكون في الحقيقة من مادتين تشتركان معا في تكوين كرة البخار السابقة 
الذكر. وإحدى هاتين المادتين عبارة عن مادة سريعة التطاير. وهى تكون 
الطلكة النخا زيدية لكرة الانتفان وكوسه عاد برك مكحن نينا آننا 
المادة الثانية منهما فهي مادة الإنذار الحقيقية وتوجد وسط كرة الانتشار. 
وعلى ذلك فإن محتويات هذه الغدد عندما تبدأ في التبخر تعطي كرتين 
مكداحلتين من البخان. بحيث كون إجداهما داتفل الأخرئ: وهكون الكرة 
الخارجية من ال مادة المتطايرة التى يبدو أن مهمتها الأساسية اجتذاب أفراد 
التخل إلى منظقلة الاخنطرااتء وينم كرون الكرة الو اخلية فق مادة لادان 
الحقيقية التي تحدث الأثر المطلوب. 

ويتلاشى أثر المادة المسببة للإنذار بعد فترة قصيرة من إطلاقها لا تزيد 
على ثماني ثوان أو أكثر قليلا على حين يتلاشى تأثير المادة الجاذبة للنمل 
والتي تكون السطح الخارجي لكرة الانتشار بعد نصف دقيقة على الأكثر. 
وتعد هذه الخصائص العجيبة لمواد الإنذار إحدى المميزات الهامة التي 
تساعد أفراد النمل على تنظيم حياتها العادية» وذلك لأن مستعمرة النمل 
تتعرض يوميا لكثير من عوامل الإزعاج؛ ولو أن كرات الإنذار السابقة الذكر 
التي تطلقها أفراد الشغالات إذا صادفت ما يقلقها أو يخيفها كانت ذوات 
أقطار أكبرء أو كانت لها القدرة على البقاء في الجو مدة أطول؛ لعاشت 
مثل هذه المستعمرة في حالة دائمة من الذعر والاضطراب وعدم الاستقرار 
دون أن تكون هناك حاجة فعلية لذلك. 

ونظرا لأن مواد الإنذار محلية التأثير: فان مثل هذا الاضطراب الجماعى 
لأقراد االسصيرة لا يحوت أبواء بل بيقى لخدا وججليا ولايقطي إله النطقة 
التي حدث بها ولا يستمر إلا لبضع ثوان فقط. ولنضرب لذلك المثال التالي: 
عندما تدخل إحدى الحشرات الغريبة أو المعادية في قطاع ما من مستعمرة 
النمل فإن مادة الإنذار التي تطلقها الشغالات التي تقابل هذه الحشرة لا 
قشر إلا هي التتطاع التحيط يذه الحشرة فقظ» وبهذا كن يشه و بمادة 
الإنذاو إلا الشفالات المحيطة بهذا القطاع: طتهب لتجدة زميلاتها وتقوم 
على الفور بمهاجمة الحشرة الدخيلة والقضاء عليها في بضع ثوان يكون 
قد ضاع خلالها أثر مادة الإنذار. فيعود الهدوء إلى هذا القطاع وكأن شيئًا 


27 


لغه الكيمياء 


لم يكن دون أن تشعر بقية المستعمرة بالمعركة التي دارت في هذا القطاع, 
وتستمر أفراد المستعمرة في حياتها الطبيعية. 

ويمكننا القول بأن مواد الآثر أو مواد الإنذار لا تزيد عن كونها إحدى 
مفردات لغة الكيمياء التي تتخاطب بها أفراد النمل وتتبادل المعلومات عن 
طريقهاء وهناك كثير من الشواهد التي تدل على أن جموع النمل تستخدم 
بعض الإغرازات الكيميائية الأخرى في أغراض مشابهة؛ مثل الدعوة إلى 
تجمع سكان المستعمرة في مكان ماء أو الدعوة إلى تناول الغداء؛ أو العناية 
بالملكة؛ أو الاهتمام بصغار النمل غير الكاملة النمو إلى غير ذلك من الأعمال 
الأساسية التي يقوم بها النمل في حياته العادية. 

ولا تقتصر عملية الإنذار على وجود خطر ما أو حشرة دخيلة؛ بل قد 
يكون هذا الإنذار دالا على حدوث حالة وفاة فى المستعمرة. فحتى النمل 
الميت يطلق إنذارا خاصا بعد موته؛ وكأنه نشي مق يقلي على الحياة من 
أفراد المستعمرة إلى أنه قد مات ويدعوها إلى الإسراع في التخلص من 
جثته وإلقائها خارج المستعمرة. 

ومن المدهش أن شغالات النمل ليس لديها ما يكفي من الإدراك للتفرقة 
بين الحي والميت؛ فلو أن نملة ماتت داخل المستعمرة لما عرفت الشغالات 
ذلك أبداء ولما توقفت هذه الشغالات عن العناية بهذه النملة الميتة, بل 
تستمر في تقديم الخدمات الروتينية لها لمدة ما وكأنها ما زالت حية تسعى. 
وحتى المظاهر المصاحبة للموت مثل سكون النملة الميتة في مكانها وانقطاعها 
عن الحركة أو التواء جسدها في وضع الموت لا يلفت نظر هذه الشغالات 
ولا يسترعي انتباههاء ولا يؤثر في تصرفاتها على الإطلاق. 

وقد لاحظ العلماء الذين انشغلوا بمراقبة سلوك النمل أن مثل هذه 
الشغالات قد تنخدع فترة ما ولا تعرف أن النملة المذكورة قد فارقت الحياة, 
وقد يستمر ذلك يوما أو يومين ولكننا نجد في نهاية هذه المدة تحولا ظاهرا 
في سلوك الشغالات تجاه هذه النملة الميتة. فيجتمع؛ عدد من هذه الشغالات 
حول جسد النملة الميتة ثم تقوم بحملها إلى خارج المستعمرة في موكب 
يشبه الموكب الجنائزيء وينتهي الأمر بإلقائها في المكان المخصص لوضع 
مخلفات المستعمرة. 

وقد حار العلماء في تفسير هذه الظاهرة. فما الذي دفع الشغالات 


مواد الانذار 


فجأة لاتخاذ مثل هذا القرار الجماعي بإلقاء جسد النملة الميتة خارج 
المستعمرة؟ ولماذا جاء هذا القرار متأخرا؟ أي بعد يوم أو يومين من موت 
النملة! لا بد أن هناك تعليمات محددة أو أوامر خاصة قد صدرت إلى هذه 
الشغالات دفعتها للقيام بهذا العمل؛ فكيف صدرت هذه الأوامرة 

لقد تبين فيما بعد أن عملية التحلل الكيميائي لجسد النملة الميتة لا 
تبدأ إلا بعد انقضاء يوم أو يومين من وفاة هذه النملة؛ وأن عملية التحلل 
هذه هي التي تؤثر في الشغالات بطريقة ما وتنبهها إلى وفاة النملة وتدفعها 
إلى التخلص منها. وباستخدام طرق التحليل الكيميائي الحديثة اتضح أن 
عملية التحلل الطبيعية لجسد النملة الميتة» تؤدي إلى تكوين بعض الأحماض 
الدهنية الطويلة السلسلة واسترا تهاء وأن هذه الاسترات هى التى تجذب 
الشعالات رقدفديا إلى العام النملة اكيعة تقار لامر وعدت إكنات 
ذلك ببعض التجارب العلمية البسيطة؛ وعلى الرغم من أن أغلب التجارب 
العلمية تكون عادة جافة وجامدة: إلا أن هذه التجارب كان لها جانبها 
الفكه؛ بالإضافة إلى جوانبها العلمية الهامة. 

فقد قام بعض الباحثين بفصل هذه المواد التي تنتج عن تحلل أجساد 
النمل الميت؛ ودهنوا جسد إحدى الشغالات السليمة بكمية قليلة منها. ثم 
وضعوا هذه الشغالة في وسط مستعمرة النمل. ولم يمض على ذلك بضع 
ثوان حتى اجتمع حول هذه النملة عدد من الشغالات العادية. وأمسكت 
الشغالات بهذه النملة المسكينة وقامت بحملها في موكب جنائزي مهيب 
لتلقى بها فوق تل المخلفات خارج المستعمرة رغم أنها حية مائة في المائة. 
والجانب الفكه في هذه التجربة أن هذه النملة المسكينة التي ألقيت عنوة 
خارج المستعمرة؛ لا تفهم ما حدث لها فتعود مرة أخرىء. وبصورة تلقائية: 
إلى داخل المستعمرة. وهي تفعل ذلك دون تردد وكأن شيئًا لم يحدث. ولكن 
الشغالات المجتهدات تشم رائحتها وتتعرف عليهاء ولا تتركها أبدا؛ بل تجتمع 
حولها مرة أخرى وتقوم بحملها في نفس الموكب الجنائزي المهيب السابق 
لإلقائها خارج المستعمرة. 

والعجيب فى الأمر أن هذه العملية قد تتكرر مرات ومرات: فالنملة 
السية الشركة الك كيهان الدوده إلى |المكمهرة والقهالاك الشسيورات 
لا تتردد في حملها وإلقائها في الخارج في كل مرة تعود فيهاء ويستمر ذلك 


20 


لغه الكيمياء 


دون كلل حتى تتطاير رائحة الموت من جسد النملة المسكينة فتعود هذه المرة 
إلى المستعمرة دون أن تلقى أي مقاومة, ولا تقترب منها الشغالات الأخرى 
بعد ذلك أبداء وكأنها لا تعرفها ولم ترها قبل ذلكء وتعود الأمور إلى 
طبيعتها وكأن شيئا لم يحدث! وقد دلت هذه التجربة على أن رائحة هذه 
المواد الكيميائية هى الشىء الوحيد الدال على حدوث الوفاة بالنسبة 
للشفالات حضى اتنا يكنا أن نضيف راكعة هذه المراد ناذا راكسة اموس 
وهي أول مرة نعرف فيها أن للموت رائحة. 

ومما يوكد صدق هده التحربة ويدل:دلالة قاظعة على صحة هذا 
الاستنتاج» تلك التجربة الفريدة التي قام بها أحد العلماء الأذكياء حين 
وضع شظية من الخشب سبق غمسها في بعض هذه المواد. وسط مستعمرة 
النمل؛ فقد تبين له أن الشغالات النشيطات قد قامت في الحال بالالتفاف 
حول هذه الشظية الخشبية وحملتها في موكب مهيب لإلقائها خارج المستعمرة 
وقد دلت هذه التجربة دلالة قاطعة على أن الشغالات تتصرف بطريقة 
تلقائية محضة دون تفكير أو تدبيرء فهي عندما تشم رائحة الموت؛ لا تلقى 
بالا إلى الجسد الذي تحمله؛ بل هي لا تفرق بين النملة الحية والنملة الميتة 
أو شظية الخشب. ويبدو أنها لا تهتم بهذه المسألة على الإطلاق: ولكنها 
بمجرد أن تستقيل بخار هذه الموادء تعتبر ذلك آمرا صادرا وتقوم بتنفيذه 
في الحال. 

ولا يعرف الكثير عن الطريقة التي تعمل بها مثل هذه المواد التي تعطي 
الإنذار بالخطر أو تدل على الوفاة أو تهدي إلى الآثر ومكان الغذاء. ولكن 
هناك شواهد على أن شغالات النمل؛ تستقبل هذه المواد بقرون استشعارها 
في تجاويف خاصة؛ كما سنرى فيما بعد عندما نتكلم عن نظرية الشم أو 
الاحساس #الرو اكع 

ولا تعتبر هذه المواد هي المواد الكيميائية الوحيدة التي يستخدمها النمل, 
ولكن من المعتقد أن هناك ما يقرب من عشرة مركبات كيميائية أخرى 
يستخدمها النمل لتنظيم جميع الأعمال الأساسية والهامة في مستعمرته. 
وهي تكفي إما وحدها وإما على هيئة مخاليطها للقيام بهذا الغكرض. ويعني 
هذا أن إفراز كل مادة على حدة قد يعني تكليفا أو أمرا محددا لإفراد 
الخلية كما أن مخاليطها بمختلف النسب يمكن أن تحمل أوامر أو تعليمات 


مواد الانذار 


أخرى 0 المستعمرة. 

ولا يقتصر استعمال هذه اللغة الكيميائية أو القاموس الكيميائي على 
مملكة النمل فقطء ولكنه يتعداها إلى كثير من أنواع مملكة الحيوان الأخرى, 
حردي ع بر الحريه ار كرا جر الح ب عو ل وي لاخر ل 
الكيمياء لتبادل المعلومات وتنظيم شتون الخلية. وقد كان من المعروف حتى 
وقت قريب أن النحل يعتمد على الحركات والإشارات في تبادل المعلومات 
فتقوم النحلة مثلا بتقديم رقصة خاصة للدلالة على أماكن تجمع الرحيق؛ 
كما تقدم رقصة أخرى للإشارة إلى موقع الخلايا الجديدة؛ ولم يكن يعرف 
عن النحل استخدامه للغة الكيمياء في مثل هذه الأغراض 

ومع ذلك فقد بينت المراقبة المستمرة لخلايا النحل أن هناك بعض 
الحالات الخاصة التى تستعمل فيها لغة الكيمياء داخل الخلية؛ ومثال ذلك 
المادة الكيميائية الك وها ملكة النحل لتنظيم دورة التكاثر في الخلية, 
وهي تدوز هده المادة من غددها الفكية. وعندما كار كسا اك ساهده 
المادة تتوقف على الفور عملية نمو المبايض في جسدها. كما تفقد كذلك 
قدرتها على بناء الخلايا الملكية التي تتربى فيها ملكات النحل؛ مما يساعد 
الملكة على إحكام سيطرتها على خليتها . وقد أمكن فصل هذه المادة الكيميائية 
التي تفرزها ملكة النحل كما أمكن معرفة تركيبها الكيميائي. واتضح أنها 
عبارة عن مركب عضوي بسيط من فصيلة الأحماض الكيتونية ويمكن أن 
نرمز له بالصيغة الكيميائية التالية: 

011 - 00 )0181(5 - 011 - 0181 - 00011 

كذلك تبين أن ملكة النحل قد تقوم باستخدام هذه المادة في أغراض 
أخرى. فهي تستخدمها أحيانا أثناء طيران العرس لاجتذاب الذكور نحوها. 
وليست هذه المادة هي المادة الوحيدة التي يستخدمها النحل في تنظيم 
شئونه. فقد تبين أن هناك مواد أخرى تستخدم في شتى الأغراضء. ومن 
أمثلتها مادة «الجرانيول» التي تطلقها شغالات النحل ضمن إفرازات غددها 
البطنية عند عثورها على مصدر جديد للطعام. 

60 0 
01 - يكل - كله - 0 - يكل - يلك - لز - © - ينل 
جرانيول امتصمضء 6 


لغه الكيمياء 


وعندما تنطلق هذه المادة من غدد الشغالات تنتشر في الهواء المحيط 
بالخلية فتقوم باجتذاب عدد كبير من الشغالات الأخرى نحو مصدر هذا 
الطعام؛ وبذلك تعتبر هذه المادة مكملة لرقصة النحل المشهورة الدالة على 
مصدر الرحيق. ومن الطريف أن مادة «الجرانيول» تنتمي إلى مجموعة 
الكحوليات العضوية التي توجد طبيعيا ضمن مكونات الزيوت الطيارة لكثير 
من الزهور. وهي توجد مثلا ضمن مكونات زيت الورد وهي تتصف برائحتها 
الذكية, التي تمائل رائحة الورود والزهور.. وبذلك فإن النحلة التي تعثر 
على الرحيق عندما تطلق هذه الرائحة الذكية أمام أغراد الخلية الآخرين. 
فكأنها تقول لهم هذه عينة من الرحيق الذي عثرت عليه!! 

وهناك بعض المواد الأخرى التي تستخدم في دفع العدوان ومقاومة 
الدخلاء. فقد لوحظ أنه عند تدخل أحد الغرباء في مملكة النحل تقوم 
بعض الشغالات القريبة بالتصدي لهذا الدخيل في الحال؛ وتبدأ في مهاجمته 
ولدغه بعنف حتى يموت. ولا شك أن هذا إجراء دفاعي طبيعيء ولكن 
الشيء المدهش أن مئات الشغالات الأخرى تأتي مندفعة من كل حدب 
وصوبء وتقوم بمهاجمة هذا الدخيل بمنتهى العنف. وهي تستمر في لدغه 
بنفس العنف والقوة لمدة ماء حتى ولو كان العدو قد مات من أول لدغة. هذه 
الحقيقة يعرفها كل المهتمين بتربية خلايا النحل؛ فما أن تبدأ نحلة في لدغ 
صاحب الخلية حتى تندفع نحوه مئات من أفراد الخلية الآخرين للاشتراك 
في لدغه بكل عنف وقسوة: فما السبب في ذلك5 وما هي الرسالة التي 
يتلقاها أفراد النحل الآخرون؟ 

لقد اتضح أن الشغالات الأولى التي تقوم بمهاجمة الدخيل إنما تفعل 
أمرين في وقت واحدء فهي تضع السم في جسد الدخيل عند لدغه كي 
تقتله. كما تضع في جسده كذلك قدرا ضئيلا جدا من إفراز خاص له قدرة 
هائلة على اجتذاب مئات من الشغالات. وتتلخص مهمة هذا الإفراز الأخير 
بإحداث حالة من الهياج بين الشغالات التي تحس به؛ ودفعها لمداومة اللدغ 
في المكان الذي وضع فيه هذا الإفرازء وبذلك تستمر عملية اللدغ في جسد 
الدخيل الميت حتى تتلاشى أبخرة هذا الإفراز. ويمثل هذا الإفراز طلبا 
للنجدة عند جموع النحل؛ فهي عندما تضعه في جسد الدخيل إنما تستنجد 
بغيرها للقضاء على هذا الدخيل: ولا شك أن هذا يمثل أكبر ضنمان يمكن 


مواد الانذار 


ةالول القطناء هلب لوقاام ممسووة سافن قطي ساكل 
على كيان خليقهوقق كم فصيل هذا الإخراز من عد شقالات التحل, رافح 
العضوية ويعرف باسم آسيتان الأيسوإميل. 


06 
3 
03 - 00 - 0 - ين - ي3آن - 018 
60 
أسيتات الأيسواإميل علقاععة الإحصة-150 


واكبور تعقو الركه ر انع ترد لك الأضسان ولا كرد لديا 
وشيلة مظريدة شال العوهة رقم هذا اللر كيو تهت القعلولكتدا بتقدنا 
نقوم بتحضيره في المعمل؛ ثم نضع قطرة صغيرة منه على قاعدة النافذة, 
نجد أنها تجتذب مئّات من شغالات النحل من كل مكان. ومن المدهش أن 
أبخرة هذه المادة تسبب ارتفاعا هائلا في ضغط الدم عند الإنسان: وربما 
كان أثرها على أغراد النحل مختلفا تمام الاختلافء ولكن الشيء المؤكد أن 
أبخرة هذه المادة تستطيع أن تستفز جموع النحل وتدفعها للقيام بأعمال 
غاية في العنف والقسوة. 

رهن العتقد الآن أن الأقراق النذى يرنه لفحل لهذا «العروض لا رجفو 
على هذه المادة فقطء بل يحتوي كذلك على مادة أخرى من مواد الإنذار, 
وآن هافين اللادقية يعملدن معا لتجتدات شغالات الفحل ودهفها إلى القيام 
بحباية اللذخ اللستمر: 


جادبات الجنس 


صفرويحافاف الجنين من اهم اراد الكيبيافية 
التي يستخدمها أفراد مملكة الحيوان. ومن المعروف 
أن مثل هذه المواد تفرزها بعض إناث الحشرات 
لاستمالة الذكورء وهذه المواد نوعية التأثير وتؤثر 
على الجهاز العصبي المركزي فقط. 

وقد تمكن العلماء من فصل مجموعة من هذه 
اللركبات واستستاهوا معرظة هركبيها الكيمياتي فين 
أن أغلبها بسيط التركيب. فمنها ما يتركب من 
سلاسل منبسطة مثل ذلك الحمض الكيتوني الذي 
تقدم ذكره والذي تفرزه ملكة النحل لاجتذاب الذكور 
أثناء طيران العرسء أو مثل المادة المعروفة باسم 
«الوسيكول» الكى ففرزها شراشة دودةالحرجر 
طلامم ممعم نىىل1ز5 أوفانة «الجييلور» التى تفرزها 
فراشة الجيبسي «طاممطط ووم و0 . 1 
81 - (011)) 0131 - 0181 - 8ن ح نل - و(ويتلن) - و0131 

بومبيكول 1معانزطته8 
- 6011 - (ي03) 8ن - 08 - و11 - 8ل - و(وطن0)) - و0131 
0 - 0 - 00 
جيبلور عنام 61 

كما أن بعض هذه المواد قد يكون حلقي التركيب 

ولفنها ماكر ل سنايو لمجو سسيطة إلد كلب مكل 


لغه الكيمياء 


مادة «السيفيتون» أو «المسكون»التى يقوم غزال المسك بإفرازها أو مثل 
مركب «2: 2 - ثنائي مثيل - 3 ايسوبر وبيل يدين سيكلوبروبيل بروبيونات» 
الذي تفرزه أنتئ الصرصور الأمريكى لاجتذاب الذكور. 


- 0 07 م 
00 02 0 0 
620 | 
0 3 
7(ت01) 0 
مسكون عدمع1/1151 سيفيتون 2 عدماء0) 
0 0 
150101 - 3 - الإطأعممزا»ط - 2 : 2 ع2 عع 
1 100[1م0 عله - مم11 / مه 
صممط الإممصملءز 3 ١١‏ 0 5 


١ 
0 00 012 


وجدير بالذكر أن اثنين من هذه المركبات وهما «المسكون» و «السيفيتون» 
كانا معروفين منذ زمن طويل على أنهما من الروائح المميزة لبعض الحيوانات 
الثديية مثل غزال المسكء وكان يظن أنها تؤدي وظيفة جنسية لدى هذه 
الحيوانات: أو على الأقل تلعب دورا ما في عمليات الاتصال بين ذكور هذه 
الحيوانات وإناثها وإن لم يعرف ذلك الدور على وجه التحديد. 

ويرجع الاهتمام بالمواد الجاذبة للجنس إلى أسباب اقتصادية بحتة فقد 
اتجه فكر بعض العلماء إلى الاستفادة منها في القضاء على بعض أنواع 
الحشرات التي تضر بالمحاصيل الزراعية أو إلى استخدامها على الأقل في 
السيطرة على تكاثر مثل هذه الآفات والحد من انتشارها للتقليل من أضرارها 
وما تسببه من خسائر اقتصادية فادحة لمختلف المحاصيل. 

ومن الطريف أن منظمة الصحة العالمية قامت بعمل إحصاء على المستوى 
الدولى عن أثر الحشرات على صحة الإنسان وعلى غذائه؛ وتبين من هذه 
الانغصاكرة أن الحق المسيسض عوك لل بماررقة كين ماده عن تمت 
وفيات الإنسان وإصابات العجز التي تلحق به. كذلك اتضح أن الحشرات 


56 


جاذبات الجنس 


تدمر ما يقرب من ثلث الكمية التي يزرعها الإنسان أو يضعها في مخازنه 
كل عام. إحصائية مخيفة لاشك,. ولكنها تمثل الحقيقة على كل حال» وهي 
تبين بوضوح مدى الاحتياج الشديد للقضاء على هذه الحشرات بأنواعها 
المختلفة. 

وقد استخدمت في هذا المجال أنواع متعددة من المواد الكيميائية التي 
تستطيع إبادة مثل هذه الحشرات وتم إنتاج العديد منها في السنوات الأخيرة 
وعرفت باسم المبيدات الحشرية. وقد اتضح أن الحشرات لا تستسلم بسهولة 
أمام هذه المبيدات كما تصور البعضء بل هي عادة تقاوم الأثر القاتل لهذه 
المركبات بطرقها الخاصة جداء فهي قد تكتسب بالتدريج نوعا من المناعة 
ضد بعض هذه المبيدات: وقد تزداد هذه المناعة من جيل لآخر بمرور الزمن 
حتى تصل في نهاية الآمر إلى حد يضطر معه الزارعون الذين يقاومون 
هذه الحشرات إلى زيادة جرعات هذه المبيدات وتركيزها في محاولة للتغلب 
على هذه المناعة. 

ولا شك أن زيادة جرعات المبيدات وتركيزها يزيد من أضرار هذه المواد 
الكيميائية إلى حد كبيرء ولكن يبدو أن المزارعين. في حربهم الضارية ضد 
هذه الحشرات المتأقلمة, لا يأبهون كثيرا لهذه الأضرارء بل يطلبون بإلحاح 
شديد إنتاج أنواع جديدة من هذه المبيدات تكون أكثر قوة وفعالية من 
سابقاتها. ويقابل هذا الطلب الملح من جانب الزارعين بمزيد من التحذير 
من جانب السلطات الصحية التي تطلب الإقلال من استخدام هذه المبيدات, 
وتحذر من مخاطر الإفراط في استخدام المواد الكيميائية في إبادة الآغات 
وتنبه إلى الآثار الضارة لمخلفاتها التي تتجمع في الماء وضي الطعام. 

ويحضرنا في هذا المقام بعض الأخطار التي نجمت عن استخدام بعض 
المبيدات الحشرية في جمهورية مصر العربية للقضاء على دودة ورق القطن 
بمادة التو كسافين؛ وكيف أدى ذلك في بعض الحالات إلى ظهور نوع من 
التسمم بين الماشية وبين الإنسان. وحتى الطيور والأسماك لم تعد في 
منجاة من ضرر هذه المبيدات؛ بل وكثيرا ما نسمع عن تسمم المياه وتسمم 
الطعام. ونحن لا نستطيع: مهما كانت أضرار هذه المبيدات: أن نستغني 
عنها أو نترك استخدامهاء فإننا لو تراجعنا عن استخدامهاء ولو لفترة 
قصيرة؛ لأدى ذلك إلى أو حسم العواقب ولانتشرت الحشرات بطريقة 


537 


لغه الكيمياء 


مخيفة ولقضت على عشرات من المحاصيل الاقتصادية التي يعتمد عليها 
الإنسان في حياته. 

ويجد علماء الكيمياء وعلماء الحشرات أنفسهم في ملتقى نيران 
الطرفين, فأحد الطرفين-وهم المزارعون-يطلب المزيد من المبيدات القوية 
التأثيرء بينما يطالب الطرف الآخر-وهي السلطات الصحية-بالحد من 
استخدام مثل هذه المبيدات القوية التأثير والتي تؤدي على المدى الطويل 
إلى الإضرار بالنبات وبالحيوان وأحيانا بالإنسان. وعلى الرغم من التعارض 
الواضح بين هذين المطلبين فقد تمكن العلماء من التوصل إلى حل وسط 
يحقق مطالب كل من الطرفين على قدر الإمكان. لقد فكر العلماء في 
استخدام المواد الجاذبة للجنس التي تطلقها إناث الحشرات في هذا الغرض 
حيث تقوم هذه المواد باجتذاب ذكور هذه الحشرات التي يمكن تجميعها في 
مكان واحد . فإذا جهز هذا المكان على هيئة مصيدة أمكن القضاء على هذه 
الحشرات بمبيد حشري قفوي دفعة واحدة. 

ولا شك أن هذه الطريقة تفوق كثيرا تلك الطريقة التقليدية والمعتادة 
التي تستخدم فيها المبيدات بطريقة الرش. فمثل هذا الأسلوب الذي يتضمن 
رش المبيدات بطريقة اعتباطية وعلى أوسع نطاق ليغطي أكبر مساحة 
ممكنة من الحقول؛ يؤدي إلى تلوث البيئة كما أنه يتسبب في قتل الحشرات 
الضارة والنافعة معا دون تمييز. ا 

وتقل هذه الأخطار كثيرا عند استخدام المواد الجاذبة للجنسء. فهي 
عادة تستعمل في حيز محدود جداء مما يترتب عليه استخدام كميات 
صغيرة جدا من المبيد الحشري في هذا النطاق فقط الذي تتجمع فيه 
ذكور الحشرات. كذلك فإن المواد الجاذبة للجنس نوعية التأثير إلى حد 
كبير»؛ وعلى هذا فإن استخدام المادة الجاذية للجنس لأحد الأنواع لا يترتب 
عليه إلا استدعاء ذكور هذا النوع من الحشرات فقطء بينما لا يتأثر به 
ذكور الحشرات الأخرى, وتتيح لنا هذه الخاصية أن نتمكن من القضاء على 
نوع معين من الحشرات الضارة دون أن نمس حياة الحشرات النافعة الأخرى 
على الإطلاق. 

ويتضح من ذلك أنه إذا أجيد استخدام المواد الجاذبة لبنس في مقاومة 
الآفات فإن معركة الإنسان مع الحشرات الضارة ستكون أكثر كفاءة وأقل 


جاذبات الجنس 


تكلفة بالإضافة إلى أن الأثر السام للمبيدات سيصبح محليا إلى حد كبير 
مما يؤدي إلى التقليل من خطر تلوث البيئة بنسبة عالية. وربما كانت أصب 
المراحل في هذه الطريقة هي كيفية التوصل إلى معرفة المادة التي تجذب 
نوعا معينا من الحشرات. ثم استحداث طريقة يمكن بها الحصول على 
قدر كبي من هذه المادة إذا استخدمنا جاذبات الجنس الطبيعية بحيث 
يمكن استخدامها في القضاء على الحشرات على أوسع نطاق. 

ويعود الفضل في كل ما حصلنا عليه من تقدم في هذا المجال إلى العالم 
الفرنسي «قابر» الذي عاش في القرن التاسع عشر فقد قام هذا العالم 
بإجراء تجربة رائدة كانت هي رأس الحربة في تقدم العلم في هذا المضمارء 
وهي التي فتحت أوسع الأبواب أمام هذا الفرع من العلم. فقد قام هذا 
العالم بوضع فراشة إحدى الحشرات التي تتغذى على أوراق أشجار البلوط 
في قفص من القماشء ثم وضع هذا القفص بجوار النافذة في منزله. وقد 
لاحظ «قابر» أنه خلال بضع ساعات تجمع حوالي 60 ذكرا من ذكور هذا 
النوع من الحشرات حول القفص ال محتوي على الأنثى وكان هناك نداء خفيا 
قد استطاع استحضار كل هذا العدد من الذكور. 

وقد أثارت هذه الظاهرة الغريبة دهشة هذا العالم إلى حد كبير وذلك 
لأن هذا النوع من الفراشات يعتبر نادرا ويصعب الحصول عليه أو حتى 
رؤيته في الحقول فما الذي أدى إلى دعوة كل هذا العدد الكبير من ذكور 
هذه الحشرة التي اندفعت من كل حدب وصوب وكأن الأرض قد انشقت 
عنهاء وما الذي جعلها تحوم حول هذا القفص المحتوي على الأنثى! ولم 
يستطع «فابر» أن يفسر هذه الظاهرة وظن في أول الآمر أن هذه الذكور قد 
استطاعت أن ترى الأنثى وهي داخل القفص. وأراد أن يتأكد من ذلك 
فوضع الأنثى في تجربة أخرى داخل قفص محكم من الزجاج لعل ذلك 
يساعد على دعوة عدد أكبر من الذكور إذا استطاعت رؤيتها من وراء 
الزجاج ا لشفاف. 

وقد دهش هذا العالم لأن التجربة لم تنجح هذه المرة. فعلى الرغم من 
وضوح الأنثى داخل القفص الزجاجي إلا أنه لم يتجمع هذه المرة العدد 
المطلوب من الذكور بل لم يحم ذكر واحد حول هذا القفص وكأنه لا وجود 
للأنثى بداخله على الإطلاق. ولم يخطر ببال «قابر» أن رائحة الآأنثى هي 


56 


لغه الكيمياء 


التي تجتذب الذكورء غفي الحالة الأولى كان القتفص مصنوعا من القماش 
مما سمح بانتشار رائحة الأنثى في الجو المحيط بالقفص في حين أنه في 
الحالة الثانية تسبب القفص الزجاجي المحكم في منع رائحة الأنثى من 
الانتشار ولذلك لم تحس بها الذكور على الإطلاق. 

ويبدو أن رائحة الأنثى كانت على درجة عالية من النفاذ حتى أنه عندما 
قام «فابر» بإخراج الأنثى من القفص استمر عدد كبير من الذكور في 
التجمع حول القفص الخالي رغم أنه كانت هناك بالحجرة التي أجريت بها 
التجربة بعض الروائح النفاذة الأخرى مثل دخان الطباق ورائحة النفتالين 
ورائحة كبريتيد الهيدروجين التي تشبه رائحة البيض الفاسد . 

وقد قام «فابر» بتكرار هذه الكجارمدمة يفطن الحفواك الخقرى راتت 
نتيجة هذه التجارب متشابهة إلى حد كبير. وعلى الرغم من أن النتيجة 
المباشرة لهذه التجارب تدل دلالة واضحة على أن الأنثى تقوم باجتذاب 
الذكور عن طريق رائحة خاصة بها تطلقها في الهواء المحيط بهاء إلا أن 
«قابر» لم يستطع أن يقبل هذه الفكرة بل اعتقد أن الإناث تقوم بإطلاق نوع 
خاص من الإشارات تنتقل في الهواء على هيئة ذبذبات خاصة يستطيع 
الذكر أن يستقبلها بواسطة قرون استشعاره فيستجيب لهاء وقد برهن 
«فابر» على اقتراحه بأن الذكور التي أزيلت قرون استشعارها نادرا ما كانت 
تعثر على الأنثى. 

ولا شك أن العالم الفرنسي «فابر» كان مصيبا فيما ذهب إليه من 
افتراضه أن قرون الاستشعار هي المكان الذي يستقبل الرسالة ويتلقاهاء 
ولكنه اخطأ في نفيه أن تكون هذه الرسالة قد انتقلت عن طريق الرائحة. 
وقد تحقق العلماء فيما بعد من صحة هذا الافتراض بعد أن قاموا بعشرات 
من التجارب وتبين لهم أن ذكور الحشرات تستطيع أن تشعر بهذه الرائحة 
التي تطلقها الإناث مهما كانت كميتها ضئيلة ومهما كانت المسافة التي 
تفصل بينها كما سنرى فيما بعد. 

وقد بدأ استخدام المواد الجاذبة للجنس كسلاح ضد الحشرات عندما 
حاول العلماء مقاومة نوع معين من الفراش يطلق عليه اسم «فقراش 
الجيبسي». فقد قام أحد الفرنسيين عام 1869 بإحضار هذه الحشرة إلى 
الولايات المتحدة لكي يزاوج بينها وبين فراشة دودة القز لإنتاج نوع جديد 


420 


جاذبات الجنس 


من دود الحرير يستطيع أن يعيش ويتأقلم في أجواء الولايات المتحدة. ولم 
تكلل جهود هذا الرجل بالنجاح: بل الأدهى من ذلك أن بعض هذه الفراشات 
الجزيدة كد امسطاضت أن ضر من واعديث إن امول لجاز وات 
في التكاثر بشكل هائل حتى أصبحت وباء يهدد جميع المزروعات والمحاصيل 
فياولاية نيواتجلاتد: تقد التقذرت هيده الحشرة هي جميع مزازع هذه 
الولاية الأمريكية وراحت تتغذى بكل شراهة على أوراق الأشجار وعلى 
اللحاادديل دو قرب بها قن هنم لولكية مون الكواتر ما قد ممناويين 
الدولارات. 

وك كنالب هذا القياه محيانة ككدة لاسداء على هذه الآكة بابرتهدام 
البيدات العشرية ولكن سادضه الشاكبين علن هذا الأمر جشكلة كبرق 
كانه تاق خط المشكداه هذه المبيذات: على قطاق واسع وها يكن أن 
يبه من قلوتبوكه دقو هذا يفتكن العلماء إلى الإسراع فى إجراء مزيد 
من الدواسات والبخوثت حى مجال اسشغدام المواد الجاذبة للجنسن: وقن 
المقايدك هذه افر انمه إلى حليد كنيو زو[ لك هيل وجرا كول عطلي لدو كتند 
داف كبةه الدراسات محارلات حضنية انعرف هلي هذه المواد زتعيين 
تركيبها الكيمياكي: ثم محاولة فصلها بكميات مناسية تضاح للاستخداء 
فلن عاق دويق الدريف _جصزز لانن لتر كوب له الوا فليا عنن جنز ل 
كدياقة أمسيظ ذنها حكن رمكن الستخدامها بطررفة اتخصادية: 

وومكتنا اواتنظدل على معدا الحيد الى يذل :فى مكل هذه الدراساك 
[ذااتصورنا أن فصل قد طغيل من ماذة البومييكول الذى مكمه زود 
الحرير كمادة جاذبة للجنس لا يزيد عن ١2‏ مليجراما (حوالي 0,012 من 
الجراء) معتاج إلى اصبطياة مجو الى وبع دلبو كراشلة موهذا التوع كذلك 
يحناح لكر إلى سيدناك نكيف ليون قواالة من اكاك كواقل الحيسني 
لاممخلاض قون كتيل مو ماده السرياون القى منسخدنيا فى المسدات 
الذكورء لا يزيد عن 20 مليجراما (حوالي 0,020 من الجرام). 

والسبب في الاحتياج لهذا العدد الهائل من إناث الفراشات» أن الفراشة 
الواحدة لا تعطي إلا قدرا متناهيا في الصغر من هذه المواد لا يزيد عن 
0١‏ من الميكروجرام (الميكروجرام يساوي جزءا من عشرة آلاف جزء من 
اللجراء)؛ أى أن الفراشة الوالخن لااحنطي إلا حوالى لعزم من هليون جره 


اله 


لغه الكيمياء 


من الجرام وهو ما يقل عن جزء من مليون جزء من الوزن الكلي للفراشة 

وقد تم فصل المواد الجاذبة للجنس من الحشرات بقتلها ثم استخلاصها 
بالبنزين. ويتلو ذلك فصل محتويات هذه المستخلصات بالطريقة 
الكروماتوجرافية. وفي هذه الطريقة توضع إحدى المواد ذات النشاط 
السطحي في عمود خاصء ثم تصب هذه المستخلصات على قمة هذا 
العمود فتتحرك مكوناتها المختلفة بسر عات متباينة على المادة النشيطة 
وبهذا يمكن فصل هذه المكونات كل على حدة في مكان خاص من هذا 
العمود. 

وقد استخدم العلماء الأمريكيون طريقة أخرى أكثر يسرا وسهولة عند 
فصل المادة الجاذبة للجنس من أنثى الصرصور الأمريكي. فقد قام هؤلاء 
العلماء بوضع إناث الصرصور في أوان محكمة الغلق ثم أمروا تيارا من 
الهواء داخل هذه الأواني ليحمل معه كل ما يتبخر من هذه الإناث. ثم ترك 
تيار الهواء المحمل بهذه الأبخرة ليمر في مكثفات خاصة مبردة إلى درجة 
حرارة تقل عن الصفر المكثوي حيث تحولت الأبخرة التي يحملها الهواء إلى 
سائل أمكن جمعه فيما بعد. 

وقد تمكن العلماء بهذه الطريقة البسيطة من «حلب»إذا جاز لنا أن 
نستخدم هذا التعبير-عدد كبير من إناث الصرصور الأمريكي بلغ حوالي 
0 من هذه الإناث في فترة لا تزيد على تسعة أشهر لتعطي حوالي ١2‏ 
مليجراما (0,012 من الجرام) من المادة الجاذبة للجنس في حالة نقية. ولا 
شك أن هذه التجارب تبين مدى العناء الذي يلقاه العلماء في عملهم كما 
تدل على مدى المثابرة الهائلة التي يتمتعون بها. 

وتبلغ قوة هذه المواد الجاذبة للجنس الواحد حدا هائلا ومذهلا يصعب 
تصديقه فلو أن 10000 جزء فقط من مادة البومبيكول؛ وهو قدر متناه في 
الصغرء سمح لها بالانتشار من مصدر يبعد سنتيمترا واحدا عن قرون 
استشعار أحد ذكور فراشة دودة الحرير لاهتزت هذه القرون في الحال 
ولبدا عليها رد فعل خاص. ولو أننا أخذنا في الاعتبار قدرة هذه المواد على 
التطاير وسرعتها في الانتشار فإنه يمكن أن نتصور أن أقل تركيز محسوس 
من هذه المواد يمكن أن يؤثر في الذكر حتى أن تركيزا ضئّيلا جدا لا يزيد 


412 


جاذبات الجنس 


على بضع مئات من الجزيئات من هذه المواد في السنتيمتر الواحد قد 
يجتذب الذكرء بل ربما كان التركيز الفعلي الذي يستطيع أن يؤثر في الذكر 
أقل من ذلك بكثير. 

ويترتب على ذلك أن نتصور أن ذلك القدر الصغير من المادة الجاذبة 
للجنس الذي يوجد في أنثى الفراش يعتبر كافيا جدا لاجتذاب أكبر عدد 
من الذكور, فمثلا ذلك القدر الضئيل من مادة الجيبلور التي توجد بأنثى 
الفراش الواحدة والذي لا يزيد على جزء واحد من مليون جزء من الجرام 
(0,0 ميكروجرام) يكفيء. نظريا لو وزع بكفاءة تامة. لجذب اكثر من ألف 
مليون من ذكور هذا الفراش. وقد أجريت تجرية عملية في هذا المجال 
بينت أن أنثى واحدة من هذا النوع من الفراش عندما وضعت في قفص من 
السلك معرض للهواء. قد استطاعت أن تجتذب أحد عشر ألفا من ذكور 
هذا الفراشء ولا شك أن هذا الرقم يعتبر مثيرا للدهشة إلى حد كبيرء 
ولكنه يدل دلالة واضحة على القوة الخارقة التي لهذه المواد الكيميائية 
وأثرها الفعال في جذب الذكور. 

وتستخدم الأنثى هذه القدرة الهائلة التي لهذه المواد في الإعلان عن 
نفسها في مساحة كبيرة دون الحاجة إلى بذل طاقة كبيرة في هذا الشأن. 
وتستطيع أبخرة هذه المواد الانتشار في مساحات ضخمة فيمكن لبخار 
المادة الجاذبة للجنس الذي تطلقه الفراشة عند هبوب رياح متوسطة القوة 
أن يمتد موازيا لسطح الأرض لمسافة تزيد على الكيلومتر؛ كما أن عرض 
هذا التيار من بخار المادة قد يصل إلى 200 متر. 

ويتضح من ذلك أن أبخرة المادة الجاذية للجنس تستطيع أن تغطي 
مساحة هائلة قد تصل إلى 200000 من الأمتار المربعة وهى مساحة غاية 
في الضحامة بالقياس إلى الكمية الضئيلة من هذه الادة التي تفرزها 
الأنثى الواحدة وكذلك بالمقارنة مع الحجم الصغير للأنثى نفسها. وقد 
أثارت هذه الحقيقة دهشة الكثيرين حتى أن أحد العلماء المشهورين لم 
يستطع أن يصدق أن الأنثى الواحدة: الضئيلة الحجمء تستطيع أن تعلن عن 
نفسها في مثل هذه المساحة الهائلة» وقال قولا مشهورا في هذا المجال «هل 
يمكن أن نتوقع أن نصبغ بحيرة من البحيرات بقطرة واحدة من صبغ احمر 
فستكارمين» ! 


4253 


لغه الكيمياء 


وقد تبين لنا الآن خطأ ذلك العالم في إنكاره وان كنا نتفق معه في ذلك 
التشبيه الرائع الذي عبر به عن هذه الظاهرة. والآن وقد علمنا أن أنثى 
الفراشة تستطيع أن تعلن عن نفسها في مثل هذه المساحات الهائلة: فإن لنا 
أن نتساءل كيف يستطيع الذكر الذي يشم هذه الرائحة الضعيفة في الهواء 
أن يحدد الاتجاه الذي توجد فيه الأنثى حتى يطير إليها... ! 

وقد تصور البعض أن الذكر يستطيع أن يطير في الاتجاه الذي تتزايد 
فيه الرائحة؛ ولكن تبين أن هذا غير صحيح فقد اتضح أن المادة الجاذبة 
للجنس تتوزع في الهواء بانتظام تام بعد أن تبتعد عن الأنثى بعدة أمتار 
حتى أن كثافتها أو تركيزها يصبح ثابتا على طول المدى الذي تمتد فيه هذه 
الرائحة. وقد بينت التجارب التي أجريت في هذا المجال أن الذكور تفعل 
الشيء المنطقي المنتظر منها في مثل هذه المناسبة؛ فهي تطير بكل بساطة 
وبطريقة تلقائية في الاتجاه المضاد للاتجاه الذي تهب منه الريح؛ وبذلك 
فإنها تطير دون تفكير أو وعي في اتجاه الأنثى. 

ولو أن الذكر أخطأً الطريق وطار لسبب من الأسباب خارج النطاق 
الذي تنتشر فيه الرائحة؛ فانه إما أن يتخلى عن البحث عن الأنثى مضطرا 
وينطلق إلى حال سبيله؛ وإما أن يطير في اتجاهات مختلفة بطريقة اعتباطية 
حتى يتسنى له أن يلتقط الرائحة مرة أخرى. ولا شك أنه عندما يقترب 
الذكر من الأنثى ويصبح على مسافة معقولة منها فانه سيحس بأن هناك 
زيادة متوسطة في كثافة الأبخرة أو في شدة الرائحة وهي تزيد تدريجيا 
كلما اقترب منها أكثر فاكثر؛ وتكون هذه الزيادة النسبية فى تركيز المادة 
الجافية تلجنين دلبلا كاضا لهدايه الذكن إلى مكان الأنخور 

ولا تصلح المادة الجاذبة للجنس التي لأحد أنواع الحشرات لاجتذاب 
ذكور نوع آخرء وذلك لأن لكل جنس من الفراش مواده الخاصة به. وهذا 
أمر طبيعيء فلا معنى لأن تقوم المادة الجاذبة للجنس التي تطلقها إحدى 
الإناث باجتذاب ذكور جنس آخر طللما لا تستطيع ذكور هذا الجنس تلقيح 
هذه الأنثى المخالفة لها في النوع. 

وبتحليل أغلب المواد الجاذبة للجنس اتضح أنها جميعا تتركب من جزيئّات 
كيميائية متوسطة الحجم يقع وزنها الجزيئي وسطا بين 180 و 300. ويرى 
علماء الكيمياء أن السبب في تكون هذه المواد من جزيئات متوسطة الحجم 


441 


جاذبات الجنس 


يعود إلى أن الجزيئات الصغيرة بشكل عام والتي يقل وزنها عن 100 لا يمكن 
تشكيلها في صور مختلفة؛ بمعنى أنه لا يمكن تحضير أنواع متعددة منهاء 
ولذلك لا يمكن استخدامها كعلامات مميزة للأنواع المختلفة من الحشرات. 

وقد اتضح أن قدرة المادة الجاذية للجنس تزداد كلما زاد وزنها الجزيئي, 
أي كلما كبر حجم الجزيئي وزاد عدد الذرات المكونة له. فمثلا وجد أن 
مضاعفة الوزن الجزيئي لبعض الاسترات العضوية التي جربت على أنواع 
من الذباب أدى إلى زيادة قدرة هذه المواد على جذب الذكور إلى حوالي 
ألف ضعف! وعلى الرغم من أن زيادة الوزن الجزيئي تساعد على زيادة 
قدرة المادة الجاذبة للجنس إلا أننا نجد أن الحشرات لا تستخدم مواد ذات 
جزيئات كبيرة تزيد في وزنها الجزيئي عن 300 كما ذكرنا من قبل. ولعل 
السبب في ذلك أن أجسام هذه الحشرات لا تستطيع أن تقوم بتركيب هذه 
الجزيئات الكبيرة بسهولة: كما أن كبر حجم هذه الجزيئات ينتظر أن يؤدي 
إلى الإقلال من فابليتها للتطاير ويؤثر بالتالي على قدرتها على الانتشار. 

ويمكننا إذا أن نستنتج أن الوزن الجزيئي لمواد الإنذار لا بد أن يكون أقل 
بكثير من الوزن الجزيئي للمواد الجاذبة للجنسء وذلك لأن مواد الإنذار 
تحتاج إلى الانتشار السريع في نطاق محدود داخل الخلية أو داخل المستعمرة. 
ولهذا كان لا بد أن تكون جزيئاتها صغيرة الحجم إلى حد ما. أما بالنسبة 
للمواد الجاذبة للجنس فإن كبر حجم الجزيتات يساعد على الانتشار البطيء؛ 
كما يساعد على البقاء في الهواء لفترة أطول وذلك لأن هذه المواد تعمل في 
الهواء الطلق وفي مجال غير محدود . 

ولا بد أن نطرح عند هذا الحد تساؤلا هاما...! هل استخدام هذه المواد 
الكيميائية في عمليات الاتصال وتبادل المعلومات وقف على الحشرات فقط 
أم أن الإنسان يستخدمها هو الآخر...! 

ويمكن الإجابة على هذا التساؤل بذكر تلك التجربة الهامة التي قام بها 
أحد العلماء الفرنسيين والتي وجد فيها أن هناك خلافا رئيسيا بين الجنسين 
في الإنسان في القدرة على شم رائحة بعض المواد الكيميائية. فهناك 
مركب كيميائي يعرف باسم «اكزالتولايد» «ع8:<21]0110» وهو عبارة عن لاكتون 
حمض 14- هيدروكس تتراديكانويك. ويتميز برائحته الخاصة ويستخدم 
عادة مثبتا في صناعة العطور. وقد أجرى هذا العالم تجربة فريدة على 


425 


لغه الكيمياء 


هذا المركب واختار لتجربته عددا كبيرا من الذكور والإناث من مختلف 
الأعمان واتتيرظيهع قدرة كل مدهم على الإحساين برائحة المركب السايق: 

وقد اتضح من هذه التجرية أن هناك خلافا واضحا في قدرة كل من 
الإناث والذكور على تمييز هذه الرائحة. ففي حين استطاعت الإناث البالغات 
والسيدات تيز رائعة هذا التركيهء لم يسعطع الرجان او الاكون يصيفة 
عامة التعرف على هذه الرائحة. كذلك لاحظ ذلك العالم أن الفتيات 
الصغيرات كن أشبه بالذكور في هذا المضمارء ولم تستطع إحداهن أن تميز 
رائحة هذا المركب. كذلك لاحظ ذلك العالم أن حساسية السيدات لهذا 
المركب تزد اذ بشكل واضح عند اقتراب ذورة نشاط المبيطن كما آن حساسية 
الذكور لرائحة هذا المركب تزيد كثيرا عند حقنهم بالهرمون الأنثوي «ألا 

وتدل هذه التجربة دلالة واضحة على مدى أثر الجنس في الإنسان على 
حساسية الفرد تجاه رائحة هذا المركب. وهي تدل كذلك على أنه قد يكون 
هكاك كفيرمن المواد الكيبيائية الش يكن أن توخر على هسيولوعية الإننان 
وق كنا لا ضرق ذلك يكت الآن على :وه التاكين .: 

ونيد و مق كل ماءتقدم آننا ما اولنا حل أول الطريق فيما يتعاق بنوضوع 
أشن الواه العيمياقية على سيو لويعية الحيواة وساركه يرجه عام ركذلك 
فيما يتعلق بالطريقة التي تستخدم بها هذه المواد في تبادل المعلومات. 
ويشبه موقفنا اليوم في هذا المجال موقف علماء اللغة الذين يقومون بدراسة 
لغة جديدة لا يعرفون منها إلا بضع كلمات مفردة» وهو موقف عسير ولا 
قله ولكن هموص هذه اللقة السديدة وإبواعها الى يصهد ككيرا اما 
المحاولات العلمية الجادة وأمام مثابرة العلماء. 

وَمخ المعتقد آنهالن يكيسرالنا أن نجد إجايات شافية لهذا المؤضوع إلا 
إذا ثم الفرضل النطرق دان حديد د فى مجاق العرديار دراي حفن 
يمكن أن تساعدنا هذه الطرق على التعرف على الكميات الضئيلة جدا من 
مثل هذه المواد الكيميائية التي تستخدمها الكائنات الحية في عمليات 
الاتصال وتبادل المعلومات؛ على أن يصحب ذلك كله تقدم محسوس في 
مقلوماقنا الخاصة ثدواسة ستلوك الحيؤاتاك تمع مخذلف الظروك,. 

وحتى مع التقدم المنتظر في الاتجاهات المذكورة؛ فإن الأمور لا تبدو 


410 


جاذبات الجنس 


دائما بهذه البساطة؛ فقد تبين مثلا أن إناث فراشة الحشرة التي تعيش 
على القمح في أوروبا تستطيع أن تجتذب الذكور وتتزاوج معهاء مهما كانت 
ندرة هذه الذكور وقلة عددها مما يدل على أن الرائحة التى تطلقها الأنثى 
على درجة عالية من القدرة على الانتشار والتطاير. ا 

وعندما وضعت هذه الفراشة في أحد الأقفاص ووضعت تحت المراقبة 
تبين أنها لم تفعل شيئًا على الإطلاق لاجتذاب الذكورء وقد كانت هذه 
الملاحظة الغريبة شيئًا فريدا يستعصي على الفهم: فكيف يمكن لهذه الأنثى 
أن تجتذب الذكور وهي تطير في الحقول بينما هي لا تفعل ذلك بعد أن 
وضعت في القفصء وكأنها بذلك ترفض التزاوج وهي في الأسر!! 

وعندما وضعت هذه الأنثى تحت المراقبة المستمرة ليلا ونهارا تمكن 
العلماء من فهم هذا السلوك الغريب. لقد تبين من مراقبة هذه الأنثى 
الأسيرة ليلا بواسطة الأشعة تحت الحمراء أنها لا تتزاوج إلا عند هبوط 
الظلام: وهي لا تفعل ذلك إلا في أوقات محددة فيما بين الساعة الحادية 
عشرة والساعة الرابعة صباحا وهى لذلك لا تطلق المادة الجاذية للجنس 
إلا فى هذا الوقت فقط. ولهذا فإن اذكو أن تأتى لزيارة الأنثى إلا بعد 
متقسمك اللدل! علدا نكم كاد السادية للعطمن»” 

ولا يتوقف إصدار مثل هذه الروائح على الإناث فقط؛ فقد اتضح أن 
بعض ذكور الفراش تطلق رائحة خاصة بها عند اقترابها من الإناث وكأنها 
تفعل ذلك لاغراء هذه الإناث واجتذابها. وتقوم هذه الذكور بإفراز هذه 
الرائحة في أغلب الحالات من غدد خاصة تقع تحت الأجنحة حيث تساعد 
حركة الأجنحة السريعة على نشر هذه الرائحة حول الأنثى. ولا يحدث 
هناك خلط بين رائحة الأنثى ورائحة الذكرء فان رائحة الأنثى تنتشر على 
نطاق واسع وتقوم بجذب الذكور إلى أماكن تجمع الإناث: أما رائحة الذكر 
فلا تطلق إلا بعد عثوره على الآنثى وطيرانه حولها. 

ويعن لنا هنا أن نسأل... هل يستطيع الإنسان أن يحس برائحة جاذبات 
الجنس التي تطلقها بعض إناث الحشرات! لقد تبين من عشرات التجارب 
التي أجريت في هذا المجال أن أنف الإنسان قد استطاع التمييز بين كثير 
من روائح المواد الجاذبة للجنس التي تطلقها بعض الذكور لإغراء الإناث 
بينما فشل الإنسان في الإحساس برائحة المواد الجاذبة للجنس التي تطلقها 


417 


لغه الكيمياء 


الإناث لاستدعاء الذكور. ولا يعرف بعد السبب في ذلك ولكن من استطاعوا 
التعرف على الرائحة التي تطلقها الذكور وصفوها أحيانا برائحة الأناناس 
وأحيانا أخرى برائحة الشكولاته أو رائحة زيت الليمون أو رائحة الزهور. 

ومن الجدير بالذكر أن إحدى الروائح التي تفرزها ذكور بق الماء التي 
تعيش في بعض المناطق الحارة لا يمكن شمها فقطء بل يمكن رؤيتها وفصلها 
وجمعهاء فهي عبارة عن سائل صاف شفاف ذي رائحة عطرية جميلة تشبه 
راكحة القرفة: وقد دعا هذا بعض سكان جنوب شرق آسيا إلى استعمال 
هذا السائل مثل بقية التوابل. ومن الطريف أن أحد العلماء الألمان قد تمكن 
من فصل هذه المادة في حالة نقية وقام بتحليلها ثم تعرف على تركيبهاء 
وقد اتضح أنها مادة بسيطة التركيب تعرف باسم «تر انس-2 هكسينايل 
آسيتان» وتمكن من تحضيرها في المعمل من مواد كيميائية بسيطة. ثم 
تولت إحدى الشركات بعد ذلك بيع هذه المادة المخلقة معمليا في جنوب 
آسيا وما زالت تباع هناك حتى الآن. 

ونظرا للاحتياج الشديد لبعض هذه المواد الجاذبة للجنس لاستخدامها 
في مقاومة الآفات: وقلة ما يمكن فصله منها طبيعيا من إناث الحشرات 
بحيث لا تصلح للاستخدام على نطاق واسع؛ فقد فكر بعض العلماء المهتمين 
بهذا الموضوع في اختيار بعض المواد الكيميائية المعروفة والمخلقة معمليا 
واختبارها لعل بعضا منها يمكن استخدامه للقيام بنفس مهمة المواد الجاذبة 
للجنسء وحينئد يمكن تحضير هذه المواد التي اجتازت الاختبار بكميات 
وافرة تصلح للاستخدام الحقلي. 

وقد تم اختبار ما يزيد على ألفين من هذه المركبات الكيميائية المعملية 
في محاولة للعثور على بديل لمادة الجيبلور وهي المادة التي تطلقها إناث 
فراش الجيبسي كما سبق أن بيناء واتضح من هذه التجارب أن بعض 
الكحوليات المستقيمة السلسلة والتي تتكون من عدد قليل من ذرات الكربون 
تستطيع أن تجتذب ذكور فراشة الجيبسي إلى حد ما. ولم يقم العلماء بهذه 
التجارب اعتباطاء بل فصلوا أولا مادة الجيبلور الطبيعية من إناث فراش 
الجيبسي ثم عرفوا تركيبها وتمكنوا من تحضيرها معمليا ومحاكاتها . 

ولا يستطيع العلماء عادة مقاومة الإغراء الذي يدفعهم أحيانا للتنافس 
مع الطبيعة ومحاولة التحسين عليها أو الإضافة إليهاء وقد فعلوا ذلك في 


48 


جاذبات الجنس 


هده الحالة:ققاموا بتقصيرساسلة الحيباوز مزاست عشزة ذزة من الكريوة 
إلى أربع عشرة ذرة فقط حتى يكون المركب الجديد الناتج أكثر تطايرا . مما 
قد يجعله اكثر قوة ونفاذا . 

ولم تنجح هذه المحاولة فقد تبين أن المركب الناتج لم يساعد على 
اجتذاب ذكور فراشة الجيبسيء إلا أن البحث المتواصل أدى إلى اكتشاف 
مركب آخر له نفس تركيب المادة الطبيعية وإن زاد عليها بذرتين من ذرات 
الكربون؛ أي أن سلسلته تتكون من ثماني عشرة ذرة من ذرات الكربون» وقد 
اتضح أن هذا المركب له نفس قدرة المركب الطبيعي وهو الجيبلور؛ وإن كان 
الأول أيسر في التحضير لمشابهته لأحد مكونات زيت الخروع الموجود طبيعياء 
ولهذا فإن هذا المركب الجديد المحتوي على ثماني عشرة ذرة من الكريون 
هو المركب المستخدم حاليا في جذب ذكور حشرة الجيبسي وفي مقاومة 
هذه الآفة على نطاق واسع. 

وهناك كثير من المواد الكيميائية الأخرى-بخلاف المواد الجاذبة للجنس- 
التي استعملت في اجتذاب الحشرات مثل بعض المواد الغذائية كمحاليل 
السكر والمواد النشوية وقطع الخيار وشرائح الموز وغيرهاء كما استخدمت 
بعض المواد الكيميائية البسيطة مثل كربونات النشادر التي تستطيع اجتذاب 
إناث حشرة الذباب المنزلى. وقد استخدمت بعض هذه المواد الكيمياتية 
العيظلة وكيوها قوم اماد التي تستطيع اجتذاب الحشرات في مقاومة 
بعض الآفات؛ 5 بعد خلطها بمبيد حشري سريع التأثير. ووضعها في 
مصايد خاصة تتجمع فيها هذه الحشرات. 

وعلى الرقوندق ناد العلماء في استنباط مركبات جديدة تستطيع 
اجتذاب الحشرات فستظل ال مواد الجاذبة للجنس الطبيعية هي أكثر المركبات 
الكيميائية قدرة وأشدها فعالية لأعوام قادمة. 


49 


4 | فظرية الشم 


حاسة الشم هي إحدى الحواس الهامة التي 
يتعرف بها الكائن الحي على البيئة التي يعيش فيها. 
وتبلغ هذه الحاسة حدا من القوة عند كثير من 
الحيوانات. وهي تخطرها باقتراب الفريسة أو 
تنذرها بوقوع الخطرء وتعوض النقص في قوة 
الإيبصار عند بعضهاء كما فى حالة الفيلء كلما 
تستخدمها الخفافيش في اكتشاف الأشجار المحملة 
بالثمار أثناء طيرانها فوق قمم هذه الأشجار. 
وتختلف قوة هذه الحاسة من كائن لآخرء فهى 
ضعيفة نسبيا عند الإنسان وقوية عند الحشرات: 
فقد رأينا مقدار حساسية ذكور الفراشات لرائحة 
المواد الجاذبة للجنسء وقد تصبح هي الحاسة 
الرئيسية عند الحيوان كما في حالة الكلاب التي 
تبلغ عندها قوة حاسة الشم حوالي ثلاثمائة مرة 
قدر قوتها عند الإنسان. 

وبالرغم من أن حاسة الشم عند الإنسان أضعف 
منها بكثير عند بقية الحيوان فان أنف الإنسان 
يستطيع أن يميز بين كثير من الروائح المحيطة بناء 
فهو قد يستقبل رائحة الزهور الجميلة فتثير فينا 
النشوة والابتهاج كما أنه قد يستقبل الروائح العفنة 
أو الكريهة فتثير فينا الامتعاض والاشمئزازء ولا 


لغه الكيمياء 


ندري كيف يستطيع الأنف أن يفعل ذلك! وأنف الإنسان مستعد دائما 
لاستقبال مختلف الروائح: مهما كانت طبيعتهاء فالأنف مفتوح على الدوام: 
يدخل فيه الهواء مع كل شهيق حاملا معه عشرات من الأبخرة والروائح. 

وعندما يدخل الأنف تيار من الهواء؛ يقوم الأنف بتدفئة هذا الهواء حتى 
تصل درجة حرارته إلى ما يقرب من درجة حرارة الجسم., وتقوم بهذه 
المهمة مجموعة من الحواجز المغطاة بنسيج مخاطي غني بالشعيرات الدموية: 
وهي تقع في التجويف الأنفي فوق سقف الحلق. ويمر الهواء بعد ذلك فوق 
منطقة حساسة تتجمع فيها نهايات أعصاب الشم وتعرف عادة باسم منطقة 
الشمء؛ وهناك تتلامس الأبخرة التي يحملها الهواء مع أطراف الأعصاب. 
التى تحس بطريقة ما بالجزيئات ذات الرائحة: فترسل نبضات خاصة إلى 
يض الكت الشمء ثم إلى المخ. وهناك تترجم هذه النبضات إلى الإحساس 
بالروائح التي نعرفها. 

وعلى الرغم من الدور الهام الذي تلعبه الروائح في حياتنا اليومية, 
فنحن لا نعرف عنها الشيء الكثير. فمثلا لا توجد لدينا وسيلة بسيطة 
لوصف هذه الروائح؛ وكل ما يمكننا أن نفعله أن ننسب هذه الروائح إلى 
أصولها أو إلى منابعها التي تنبعث منهاء فنقول إن هذه الرائحة هي رائحة 
الزهورء أو رائحة الفاكهة, أو رائحة النعناع وهكذا. كذلك ليست لدينا 
الوسيلة التي نقيس بها قوة هذه الروائح أو نعين بها مقدارها . وعلى الرغم 
من أننا استطعنا أن نجد وحدات خاصة لقياس شدة الضوء وايتكرنا وحدات 
أخرى لقياس حدة الصوت. إلا أننا حتى الآن لم نجد الوسيلة التي تصلح 
لقياس شدة الرائحة وتعيين مقدارها. 

ويستطيع الأنف وأعصاب الشم أن تتعرف على أنواع متعددة من الروائح, 
وهى عندما تفعل ذلك. فهى تميز فى الحقيقة بين مئّات من أصناف 
المركيات الكيمياك:ة السيية للراكعة متكي النسر: والفى لا مسيخط بيع 
الكيميائي المتدرب التعرف عليهاء تحت الظروف المعتادة: إلا بعد جهد 
جهيد . كذلك تستطيع بعض أجهزة الشم عند بعض الكائنات الحية أن 
تميز بين مختلف الروائح حتى ولو كانت هذه الروائح على درجة عالية من 
التخفيف؛ فهناك بعض الحيوانات التي تستطيع أن تشم هذه الروائح وتميز 
بينها حتى إذا بلغ تخفيفها إلى جزء من عشرة ملايين جزء من الجرام. 


نظريه الشم 


وهذا التركيز يقل كثيرا عن التركيز الذي تستطيع أن تحس به أحدث أنواع 
أجهزة التحليل وأكثرها دقة. 

وقد حاول الإنسان منذ القدم أن يقدم تفسيرا للطريقة التي تعمل بها 
حاسة الشم عند مختلف الكائنات: وربما كان الشاعر «لوكريتس» هو أول 
من قدم شرحا مبسطا لتفسير حاسة الشم. فقد افترض «لوكريتس» أن 
سقف الحلق في الإنسان يحتوي على عدد من الثقوب الدقيقة المتنوعة 
الأشكال والحجوم: وأن إحساسنا بالرائحة يحدث عندما تستطيع المواد 
المتطايرة أن تدخل في هذه الثقوب طبقا لأحجامها. كذلك اقترح أن نوع 
الرائحة التي نحس بها إنما يتوقف على نوع الثقب الذي تدخل فيه كل 
مادة. 

وعلى الرغم من أن هذا التصور الذي وضعه:؛ «لوكريتس» لتفسير حاسة 
الشم كان تصورا غريباء وبدائيا إلى حد كبيرء إلا أنه الآن؛ وبعد مضي ألفي 
فاو وكير صحيها إلى بحد كبيزرا تقد شين من ككيوهن التجارب الى 
أجريت في هذا المجال في السنوات الأخيرة. أن حجم الجزيئات وشكلها 
في الفراغ هما أهم العوامل التي تحدد نوع الرائحة التي تثيرها فينا هذه 
الجزيئات: وأقيمت إحدى النظريات على هذه الأسس لتفسير حاسة الشم 
عند مختلف الكائنات. وقبل أن نتكلم عن هذه النظرية الجديدة: لا بد أن 
نعرف شيئًا ما عن الصفات الرئيسية الواجب توفرها في المواد التي تعطي 
روائح مميزة يمكن الإحساس بها. 

إن أول ما يجب أن تتميز به هذه المواد. هو أن تكون قابلة للتطاير في 
حدود معقولة؛ ويعني ذلك أن تكون لهذه المواد بعض الأبخرة الف طايه 
أن تصل إلى أجهزة الشم. فنحن نشعر مثلا برائحة الطعام لأن هذا الطعام 
يعطي بعض الأبخرة غير المرئية التي تنفن إلى منطقة الشم» وهناك تتلامس 
مع أطراف الأعصاب التي تملا هذه المنطقة. أما إذا كانت المادة غير قابلة 
للتطاير؛ بمعنى أنها لا تعطي ما يكفي من الأبخرة؛ فإنها لن تعطينا الإحساس 
بالرائحة أبدا وقد تعودنا أن نصف مثل هذه المواد بأنها عديمة الرائحة. 
والأمثلة على هذه المواد كثيرة ومتعددة, فالقلم الذي نكتب به: والورق 
والفلزات: واللدائن وغيرهاء مواد عديمة الرائتحة؛ ولا نستطيع أن نميز 
بينها أو بين أنواعها المختلفة عن طريق الشم. 


لغه الكيمياء 


ممق سان ولكدااثه كن فقس بالراكمة كلايد أن ميل ينكان اكادة إلي 
الآكه وآن يكون حركيز هذا ابكار مجاسياح وسخطيع أن موقن ف 
منطقة الشم. ولا يكفي أن تصل أبخرة المادة إلى منطقة الشمء؛ بل يجب أن 
تقبل هذه الأبخرة الذوبان فى الماء» ولو فى حدود ضيقة جداء وذلك حتى 
تارب حويكاتها فى طيعة اازاءالرقيعة اللحيظة ياظرات اغضاب الشم 
وتتفافل مغها ولا يشترظ آن تذوبهالمادة بوكرة في كا مكل السك و أو 
الملح» بل يكفي أن تذوب بعض جزيئاتها في الماء كي يحدث التلامس بينها 
وبين تهايات الأعصاب. وقد تتميز بعض المواد المسببة للرائحة بقدرتها 
على الذوبان في الدهون. وتعطيها هذه الخاصية ميزة كبرى؛ فهي تساعدها 
غلي الختراق ظبقة الدهن اترقيمة ال شكرن متها جدران أغلب الشاقيا 
وتسمح لها باختراق أطراف أعصاب الشم. 

وبخلاف هاتين الخاصتين: وهما قابلية المادة للتطاير وقابليتها للذوبان, 
كلذ تترف شيا هن اخراص الأنكرض السواد 'اللسبية للتراكسةببوإن طن 
البعض أن هناك علاقة ما بين التركيب الكيميائي للجزيئات وما تثيره فينا 
هو الحساننبالراتحة :وقد قام الكيسياكيون بتخايع مكات بت الراك الكرميائية 
في المعامل تحقيقا لهذا الظن؛ ولكن هذه المواد الجديدة والمخلقة لم تساعدنا 
كبراء بل أكا هف كفيو دن الإبهام إلى هذا الراى :ودياك أنه لا كويد 
علاقة دائمة بين التركيب والرائحة؛ وأن الصفات العطرية لأي مادة لا 
فتمد على كركيبها الكيمياقي بل يبدو أنها تعتمد على عوامل أخرى .غير 
ذلك. 

وقد اتضح فيما بعد أن ترتيب الذرات المكونة للجزيئات؛ وهو ما يعطيها 
شكلها العام ونطلق عليه عادة اسم الشكل الفراغي للجزيئات؛ هو العامل 
الأساسي في منح هذه الجزيئات رائحتها المميزة؛ بينما لا يمثل تركيبها 
العام بتفاصيله الدقيقة شيئا هاما في هذا المجال. والشكل الفراغي لكل 
جق لا يقير دهنا دوت طرق الحضيرم: كفي كلمرة يتكوق هيها هذا 
الجرف حرمي هية الذرات يسن الأبنلويه لهذا تجن تاجرد الواحد أو 
المادة الواحدة رائحة ثايتة لا تتغير. 

وفي عام 9 تقدم العالم الاسكتلندي مونكريف 1]ع01م110 .177 .1 باقتراح 
نظرية جديدة لتفسير الطريقة التي تعمل بها حاسة الشم في الكائنات 


54 


نظريه الشم 


الحية. وقد جاء هذا الاقتراح مشايها في إطاره العام تذلك الغرض الذي 
تقدم به «لوكر تيس» منذ ألفي عام وقد تضمنت هذه النظرية أن أطراف 
اقصباب: الكنه بها أواع من الشلانا التخسصة اللعدة لاستفيال أبخرة 
المواد. وأن بكل خلية موقعا نشيطا محدد الشكل لا يستطيع أن يستقبل من 
السزيكات للها يفق تكله وحجعمه مع شكل وحجم هنذا اللوقي وعقد 
حدوث هذا التداخل بين أحد الجزيئات والموقع النشيط. ترسل إحدى 
النبضات إلى المخ للدلاله على الرائحة. وتوصف الرائحة في هذه الحالة 
نآنها راكعة ولية وقضيه هله النكرة إلى عد كبيوطريقةوالعاشق والتشوق» 
التي يستخدمها النجار لتثبيت بعض الأجهزة الخشبية في البعض الآخر 
ذون الحاحة إلى 'استعمال الممبامين. 

ولتحديد معنى الرائحة الأولية»: قام أحد العلماء (جون آمور .8 صنامل 
ع:هوددث بجامعة أوكسفورد) بحصر مئات من المواد التي نعرفها والتي تتميز 
برواكحها الخاصة: وقد اتح آنه يمكن غمليا تصنيف هذه المواد إلى سيع 
مجموعات رئيسية. بحيث تشترك كل مجموعة منها في رائحة واحدة, 
وأطاق على هدو لرواك السيع امية والرواكهالأولية واو «اكرواقالأمامسيةه. 
وقد وجد هذا العالم أن هناك ما يزيد على مائة مركب لها رائحة الكافور 
ولذلك اعتبرت رائحة الكافور رائحة أولية لتكرار ظهورها بين كثير من 
المركيات: على هين العشبرت راكيدة حشب السد رب راقحة قانوية لآنها لا متكرو 
إلا بين عدد قليل من المركبات والمواد لا يزيد على عشرة. ومن المعتقد أن 
الرائحة الثانوية تنشأ عن اختلاط رائحتين أوليتين أو أكثرء ولهذا فهي 
ثادرا ها تتكرى: 

وقذاتم حصي الرواك السبع الكزلية بضورة إلجدانية كنا رنى» 

راكغة القاهون+ترافحة الساستراكحة الزهون - راكحة التعناع ذترائسة 
الأكير جو كح شلك سر توزة عنفة 

رمق العطزيمى الث يوقي رسي 'ونةة لذو كو مرطاء يلكو كزين عدف كنيز 
ف الرواقع الطبيعية الالخرى هي الك فسميها ميقا ليذه النظرية بالرزواتع 
القائوية: وسوقى طبيحة كل براكسة خائرية على هده الرواكه الأولية الشترعة 
فى ,الخليطه ونبنة كل يلها سروف همك هذه التطرية إلى جد كتين 
في تبسيط الأمورء فقد كنا نتصور أن هناك أعدادا لا نهائية من الروائح. 


لغه الكيمياء 


ولكنها استطاعت أن تحصر كل هذه الروائح الطبيعية في عدد قليل من 
الروائح الأساسية أو الآأولية: ومنها يمكن اشتقاق كل أنواع الروائح الأخرى. 
ولا غرابة في ذلك: فنحن نستخدم نفس هذه الفكرة في مجال الألوان: 
فجميع الألوان التي نراهاء مهما اختلفت؛ يمكن اشتقاقها من ثلاثة ألوان 
أولية. هي الأحمر والأخضر والأزرق. 

وتقتضي هلاه النظرية أن كوخ جما فم سيفة مواقم استهبال في تياية 
الأحساب بمخطقة اق يتقصسص كل متها ف النتقبان السريكات المسية 
لإحدى الروائح الأولية. وللتحقق من صحة هذه النظرية؛ ولإثبات أن الرائحة 
تعتمن أساسا على شكل الجرء وححمة:أحريت يمسن الدواسات الخاصة 
على عد كنيو من الكركيات الى تغطينا الاتحساس براكية العافون والقي 
يزيد عددها على مائة مركب. 

لقد اتضح من هذه الدراسات أنه بالرغم من اشتراك كل هذه المركبات 
في رائحة واحدة وهي رائحة الكافور, إلا أنه لا يوجد هناك تشابه بينها في 
تركيب جزيئاتهاء بل كانت في الحقيقة تنتسب الى مجموعات مختلفة تمام 
الاختلاف من مجموعات الكيمياء العضوية. ويمكننا توضيح ذلك بمقارنة 
مركب الاوكتان الحلقي. بمركب سداسي كلورو الايثان: 


عصماعومكء 0 عمقطاعء 01:0 1طعوعرء11 


الاوكتلن الحلقي سداسي كلورو إيثان 


ويتبين من الصيغة الجزكية لهذين المركبين أنهما يختلفان كل الاختلاف 
في التركيبء فالأول منهما هدر وكريون لا يحتوي جزيئه إلا على ذرات 
الكربون والهدروجين. والثاني منهما مركب هالوجيني يحتوي على ست 


56 


نظريه الشم 


ذرات من الكلور مرتبطة بذرتين من الكربون. وبالرغم من الاختلاف الكبير 


في تركيب هذين المركبين: فإنهما يشت كاد كور حاو تعر ارات ايه 
الككرن ولايد أن هناك عاملا آخر مشتركا بينهما يؤدي إلى هذا التشابه 


وعند بناء النماذج التي تمثل الشكل الفراغي لهذه الجزيئات وبعض 
الجزيئات الأخرى التي تشبه رائحتها رائحة الكافورء تبين أنها تتشابه فى 
شكلها الفراغى الى حد كبيرء فقد بدت كل هذه الجزيئّات على هيئة كرة 
تكاد تكون كاملة الاستدارة: كما تشابهت كذلك في أحجامهاء فقد كان 
متوسط أقطارها لا يزيد على سبعة انجشتروم. (الانجشتروم يساوي جزءا 
من مائة مليون جزء من السنتيمتر). 
وتطبيقا لهذه النظرية؛ لا بد أن يكون التجويف المخصص لاستقبال 
هذه 0 مستدير الشكل يشيه الوعاء. ولا يزيد قطره على سيعة 
(انجشتروم). 
جزئّ كروي 
له رائحة الكافور 
ج هدم 


5 2 


كذلاك فإن جديم المؤكيات القروية الشكل لين أن تكون نينا راكهة 
الكافون. وقد بين صحة هذا الفرضن تماما كانت جميع ال مواد ذات الجزيئات 
الكروية الشكلء لها نفس الرائحة وتشبه رائحة الكافور إلى حد كبير. 

وحتطلبيق هذه التكلرية على يقية اكواد اللضبية للرانعة وكين اع جميه 
الجزيئات التي تشترك في رائحة أولية واحدة تكون جزيئاتها متشابهة في 
الشكل والحجم: ومكال ذلك جميع الكواد الثي تغطينا الإحساين برائحة 


57 


لغه الكيمياء 


المسك كانت جزيئاتها مشابهة للقرص في شكلها العام ومتقاربة في حجمها 
الكلي؛ ولا تزيد أقطارها على حوالي ١0‏ (انجشتروم) . كذلك وجد أن جميع 
المواد التي تعطي رائحة الزهورء كانت جزيئاتها متشابهة في شكلها الفراغي 
وتشبه قرصا مستديرا تتصل بأحد جوانبه ذراع صغيرة تجعله أشبه ما 
يكون بالمقلاة التي تستخدمها ربة البيت. 

وينبني على ذلك أنه لا بد أن يكون هناك تجويف في منطقة الشم يشبه 
القرص لتتداخل فيه الجزيئات التي تعطي رائحة المسكء؛ وان يكون هناك 
تجويف آخر يشبه المقلاة لتتداخل فيه الجزيئات المسبب لرائحة الزهور 
وهكذا. وقد نجحت هذه النظرية البسيطة حتى الآن في تفسير جميع 
الحالات التي نعرفها وإن كانت هناك بعض الحالات الأخرى التي تشذ 
قليلا عن هذه القاعدة. ا 

ومن أمثلة هذه الحالات بعض المواد التي يمكن لها أن تعطينا الإحساس 
برائحتين: وعند دراسة الشكل الفراغي لجزيئات هذه المواد تبين أن جزيئاتها 
تستطيع أن تتداخل في التجويف الكروي فتعطينا الإحساس برائحة الكافور 
مثلاء كما أنها قد تستطيع في بعض الأحيان التداخل في بعض أوضاعها 
الخاصة في تجويف آخرء فتعطينا الإحساس برائحة أخرى. ولا يعتبر ذلك 
خروجا على هذه النظرية؛ بل يعتبر تأكيدا لها. فقد استطاعت أن تفسر لنا 
بعض الروائح المزدوجة التي تعطيها بعض المواد المعروفة. 

أما فيما يتعلق بالروائح النفاذة: أو الروائح العفنة. فقد تبين أن جزيئات 
المواد المسببة لمثل هذه الروائح متباينة في التركيب ومتنوعة في أشكالها 
الفراغية وبذلك يصعب تصنيفها في مجموعات خاصة كما فعلنا مع بقية 
الروائح. وقد اتضح فيما بعد أن الشكل الفراغي لجزيئات هذه المواد لا 
يمثل العامل الآأساسي في الإحساس بالرائحة؛ بل إن الشحنة الكهربائية 
التي تحملها هذه الجزيئات هي السبب الرئيسي في ظهور الرائحة. فجميع 
المواد ذات الرائحة النفاذة تتصف بأن جزيئاتها إما أن تحمل شحنة موجبة 
أو تكون لها القدرة على اجتذاب الإلكترونات: في حين أن المواد ذات الرائحة 
العفنة إما أن تحمل جزيئاتها شحنة سالبة؛ أو تكون لها القدرة على منح 
الإلكترونات. 

ولا تعتبر هذه النظرية صحيحة بالنسبة للإنسان فقطء ولكنها تصلح 


نظريه الشم 


للتطبيق كذلك بين أفراد مملكة الحيوان. فالنمل-وكذلك النحل-يستقبل 
الرسائل الكيميائية على قرون الاستشعار ويتآثر بها في الحال؛ مما يدل 
على أن قرون الاستشعار في هذه الحشرات تحتوي على تجاويف خاصة 
تتداخل فيها الأبخرة» كل في تجويفه الخاصء فمواد الأثر تتداخل في 
تجاويف معينة؛ ومواد الإنذار في تجاويف أخرىء ومن هنا كانت نوعية أثر 
هذه المواد. 

كذلك يتضح لنا على الفور نوعية المواد الجاذبة للجنس في الحشرات: 
وذلك لاختلاف أشكال التجاويف المستقبلة لهذه المواد في كل نوع؛ ولذلك لا 
يتأثر أحد الأنواع بالمواد الجاذبة للجنس المتطايرة من نوع آخر. كذلك سبق 
لنا أن بينا أنه من المستبعد أن تستطيع الحشرات تعلم لغة بعضها الآخرء 
وتؤكد لنا هذه النظرية استحالة ذلكء لأن استقبال اللغة الكيميائية إنما يتم 
في تجاويف خاصة؛ ويصعب علينا أن نتصور أن تتغير أشكال هذه التجاويف 
وأحجامها في أحد الأنواع؛ لتشبه تجاويف نوع آخرء فان هذا يعني تغييرا 
كاملا لنوع الحشرة. 

وحاسة الشم حاسة رئيسية عند مختلف الكائنات: وهي تعتبر مكملة 
لحاسة التذوق؛ بل إن حاسة التذوق تعتمد على الشم كل الاعتماد . ونحن لا 
نعرف من الطعوم إلا أربعة أنواع هي: الحلوء والمر؛ والمالح» والحمضي. 
وهذه الأنواع الأربعة لا تكفي لوصف مثات الأنواع من الأطعمة وطعومها 
المختلفة التي نحس بها كل يوم ولكن حاسة الشم تتولى استكمال إحساسنا 
بالطعم فهي المسئولة عن 90 تقريبا من حاسة التذوق. ولعلنا جميعا نتذكر 
اغالا صن ماع الاكرلاك عفن إضنايضا بالؤعاى وآننا كنا شيص اوقا 
ونحن صغار بمسكها بأصابع اليدين حتى لا نشعر بطعم «شربة» الدوا. 
وذلك كي نمنع مرور الهواء المحمل بأبخرة هذه «الشربة» على منطقة الشم 
قلا نحس برائحتها وبالتالي لا نحس بطعمها. 

وتناولنا للطعام عبارة عن عملية مزدوجة. فعند خلط الطعام باللعاب 
في الفم تتصاعد منه بعض الأبخرة الطيارة وتتجه إلى مؤخرة الآنف من 
الداخلء. وهناك تتلامس هذه الأبخرة مع نهايات الأعصاب في منطقة 
الشم؛ ونحن بذلك لا نتذوق الطعام فقطء. بل نشمه كذلك أثناء عملية 


المضع. 


59 


لغه الكيمياء 


ولا شك أن المعلومات التي تستطيع حاسة الشم أن تقدمها للمخ عن 
الطعام تزيد كثيرا على المعلومات الواردة إليه عن طريق التذوق: وذلك لأن 
حاسة الشم تستطيع أن تميز بين آلاف من الروائح الأولية والثانوية وغيرها. 
وتتعاون هاتان الحاستان معا في نقل المعلومات المطلوبة إلى المخ بلغة الكيمياء. 


00 


5 لغة الكيميا داخضل 
الأجساد الحية 


رأينا في الأبواب السابقة أن بعض أفراد 
الكاتنات الحية قد استطاعت أن تتبادل الأخبار 
والمعلومات فيما بينها بإطلاق بعض المواد الكيميائية 
في الهواء كما في حالة مواد الأثر ومواد الإنذار 
وجاذبات الجنس. ولا يقتصر استعمال الرسائل 
الكيميائية عل الحالات التي ذكرناها فقط. ولكن 
هذه الرسائل تستخدم كذلك لنقل المعلومات 
وإصدار الأوامر والتعليمات داخل جسد الكائن 
الحى. 

رصكوة ميد الغاقداك سوام سياف رف 
تعرف بالخلاياء فكل كائن حي سواء كان بكتريا أو 
إنسانا لا بيد وأن يتكون من هذه الخلايا. ويمكننا 
أن نقدر مدى أهمية الخلية الحية إذا علمنا أثنا 
نبدو على الصورة التي نرى بها أنفسنا بسبب هذه 
الخلايا التي تكون جسدناء وإذا أدركنا أن نسمة 
الهواء التي نستنشقها هي من عمل خلية الرئة وخلية 
الدم. كذلك فإن كل خطوة نخطوهاء وكل حركة 
نقوم بهاء وكل كلمة نقولها هي في الحقيقة نتاج 
للتعاون بين آلاف من خلايانا العضلية والعصبية. 


ان 


لغه الكيمياء 


وفي معرض الحديث عن الخلية الحية؛ لا بد وأن نتمعن قليلا في معنى 
الحياة! ولو أثنا سألنا أنفسنا ما هى الحياة! لما وجدنا إجابة شافية لهذا 
السؤال! ولقلنا إن الحياة هي إحدى الظوامن الراكنة فى هذا الكون؛ وهي 
تختلف كثيرا عن كل ما يحويه هذا الكون من أعاجيبء. بل وتفوقها روعة 
وجمالا. 

ونحن نعرف بالسليقة أن هناك أشياء حية؛ وأشياء أخرى غير حية. 
فالإنسان والحصان والشجرة والزهرة: كلها كائنات حية: على حين توصف 
الصخور والجبال والمناضد والمقاعد وبعض الأشياء الأخرى التي يصنعها 
الإتساديياتها شيا جاهده غانية من اللحياف ريحهي عليفا كثيرا أن مرق 
بين الشيء الحي وغير الحي إلا بعد أن نتدارس بعض الفروق الهامة 
القائمة بين كل من هذين النوعين» وهي فروق تهدينا فقط إلى التعرف على 
الشيء الحيء ولكنها لا تفيدنا في معرفة مفهوم الحياة. 

وأول هذه الفروق أن جميع الأشياء الحية دون استثناء تتكون من مادة 
معقدة التركيب تعرف باسم «البروتوبلازم» «155م5:0]0» وهي مادة هلامية 
تقع داخل الخلاياء وتتم فيها جميع الأنشطة الحية والتفاعلات الحيوية 
المصاحبة للحياة. 

والفرق الثاني بين الأشياء الحية وغير الحية. هو الحساسية الشديدة 
للكائن الحي بما حوله من ظروف... ونحن لا نعني هنا بالحساسية أن 
الكائن الحي كالإنسان أو الحصان سريع التأثر عاطفيا أو سريع الغضب. 
ولكننا نعني أن الكائن الحي سريع الاستجابة للتغيرات التي قد تحدث في 
البيئة المحيطة به. 

ويمكننا أن نتصور ذلك إذا قارنا بذرة نباتية تحت سطح التربة بما 
حولها من حبات الرمال. سنلاحظ أن حبات الرمال قد تتعرض لدرجات 
مختلفة من الحرارة والرطوبة» ولكنها لا تتغير ولن تتغيرء بل ستبقى 
هي حبات من الرمال ولا شيء غير ذلك. أما البذرة النباتية فهي قد تبقى 
ساكنة فترة من الزمان؛ ولكنها تبدأ في التغير إذا تعرضت التربة لحرارة 
الشمس وبللتها مياه الأمطار. فتبدأ البذرة في دفع جزء منها وهو الجذرء 
في باطن التربة» وتدفع بجزء آخرء وهو الساقء خارج التربة في الهواء. وما 
هي إلا فترة زمنية محدودة حتى تتحول هذه البذرة الصغيرة إلى شجرة 


02 


لغه الكيمياء داخل الأحساد الحيه 


كبيرة باسقة. 

والفرق الثالث بين الأشياء الحية وغير الحية. هو تلك الظاهرة التي 
نسميها بظاهرة النمو. وقد تنمو الأشياء غير الحية عن طريق التجميع؛ 
فهي قد تضيف الى مادتها الأصلية شيئا من البيئة المحيطة بهاء ولكنها في 
كل مرة تفعل ذلك تضيف شيئًا مماثلا لها ومن نفس مادتها. ومثال ذلك 
بلورة السكرء فهي فد تنمو وتكبر في الحجم إذا وضعت في محلول مشبع 
من السكر في الماء. ولكن هذه البلورة مهما كبرت فستبقى بلورة سكر ولن 
يتغير تركيبها. أما الأشياء الحية. فهي تنمو بطريقة أخرى تختلف عن ذلك 
كل الاختلاف فالطفل ينمو بعد أن يتناول طعاما يختلف في تركيبه الكيميائي 
عن مادة جسده؛ وهو يحول هذا الطعام عن طريق عشرات من التفاعلات 
الكيميائية إلى مادة جديدة يضيفها إلى مادة جسده الأصلية. 

وعلى هذا فإن الطفل ينمو بعد أن يتناول البيض واللبن والخبز واللحم؛ 
ويحولها فيما يعرف بعملية التمثيل الغذائي الى مادة جسده. ولن نستطيع 
مهما فعلنا أن نجد أثرا لهذه المواد في عضلاته أو في أي مكان من جسده.؛ 
فهي قد تغيرت تماما وأصبحت جزءا لا يتجزأ من كيانه. 

والفرق الرابع الذي يميز الأشياء الحية عن غيرها من موجودات هذا 
الكون هو تلك الظاهرة المعروفة بظاهرة التكاثر. فالانسان وأنواع الحيوان 
مثل القطط والكلاب لها جميعا صغار تنمو تدريجيا حتى تتحول إلى كائنات 
بالغة تشبه آباءها . وحتى النباتات تعطي بذورا تتحول بدورها بمرور الوقت 
الى نباتات يانعة تشبه جنسها. ونحن لا نعرف هذه الخاصية في الأشياء 
الجامدة غيرالحية. فالصخرة ليس لها صغار تكبر مع الزمان: والجبل 
ليس له أبناء تتحول إلى جبال بمرور الزمان. 

ورغم معرفتنا بكل هذه الفروق بين الأشياء الحية وغير الحية؛ فما زلنا 
لا نعرف شيئًا ما عن الحياة نفسهاء وكل ما نعرفه عنها أن الحياة ظاهرة 
فريدة تصاحب تلك التفاعلات الكيمياتية والتغيرات الحيوية التي تحدث 
داخل الخلايا. 


05 


الخلية الحية 


الخلية الحية هي وحدة البناء الأساسية في 
الكائنات الحية دون استثناء. وهي تمثل عاما قائما 
بذاته على درجة بالغة من التعقيد. فتحتوي كل 
ننه على آلا هق التجزيكات العضوية مشخكلفة 
التركيب. كما تتم فيها مئات من التفاعلات 
الكيميائية المعقدة. وتجري فيها جميع العمليات 
الحيوية الهامة في يسر ودقة. وقد كان العالم 
الإنجليزي رو برت هوك عام 1665 هو أول من لاحظ 
وجود بعض التقسيمات المنتظمة فى رقائق الفلين 
واظلق عليها اسم التشاذيا نادف كدلك كان اتحد 
العلماء الهولنديين هو أول من وصف الخلية 
الحيوانية عام 1673. 

وحتى أقل من جيل مضى. كانت الخلية الحية 
مجهولة التفاصيل؛: ومنطقة غير محددة المعالم 
وحتى عام 1950 لم يكن لدى العلماء شيء كثير من 
المعلومات عن الخلية الحية. 

والخلية الحية ذات حجم متناه في الصغرء 
فتحتوي كل بوصة مربعة من جلد الإنسان على 
حوالي مليون من هذه الخلاياء بينما يحتوي جسم 
الإنسان على ما يقرب من مائة تريليون خلية أو 
اكثر. ويتركب مخه من حوالي ثلاثين بليون خلية. 


05 


لغه الكيمياء 


وتسبح الخلايا التي تكون الجسد الحي في بحر من المياه يمكن تسميته 
بالبحر الداخلي فهي تحتوي على 40 من الماء الموجود بالجسم., بينما يمثل 
الماء الموجود خارجها حوالي 15“ من وزن الجسم على حين يبلغ وزن الماء 
الموجود بالدم حوالي 5“ من وزن الجسم باعتبار أن الماء يكون حوالي 60/ 
من الوزن الكلي لجسم الإنسان. 

وتأخذ الخلايا احتياجاتها من الغذاء ومن الأكسجين من السوائل المحيطة 
بالخلية؛ كما أنها تتخلص من نواتج عملياتها الحيوية غير المرغوب فيها 
بإفرازها في هذا الماء. ومنه يلتقطها الدم ليحملها إلى الكليتين. وعندما 
يكون الكائن الحي وحيد الخلية؛ أي يتكون من خلية واحدة مثل البكترياء 
قلا بد له أن يبحث عن وسط يحتوي على الماء كي يعيش فيه؛ وإلا تعرض 
هذا الكائن للجفاف والهلاك. وفي مثل هذه الحالات تقوم الخلية الواحدة 
المفردة بجميع الوظائف الحيوية اللازمة للكائن الحي دون استثناء. فهي 
تقوم بالحركة وبالتنفسء وبيعمليات الأيضء وبالدفاع دون أن يكون لها 
تخصص واضح. 

أما في الحيوانات العلياء وضي الإنسان: فإن تخصص الخلايا يبلغ أقصى 
مداه. فنجد أن هناك مجموعات متشابهة من الخلايا يتخصص كل منها 
في القيام بوظائف محددة لا تحيد عنها. فهناك مثلا جهاز خاص للهضم 
وامتصاص الطعام؛ وجهاز خاص بالتنفس وظيفته امتصاص الأكسجين 
والتخلص من ثاني أكسيد الكربون؛ وجهاز بولي للتخلص من الفضلات 
الضارة بالجسم,؛ وجهاز للتناسل ونقل الصفات الوراثية من كائن لآخرء 
وجهاز آخر يتكون من مجموعات خاصة من الخلايا تتجمع على هيئة غدد 
وظيفتها التنسيق الكامل بين بقية الوظائف والعمليات الأخرىء بالإضافة 
إلى جهاز حاكم هو المخ. 

ونظرا لهذا التخصص الرفيع: فإنه لا يمكن القول بان هناك خلية 
مثالية يمكن لها أن تمثل بقية الخلايا تمثيلا دقيقاء ومع ذلك فإن هناك 
كثيرا من الصفات المشتركة وأوجه الشبه بين كل هذه الأنواع من الخلايا. 

وتتكون الخلية بصفة عامة من جدار يعطيها شكلها العام؛ ويقع بداخل 
هذا الجدار ذلك السائل الهلامي الذي نعرفة باسم السيتوبلازم؛ ويعج هذا 
السائل بالنشاط الكيميائي وبالحركة الدائبة. وتسبح فيه مئات من 


ك4 


الخليه الحيه 


الجسيمات المختلفة الأشكال والأنواع: فمنها الكرويء ومنها المستطيل» وهي 
تعرف بأسماء مختلفة؛ مثل «الرايبوسومات» التي يجري عندها تشكيل 
جزيئات الير وتينات؛ و «السنتريولات»» وتطراك ادهب و«الميتوكوندريا» 
التي توصف أحيانا بأنها محطة القوى التي تدفع بالطاقة اللازمة في 
أرجاء الخلية. 





جدار الخلية 
ريبوسومات 


ميتوكندريا 
النواة 


قطرات دهن 


الخلية الحية 


ويتصف جدار الخلية بأهميته البالغة: فهو الذي يتحكم في المواد الداخلة 
أو الخارجة من الخلية. وهو يوصف عادة بأنه شبه منفذ. أي يسمح لبعض 
المواد بالنفاذ منه بيتما يمئع بعضها الآخر. وييلغ جدار الخلية حدا قاكقا 
من الركة :شيل سمعه سوائي 76 السقكروم (الاتسشكروة يستاوق جو ا من 
ناكة مليون حزء سن الستتيمتر) نوها الحداوصاب إلى حد مااضي الخلذيا 
النباتية ويتكون من السليولوزء ولكنه في الخلايا الحيوانية يتكون من بعض 
الجزيئات العضوية الكبيرة التي تترتب بجوار بعضها البعض في نظام 
خاص. ويتركب جدار الخلية الحيوانية من بعض الجزيتات العضوية الدهنية 
الثي تعرف باسم «الفوسفولبيدات» لاحتوائها غلى الفوسفور. 

وتقركب :جز كات الذهون يضصفة عافة باتتحات عقن الأحماطن العضوية 
ذات السلاسل الطويلة: والتي تعرف باسم الأحماض الدهنية (لوجودها 
دائما في الدهن) مع الجليسرين. وتتكون الفوسفولبيدات بنفس الأسلوب». 
فهي تتكون باتحاد الجلسرين مع جزيئين من الحمض الدهني بينما يكون 
الجزء الثالث عبارة عن مجموعة تحتوي على حمض الفوسفوريك متحدا 
مع قاعدة عضوية؛ ويمكننا تمثيل ذلك بجزء الليثيسين كما يلي: 


07 


0112 02 032 0112 ,و01 و0182 يلقن 
١ح‏ م ١ح‏ عم ا م ا سم ءا ع ا م حا م 
100 صن ص0 و0112 ص0 ص01 و0 و08 ول 


0 بعر 6 1 ا 
1 ال01 08 ع 00 
256 028 


10001 ص0 ج0011 0012 ج0011 ,01 ,ص01 ,012 و0 
ع اا ص او م او عر او مر لا مر ا مر ا مر اا 
و01 م02 و01 012 ج01 ي0 ي 03‏ يقن 
ويمكن تبسيط جزء الفوسفولبيد السابق تبسيطا كبيرا إذا رمزنا لرأس 
الجزء الذي يحتوي على الفوسفور والقاعدة العضوية بدائرة؛ ومثلنا السلاسل 
الهدروكربونية الطويلة بخيوط أو أهداب كما في الشكل التالي: 
السلاسل 
الهدروكربونية 


يسيك يل 


الرأس المحتوية 
على الفوسفور ا 0 
جزئ الفوسفولبيد 

وتتحكم في ترتيب جزيئات الفوسفولبيد في جدار الخلية. خاصية 
طبيعية يعرفها جميع دارسي الكيمياء. وهي تتوقف على مدى حب الجزء 
أو كرهه للماء. 
أجزائه على شحنة كهريائية؛ تساعده على جمع كثير من جزيئات الماء حوله 
وتيسر له الانغقماس في الماء إن وجد)؛ ويعرف هذا النوع بأنه «محجب للماء». 
أما النوع الثاني من الجزيئات العضوية فيسمى «كاره للماء» وينطبق ذلك 
على جميع الجزيئات التي تتكون من عنصري الكربون والهيدروجين فقط 
مثل السلاسل الهدر وكربونية في جزء الفوسفولبيد, وهذه الجزيئات تشبه 
الشمع في هذه الخاصية:؛ فالشمع لا يبتل بسهولة فهو كاره للماء لأنه يتكون 
من سلاسل من الكربون والهيدروجين ققطء بينما تبتل خيوط القطن بسهولة 
لآنها تتركب من السليولوز الذي يحتوي على عدد كبير من مجموعات 


08 


الخليه الحيه 


الهيدروكسيل. وبتطبيق هذه القاعدة على جزيئات الفوسفولبيد المكونة 
لجدار الخلية الحية؛ نجد أنها تتصرف تلقائيا بما يتمشى مع خواصها 
المحبة أو الكارهة للماء؛ فروؤس هذه الجزيكات المحتوية على الفوسفور 
مشحونة بشحنة كهربائية تجعلها تنجذب لجزيئات الماء وتنغمس فيه؛ بينما 
بقية الجريء المتكون من السلاسل الهدن وكريونية الثي تشبه الشمع تكره 


الماء وتتنافر معه كتتجه بعيدة عنه. 


| 
538 ستطع الذاء 


الفوسفولبيو »> 52 


/ 


ولا تحيد جزيئات الدهن (الفوسفولبيدات). ابدا عن هذا التصرف 
مهما كانت الظروفء فحيثما وجد الماء نجد أن الروؤس الفسفورية تنغمس 
فيه بينما تمتد السلاسل الهدر وكريونية في الفراغ بعيدا عن الماء. 

وبما أن الخلية تسبح في الماء داخل الجسم كما ذكرنا من قبل فإن هذا 
يؤدي الى ازدواج جدار الخلية فيتكون من طبقتين من الجزيئات الدهنية, 
فتتجه الروؤس الفسفورية أو الكرات في الطبقة العليا إلى الخارج ملامسة 
للفاء خارج الكلية؛ على جين كمه الرووين النسغووية للطيقة السغلى شعو 
الداخل ملامسة للماء داخل الخلية؛ بينما تقع السلاسل الهدروكربونية 
لطبقتي جزيئات الفوسفولبيد في وسط الجدار مبتعدة عن الماء. 

ويشترك مع جزيئات الفوسفولبيدات في تكوين جدار الخلية الحية نوع 
آخر من الجزيئّات العضوية التي تعرف باسم البر وتينات. والبروتينيات 
جزيئات عملاقة تتركب من مئّات الذراتء. وهي تتكون باتحاد عديد من 
الأحماض الأمينية المحتوية على النتروجين. وتتخلل بعض جزيئات البروتين 
التركيب السابق لجدار الخلية في بعض المواضع وهي قد تبرز خارج الخلية؛ 
أو قد تمر خلال الجدار كله وتبرز منه نحو الداخل والخارج معا. 

وتكرك بهريتاف البروفيفات داخل عداو اللخلية مليها؟لشاعنية الطبيعية 
التي سبق ذكرهاء وهي مثل جزيئات الفوسفولبيدات, لا يبرز منها في الماء 


09 





جدارالخلية الحية البروتين 


خارج أو داخل الخلية إلا الأجزاء التى تحمل شحنة كهربائية والمحبة للماء. 
أما بقية جزئّ البروتين غير المشحونة فهي كارهة للماء؛ ويبقى وسط الجدار 
بين السلاسل الهدر وكربونية لجزيئات الفوسفولبيدات. 

ويتبين من ذلك أن جدار الخلية يتكون من مئّات من الجزيئات المتراصة 
التي تحتشد بجوار بعضها البعض دون أن يربطها رباط كيميائي. ولا يعني 
هذا أن جدار الخلية ضعيف التكوين: بل هو متماسك بدرجة كافية نتيجة 
لقوى التجاذب القائمة بين هذه الجزيئات وكذلك نتيجة لقوى التجاذب بين 
روؤسها الفسفورية وبين جزيئات الماء الموجود داخل الخلية وخارجها. 

وتلعب جزيئّات البر وتينات التي تتخلل جدار الخلية دورا فعالا في 
نشاط الخلية: فهى تستقبل أنواعا مختلفة من الجزيكات والهرمونات وبعض 
الأيونات, وتعمل كقنوات تساعد على عمليات التبادل بين السيتوبلازم داخل 
الخلية؛ وبين الوسط المائي الواقع خارجها. كذلك تلعب جزيئات البروتين 
البارزة على السطح الخارجي للجدار دورا هاما في عمليات الدفاع والأمن 
داخل جسد الكائن الحى.؛ وهى تسمى العلامات الجزئية التى تميز خلايا 
الكائن الحي من غيرها من الخلايا الدخيلة: وبذلك تساعد الأجسام المضادة 
على التعرف على خلايا جسدها فتتركها وتهاجم الخلايا الدخيلة الأخرى 
وتشبه هذه الجزيئات بذلك العوامات المضيئة التي تطفو على سطح البحر 


70 


الخليه الحيه 


فى مداخل اتواتع ليلا ليتاية النيذى إلى مدانخل اليتاد وبالترظه مين ان 
جمار فكي بتكرووسن حرو هوك اه لاارا معدي قيناء لالد فده الجد ران 
تكفي لحفظ حدود كل خلية والاحتفاظ بشخصيتهاء فهذه الجدران تمنع 
انتقال السوائل بحرية مطلقة داخل جسد الكائن الحي» وتشيه هذه الجدران 
تلك التقسيمات التي تقام في باطن ناقلات البترول لتقسيمها إلى عناير 
صغيرة حتى لا تتحرك حمولتها من البترول بحرية مطلقة تحت تأثير 
أمواج البحر. كذلك تساعد هذه الجدران على التحكم فئ أنواع الجزيئّات 
التي تدخل كل خلية أو تغادرهاء وهي بذلك تساعد بطريقة غير مباشرة 
على تخصص الخلايا الذى نشاهده فى الحيوانات العليا وفى الإنسان. 

وللخلية الحية نواة مستديرة الشكل تقرييا تقع في وسط الخلية ويحيط 
يها اللميتويالؤك به كل حاف ودر القزاتسين اهم مكرناك الخلية الحية 
فهى المسئولة عن حياة الخلية وانقسامها وتكاثرها. ولو أننا قسمنا إحدى 
هذه الخلايا إلى نصفين. لوجدنا أن النصف الخالى من النواة يفقد القدرة 
على الانقسام ويموت بعد فترة من الزمن: بينما يستمر النصف الآخر 
المحتوي على النواة في أداء وظائفه المعتادة. 

وتحتوي النواة علئ أجسام صغيرة تعرف يباسم الكروموسومات 
(الصيغيات) وهى تلك الأدوات الخاصة يحمل جميع العوامل الوراثية التى 
تحدد الصفات المميزة لكل كائن حي. ويتكون كل كر وموسوم من غلاف من 
الاروقية رحد وز كله بس خمااة تير دن اهم الحزيكاك المضوية الذي 
توجد بجسم الكائن الحي. ويعرف باسم حمض ديزوكس رايبوز النووي, 
ويرمز له بالرمز 14ااط «دينا». وهو الذي يحمل الرسائل أو الوحدات الوراثية 
التى تعرف باسم «الجينات». وتحتوي أغلب النوى على نوات صغيرة هى 
عبارة عن تجمعات من حمض نووي آخر يعرف باسم حمض رايبوز النووي 
ونومز له واترمق خللا وف اللسكرل كن تخليق البر وتيكات ظيها الف < 
التى يحملها . وهكذا فإن كل خلية فى جسد الكائن الحى تعتبر عالما قائما 
بذاته. له شخصيته وله وظيفته الخاصة في بعض الأحيان: وتعج كل خلية 
من خلايا الكائن الحى بالنشاط والضجيج الكيميائى؛ وتلعب كل من هذه 
اللخلذيا دورها المرهوم بكل وق وعثاية بر يتشكل من مجمرغ لاطاتها فن 
نهاية الأمر الشكل النهائى للكائن الحى. 


7 


مفردات اللغة الكبميائية 
في الخليية الحية 


تتعامل الخلية الحية أثناء القيام بوظائفها 
الحيوية مع مئات من أصناف وأنواع الجزيئثات 
الكيميائية التي تتباين في تركيبها وفي وظائفها. 
وتسبح هذه الجزيئات في ذلك السائل الهلامي 
المسمى بالسيتوبلازم والذي يملأ الخلية الحية, 
وهو المسئول عن كل النشاط الحيوي في جسد 
الكائن الحي؛ ففيه تحدث جميع التغيرات الكيميائية 
التي تؤدي إلى هضم الطعام والنشاط العضلي 
وعمليات الأمن والدفاع وغيرها من الوظائف 
الحوونة: 

والماء هو الوسط الذي تتم فيه كل التفاعلات 
الكيميائية داخل الخلية؛ وهو يكون حوالي 90-60/: 
من السيتوبلازم: وهو يمتلىء بأصناف متعددة من 
المواد الكيمياتية, مثل الأملاح المعدنية؛ فهناك اتزان 
دقيق بين أيونات الكلسيوم وأيونات الصوديوم 
والبوتاسيوم والمغنيسيوم. وتوجد هذه الأملاح في 
البروتوبلازم بنسبة وجودها في ماء البحر تقريباء 
واستخده بعض علماء البيولوحيا هذه الملاحظة 
في القول بأن الحياة بصفة عامة قد نشأت في 


13 


لغه الكيمياء 


البحار والمحيطات. ولكل من هذه الأملاح أو الأيونات مهامه الخاصة في 
الخلية» فأيونات الصوديوم تساعد على ضبط عملية انتشار المواد خلال 
جدار الخلية؛ وأيونات البوتاسيوم تساعد على توصيل النبضات العصبية 
وعلى تقلص العضلات وأيونات الكلسيوم تسرع في عمل الأنزيمات وهكذا . 
ويمكن تقسيم المواد العضوية المساندة للحياة؛ والتي توجد في الخلية 
الحية وتساهم بقدر كبير في نشاطها الحيويء إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي 
الدهون والكريوهيدرات والير وثينات: وتستحق منا هذه الأقسام الثلاث 
وقفة قصيرة لأنها تمثل أهم مفردات لغة الكيمياء في الجسد الحي. 


ا لد هون : 

الدهون مركبات بسيطة تتكون باتحاد بعض الأحماض العضوية ذات 
السلاسل الطويلة مع الجليسرين. وبعض هذه الدهون لا يذوب في الماء؛ 
ولذلك تبقى منتشرة في بروتوبلازم الخلية على هيئة قطرات صغيرة الحجم. 
وقد ترتبط بعض هذه الدهون بذرات بعض العناصر الأخرى مثل الفوسفور 
والنتروجين كما سبق أن رأينا في حالة جدار الخلية الحية. وتساعد مثل 
هذه المجموعات على ارتباط جزيئات الدهن بجزيئات الماء. وتجعلها أكثر 
قدرة على الاختلاط بما حولها من سوائل. وتعتبر الدهون مصدرا هاما من 
مصادر الطاقة في الخلية الحية؛ فعندما تتأكسد يتحول ما بها من ذرات 
الكربون إلى ثاني أكسيد الكربون؛ ويتحول ما بها من هيدروجين إلى الما 
وينتج من هذه الأكسدة قدر كبير من الطاقة؛ أكبر مما تعطيه المواد الأخرى 
الموجودة بالسيتوبلازم. وتتم عملية الأكسدة في الخلية ببطء كبير. وتخزن 
الدهون في أنسجة خاصة لاستخدامها عند الحاجة. 


الكر بو هدرات: 

الكربوهدرات مواد عضوية تتكون من عناصر الكربون والهيدروجين 
والآكسجينء ويوجد بها العنصران الأخيران بنسبة وجودهما في جز الماء 
وتوجد هذه المواد الكربوهدراتية على أشكال متعددة؛ مثل الجلوكوز (سكر 
العنب) والفركتوز (سكر الفاكهة). والسكروز وهو سكر القصب الذي 
نستخدمه كل يوم. وقد تتحد بعض جزيئات الكربوهدرات البسيطة السابقة 


1 4 


مفردات اللغه الكيميائيه فى الخليه الحيه 


لتكون جزيئات اكبر منها لا تقبل الذوبان في الماء مثل النشا الذي يوجد في 
درنات بعض النباتات أو السلولوز الذي يكون جدران الخلايا النباتية ويعطي 
النبات شكله العام. ا 

وبخلاف النشا النباتي الذي يملأ درنات البطاطس أو حبات القمح., 
فهناك نوع آخر من النشا الحيواني يعرف باسم «الجليكوجين» وينتشر في 
خلايا الكبد وخلايا العضلات؛ ويعتبر مصدرا رئيسيا من مصادر الطاقة 
في الكائن الحي. وهناك فرد من أفراد هذه المجموعة ذو أهمية خاصة, 
ويسمى بسكر الرايبوزء وهو يتحد مع الفوسفور ومع بعض الامينات العضوية 
ليعطي تلك الجزيئات الهامة المعروفة باسم الأحماض النووية والتي تعرف 
باسم 278: 8714 «على هيئة ديزوكسي رايبوز». وهي الجزيئات العملاقة 
التي توجد بنوى الخلايا وتحمل الصفات الوراثية في الكائن الحي. 


البر وتينات: 

ربما كانت جزيئات البر وتينات التي يجري تصنيعها في الخلية الحية 
من أهم مفردات اللغة الكيميائية السائدة في هذه التخلذنا . والبر وتينات 
جزيئات عضوية عملاقة تتكون من مئات من ذرات الكربون والهيدروجين 
والنيتروجين والآكسجين. وأهمية البر وتينات في أنها تكون أكثر من نصف 
المواد الصلبة التي يتكون منها جسم الإنسان. وبجانب كونها أداة هامة 
للحركة حيث تتكون منها أنسجة العضلات؛ فهي تقوم بعديد من العمليات 
الحيوية الأساسية. فهي تشارك في عمليات الهدم والبناء. كما أنها تتولى 
عمليات الدفاع الحيوي داخل جسد الكائن الحي. 

وتتكون البر وتينات باتحاد نوع من الأحماض العضوية يعرف باسم 
الأحماض الأآمينية. ويوجد من هذه الأحماض الأمينية عشرون نوعاء وهي 
تتميز جميعا بوجود مجموعة قاعدية في جزيئاتها بالإضافة إلى المجموعة 
الحمضية المميزة اللسبيطن و قشف برد الأحماض الأمينية إلا في تركيب 
المجموعة المتصلة بهاتين المجموعتين. ويتم الاتحاد بين الأحماض الأمينية 
لتكوين سلسلة طويلة تتفرع منها المجموعات الجانبية؛ وعلى ذلك فقان جميع 
البر وتينات تحتوي جزيئاتها على نفس السلسلة ولكنها تختلف فقط في 
المجموعات الجانبية المتصلة بهذه السلاسل من بروتين لآخر. 


15 


11 11 
١ ١‏ 
جد ... + 00011 - 0 - 1م11 + 00011 - 0 - للر11 + .. 
1 1 
1 2 


المجموعة الجانبية 201 3 ا ا وو عو م 5ع 
سلسلة البروتين ل ١‏ 5 ا 0-0 ا | | 
- 20 - © - 017111© - 011 - 01111 - 01 - 11137 - 


جزئ البروتين 


ويمكننا أن نتصور الاحتمالات الهائلة التي تنشأ عن اتحاد عشرين 
حمضا أمينيا مختلفا مع بعضها البعض لتكوين مثل هذه السلاسل البروتينية. 
ويمكن تشبيه الأحماض الأمينية فى هذه الحالة بحروف اللغة» والسلاسل 
البروتفية بالغلمات: او الجيل :كبا اطي أن نكوى ااغير ادا عاكلة بين 
الكلمات والجمل من عدد محدود جدا من الأحرفء. فإننا نستطيع كذلك أن 
نكون آلافا من هذه السلاسل البروتينية باتحاد الأحماض الأمينية بمجرد 
التغيير في ترتيب وحدات هذه الأحماض على طول السلسلة. 

وعلى ذلك فإن الاختلاف الحقيقي بين بروتين وآخر يعتمد على شيئين: 
الأول منهما يتعلق بنوع الأحماض الأمينية الداخلة في تركيب هذه السلسلة. 
والثاني يعتمد على الترتيب الذي تتخذه هذه الأحماض داخل السلسلة. 
ويمكن تبسيط هذه الحقيقة بالشكل التالي: 


جزئى بروتين ١‏ 08 
جزئ بروتين آخر 1 | | 


710 


مفردات اللغه الكيميائيه فى الخليه الحيه 


وهذا التنوع فى ترتيب وحدات الأحماض الأمينية على طول السلسلة 
البروتينية يعطى أعدادا هائلة من البر وتينات المتنوعة التى يختلف كل منها 
عن الآخر في خواص ونشاطهء وبذلك يمكن القول بأن كل نوع من الخلايا 
فالبروتينيات التى تصنعها خلايا الرئة تختلف عن البروتينيات الموجودة 
بخلايا الكلية أو بالخلايا العضلية. ويبدو من ذلك أن كل خلية تصمم بر 
وتيناتها بشكل خاص يتفق مع الغرض المطلوب منهاء ويشبه ذلك اختلاف 
أدوات النجار أو الصانع مثل المطرقة والكماشة والمفك والمنشارء فهي جميعا 
تصنع من نفس المادة» ولكن كلا منها قد صمم لأداء مهمة خاصة. 

وقد تحتوي سلسلة البروتين على ألف وحدة أو اكثر من وحدات الأحماض 
الأمينية» ولهذا لا تبقى هذه السلاسل الطويلة منبسطة على الدوام: بل إن 
أغلب السلاسل البروتينية قشي وظتف حول نقسها غلى هيكة لولب أو 
حلزون. 

ويحدث هذا الانثتاء والالتفاف فى سلاسل الجزيئات اليروتينية نتيجة 
للتجاذب الذي يحدث بين مجموعات الببتيد المكونة لها فيحدث نوعا من 
التنافس بين ذرات الأكسجين وذرات النتروجين فى الإمساك بذرات 
الهيدروجين. مما يؤدي إلى التقارب بين مكونات السلسلة البروتينية واتخاذها 
ذلك الشكل الحلزوني. 

ويطلق على ذلك التنافس بين الذرات للامساك بالهيدروجين اسم الرباط 
الهيدروجيني: ورغم ضعف هذا الرياط بالنسبة لأنواع الروابظ الأخرى 
التى تقوم بين الذرات. حيث لا تزيد إلا عدة مرات على الطاقة اللازمة 
للتذبذب الحراري للجزيئات فى درجة حرارة الغرفة,. إلا أن تكرار هذا 
الرباط أو آلاف المرات يجعله شيئًا محسوسا ويؤدي إلى شدة التماسك بين 
أطراف السلسلة. 

ويتضح من هذا التنوع الهائل في تركيب الجزيئات البروتينية: أن كل 
خلية لها بروتيناتها وأن كل كائن حي له تراكيبه الخاصة به؛ ومع ذلك فققد 
تبين من بعض البحوث الحديثة. أن خلايا الأنسجة المتشابهة فى الحيوانات 
المختلفة لها نوع من الميل بعضها إلى بعضء فقد أمكن وضع أنسجة من كلية 


717 





هجينا جديدا أطلق عليه اسم «الأنسجة الكاذية» «5ع1ا100]1551ء25)». 
ولااشك ان شكل عله التجازب كر ضيه القع يروما :ا اسلن الأنساة: 
الحيوانات الأخرى: 


718 


الأنزيمات 


الإنزيمات إحدى المفردات الهامة في لغة 
الكيمياء داخل جسد الكائن الحي. وهي تساعد 
على ترجمة الأواهر الضادرة في الخلية إلى :واقع 
ملموس وهي المسئولة عن كل عمليات الهدم والبناء 
التي تقوم بها الأجسام الحية. 

وتعتينالظريقة التي تسريه الخاية تا ماتيا 
الكيميائية في يسر ودقة إحدى الظواهر التي طالما 
اكأوت إعجاب علبا الكسياي شبن سروف أن 
تثل هذه التماعلات اعفد القن فنع سيول كامة 
هن البخلايا الحية لاحعدث حارج الخاذيا هي 
المعامل إلا في ين شديد: وتحتاج إلى طاقة عالية 
تستلزم رفع درجة الحرارة إلى حدود تزيد كثيرا 
على درجة الحرارة السائدة فى هذه الخلايا. 

وك اتكم كيبا يسن آق الهاايا العية لا كتدفا 
إك كلهنذا الجهد لاثمام عملياها الحيوية: ذهي 
تقوم يكستيعأدواتها النخاضة الحروقة يايهم 
الأنزيمات. وهي التي تعمل كعوامل مساعدة وتنجز 
كل أعمالها في يسر ودقة. والعامل المساعد مادة 
نشيطة تساعد على دفع التفاعل الكيميائي إلى 
نياك وتكنيا لاشبكل فى هذا الكتام ليل تيقي 
ثابتة دون تغير عند ثهاية هذا التفاعل. 


70 


لغه الكيمياء 


وتشبه الأنزيمات العوامل الكيميائية المساعدة في هذا الشأن فهي لا 
تدخل في التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الخلاياء ولكنها تعمل على 
بدء هذه التفاعلات وإنهاتها دون أن تفقد شيئًا من تركيبها. والأنزيمات 
جزيئات من البروتين محددة التركيب تقوم الخلية الحية بتصنيعها طبقا 
لنمط معين كما سنرى فيما بعد. ويحدد تتابع الآحماض الأآمينية في جزئّ 
الأنزيم وظيفة هذا الأنزيم» وينبني على ذلك أن لكل أنزيم تصنعه الخلية 
وظيفة بعينها لا يحيد عنهاء ولا يدخل هذا الأنزيم في أي تفاعل آخر كما 
لا يتدخل في عمل غيره من الأنزيمات. 

وهذه النوعية الشديدة هي أهم ما يميز جميع الأصناف الكيميائية 
المتنوعة داخل الخلية؛ فلكل منها مهامه ووظيفته المحددة: ولا شك أن هذا 
يضفي على أعمال الخلية الحية نوعا من الدقة لا يتوفر لغيرهاء ويؤدي إلى 
سلاسة اللغة الكيمياتية السائدة بها. ويمكننا أن نتصور الأعداد الهائلة من 
الأنزيمات التي تصنعها الخلية وتسبح في السيتوبلازم: إذا علمنا أن هناك 
مئات من التفاعلات الكيميائية التي تجري كل دفيقة في هذه الخلاياء ولنا 
أن نتصور ذلك النظام الرائع الذي يحكم مثل هذه التفاعلات. 

ويعتبر السائل الذي يملأ الخلية منطقة خطرة بالنسبة لأي دخيل؛ فلا 
بد أن تعترضه بعض الكريات الصغيرة التي تطوف بالسيتوبلازم وتنتشر 
في أرجاء الخلية. وتمتلئ هذه الكريات ببعض الأنزيمات المحللة التي تستطيع 
أن تحلل وتهضم عمليا كل شيء؛ وهي تقوم بحراسة الخلية من الدخلاء 
كما تقوم بتنظيفها من كل الأشياء غير المرغوب فيهاء مثل الأجزاء الخلوية 
التالفة وبقايا الأنزيمات المستهلكة وبعض النواتج الثانوية الضارة؛ وهذه 
العملية بالغة الآهمية بالنسبة للنمو الصحي للخلية وللجسم الحي. 

وقد كان العالم البريطاني الكسندر فليمنج هو أول من اكتشف أحد 
هذه الأنزيمات فقد كان مصابا بنوبة برد. وهداه تفكيره العلمي إلى أن 
يضع بضع قطرات من السائل المخاطي الذي يتساقط من أنفه في طبق من 
الزجاج يحتوي على مزرعة من البكترياء ثم وضع هذا الطبق جانبا فترة من 
الزمان كي يرى نتيجة هذه التجربة. وقد دهش فليمنج عندما لاحظ أن 
البكتريا المحيطة بقطرات السائل المخاطي قد بدأت في التحلل والذوبان 
بمرور الوقت: وتصور في الحال أنه على وشك اكتشاف مضاد حيوي جديد 


الأنزيمات 


يستطيع إبادة كل أنواع البكتريا على الإطلاق. 

وقد خاب ظن قليمنج بعد أن علم أن الفعل المضاد للبكتريا كان في 
الحقيقة نتيجة لوجود أحد الأنزيمات في المخاطء وان لهذا الأنزيم قدرة 
على إذابة وتحليل خلايا البكتريا وسمي فيما بعد «لايسوزايم» أو الأنزيم 
المحلل. وقد أدرك فليمنج أن هذا الأنزيم لا يصلح لإبادة كل أنواع البكتيرياء 
الحيوي الهام الذي عرف فيما بعد باسم البنسلين. ويعتبر اكتشاف أنزيم 
اللايسوزايم من الاكتشافات العلمية الهامة فقد تبين وجوده في كثير من 
أنسجة الجسم الحي,» كلما اتضح وجوده في بعص النياتات. وقد أعان 
اكتشاف هذا الأنزيم على التعرف على كثير من تفاصيل تركيب خلايا 
البكترياء كما كان أول أنزيم أمكن دراسة خواصه دراسة كاملة؛ وأمكن 
التعرف على هيئته الفراغية أو توزيع ذراته في الفراغ الثلاثي الأبعاد. 

واللايسوزايم مثل غيره من الأنزيمات: عبارة عن بروتين متوسط الحجم 
يتكون باتحاد عدة أنواع من الأحماض الأمينية؛ ويتركب جزيئه من 29! 
وحدة من وحدات هذه الأحماض التي تتتابع في سلسلته في ترتيب خاص. 
وتتصل وحدات الأحماض الأمينية في سلسلة اللايسوزايم عرضيا فيما 
بينها في أربعة أماكن عن طريق معابر يتكون كل منها من ذرتين من ذرات 
الكبريت. وذلك في الأماكن التي توجد بها وحدات الأحماض الأمينية المحتوية 
على الكبريت. 
معبر من ذرتين 


من الكبريت 


سلسلة الانزيم التي 
تتتابع فيها وحدات 


الاحماض الأمينية .ت» 





لغه الكيمياء 


ولا تتحدد خواص الأنزيم بمعرفة تركيب الكيميائي فقط. ولكن هذه 
الخواص تعتمد بشكل رئيسي على الهيئة الفراغية التي يتخذها هذا الأنزيم 
وعلى الطريقة التي تنثني بها سلسلته في الفراغ. وقد تعددت محاولات 
العلماء لدراسة الشكل العام لجزيئات البروتينات بأنواعها المختلفة. ولكن 
هذا العمل لم يكلل بالنجاح في أغلب الحالات. وتتمثل الصعوبة الحقيقية 
في صغر حجم هذه الجزيئات؛ قبالرغم من أننا نصف دائما جزيئًات 
البروتينات على أنها جزيئات ضخمة عملاقة تحتوي على آلاف الذرات. إلا 
أن هذه الجزيئات مهما كبرت في الحجم غلا يمكن رؤيتها تحت الميكروسكوب 
العادي على الإطلاق. 

ويمكننا تصور مدى صغر هذه الجزيئات إذا علمنا أن المسافة التي 
تفصل كل ذرة عما يجاورها من ذرات تقدر بحوالي ١,5‏ انجشتروم وهي 
مسافة غاية في الصغر حيث أن الانجشتروم يساوي جزءا من مائة مليون 
جزء من السنتيمتر. وإذا طبقنا ذلك على أنزيم اللايسوزايم الذي يتركب 
من 1950 ذرة لوجدنا أن طول جزيئه لا يزيد عن 40 انجشتروم فقط وذلك 
بسبب التواء سلسلته حول نفسها في الفراغ. ولا يمكن رؤية الذرات التي 
يتكون منها جزئّ اللايسوزايم بل لا يمكن حتى رؤية الجزىء نفسه تحت 
الميكروسكوب العادي حيث أن ذلك يعتمد في المقام الأول على طول الموجة 
الضوئية المستخدمة في رؤية هذا الجزىء. 

وكقاعدة عامة لا يمكن رؤية جسمين منفصلين تقل المسافة التي تفصل 
بينهما عن نصف طول الموجة الضوئية المستخدمة. وتبلغ أقصر الموجات 
الضوئية المستخدمة في الميكروسكوب العادي والتي تقع ناحية الأشعة فوق 
البنفسجية حوالي 2000 مرة قدر طول المسافة بين الذرات. ونتوقع بذلك 
ألا تنعكس هذه الموجات عند مرورها فوق الذرات الصغيرة: وبالتالي فهي 
لا تفيد في رؤية هذه الذرات أو الجزيئات الصغيرة. ولا يصلح في هذه 
الحالة إلا الأآشعة السينية التي يبلغ طول موجتها نفس طول المسافات التي 
تفصل بين الذرات على وجه التقريب. ورغم صلاحية الأشعة السينية من 
هذه الناحية إلا أنها تثير بعض المشاكل الأخرى حيث لم يمكن بعد استحداث 
وسائل خاصة مثل العدسات والمرايا يمكن عن طريقها تجميع هذه الأشعة 
بعد انعكاسها لتعطي صورة واضحة للأجسام التي تمر بها. 


الأنزيمات 


ومن المعروف أن الطريقة التي تتكون بها صور الأجسام في الميكروسكوب 
تعتمد على خطوتين رئيسيتين. الأولى: تعتمد على سقوط الموجة على 
الجسم وانعكاسها ثم انتشارها في جميع الاتجاهات, والثانية: تعتمد على 
قدرة العدسة الشيئية للميكروسكوب على تجميع هذه الإشعاعات المشتتة 
وتحويلها إلى صورة للجسم. 

ويعتمد استخدام الأشعة السينية على الخطوة الأولى اعتمادا كلياء أي 
أنه يعتمد على قدرة الجسيمات على تشتيت إشعاعاتها في جميع الاتجاهات 
ثم يسجل نموذج هذا التشتيت أو نموذج الانحرافات «ستعاادم دمناعم لاط . 
وتستخرج منه صورة للجسم يعمليات حسابية خاصة معقدة تعتمد على 
الفرق النسبي في كثافة الموجات المرتدة من أجزاء الجسم المختلفة. وتعتمد 
هذه الفتريكة البوع على كدر النحاسيات الالكتروقية الثى ماهميت ارهد 
كبير في حل كثير من المشاكل عند تعيين تركيب جزيئات البروتين. 

وبتطبيق هذه الطريقة على جزى أنزيم اللايسوزايم تبين أن سلسلته 
تلتف حول نفسها في الفراغ بإسلوب خاص بحيث تقع المجموعات الكارهة 
للماء داخل التواءات السلسلة بعيدا عن الماءء بينما تقع المجموعات المحبة 
للماء على السطح الخارجي للجزيء في مواجهة المحاليل. ويشبه الجزىء 
في هذه الحالة الخيوط التي التفت حول نفسها مرات ومرات كما يمكن 
تشبيهه بنقطة من الزيت تغطيها مجموعات قطبية محبة للماء. 

ويبدو لنا على الفور أن الهيئّة الفراغية التي يتخذها جز أنزيم 
اللايسوزايم أو التي تتخذها الأنزيمات بصفة عامة لا تحدث بطريقة 
غك انيل اتسوك ظ يا القاضية طبيدية بسزدها فدا ريعب ار كو 
المجموعات الداخلة في تركيب الأنزيم للماء ولهذا فإنه في كل مرة يتكون 
فيها جزئ الآنزيم فإنه يلتف حول نفسه بنفس الأسلوب, أي أنه يتخذ نفس 
الهيئة الفراغية على الدوام طالما ظل ترتيب وحدات الأحماض الأمينية 
ثابتا فيه. 

وتتعلق هذه الخاصية الطبيعية تعلقا كبيرا بمستوى طاقة الجزىء فالتواء 
السلسلة أو التفافها حول نفسها بحيث تصبح المجموعات الكارهة للماء 
داخل الجزىء بعيدة عن الماء يقلل من طافة التنافر بينها وبين الماء. وعلى 
هذا فإن اتخاذ جزيئات البروتين لهذه الأوضاع المذكورة يجعلها أقل طاقة 


لغه الكيمياء 


أي أكثر ثباتا. ومن المعتقد أن جزيئات الأنزيمات البروتينية تتخذ هذه 
الهيئات الفراغية الثابتة قور تكونها مما يدل على أن عملية انثناء جزيئّات 
الأنزيم والتفافها حول نفسها تتبع الخاصية الطبيعية السالفة الذكر. 

ويبدو مما سبق أن لكل أنزيم طريقته الخاصة في الالتواء حول نفسه. 
وأن هذا يعتمد على تركيب سلسلته والطريقة التي تتابع بها وحدات الأحماض 
الأمينية على طول هذه السلسلة. 

ويترتب على هذا الالتواء أن يصبح لكل أنزيم تجويف خاص ذو شكل 
وحجم محدد.ء وهو لا يتفاعل أبدا إلا مع جزيئات المواد المتفاعلة التي 
تستطيع أن تتدخل في هذا التجويف. وعند حدوث هذا التداخل تتلامس 
المادة المتفاعلة مع المواقع أو المجموعات النشيطة في جز الأنزيم ويبداً 
الفعل الكيميائي عند هذه المواضع. 

وتفسر هذه النظرية جيدا النوعية الفائقة لهذه الأنزيمات فلكل منها 
موقع نشيط واحد محدد الحجم والشكلء لا يستوعب إلا صنفا واحدا من 
الجزيئات: وبذلك ينحصر عمل الأنزيم في عملية واحدة وفي نوع واحد من 
التفاعل لا يتعداه على الدوام. 









ا 
يٍ 


ل 


تجويف الانزيم (الموقع النشيط للانزيم) 


84 


الأنزيمات 


ولا يفعل أنزيم اللايسوزيم ذو القدرة الفائتقة على تحليل خلايا البكتريا 
وتدميرها شيئًا يشذ عن هذه القاعدة. فهو يتحسس جدار خلية البكتريا 
حتى يجد مكانا في هذا الجدار يقبل التداخل في تجويفه. وهناك تقوم 
وحدات الحمض الأميني الموجودة بهذا التجويف. الذي يسمى أحيانا بالموقع 
النشيطء. بتحليل هذا الجزء من الجدارء وكأنها تقضمه لتحدث ثقبا فيه 
فتندفع محتويات خلية البكتريا إلى السوائل المحيطة بها وتموت. ولا يحدث 
أي تغيير في جزئ اللايسوزيم بعد نهاية هذا التفاعلء بل يبقى ثابتا كما 
هو وينطلق ليبحث عن بكتريا أخرى يقضمها دون ملل أو كلل. 

وهناك طائفة أخرى من الأنزيمات تتخصص في تحليل البروتينات. 
ومنها الأنزيمات الهاضمة. وهي توجد كذلك في جميع الكائنات الحية. 
ويمثل عملها هذا جزءا هاما من العمليات الحيوية التي تتم داخل الخلية 
الحية. وتقوم هذه الآنزيمات بتحليل سلاسل جزيئات البروتين إلى وحدات 
صغيرة أو إلى أحماض أمينية يمكن للجسم إعادة استخدامها بعد ذلك, 
لتكوين أنواع جديدة من البروتينات التي يحتاجها الكائن في بناء نفسه. 
وفي إجراء عملية التحلل للسلاسل البروتينية في المختبرء ويتم ذلك عادة 
بتسخين البروتين مع أحد الأحماض أو إحدى القواعد لفترة من الزمان. 

ولا يمكن للكائن الحي استخدام هذه الظروف غير المناسبة في تحليل 
سلاسل البروتينات: فرفع درجة الحرارة أو استخدام الوسط الحمضي أو 
الوسط القاعدي في هذا الشأن سيضر حتما بخلايا الكائن الحي. وسيتسبب 
في هلاكهاء ولذلك نجد أن الخلية الحية قد سلكت مسلكا مناسبا لهاء 
فاستخدمت بعض العوامل الوسيطة. وهي الأنزيمات, في هذه العمليات 
دون أن تحتاج إلى تغيير الظروف السائدة في الخلية. 

وهناك فارق آخر بين عملية تحليل السلاسل البروتينية في المختبر 
وتحليلها بواسطة الأنزيمات في الخلية الحية؛ ففي الحالة الأولى سيؤدي 
تسخين البروتين مع الأحماض أو القواعد إلى تحلل السلسلة البروتينية 
بصورة كاملة حتى تعطى أصغر الوحدات المكونة للسلسلة وهى الأحماض 
الأمينية. أما في حالة الكلية الحية فإنها تستطيع أن كته أنواعا 
متعددة من الأنزيمات: لكل منها تأثير نوعي: وبذلك يمكن أن تحلل السلسلة 
البروتينية في مواضع معينة منها دون أن تمس بقية روابط السلسلة. 


لغه الكيمياء 


ولعل من أغرب الأمور أن الأنزيمات المحللة للبروتين مثل التربسين 
والكيموتريسين. وكاربوكسي ببتيداز. هي نفسها بروتينات. ولكنها تستطيع 
أن تهاجم جزيئات البروتينات الآخرى وتحللهاء أي أن فصل هذه الآنزيمات 
يرتد إلى الجزيئات الأصلية التي ركبت منها. كذلك لنا أن نتساءل كيف 
تقوم هذه الآأنزيمات بعملها دون أن تحلل نفسها أو تدمر الخلية الحية التي 
تتكون فيها؟ 

لقد تبين أن أنزيمات البنكرياس في الإنسان يجري تخليقها من مواد 
وسيطة تعرف باسم «الزيموجين» أي مولدة الأنزيم؛ وهي مواد خاملة عديمة 
النشاط ولا أثر لها على الأنسجة التي تحتويها أو التي نشأت فيها . وعندما 
تفرز هذه الزيموجينات في الأمعاء الدقيقة, تلتقي بأنزيم خاص يحدث 
بسلسلتها البروتينية تغييرا طفيفاء فتتحول إلى أنزيمات نشيطة تبدأ عملها 
في الحال. ومن النادر أن يحل أنزيم محل آخر في عمله. فلكل أنزيم 
تجويف خاص به أو ما يسمى بالموقع النشيطء وهذا التجويف لا يتداخل 
فيه إلا جزء من السلسلة البروتينية. 

ويمكن تشبيه ذلك بما نعرفه في عالم النجارة باسم «التداخل» حيث 
يشكل كل جزء من الخشب ليتداخل في الجزء الآخر. ويمكننا تمثيل هذا 
التداخل بالشكل التالي: ا 


7-7 24 7 
للم 


سلسلة البروتين 


ومن الملاحظ أن الأنزيم (أ) لا يستطيع أن يحل محل الأنزيم (ب)؛ فلكل 
منهما مكان خاص على طول سلسلة جزيء البروتين يقبل التداخل فيه 
ويستطيع فيه أن يزاول نشاطه الكيمياتي. وإذا أردنا أن نوقف فعل أنزيم 
ماء فعلينا أن نملاً موقعه النشيط بإحدى المواد التي لا تقبل التحلل؛ وعندئن 
لا يستطيع هذا الأنزيم أن يستغل موقعه النشيط في عمليات التحليل 
المخصص لها. وتسمى مثل هذه المواد التي لها القدرة على التداخل في 


كن 


الأنزيمات 


المواقع النشيطة للأنزيمات وتوقف نشاطها بالمواد المثبطة. وقد استغلت 
هذه الظاهرة في صنع بعض غازات الأعصاب الحديثة؛ مثل مركب ثنائي 
أيزوبروبيل فلو رو فوسفات الذي يثبط فعل التربسين الموجود بالبنكرياس؛ 
ويثبط كذلك فعل أنزيم الكيموتربسين وأسيتايل كولين الناقل للنبضات 
العصبية في الجسم. 

ولا يحتوي الموقع النشيط في أغلب الأنزيمات إلا على 10 فقط من 
مجموع وحدات الأحماض الأمينية التي تتركب منها سلسلة الأنزيم. قفي 
حالة أنزيمات التربسين أو الكيموتريسين؛ نجد أن جزيئاتها تتركب من 
عدد من وحدات الأحماض الأمينية يتراوح بين 300-200 وحدة من هذه 
الوحدات. وهي تتكون في مجموعها من حوالي 5000-3000 ذرة من ذرات 
الكريون وغيرها من الذرات؛ وقد يبدو هذا العدد كبيراء ولكن هذه الأنزيمات 
تعتبر صغيرة الحجم جدا إذا قورنت بغيرها من جزيئات البروتين. 

ولا يتكون الموقع النشيط في هذه الجزيئات إلا من عدد صغير من 
وحدات الأحماض الأمينية لا يزيد على عشرين وحدة؛ فهل يعنى هذا أن 
بقية الوحدات المكونة لجزيء الأنزيم لا فائدة منها ولا داعي لمجريهاة 
وليس هذا صحيحا بالطبع: فإن وحدات الأحماض الأمينية المكزنة لجزيء 
الأنزيم والتي لا تدخل في تركيب الموقع النشيطء تمثل الهيكل الأساسي 
لجزيء الأنزيم؛ وهي التي تساعد بالتوائها والتفافها على تكوين هذا الموقع 
النشيط والتقاء الوحدات الفعالة فيه. 


67 


المنظمات الحبويه 


المتظمات الحيوية مجموعة من المواد العضوية 
تساهم بطريقة أو بأخرى مع الأنزيمات في تنظيم 
العمليات الحيوية والتفاعلات الكيميائية التي تتم 
في خلايا الكائن الحي. 

ونحن نعرف كثيرا من هذه المنظمات الحيوية 
بأسمائها الشائعة التي بتداولها الناس مثل 
الهرموتات والفيتامينات: ولكن هناك مجموعة 
أخرى من هذه المنظمات الحيوية يجهلها أغلب 
الناس مثل مركبات الكانين المنظمة لأعمال جميع 
العضلات اللاإرادية في الجسمء؛ ومنظمات النمو 
التي تدفع خلايا البويضة المخصبة إلى الانقسام 
وتنظيم نمو الكائن الحيء إلى غير ذلك من 
الجزيئات الكيميائية المتخصصة التى تلعب دورا 
هاما في حياة مختلف الكائنات. ١‏ 

وتلعب البروتينات دورا رئيسيا في إنتاج مثل 
هذه المنظمات الحيوية؛ فنجد أن لكل نوع من هذه 
المنظمات نوعا خاصا من الأنزيمات التي تساعد 
على تكوينهاء أو تؤدي إلى تنشيطهاء أو توقف عملها 
وفعلها عند اللزوم. 


إن 


مركبات الكاينين 


مركبات الكاينين هي إحدى مفردات اللغة 
الكيميائية السائدة في أنسجة الكاتنات الحية؛ وهي 
تلعب دورا هاما في العمليات الحيوية التي تتم داخل 
الخلاياء وتدفع العضلات اللاإرادية في الجسم 
إلى العمل المتواصل يوما بعد يوم. 

ولا تفرز مركبات الكاينين من غدد خاصة كما 
فى حالة الهرمونات ولكتها تسكون في أغلب الأخوان 
في الأماكن التي تحتاج إلى فعلها الكيميائي. وهي 
ل عيش :طزيات. فين سرهان ما ستعف سحلل 
بعد أن ينتهي عملها الحيوي. وقد أطلق اسم الكانين 
على نسده اللركيات لآقه وحن بالتجرية: آنها عب 
تقلص العضلاتء وانبساط الأمعاء وانقباضهاء 
ولهذا متميث ممركبات العافين أي المركبات المسببة 
للحركة. 

وتنتمي هذه المركبات إلى مجموعة البروتينات, 
فهي تتكون من تتابع من وحدات الأحماض الأمينية 
نفس الأسلوب الشع هي تكويق جريقات البروتين: 
ولكن الجزيئات في هذه الحالة تكون صغيرة نسبياء 
فبينما يتكون جزيء البروتين العادي من آلاف من 
وحدات الأحماض الأمينية؛ نجد أن جزيء الكانين 


يتكون من عدد قليل من هذه الوحدات يقل في 


9 


لغه الكيمياء 


أغلب الأحوال عن المائة. 

وقد اكتشفت مركبات الكاينين أول الأمر في أثناء إجراء بعض التجارب 
الفسيولوجية على قطع من الأمعاء الدقيقة للانسان. فعند تعليق قطعة من 
هذه الأمعاء أخذت عقب الوفاة. في محلول يماثل الدم في ملوحته وقلويته. 
ويمر به تيار من الأكسجين أخذت هذه القطعة في الانقباض والتمدد 
تلقائيا في حركة منتظمة يمكن ملاحظتها بالعين المجردة. ولم يستطع أحد 
أن يجد تفسيرا مقبولا لهذه الظاهرة حتى عام ١937‏ عندما قام بعض 
العلماء الألمان بإجراء تجرية فريدة فى هذا الشأن أدت إلى اكتشاف الطريقة 
التي تعمل بها مركبات الكاينين. ١‏ 

وفي إحدى هذه التجارب عولجت قطعة صغيرة من قولون فتران التجارب 
بقليل من مصل دم الإنسان؛ وعولجت قطعة أخرى بمستخلص الغدة اللعابية, 
كل على حدة وقد لاحظ العلماء أن قطعة القولون لم تنقبض أو تتمدد في 
كلتا الحالتين. وعندما مزج هؤلاء العلماء مصل دم الإنسان بمستخلص 
الغدة اللعابية ثم أضيف هذا المزيج فور تحضيره مباشرة إلى قطعة القولون, 
انقبضت هذه القطعة بشدة في الحال. وقد لوحظ أن هذا المزيج لا يسبب 
انقباض القولون إذا ترك جانبا لفترة قصيرة لأنه يفقد فاعليته ونشاطه 
بعد عدة دقائق من تحضيره. 

وتدل هذه التجارب على أن مزج المصل واللعاب يؤدي إلى تكوين عامل 
ما يتسبب في انقباض عضلات قطعة القولون. وقد تبين فيما بعد أن 
اللعاب يحتوي على أنزيم معين؛ وأن هذا الأنزيم يقوم باقتطاع أجزاء صغيرة 
من سلسلة أحد البروتينات الموجودة ببلازما الدم. وعند ظهور هذه الأجزاء 
الصغيرة منفردة تبدأ عملها فى الحال على هيئة جزيئات الكاينين. 

ويسكرى عسيك الإفسان على ميكاتيكية ات الدكة لمق لد ره ذاينا 
من الاتزان على الدوام. فعندما تكون هناك بالجسد عملية ما تؤدي إلى 
إطلاق أحد العوامل العالية النشاطء. نجد أن هناك عملية أخرى تطلق 
عاملا آخر يستطيع إيقاف فعل هذا العامل النشيطء إما بتحويله إلى مادة 
خاملة لا أثر لهاء وإما بتحليله تحليلا نهائياء وإلا انقلب هذا العامل النشيط 
إلى شيء شره مدمر يكتسح كل ما يقابله. 

ويفرز الجسم عديدا من هذه ال مواد التي تؤدي إلى تقليل نشاط بعض 


02 


مركبات الكاينين 


العوامل النشيطة أو وقف فعلها تماما. وهذه المواد متغايرة الأنواع. فلكل 
ا النوع. وهي غالبا ما تكون من نوع الأنزيمات 
وتطلق عليها أسماء خاصة تنتهي بالمقطع «آز» «عكه». 

ومن الملاحظ أن عملية تدمير العامل النشيط أو تحليله؛ تتم بسرعة 
هائلة: بل هي في الحقيقة تتم في الحال: وعلى هذا الأساس لا يعتبر شيئا 
مثيرا للدهشة أن نجد الدم خاليا تقريبا من مركبات الكاينين؛ وذلك لأن 
الدم يحتوي على بعض الأنزيمات التي تمنع تكوين مركبات الكاينين من 
بلازما الدم. 

وقد أمكن التعرف على تركيب بعض مركبات الكاينين؛ ومثال ذلك تلك 
المادة المسماة «براديكينين»: ومعناها بط الحركة؛ وهي تلك المادة التي 
يتسبب في تكوينها سم الثعبان وتؤدي إلى انقباض أمعاء فئران التجارب, 
والتي يمكن إطلاقها كذلك من بروتين الدم المسمى الجلوبيولين بواسطة 
أنزيم الهضم. التربسين. ويتركب البراديكينين من سلسلة من تسع وحدات 
من الأحماض الأمينية التي تترتب ترتيبا خاصا على طول السلسلة. ولو 
أننا قمنا بتحضير جزيء البراديكينين: وأضفنا الى سلسلته وحدة جديدة 
من وحدات الأحماض الأمينية لتغيرت صفاته كل التغيير»ء بينما لو رفعنا 
إحدى وحدات الأحماض الأمينية من سلسلته وتركنا الوحدات الثمانية 
الأخرى. لحصلنا على مادة عديمة النشاط ولا أثر لها على الإطلاق. 

ويتضح لنا من ذلك أن ترتيب وحدات الأحماض الأمينية في جزئّ هذه 
المادة يمثل رسالة معينة وتؤدي غرضا محدداء كما تدل على أن أنسجة 
الجسم المختلفة, التي قد تستجيب لمادة ما ولا تستجيب لأخرى. لها القدرة 
على قراءة هذه الرسائل والعمل بمقتضاها بكل دقة. 

ولا تؤث امجركيات الكاينين في جميع عضلات الجسم ولكن أغلب 
العضلات التي تستجيب لهذه المركبات هي من النوع المعروف باسم العضالات 
الافإرادية مث الضالؤت التي تتحكم في الأجزاء المجوفة من الجسم مثل 
الأمعاء والأوردة والشرايين. وقنوات القصبة الهوائية في الرتتين والقنوات 
التي يجري فيها البول. كذلك تؤدي بعض هذه المركبات إلى نفاذ الدم خلال 
جدران الشعيرات الدموية وبذلك يستخدمها الجسم في دفع الدم في 
الأماكن التي تعمل بصفة دائمة أو تعمل بكثرة. مثل عضلات جدران الأمعاء 


ان 


لغه الكيمياء 


وبعض الغدد التي تعمل بشكل متواصل. 

ومن المعتقد أن بعض مركبات الكاينين تفرز في حالات الحساسية أو 
عند الإصابة بالارتكاريا أو في حالات الريئ ولا شك أذيا تساهم إلى حد 
كبير في أعراض مثل هذه الأمراض. وعند الإصابة بالحروق أو الكدمات, 
يتورم الجلد في الأماكن المصابة؛. ويعزى ذلك إلى زيادة نفاذية الأوعية 
الدموية في هذه الأماكن بتأثير بعض مركبات الكاينين؛ مما يسمح للأجسام 
المضادة وكريات الدم البيضاء؛ وكلاهما كبير الحجم: بالمرور خلال جدران 
الشعيرات مع الدم للمساهمة في دفع الضرر ومكافحة آثار الإصابة. 

ومن العجيب أن كل ما تستطيع أن تقوم به مركبات الكاينين» يستطيع 
أن يقوم به تقريبا مركب آخر يعرف باسم «الهستامين» والذي يفرزه الجسم 
عند الضرورة. ويبدو أن جسد الكائن الحي لديه أكثر من وسيلة لبلوغ نفس 
الهدفء (تماما مثل الرجل الذي يستخدم حزاما وحمالة لرفع سرواله). 
وفي مثل هذا الموقف لا يمكن القطع بأن أحدهما أكثر أهمية من الآخر. 

وعلى أية حال؛ تعتبر مركبات الكاينين أكثر فعالية من الهستامين. ويدل 
على ذلك استجابة الأنسجة الحية حتى للمحائيل الفائقة التخفيف من 
هذه المركبات» فتستجيب أنسجة رحم أنثى الفأر لمحلول من البراديكينين 
الذي يحتوي على جزء من عشرة آلاف مليون جزء من الجرام في السنتيمتر 
المكعب الواحد. 

وتدل بعض الدراسات الحديثة على أن هناك بعض أنواع الأدوية التي 
تنتمي إلى مجموعة مسكنات الألم وخافضات الحرارة؛ مثل الأسبرين, 
وفنيل بيوتازون؛ أو الأميدوبايرين تستطيع أن تقلل من فعل بعض مركبات 
الكاينين وأثرها القابض على القصبة الهوائية في فثران التجارب؛ غير أنها 
تكون عديمة الأثر إذا كان الهستامين هو السبب في هذه الانقباضات. 

وبالرغم من قلة معلوماتنا في هذا المجال؛ فإنه من الواضح أن مركبات 
الكاينين لها دور ما في مختلف العمليات الحيوية التي تجري في جسد 
الكائن الحيء ويكفي أنها المحرك الحقيقي وراء ذلك العمل الدائب الذي 
تقوم به العضلات اللاإرادية من ساعة إلى أخرىء. وبذلك تعتبر مركبات 
الكاينين إحدى المفردات الهامة في هذه اللغة الكيميائية التي نحن بصدد 
الحديث عنها. 


9 


الهس موذات 


تنتمي الهرمونات إلى مجموعة المنظمات 
الحيوية: وهي تلعب دورا هاما في بعض العمليات 
العيوية الكى كعرى فى جيب الكاكق الح 
والهرمونات :في اغلب الأحوال غيارة عن تكزيقات 
بروتينية صغيرة الحجم نسبياء وهي لا توجد في 
كل كان هي عسات العاكن لشي ولكديا كرد 
بواسطة أنواع خاصة من الخلايا التي تكون معا 
غددا خاصة لكل نوع من هذه الهرمونات. وهي 
تنطلق بعد ذلك في الدم الذي ينقلها إلى المواقع 
المطلوبة فيها أو تطلق مباشرة في مكان عملها . ولا 
تفرز الهرمونات من هذه الغدد بصفة مستمرة. 
ولكنها تفرز تحت بعض الظروف أو استجابة لبعض 
المؤثرات الخاصة. 

وأهم ما يميز الهرمونات نوعيتها الفائقة, أي 
أن لكل منها أثرا محدداء ووظيفة ثابتة لا يتعداها 
أبداء فالهرمون الواحد قد يؤثر تأثيرا خاصا في 
فوع ماين اللغاكيك كيدفعها إلى الدخول في 
تفاعالات بعيتها ولكنه لا يؤكر يكانا هل بعية 
الخلايا الأخرى المحيطة بهاء فتستمر هذه الخلايا 
ف سملا العتان وكانيا لاتحي بعلن الإطلاق: 
وكأن كلا منها له لغته الخاصة به. ومن أمثلة هذه 


05 


لغه الكيمياء 


الهرمونات؛ هرمون الأنسولين الذي يفرزه البنكرياسء؛ والذي يتحكم في 
عمليات التمثيل الغذائي للسكريات. 

وبالرغم من أن الآنسولين يتكون جزيئه من سلسلة بروتينية قصيرة 
نسبيا بالنسبة لجزيئات البروتين الأخرى. إلا أن جزيء الآنسولين المستخلص 
من الأبقار. يتركب جزئية من 777 ذرة مختلفة؛ منها 254 ذرة كربون: و 377 
ذرة هدروجينء و65 ذرة نتروجينء و75 ذرة أكسجين:ء و 6 ذرات من الكبريت. 
وكما في حالة البر وتينات الأخرى تنتظم هذه الذرات على هيئّة وحدات 
من الأحماض الأمينية على طول سلسلة الآنسولين: التي تحتوي على سبعة 
عشر نوعا مختلفا من هذه الوحدات يتكرر بعضها لتكوين سلسلة الأنسولين 
من 5١‏ وحدة من وحدات الأحماض الأمينية. وقد تمكن العلماء عام 955! 
من تحديد الطريقة التي تتتابع بها الأحماض الأمينية في سلسلة الأنسولين 
وتم بذلك تعيين التركيب الجزيئي لهذا الهرمون؛ وكان بذلك أول بروتين يتم 
تحديد تركيبه كاملا. 

ومن أهم أنواع الهرمونات التي تحتويها أجساد الكائنات الحية تلك 
الهرمونات المعروفة باسم هرمونات الجنسء وهي تلك المواد التي تعطي كل 
جنس صفاته المميزة. وتساعد بذلك على التفرقة بين الذكر والأنثى. ولا 
تنتمي هرمونات الجنس إلى مجموعة البر وتينات؛ ولكنها تنتمي من الناحية 
التركيبية إلى مجموعة أخرى من المركبات العضوية تعرف باسم 
«ستيرويدات» «105مه31» . 

وينتمي إلى هذه المجموعة أيضا ذلك المركب الكيميائي المعروف باسم 
«الكولسترول» وكلنا لا بد قد سمع عنه وعن الضرر الذي يحدثه إذا ترسب 
في الشرايين. وتنتمي إلى هذه المجموعة كذلك يعض ال مواد الهامة الأخرى 
مثل هرمون الكورتيزون والأحماض الصفراوية وغيرهاء ولهذا فقد لقيت 
هذه المجموعة عناية خاصة واهتماما كبيرا من علماء الكيمياء. 

وقد كان العالم الألماني «ونداوس» عام 1903 هو أول من قام بمحاولة 
جادة لمعرفة تركيب مركب الكولسترول. وقد اشترك مع ونداوس عالم آخر 
يسمى «فيلاند» وقدما معا صيغة تركيبية للكولسترول عام :١928‏ واعتبر 
هذا نصرا رائعا في مجال علم الكيمياء التركيبية منح من أجله هذان 
العالمان جائزة نوبل في الكيمياء . وربما كان من أشد الأشياء إثارة للعجب 


9 


الهرمونات 


أنه قد تبين بعد مضي أربعة أعوام فقط على هذا الاكتشافء أي في عام 
2 أن الصيغة التركيبية للكولسترول التي قدمها ونداوس وفيلاند» كانت 
صيغة خاطتة ولا تمثل التركيب الحقيقي لجزئ الكولسترول. وقد تم تعيين 
التركيب الحقيقي للكولسترول بعد ذلك على يد مجموعة من العلماء من 
بينهم فيلاند وبرنال عالم الأشعة السينية المعروفة في ذلك الوقت. 

ولا تقلل هذه الواقعة من ذلك الجهد الذي بذله كل من ونداوس وفيلاند: 
بل نحن ما زلنا نعتبرهما من رواد كيمياء الستيرويدات. ولا شك أن بحوثهما 
وأعمالهما قد أدت إلى تمهيد الطريق أمام من أتى بعدهم من العلماء. 

0 
6 


035 956 


الكولسترول 
150 

وتشبه الهرمونات الجنسية الكولسترول شبها كبيرا في التركيب؛ فهي 
تتكون مثله من نفس الحلقات وإن كانت هناك بعض الفروق الطفيفة الأخرى. 
وبالرغم من التشابه الكبير بين كل من هرمون الذكر المسمى «تستوسيترون» 
وهرمون الآنثى المسمى «أيسترون» إلا أن الآول منهما يتسبب في ظهور 
الخصائص الذكرية في الكائن الحيء بينما يؤدي الثاني إلى ظهور الصفات 
الأنثوية في الكائن الحيء ولا ندري كيف يفعل كل منهما ذلك! 


0 
02 
601 6 
0 
0 10 
هرمون الذكر هرمون الآنثى 
«تستوستيرون» «ايسترون» 


97 


لغه الكيمياء 


وربما كانت هذه الحالة؛ أحد الأمثلة الجيدة التى تبين كيف أن تغييرا 
طفينا في التركيبء:قد يؤدى إلى تفير كبير في الأثر الكيمياك للمركب أو 
في وظيفته في الكائن الحي. 

ونظرا لأهمية أفراد هذه المجموعة»؛ ومنها هرمون الكورتيزون: فقد 
قامت هناك محاولات متعددة لتحضير بعض هذه المركبات». كانت أولاها 
وأشمها محاولة تحضير الكورقيزون يطريقة التغليق الكيمياكي في المعمل, 

وقد كان للكورتيزون أهمية خاصة في الأربعينات. ففي عام 1942: وكانت 
الحرب العالمية الثانية على أشدها بين الحلفاء وبين المحور (ألمانيا-إيطاليا- 
اليابان) سرت إشاعة غامضة بين قوات سلاح طيران الحلفاء تفيد أن 
سلاح الطيران الألماني يعطي الطيارين الألمان عقارا جديدا يساعدهم على 
مقاومة نوبات الإغماء التى تصيب الطيارين عند انقضاضهم بطائراتهم 
على الأهداف. ولم يستطع الحلفاء معرفة التركيب الحقيقي لهذا العقار, 
ولاق عليه الم جركلية ول ولق اليصدى 01ه فل الكورتر رن . 
ودراسات لتحضير هذا الهرمون؛ ونجح البعض منها فعلا في تحضير قدر 
ما من الكورتيزون عن طريق فصله من كبد بعض الحيوانات. ولم تكن كمية 
الكورتيزون المحضرة بهذه الطريقة كافية؛ كما أنها كانت مرتفعة الثمن إلى 
حد كبيرء ولذلك فقد اتجه الباحثون إلى تحضيره عن طريق التخليق 
الكيميائي لزيادة الكميات المنتجة منه والتقليل من تكلفته. 

ونظرا لتعقيد تركيب جزيئات الستيرويدات فقد فكر العلماء في استخدام 
بعض المواد النباتية المشابهة للكورتيزون إلى حد ماء ووقع الاختيار على 
مادة تعرف باسم. سارمنتوجنين. توجد في بعض بدور النباتات التي تنمو 
بوكرة في جنوب أفريقيا وتمكن العالم السويسري «رايشتاين» من إجراء 
بعض التطورات في تركيب هذه المادة وتحويلها إلى الكورتيزون. وبذلك 
ينتج إلا في أجساد الحيوانات. واستخدم يعد ذلك في علاج روماتيزم 
المفاصل وغيرها من الحالات. وقد حصل «رايشتاين» على جائزة نويل في 
الكيمياء عام ١95١‏ تقديرا لجهوده في هذا المجال. 


568 


الهرمونات 


ذلك الاسم أن هذه الخلايا تصب إفرازاتها مباشرة في الدم أو في الجهاز 
اللمفاوي. ومع ذلك فهناك بعض من هذه الغددء مثل البنكرياس» تصب 
إقراقها من الأشنوليق في الذم مباشرة وشدقع إقرازاتها من العصارات 
الهاضمة عبر قناة خاصة في الأمعاء. 

ويحتوي الجسم على أنواع مختلفة من الهرمونات؛ فالغدة الدرقية تحتوي 
طلى هرمون يعتوي على اليود في تركييه: كلك قنرق الحدد شوق الكلوية 
نوعا آخر من الهرمونات يعرف باسم «الأدرينالين». وتفرز هذه الغدد 
باستمرار قدرا صغيرا من الأدرينالين في تيار الدم ليتوزع في الجسم 
ويحسن أداء العضلات اللاإرادية. ويتدفق الأدرينالين في الدم عند الخوف 
أو الغضب بكميات أكبر من المعتاد. ويؤدي ذلك إلى تحسين أداء القلب 
والعضلات. وبذلك يمكن للجسم الهجوم والدفاع بطريقة أفضل. كذلك 
يتسبب هذا القدر الزائد من الأدرينالين في دفع الكبد إلى إفراز كميات 
أكبر من السكر في الدم مما يساعد على زيادة نشاط العضلات. 

والأدرينالين الموجود بالجسم يسمىء «ءدئتلهمه:0ه-1» وذلك لأن بلوراته 
ومحاليله تدير مستوى الضوء المستقطب ناحية اليسار. وعند تحضير 
الأدرينالين على صورة «6«زلههع:0-20» الذي يشبهه تماما من الناحية 
العرمياكرة ولكدهي يار مسقو الضووالستساب إلى البعيف ودف أن لاطا 
هذا النوع الأخير من الأدرينالين يقل كثيرا عن النوع الأول ويبلغ ١/12‏ من 
نشاطه على وجه التقريب. 

ويتضح من ذلك أن لكل هرمون فعلا خاصا ووظيفة بعينهاء وأن الخلية 
الحية تقوم بإعداد كل من هذه الهرمونات بطريقة خاصة تتلاءم مع وظيفته 
وهى تفعل ذلك مستخدمة نفس الوحدات الينائية المتوفرة بها من الجزيئات 
العرمياقة الصغيرة في كل حالة. 

ولا شك أن تلك الفروق الطفيفة بين كل من هرمون الذكر وهرمون 
الآأنثى وكذلك بين كل من شكلي الأدرينالين لتعد دليلا على مدى دقة لغة 
الكيمياء في أجساد الكائنات الحية. 


99 


الفيداميدات 


الفيتامينات من أهم أفراد مجموعة المنظمات 
الحيوية: فهي تلعب دورا هاما في تنظيم العمليات 
الحيوية في جسد الكائن الحيء ويؤدي النقص فيها 
في كثير من الحالات إلى اختلال نظام الجسد 
والمرض وينتهي الآمر بالوفاة. 

وقد كان البحارة هم أول من قاسى من نقص 
الفيتامينات. وذلك لأن رحلاتهم الطويلة في البحر 
كانت تستدعي بقاءهم فترة طويلة بين الماء والسماء. 
ولم يكن غذاؤهم وطعامهم متنوعا بشكل كاف. 
ويذكر التاريخ أن بعض هؤلاء البحارة كانوا يمرضون 
دون سبب معروفء وكان المرض ينتهي في أغلب 
الحالات بالوفاة. وقيل في ذلك الوقت أن البحارة 
يصابون بمرض خاص سمي الأسقربوط. وتروي 
لنا الكتب أن الرحالة الشهير«غفاسكودي جاما» فقد 
حوالي مائة رجل من رجاله بسبب هذا المرض أثناء 
رحلته الطويلة حول رأس الرجاء الصالح. كذلك 
تروي قصص مماثلة عن بحارة الرحالة «ماجلان». 
فقد تساقط منهم عدد كبير صرعى دون سبب 
معروفء وإن كان يبدو أن هناك عاملا هاما كان 
ينقص غذاء هؤلاء البحارة في رحلاتهم الطويلة. 

وقد اكتشف البحارة الإنجليز: يمحض الصدفة: 


لغه الكيمياء 


أنهم لا يصابون بهذا المرض الغريب أبدا إذا تناولوا بعضا من عصير الليمون 
على فترات أثناء رحلاتهم الطويلة. وأصبح تناول هذا العصير شيئًا مقدسا 
على السفن البريطانية منن ذلك الحين. 

وقد تمكن الكيميائي البولندي «كازيمير فقونك» ملصن عتستفةن» عام 
2 من فصل العامل المضاد لمرض البري بري من قشرة حبة الآرزء وأطلق 
عليه اسم «فيتامين» مشتقا النصف الأول من هذا الاسم من لفظ الحياة, 
وأطلق هذا الاسم بعد ذلك على جميع هذه العوامل الحيوية التي يجب 
توفرها في الغذاء. ولعدة سنوات طوالء لم يكن يعرف إلا نوعان من هذه 
الفيتامينات هماء ذلك الفيتامين الذي يشفي أمراض العيون وسمي «فيتامين 
أ و«فيتامين ب» الذي يشفي مرض البري بريء وبتقدم العلم في هذا 
الميدان أمكن اكتشاف أنواع أخرى من الفيتامينات سميت بالأحرف الهجائية 
مثل «أ» «ب» «جه. 

ويمكننا اللآن أن نشتري هذه الفيتامينات من الصيدليات إذا أردنا ذلك 
أو إذا كان غذاؤنا لسبب من الأسباب لا يحتوي على الكفاية منهاء إلا أنه 
من الأفضل دائما أن نعتمد على الغذاء الطبيعي كمصدر للفيتامينات لأسباب 
متعددة أهمها أن الغذاء الطبيعي قد يحتوي على أكثر من فيتامين واحد, 
بجانب الأملاح والأحماض العضوية وغيرها من المواد الهامة للجسم. 
وبالرغم من أن كل الفيتامينات يرمز لها بحروف الهجاء. إلا أن هناك 
اتجاها حديثا لتسميتها بأسماء خاصة:؛ فيعرف الآن فيتامين ب باسم 
الثيامين. وفيتامين ب 2 باسم رايبوغلافين وهكذا . 

ولا يحتاج جسد الكائن الحي إلا لقدر ضئيل جدا من الفيتامينات. وهي 
لا تدخل في كل العمليات الحيوية بالخلية الحية. ولكن كل منها يتخصص 
في عمل ما لا يحيد عنه. وتقدر كمية الفيتامين التي يحتاج إليها الجسم 
بعدة وحداتء فهي إما أن تقاس بالمليجرامات (جزء من ألف جزء من 
الجرام) أو بالميكروجرام (جزء من مليون جزء من الجرام) أو بالوحدات 
الدولية التي يساوي كل منها ١/40‏ من الميكروجرام. 

فيتامين أ: يتركب جزئ فيتامين «أ» من عشرين ذرة من ذرات الكربون 
وهو ضروري لنمو الجسم نموا صحيحاء كما أنه هام جدا بالنسبة لسلامة 
وصحة الخلايا المكونة للجلد والخلايا المغطية لكل تجاويف الجسم من 


الفيتامينات 


الداخل. ويعاون فيتامين «أ» العين على استقبال الضوءء؛ ويتسبب النقص 
فيه في عدم قدرة المرء على الرؤية الجيدة ليلاء فسائق السيارة قد يبهره 
ضوء السيارة المقبلة من الناحية الأخرى من الطريق ليلا؛ ولكنه يستطيع أن 
يرى الطريق جيدا بعد أن تمر هذه العربة. أما إذا كان هذا السائق مصابا 
بنقص في فيتامين «أ». فإنه لن يستطيع أن يرى أمامه إلا عدة أمتار من 
الطريق فقط بعد أن تمر السيارة الأخرى وتعرف هذه الظاهرة باسم 
العشى الليلي. 

ويوجد فيتامين «أ» في زيت كبد الحوت وفي الزبد والجبن واللبن 
والقشدة؛ كما يوجد على هيئة مركب الكار وتين الذي يتحول إلى فيتامين 
«أ» في الجسم. في كثير من الخضر وات وفي الجزر والسبانخ والطماطم, 
وفي المشمش والخوخ والموز. وغالبا ما يكون النقص في فيتامين «أ» ناتجا 
عن عدم قدرة الجسد على امتصاص الفيتامين. وذلك بسبب المرض أو 
غيره من الأسباب. 

والكمية المطلوية من فيتامين «أ» للاحتفاظ بالصحة الجيدة لا تزيد 
على 5000 وحدة دولية في اليوم. وتتسبب الزيادة في فيتامين «أ» في الشعور 
بالصداع والغثيان؛ والإصابة بالحساسية وتضخم الكبد والطحال؛ وسقوط 
الشعرء وأحيانا تعويق النمو في الأطفال. وقد لوحظت بعض هذه الأعراض 
الغريبة على أغضاء إحدى بعثاث الاستكشاف القطبية: فقد أصيبوا جميعا 
بالصداع والدوخة والغثيان والإسهال بعد تناولهم كبد الدب القطبي وهو 
غني جدا بهذا الفيتامين. 

هيتامين ب اكركي+ عيازة عن مجموقة من الفيقامينات الى تعيل الذوبان 
في الماء. وتختلف فيتامينات هذه المجموعة في التركيب الكيميائي؛ ولكنها 
تتشابه في وظائفها في الجسد الحيء وتوجد معا في كثير من المواد الغذائية. 
ويقع تحت هذه المجموعة؛ الثيامين (فيتامين ب١)‏ والرايبوفلافين (ب2) 
والنياسين (حمض النيكوتين)؛ والبيريدوكسين (ب6).: وحمض بانتوثينيك, 
وبيوتين» وحمض الفوليكء وسبانوكوبالامين (ب12). 

الثيامين: فيتامين (ب١).‏ يوجد مختزنا في الكبد؛ ويساعد على النمو 
السليم»؛ وعلى سلامة عمل الأنسجة العصبية. وينتج عن نقص هذا الفيتامين 
مرض البري بري. ومن مظاهره الشعور بالإرهاق. وفقدان الشهية, 


لغه الكيمياء 


واضطراب الهضم. والهزالء وقد ينتهي الأمر بالإصابة بالشلل والوفاة. 
ويوجد هذا الفيتامين في بعض البقول مثل البسلة والفاصولياء والفول 
السوداني, وتعتبر قشور الأرز وقشور القمح (الردة) من المصادر الغنية 
بالثيامين. وينتشر النقص في هذا الفيتامين بين سكان بلاد الشرق الأقصى, 

وقد اعتقد البعض أن تناول الثيامين يمنع البعوض من لدغ الإنسان؛ 
وليس هذا صحيحا بالطبع. وربما كان السبب في هذا الاعتقاد أن الذين 
تلتهب جلودهم من لدغ البعوضء. يستريحون كثيرا عند تناول هذا الفيتامين. 
والكمية اللازمة يوميا من الثيامين لا تزيد على 2, ١‏ مليجرام. 

الرايبوفلافين: فيتامين «ب 2». تكمن أهمية هذا الفيتامين في أنه يكون 
جزءا هاما من أحد الأنزيمات التي توجد في كل خلايا جسم الإنسان؛ 
والذي له علاقة كبيرة بتنفس الخلايا . ومصادر هذا الفيتامين متعددة؛ فهو 
يوجد في الكبد. وفي البيض وفي البقول والطماطم وبعض أنواع الفاكهة. 
ويختزن الرايبوفلافين في الكبد وفي الكلية. ويتسبب النقص فيه. في 
ضعف نمو الأطفال؛ وتشقق الجلد حول الفمء وتورم اللسانء وازدواج الرؤية, 
كما يتسبب في تعرض الجلد لبعض الأمراض الجلدية الضارة. والكمية 
اللازمة لصحة الجسم 1:7 مليجراء فى اليوم: 

النياسين: يعرف كذلك باسم حمض النيكوتين؛ وهو من مجموعة فيتامين 
«ب» المركب. ويدخل هذا الفيتامين في نظام الأنزيمات التي تنقل الهيدروجين 
في الخلايا الحية وهي عملية هامة من عمليات النشاط الحيوي في الخلية. 
ويؤدي نقص النياسين بالجسم إلى مرض البلاجراء وهو ينتشر بين سكان 
البلاد الذين يعيشون على الدقيق الأبيض والأرز المبيض. وينتج عن ذلك 
احمرار الجلد. ونقص في وزن الجسم. وحدوث إسهال وظهور بعض 
الاضطرابات العقلية على المريض. وقد يؤدي عدم علاج المريض إلى حدوث 
الجنون ثم الوفاة. 

ويوجد النياسين في اللحم الأحمر والكبد والخميرة واللبن والبيض 
وفي بعض البقول. كذلك يمكن الحصول عليه من السمك. فكل 250 جم من 
الجسم أن يحول هده المادة الأخيرة إلى 715 مليجرام من النياسين. ولهدا 


104 


الفيتامينات 


السبب فإن من يتغذون على الأسماك لا يعانون نقصا في الفيتامين على 
الإطلاق. والكمية اللازمة من النياسين يوميا حوالي 5 مليجرامات. تزيد 
إلى ١9‏ مليجرام بالنسبة للأفراد الذين يبذلون جهدا كبيرا في أعمالهم. 
البيريدوكسين: فيتامين «ب6». يشبه هذا الفيتامين في عمله بقية أعضاء 
مجموعة فيتامين «ب» المركب. فهو هام لصحة الجلدء ولنسالامنة النشاط 
العصبي للكائن الحيء كما أنه له أهمية خاصة في عمليات تمثيل الأحماض 
الأمينية في الجسم وتكوين البر وتينات وغيرها. ويوجد البيريدوكسين مع 
غيره من أعضاء هذه المجموعة في الكبد والبيض والخميرة وبعض الأغذية 
المعتادة. والكمية اللازمة منه يوميا حوالي 2 مليجرام. 
حمض البانتوتنيك: أحد أعضاء مجموعة فيتامين «ب» المركب. وهو 
يوجد في جميع الأنسجة الحية؛ ولهذا أطلق عليه كلمة «بانتوثين» «معطامنصةم» 
التي تعني «في كل مكان». وتكمن أهمية هذا الفيتامين في أنه يكون جزءا 
5307 الأنزيمات ويعرف باسم «مساعد الأنزيم» 2 00 
يدخل في عديد من التفاعلات الحيوية في الخلية الحية. ويوجد حمض 
البانتوتنيك في الكبد والخميرة والبيض وفي اللحوم ومنتجات الألبان؛ وضي 
العسل الأسود والفاكهة؛ وفي جميع الأطعمة الطازجة؛ كما أنه يصنع في 
الأمعاء بواسطة البكترياء ولهذا يندر أن يصاب الفرد العادي بنقص في 
هذا الفيتامين. ا 
ويعد غذاء ملكات النحل المعروف باسم «الغذاء الملكي» من أهم مصادر 
هذا الفيتامين. ويؤدي النقص في هذا الفيتامين إلى نقص في النموء, 
والإحساس بالصداع والشعور بالغثيان» وتغير لون الشعرء كما يؤدي أحيانا 
إلى الشلل ثم الوفاة. ولا تعرف حتى الآن الكمية اللازمة يوميا لصحة 
الجسد من هذا الفيتامينء ولكن الكمية التي تعطي من هذا الفيتامين مع 
غيره من أعضاء هذه المجموعة لا تزيد عادة على عشرة مليجرامات. 
البيوتين: أحد أعضاء مجموعة فيتامين «ب» المركب؛ وسمي فترة بفيتامين 
«<8 ده»؛ ويوجد هذا الفيتامين في كثير من الأطعمة كما يتكون في الأمعاء 
بواسطة بعض أنواع البكتريا. وقد تبين أن بعض الحيوانات أو الإنسان إذا 
تغذت على زلال البيض النيئّ فترة طويلة نتجت عن ذلك أضرار كثيرة: 
منها نقص الوزن وفقد استقامة الجسم وغير ذلك من الأعراض. وقد 


لغه الكيمياء 


استطاع البيوتين أن يعالج هذه الإعراضء ولذلك سمي العامل المضاد لزلال 
البيض. ولا يحتاج الجسم من هذا الفيتامين إلا إلى قدر ضئيل جداء ولهذا 
يندر أن يشعر الإنسان بنقص في هذا الفيتامين. حمض الفوليك: أحد 
أعضاء مجموعة فيتامين «ب». المركب. وهو حمض مشتق من حمض 
الجلوتاميك. وقد سمي هذا الفيتامين بذلك الاسم لأنه اكتشف أول مرة 
في بعض التخضرايات ذال الأوراق الخضراء. حيث كلمة «فوليوم «مصسفامة» 
اللاتينية تعني ورق الشجر. ويؤدي النقص في هذا الفيتامين إلى فشل 
نخاع العظام في تكوين كريات الدم الحمراء مما يؤدي إلى الإصاية بالأنيميا. 

ويوجد حمض الفوليك في الفواكه الطازجة وفي الكبد والكلية وضي 
الخميرة. والكمية اليومية اللازمة للبالغ حوالي 50 ميكروجرام: وهو يعطي 
للمصابين بالحروق أو بالإشعاع.؛ أو المصابين بكسور في العظام: وكذلك 
للمصابين بالأنيمياء وعادة ما يضاف إليه فيتامين «ب2١»‏ في الحالة الأخيرة. 

فيتامين ب2١:‏ مركب عضوي يحتوي على فلز الكوبالت في جزئيه: 
ويعرف باسم سيانوكوبالامين. وقد تبين أن قدرا ضئيلا من هذا الفيتامين 
يكفي لعلاج مرض الأنيميا الخبيثة؛ وهذا القدر لا يزيد على جزء من مليون 
جزء من الجرام: أي ميكروجرام: واحد في اليوم؛ وعلى ذلك فإن الكمية 
المطلوبة للمحافظة على صحة الشخص البالغ من هذه المادة لا تزيد على 3 
ميكروجرام (0,003 من المليجرام) في اليوم الواحد. ويوجد هذا الفيتامين 
في الكبد واللحوم والبيض واللبن. وقد قامت إحدى الكيميائيات البريطانيات 
بتعيين التركيب الجزيئي لهذا الفيتامين. وحصلت بذلك على جائزة نوبل 
ف الكيمياء عام 1964 .. 

فيتامين «ج:< حمض الاسكوربيك. اكتشف هذا الفيتامين عام 21937 
وقد حصل مكتشفه على جائزة نوبل في ذلك العام. ويشبه هذا الفيتامين 
في تركيبه السكر (الكربوهدرات)؛ وهو يلعب دورا هاما في تكوين الأنسجة 
الضامة في الجسم وأنسجة العظام والأسنان وسلامة جدران الأوعية 
الدموية في الجسم. ويختزن هذا الفيتامين في الجسم في بعض الغددء 
مثل الغدة الكظرية؛ وكذلك في الكبد والكلية وبعض أجزاء الجسم الأخرى. 
وهو يطلق في الجسم أثناء المجهود العضلي غير العادي أو أثناء التوتر 
العصبي الشديد. 


1١ 06 


الفيتامينات 


وينتج عن نقص فيتامين «ج» الإصابة بمرض الأسقربوط حيث تتورم 
المفاصل؛ وتسبب آلاما مبرحة؛ وتتورم اللثة وتصبح الأسنان غير تابتة, 
ويصحب ذلك حدوث نزيف تحت الجلد . ويوجد فيتامين «ج» في كثير من 
الخضراوات ذات الأوراق الخضراء؛ وفي الفاكهة. خاصة الموالح» كما يوجد 
قي الكرنب والفلفل الأخضر. وتقوم كثير من الحيوانات بتكوين هذا الفيتامين 
في جسدهاء ولكن الإنسان وبعض الحيوانات الأخرى مثل القردة وفتران 
التجارب وبعض أنواع البكترياء لا تفعل ذلك؛ ولا بد لها من الحصول عليه 
عن طريق الغذاء من الخارج. 

والكمية اللازمة لصحة الإنسان تبالغ حوالي 80-30 مليجرام يوميا. 
ويتآثر فيتامين «ج» بالحرارة. فهو ينحل بالتسخين. ولهذا لا بد من حفظ 
الفاكهة والخضراوات فى الثلاجات عند تخزينها حتى لا تفقد ما بها من 
فبكامين مجه ويندل جد يرمق كيتاميق مهم عدن لمي الطفاء: خاصة 
عندما يتم ذلك في أوعية مفتوحة معرضة لأكسجين الهواء. ويمكن الاحتفاظ 
بجزء كبير من هذا الفيتامين كما هو عند استخدام أوعية الضغط في 
طهي الطعام وذلك لأن تسخين الطعام في هذه الحالة يتم بعيدا عن أكسجين 
الهواء. 

وقد ظن بعض العلماء أن تناول جرام واحد من هذا الفيتامين كل يوم؛ 
يمنع إصابة الفرد بالبرد ونزلات الزكام» ويقلل من فرص المرض بصفة 
عامة؛ وأن تناول جرعة كبيرة تبلغ عشرة جرامات في اليوم؛. قد تحسن 
كثيرا من حالة المرض بالسرطانء ولكن التجارب العلمية المتأنية التي أجريت 
في هذا المجال دلت على أن فيتامين «ج» ليست له فوائد علاجية لهذه 
الأمراطن. 

فيتامين «د:< عبارة عن مجموعة من ال مواد التي تقبل الذوبان في الدهون, 
ومنها فيتامين «د2» (ارجوكالسيفيرول).؛ وفيتامين «د3» (كوليكالسيفيرول) . 
وتوجد مجموعة فيتامين «د» في زيت كبد الحوت, وفي بعض النباتات التي 
تحتوي على مواد يمكن أن تتحول إلى هذا الفيتامين تحت تأثير الأشعة 
فوق البنفسجية: والتي تسمى عادة بمشابهات الفيتامينات «نصنسها091م» 
مثل الارجوستيرولء ونوع من مركبات الكولسترول. 

ويعتبر فيتامين «د» مضادا للكساح عند الأطفالء فهو يحافظ على 


107 


لغه الكيمياء 


توازن أيونات الكلسيوم والفوسفور في الجسم,؛ ويتسبب النقص فيه في 
الموجودة بالعظام التي لا تتحمل وزن الجسم فتنحني تحت ثقله وتتقفوس. 
وتغير شكل القفص الصدريء. وضعف العضلات العام. 

ويتأثر الكبار كذلك بنقص هذا الفيتامين؛ فيؤدي النقص فيه إلى سحب 
للكسر. والكمية اللازمة من فيتامين د لصحة الجسم تبلغ حوالي 400 وحدة 
دولية في اليوم بالنسبة للأطفال والسيدات الحواملء؛ وهي أصغر من ذلك 
بالنسبة للبالغين. ويمكن الحصول على هذا القدر من فيتامين «د» يوميا 
بتعريض الجسم للأشعة فوق البنفسجية لمدة معقولة. حيث تتحول بعض 
مشابهات الفيتامينات الموجودة تحت الجلد إلى هذا الفيتامين؛ ولهذا يندر 
أن يوجد مرض الكساح في البلاد المشمسة. والزيادة الكبيرة في كمية 
فيتامين «د»اذات أثر سيىّ غلئى صحة الإنسان؛» فهي تؤدي إلى سحب 
الأملاح من العظام. وزيادة الكلسيوم في الدم وتكوين الحصى في الكليتين؛ 
وترسب الكلسيوم في الأنسجة اللينة. 

فيتامين ك: يعرف باسم فيللوكينون. وهو مضاد للنزيف ويسبب تخثر 
الدم. وقد تم اكتشاف مشابه له سمي فارنوكينون (فيتامين ك2) عام 1943, 
وفعل هذا الفيتامين. وتوجد كميات مناسبة من هذا الفيتامين في السبانخ, 
نوع من البكتريا الموجودة بالأمعاء. ويعتبر هذا الفيتامين مسئولا عن تكوين 
مادة البروثرومبين في الكبد وهي التي تؤدي إلى تجلط الدم. 

ويندر أن يتعرض الشخص البالغ لنقص هذا الفيتامين لوجود البكتريا 
التي تكون هذا الأنزيم في أمعاته. أما الأطفال حديثو الولادة. فلا توجد 
في أمعائهم هذه البكتريا كما أن كمية الفيتامين التي يحصل عليها الطفل 
من جسد أمه قليلة جداء ولهذا يتعرض الأطفال حديثو الولادة في بعض 
الأحيان لأنواع من النزيف؛ ويمكن التغلب على ذلك بإعطاء الوليد جرعة 
صغيرة من فيتامين ك. 


الفيتامينات 


فيتامين 8: عبارة عن مجموعة من المركبات متشابهة التركيب تعرف 
باسم «توكوفيرول» «06:015م100». ويسمى هذا الفيتامين بالفيتامين المضاد 
الهم ديت كين أن التقصى كرديؤدي إلى حالات من العقم عقن المقران: 
وعدم وضول الدم إلى العضلات. ولا توجد هناك آدلة على أن هناك نقضا 
مافي هذا الفيتامين عند الإنسان. وقد قام بعض العلماء بمعاولة 
لاستخدامه في علاج بعض الاضطرابات الدموية. خاصة الحالات التي لا 
يصل فيها الدم إلى الأطراف. ولكن النتائج العامة لهذه الدراسات ليست 
مرضية. والكمية اللازمة لصحة الجسم حوالي 30 وحدة دولية يوميا. 

والاسمابه القرةابريناك كل عركيبيا بل هي حختطد هيما بيتها العتلانا 
كبيرا: فمنها ما تحتوي جزتياته على الكربون والميدروجين: ومنها ما يحتوي 
على النيتروجين؛ ومنها كذلك ما يوصف بأنه حمض أو كحولء كما أن منها 
ما ينتسب إلى مجموغة السيترويدات مثل فيحامين «د»..ولا شبك أن هذا 
الخلاف في التركيب بين الفيتامينات: فو الذي جعل لكل منها معثى خاصا 
اش القة العمياء فى ابمنباك الكاقناك اللحية,رجعل كينها وظيقة يتنا 
في العمليات انحر التي تتم داخل الخلية الحية. 

وقد لوحظ أن بعك هته القرعام ونام هن ارام عل كامين تي إحدك 
فصائل الثدييات. ولكنها لا تصلح لذلك في فصيلة أخرى. ويرجع ذلك 
أماها إلى أن جميع الكافات الحية لا فتعلم فين اللغة ولا ستخدم ثفن 
المصطاحات الكيميائية؛ بل توجد هناك بعض الفروق الطفيفة في كيمياء 
التمفل العذاق بين هذه الطواكقتت ولأن القركامنيق لا يشكرك إلأفى مريخلة 
مغينة امن عطليات التمثيل الغذاى: فإن غياب الفيقاحين عن الخلية الحية 
يتسبب في توقف هذه المرحلة؛. مما قد يؤدي كذلك إلى توقف ما يتلوها من 
مراحل؛ ولا بد أن ينتج عن ذلك قصور ما في عمليات التمثيل الغذائي 
كاير اكاروضها بعد على هيقة قراط كرصن 

وتظرا لأهمية القيعاسينات لجسد الكاكن الحى :فقد طن اليعحن ان 
استخدام كميات كبيرة من هذه الفيتامينات قد يشفي بعض الأمراض 
خاصة تلك الأمراض الخاصة بالجهاز العصبي. ولكن تبين بعد ذلك أن 
الجسم لا يستخده:منها إلا ذلك القدر الضتيل الذئ :ذكرتاء آمام كل متها 
من قبل؛ ولا يستطيع الاستفادة من الكميات الزائدة منها. وتؤذي الزيادة 


1١09 


لغه الكيمياء 


في تناول الفيتامينات إلى الإضرار بصحة الفرد وإصابته ببعض العلل 
والأمراضء ومثال ذلك ظهور بعض أعراض التسمم عند تناول جرعات 
كبيرة من فيتامين «أ» أو فيتامين «د»» أو فيتامين «ك». وكثيرا ما يصحب 
هذه الأعراض تضخم الطحال وسقوط الشعر وآلام العظام. 

ويتضح من كل ذلك أن هناك توازنا دقيقا يجب المحافظة عليه ضمانا 
لصحة جسد الكائن الحي؛ فنقص الفيتامينات يؤدي إلى الإصابة يعديد 
من الأمراضء وزيادتها عن الحد المطلوب يؤدي كذلك إلى الإصابة بغيرها 
من الأمراض. أما الفائدة الحقيقية من هذه الفيتامينات فتكون عند حصول 
الجسه غلى القدر اللتاسب هتها والدى يكف :فقطل لاسشتكمال العمكينات 
الحيوية التي تجري ذاكل الاكلية اللحيش ١‏ " 


المعواصل الورافية 


يتبين لنا من الباب السابق أن البروتينات تلعب 
دور هاما ورئيسيا في حياة الكائن الحي فهي التي 
تقوم بأغلب الوظائف الحيوية في الجسم كما أنها 
تضفي على هذا الكائن الصفات الرئيسية التي 
يتميز بها جنسه عن بقية الأجناس. والسؤال الذي 
يطرح نفسه الآن هو كيف تقوم الخلية الحية بتصنيع 
هذه الجزيئات المعقدة التركيب وكيف تتحكم في 
تكوين أنواعها المختلفة بهذه الدقة الفائقة؟ 

وتقع مسئولية تصنيع البروتينات في الخلية 
بالدرجة الأولى على غاتق بعض الأجسام النووية 
الخاصة التي تعرف باسم الكروموسومات 
(الصبغيات) التي ذكرناها من قبل. ولو أثنا رأينا 
غملية السام الحلنيا فحت اليك روس كوب كرايتا 
شيئًا مثيرا يعد من أعجب العمليات البيولوجية 
على الإطلاق. فقبل أن تنقسم الخلية الأم تظهر 
بها مجموعتان من الكروموسومات المتشابهة بدلا 
من المجموعة الأصلية؛ أي ينتج زوجان متماثلان 
من كل كروموسوم. وتلتوي كل مجموعة من هذه 
الكروموسومات على نفسها أولا ثم تنفصل عن 
بغهها لمحن ونواجر كل نحنها إلى انحن أطرزت 
النخلية ويكون غشاء رقيق يقصل بين نضفي الخاية 


لغه الكيمياء 


فتنتج بذلك خليتان جديدتان. ونلاحظ في عملية الانقسام أن الخلايا 
الجديدة الناتجة تحتفظ كل منها بمجموعة من الكروموسومات مشايهة 
تماما في النوع والعدد لكروموسومات الخلية الأم. 
الكروموسومات بل إن هذا العدد يظل ثابتا في كل خلية على الدوام مهما 
تعددت عملية الانقسام. فنجد مثلا أن جميع خلايا الإنسان تحتوي على 46 
(كروموسوم) لا تزيد ولا تنقص بينما تحتوي خلايا الفآر على 40 كر وموسوم 
وهكذا . وهذه الكروموسومات هي التي تعطي الصفات الرئيسية للكائن 
الوراثية للنوع الواحد. فطول القامة أو قصرها ولون الشعر والعيون إلى 
غير ذلك من الصفات ترجع كلها إلى ما تحدده التعليمات المنقوشة على 
هذه الكروموسومات.» وأي تغير في تركيب هذه الكروموسومات الكيميائي 
لابد وأن يترتب عليه تغير ما فى الصفات العامة للكائن الحى. 

وقد أحاط الغموض والإبهام بهذه الكروموسومات لفترة طويلة وعجز 
العلماء عن قهم دورها الحقيقي حتى وقت قريب ولكن تقدم مختلف العلوم 
الطبيعية واستحداث كثير من طرق الآداء الجديدة سمح لهم يقدر من 
المعرفة عن طبيعة هذه الكروموسومات وتركيبها الجزيئي وقطعوا في ذلك 
شوطا كبيراءوإن كان هاؤال أعامهم الكفير فى هذا المجال ومن العروف 
اليوم أن كروموسومات الخلية تتكون أساسا من صنفين هامين من الجزيئّات 
الكيميائية. الصنف الأول: جزيئات البروتين التى سبق ذكرهاء والصنف 
الثاني: يعرف باسم حمض ديزوكسي رايبوز النووي 1214 وهي تمثل اختصارا 
يتكون من الأحرف الأولى لاسمه العلمي. وتلتف جزيئّات البروتين حول 
جزيئات الحمض النووي لاط مكونين معا ما نسميه بالكروموسوم. 

وقد اتضح أن كمية الحمض النووي خذلاطآ في كل كر وموسوم تابتة لا 
تتغير. وينبني على ذلك أن تصبح كمية الحمض النووي في خلية من نفس 
النوع ثابتة على الدوام لاحتواء كل من هذه الخلايا على نفس العدد من 
الكروموسومات. كذلك فإن خلية الحيوان المنوي أو خلية البويضة التي 
تحتوي على نصف العدد من الكروموسومات بالنسبة للخلية العادية للكائن 
الحي تحتوي على نصف الكمية من الحمض النووي بالنسبة لمثيلاتها من 


العوامل الوراثيه 


الخلايا العادية. أما خلايا الكبد الثنائية التي تحتوي كل منها على نواتين 
فإن بها ضعف العدد من الكروموسومات وبذلك فإنها تحتوي على ضعف 
الكمية من الحمض النووي 284. وهذا الثبات في كمية الحمض النووي 
4 بالنسبة لكل كروموسوم هو ما يجب أن نتوقعه إذا كان هذا الحمض 
هو العامل الرئيسي الذي يتحكم في الصفات الوراثية. والآن مم يتركب 
هذا الحمض النووي 2814 ؟ هناك توغ ما من التشابه بين الحمض النووي 
24 وبين جزيئّات البروتين» فكلاهما يتكون من جزيئكتات ضخمة عملاقة 
تتكون من آلاف الذرات تترتب على هيئة سلسلة رئيسية طويلة تتفرع منها 
أفرع جانبية: إلا أنه في حالة البروتينات يوجد هناك حوالي عشرين نوعا 
من الأفرع الجانبية وهي تتوقف على نوع الحمض الأميني الذي يدخل في 
تركيب السلسلة البروتينية؛ بينما لا تحتوي سلسلة الحمض النووي 2714 
إلا على عدد محدود من الأفرع الجانبية لا تزيد على أربعة أفرع. وهي 
تتركب من أربعة أنواع من الأمينات الحلقية لا تزيد عنها. 

وتنطبق هذه الصورة العامة على جميع الأحماض النووية الموجودة بجميع 
الكائنات الحية من الفيروسات والبكتريا إلى النبات والحيوان: حتى أنه 
يقال إن هناك صلة وثيقة بين الرجل والنحلة والزهور والميكروبات, ولكنها 
بالقطع ليست صلة في الرحم بل هي صلة في الأصول التركيبية للحممض 
النووي. ويمكن استخلاص الأحماض النووية من الخلايا بطرق بسيطة 
وعزلها في أنابيب الاختبار وقد أجريت عليها عشرات من التجارب أدت 
إلى اكتشاف تركيب هذه الأحماض وقد تبين أن الحمض النووي يتركب من 
سلسلة طويلة جدا تتكون من وحدات متيادلة من وحدات السكر ومن 
مجموعات ١‏ لفوسفات. ومن الملاحظ أن جزيئات السكر التي تدخل في 
تركيب هذه السلسلة هي دائما من نوع خاص لا يتغير يعرف باسم سكر 
ديزوكسي رايبوز. وإليه ينسب المقطع الأول من اسم الحمض النووي نفسه. 
كذلك ترتبط جزيئات السكر المذكور داكما بنفس الأسلوب بمجموعة 
الفوسفات «مجموغة حمطن الفوسقوريك» مما يجعل السلسلة اتطويلة 
للحمض النووي غاية في الانتظام حيث تتابع فيها الوحدات بالشكل التالي: 
سكر+فوسفات سكرب فوسفاتآلاف المرات. ورغم انتظام السلسلة الركيسية 
بهذا الشكل الدقيق فإن الأفرع الجانبية لها ليست بهذا الانتظام تماما. 





سلسلة مفردة للحمض النووي 14اآ 


وتتكون الأفرع الجانبية من بعض القواعد العضوية الحلقية التي تتصل 
بوحدات السكر على طول السلسلة وهي لا تفعل ذلك في تتابع منتظم 
ولكنها تختلف في الترتيب من قطاع لآخر خلال السلسلة الطويلة. ولا 
تتنوع القواعد العضوية التي ترتبط بوحدات السكر تنوعا حرا مطلقا ولكن 
هناك أربعة فقط من هذه القواعد هي التي لها القدرة على هذا الارتباط 
وهي تعرف بأسماء خاصة هي: 


112 


. 
لك 
الادينين ى عمنمءلم 2 | > 
آم 8 
1 


0 
11 
الجوانين 0 عمنصةن© 2120 > 
12 ص 11 
28 


0 
013 و 
5 111 
الثايمين 1 عمنصسسوط]” | 
1 م 
1 0 
1 


112 


السايتوزين © عماقتاه0 | 8 
1 0 


11 


1 14 


العوامل الوراثيه 


وترتبط هذه القواعد الأربعة مع وحدات السكر على طول سلسلة 
الحمض النووي. وهي قد تترتب بطرق متعددة خلال السلسلة الطويلة, 
فقد يتلو بعضها البعضء وقد تتكرر الواحدة منها أكثر من مرة وهكذا . 

ويمكننا أن نتصور الاحتمالات الضخمة التي تنشأ عن هذا الترتيب إذا 
علمنا أن ارتباط هذه القواعد بوحدات السكر قد يتكرر آلاف المرات على 
طول سلسلة الحمض النوويء حتى أنه يمكننا القول أنه لا يوجد هناك 
حمضان نوويان متشابهين تمام الشبه. ولهذا الترتيب أهمية قصوى حيث 
أنه هو الأساس الذي تبنى عليه الصفات الوراثية لكل حمض نووي كما 
سنرى فيما بعد. 

والآن وقد علمنا أن كل خيط من خيوط الحمض النووي يتكون من 
سلسلة طويلة تتتابع فيها وحدات السكر والفوسفات وترتبط بها بعض 
الأفرع الجانبية من القواعد العضوية الأربعة السالفة الذكرء يبقى أمامنا 
سؤال يحتاج إلى بعض التوضيح. فهل يمتد هذا الجزيء العملاق على هيئة 
سلسلة منبسطة أو يلتوي على نفسه هو الآخر مثل جزيئات البروتينات؟ 

وقد تمكن العلماء من الإجابة على هذا التساؤل بعد دراسة بعض هذه 
الأحماض النووية بالأشعة السينية» فقد اتضح أن جزيئات هذه الأحماض 
لا توجد على هيئة سلاسل منبسطة:؛ بل توجد دائما على هيئّة لولب أو 
حلزون منتظم. كذلك اتضح فيما بعد أن الحلزون الواحد يتكون من سلسلتين؛ 
أي من جزيئين من جزيئات الحمض النووي 274 ملتفين حول محور واحد. 





الحلزون المزدوج للحمض النووي 2114 


وتتماسك سلسلتا الحمض النووي في هذا الحلزون المزدوج عن طريق 
ارتباط القواعد العضوية في إحدى السلسلتين مع القواعد العضوية في 
السلسلة الثانية على طول الحلزون .ولا ترقبط القواعد العضوية الأريعة 
ببعضها البعض بطريقة عشوائية؛ بل هي تفعل ذلك طبقا لنظام خاص 


لغه الكيمياء 


يلعب فيه حجم جزيء هذه القاعدة دورا هاماء فهي تكون أزواجا خاصة 
بحيث يتكون كل زوج منها دائما من قاعدة عضوية كبيرة الحجم مثل ألا 
دينين ه أو الجوانين 6 مع قاعدة عضوية أخرى صغيرة الحجم مثل الثايمين 
7 أو السايتوزين ©. ولا يمكن أن يتكون الربياط بين قاعدتين صغيرتين في 
الحجم لعدم استطاعتهما ملء الفراغ الواقع بين سلسلتي الحلزون؛ وبذلك 
يصعب عليهما حتى التلامس مع بعضهما . كذلك لا يمكن حدوث ازدواج أو 
ارتباط بين قاعدتين عضويتين كبيرتين في الحجم مثل ألا دينين 4 أو 
الجوانين 6 لأن تقابلهما داخل الحلزون سيملاً فراغا أكبر من الفراغ الواقع 
بين سلسلتي الحلزون المنتظم مما يؤدي إلى انبعاج هذا الحلزون والإخلال 
بنظامه وبشكله العام. وتبعا لهذه القاعدة فان تكوين حلزون مزدوج منتظم 
من سلسلتين من سلاسل الحمض النووي 2214 يقتضي أن تقع قاعدة 
عضوية صغيرة في إحدى السلسلتين أمام قاعدة كبيرة في السلسلة الأخرى 
حتى تتوفر الظروف الملائمة لحدوث الارتباط بين هاتين القاعدتين. 

ويتكون الرباط بين القواعد العضوية في سلسلتي الحمض النووي عن 
طريق الرباط الهيدروجيني الذي ذكرناه من قبل عند شرحنا لسلاسل 
البروتينات» فتنجذب ذرة الهيدروجين المتصلة بذرة النيتروجين في إحدى 
القواعد العضوية إلى ذرة الأكسجين في القاعدة الثانية. وقد حنمت من 
دراسة عدد كبير من الأحماض النووية إن القاعدة العضوية المسماة أدينين 
لا تزدوج. أي لا ترتبط بالرباط الهيدروجينيء إلا مع الثايمين 7 كما أن 
الجوانين 6 لا يرتبط إلا بالسايتوزين ©: ولا يمكن حدوث أي ازدواج من نوع 
آخر بين هذه القواعد. حيث أن هذا الازدواج ه مع 1؛ و6 مع © يحقق 
جميع الشروط السابقة من ناحية الحجم المناسب ومن ناحية القدرة على 
تكوين الرباط الهيدروجيني في أفضل صورة: 


العوامل الوراثيه 


ويلاحظ في الشكل السابق أن الازدواج بين كل من السايتوزين © 
والجوانين 6 يأتي نتيجة لوجود ثلاثة أربطة هيدروجينية بينما ينشاً الازدواج 
بين الآدينين 4 والثايمين 7 نتيجة لوجود رباطين هيدروجينيين فقط . ويمكن 
تبسيط عملية الازدواج السابقة الذكر إذا شبهنا هذه القواعد يبعض لعب 
الأطفال التى تحمل أشكالا معينة من التجاويف والنتوءات والتى لا يمكن 
تركيبها أو تجميعها إلا إذا تقابل كل نتوء مع تجويف مناسب له في الشكل 
والحجم. وعلى ذلك فكل قطعة من هذه اللعب لا تتداخل إلا في قطعة 
أخرى معينة مناسبة لها. وعلى هذا فيمكن تمثيل عملية ازدواج القواعد 


العضوية بالكل التوضيحي التالن: 
424 : 4 
القاعدة 0 سلسلة الحمض النووي 


وتعني عملية الازدواج السابقة أنه إذا وجد جزيء من ألا دينين 4 في 
الحمض النووي فلا بد أن يوجد به جزيء آخر من الثايمين 7؛ وأنه إذا 
وجد ألف جزيء من 4 فلا بد أن يوجد ألف جزيء آخر من 1 في نفس 
الحمض النووي. وقد اتضحت صحة هذه القاعدة بتحليل الحمض النووي» 
فقد وجد أنه يحتوي على كمية من ألادينين 4 تساوي تماما كمية الثايمين 
. كذلك وجد أن كمية الجوانين 6 تساوي كمية السايتوزين © في نفس 
الحمض النووي. ويعتبر هذا إثباتا عمليا لنظرية الازدواج السالفة الذكر. 
ويعتبر هذا الازدواج بين القواعد العضوية في كل سلسلة هو السبب الرئيسي 
في أن هاتين السلسلتين تتخذان شكل الحلزون. 

ويمكن تصور شكل الحلزون المزدوج للحمض النووي 224 على أنه 
يشبه سلما من الحبال ملتويا حول نفسه أو سلم الحريق الحديدي الذي 
يدور حول محور في وسطه بحيث تشبه جوانب هذا السلم أو الحبلان 


117 


لغه الكيمياء 


الرئيسيان فيه سلاسل السكر والفوسفات في حين تشبه الدرجات الموصلة 
بينهما أزواج القواعد العضوية المرتبطة مع بعضها البعض بالرياط 
الهيدروجيني. 


سكر فوسفات 





ازدواج سلسلة الحمض النووي 274 داخل الحلزون 


وعلى الرغم من الالتزام الدقيق بقاعدة ازدواج القواعد العضوية داخل 
الحلزون بحيث لا يرتبط إلا 4 مع 1, و0 مع © فقطء فإن هذا لا يفرض أي 
حظر على النمط الذي تترتب به هذه الأزواج خلال حلزون الحمض النووي» 
فأي زوج منها فد يتلو الزوج الآخر أو قد يتكرر الزوج نفسه عدة مرات. 
ويقع الاختلاف بين حمض نووي وآخر في الطريقة التي تترتب بها أزواج 
القواعد العضوية خلال سلسلة الحمض النووي. وقد اتضح ذلك من تحليل 
أكثر من أربعين نوعا من الأحماض النووية؛ فعلى الرغم من تساوي كمية .4 
مع 1. و© مع 6 في كل نوع من الأحماض. إلا أنه وجد أن نسب هذه 
القواعد تختلف من حمض لآخرء وأن هذا يعتمد اعتمادا كبيرا على الجنس 
الذي يفصل منه الحمض النووي. 

وإحدى النتائج الهامة للتركيب السابق للحمض النووي 2714 هو أنه 
يستطيع أن ينتج نسخة طبق الأصل من نفسه عند الضرورة. حيث أن 
الحلزون يتركب من سلسلتين تعتبر كل منهما مكملة للأخرى. وينبني على 
ذلك أن أيا من هاتين السلسلتين يمكن أن تعمل على هيئة قالب وتستطيع 
أن تكون صورة أخرى مكملة لها تشبه السلسلة الأخرى تمام الشبه. 


العوامل الوراثيه 


ويمكن تصور ما يحدث على الوجه التالي: أولا تبتعد السلسلتان المكونتان 
الخلزون» كل مهما عن الأظرى وش مصلا مق بعضهها اليعصن كماماء 
ثانيا تقوم كل من هاتين السلسلتين بتركيب سلسلة أخرى مكملة لهاء وذلك 
بالتقاط بعض الوحدات النووية المناسبة لها من سوائل الخلية متبعة في 
ذلك قاعدة الازدواج التي سبق ذكرها بالنسبة للقواعد العضوية. والمقصود 
بالوحدات النووية هنا هي تلك المجموعة الثلاثية التي تتكون من جزيء من 
المتكوومجموعة:الفوسفات مريظة بالقاهدة العضوية :ويحدو أن مكل هذه 
الوحدات توجد بوفرة في الخلية الحية. وهكذا تقوم كل من السلسلتين 
بتكوين نسخة تامة الشبه من النصف الأصلي للحلزون الذي انفصلت عنه 
فيتكون لدينا في نهاية الأمر حلزونان جديدان بدلا من الحلزون الأصلي. 
ويكون فيهما ترتيب القواعد العضوية هو نفس الترتيب في الحلزون الأم. 


حلزون جديد سيم 





الحلزون الأصلي 


ويتضح مما سبق أن عملية الانفصال وإعادة البناء المذكورة لا تتم اعتباطا 
ولكنها تتم دائما طبقا لقاعدة ثابتة تؤدي دائما إلى الاحتفاظ بنفس الترتيب 
النمطي أو نفس التنسيق الذي تترتب به القواعد العضوية في السلسلة: 
مما يؤدي إلى الاحتفاظ بالصفات الوراثية للكروموسوم كما هي دون تغيير. 
وتفسر هذه الطريقة الأسلوب الذي تتبعه الخلية عند انقسامها والسبب 
في تشابه جميع الكروموسومات في جميع خلايا الجنس الواحد. 

ويعتبر إي عامل وراثي مهيئًا للقيام بمهمته إذا استطاع أن يكون صورة 
تامة الشبه أو نسخة تامة من نفسه عند الضرورة وقد رأينا كيف استطاع 
الحمض النووي 2814 أن يفعل ذلكء ويبقى علينا بعد ذلك أن نعرف كيف 


110 


لغه الكيمياء 


يستطيع هذا الحمض النووي أن يتحكم في الصفات الوراثية للنوع؛ وكيف 
يتحكم في نمو الخلية الحية. 

ولم تعرف بعد على وجه التحديد الطريقة التي يتبعها الحمض النووي 
للتحكم في بناء الجزيئات العضوية الهامة التي تستخدمها الخلية الحية 
في نموهاء ولكن المتعارف عليه الآن أن الحمض النووي 274 يحمل في 
تركييه أعدادا هائلة من التعليمات الخاصة ببناء البروتينات المختلفة الفي 
تحتاجها الخلية في عملها والتي تبلغ المئات. وأغلب هذه البروتينات تعمل 
على هيئئّة أنزيمات أي عوامل حفز بيولوجية تساعد على توجيه مئّات من 
التفاعلات وتساهم بذلك في تشكيل كثير من المركبات الحيوية الأخرى. 

ويحمل الحمض النووي 2284 تعليمات وراثية متعددة قد تصل إلى 
عشرات الآلاف. وهذه التعليمات تتحكم في جميع صفات الكائن الحي 
فهي التي تجعل العيون سوداء أو زرقاء وهي التي تلون ريش الطيور بألوانها 
الزاهية وتعطي للأزهار رائحتها الذكية. وتتجمع هذه الرسائل في الحمض 
النووي على هيئّة جينات «65دهع» وكل «جين» منها عبارة عن قطاع من 
قطاعات الحمض النووي يتركب من مجموعة متجانسة من التعليمات المكتوبة 
بلغة الحمض النوويء؛ وقد تحتوي الفيروسات وهي أصغر الموجودات التي 
تحتوي على مقومات تناسخها على بضع مئات من الرسائل أو الجينات 
بينما تحتوي خلية البكتريا على حوالي ١000‏ من هذه الجينات. كما أن 
الخلية البشرية قد تحتوي على ما يقرب من مليون من هذه الجينات أو 
أكثر. 

ولا تتصل جينات الإنسان في خيط واحد ولكنها تتوزع على 46 جزيئًا 
من جزيئات الحمض النووي التي تكون كروموسومات الخلية البشرية. ولو 
أننا جمعناء نظرياء جزيئات الحمض النووي 238 في خيط واحد لبلغ 
طوله ما يقرب من المترء وينتج هذا المتر الذي يحتوي على جميع التعليمات 
اللازمة لتكوين الكائن الحيء. في اللحظة التي يلتحم فيها الحيوان المنوي 
مع البويضة عند التلقيح ويجب عليه أن يتناسخ بدقة هائلة بلايين المرات 
أثناء نمو الجنين. 

وتعتمد معاني الرسائل الوراثية وما تحمله من معلومات على الطريقة 
التي تترتب بها القواعد العضوية خلال سلسلة الحمض النووي. ومن المعتقد 


العوامل الوراثيه 


أن كلا من الادينين 4 والجوانين 6 والسايتوزين © والثايمين 1 تقوم مقام 
النقطة والشرطة في شفرة «مورس» المستخدمة في التلغراف. وعلى هذا 
فإنه يمكن للحمض النوويء باستخدام التباديل والتوافيق في ترتيب هذه 
القواعد؛ أن يركب منها كلمات وجملا تحمل ملايين المعاني حتى أنه يقال 
أن الحمض النووي الموجود في أي خلية من خلايا الجسم البشري يحتوي 
على ما يكفى من الكلمات لكتابة ألف كتاب من الكتب الكبيرة ذات ستمائة 

وقد اقترح بعض العلماء أن أحرف هذه الشفرة الحيوية يمكن قراءتها 
على هيئة كلمات تتكون كل منها من ثلاثة أحرف. وكل حرف من هذه 
الحروف تمثله إحدى القواعد العضوية المذكورة. ويمكن تصور كيفية بناء 
جزيئات البروتين العملاقة من حوالي عشرين حمضا أمينيا عن طريق هذه 
الكلمات الثلاثية الأحرف بأن ياك كل حكن اميتي مكانه في سلسلة 
البروتين عن طريق ترتيب معين للأحرف (القواعد العضوية) في الحمض 
النووي 284 الموجود بالكائن الحي والذي سبق له أن ورثه عن أجداده 
السابقين. 

وإذا تصورنا جزيئًا نمطيا من أحد البروتينات يتركب من حوالي 200 
وحدة من وحدات الأحماض الأمينية التي تترتب ترتيبا خاصا داخل الجزيء 
أو على طول السلسلة الببتيدية فإن هذا يحتاج إلى شفرة أو إلى «جين» 
يحتوي على 200 كلمة من هذه الكلمات على الأقل والتي يمثلها تتابع من 
حوالي 600 قاعدة عضوية في جزيء الحمض النووي. 

والآن ما هو الداعي الذي يستوجب أن تكون الشفرة ذات كلمات تتكون 
من ثلاثة أحرف على الأقل5 ويمكننا أن نجيب عن هذا التساؤل إذا نظرنا 
للجدول التالي فسيتضح لنا على الفور أن الشفرة الأحادية أي التي تتكون 
من حرف واحد (قاعدة عضوية واحدة) لا تعطي إلا أربعة احتمالات: أو 
أربع كلمات فقطء في حين أن الشفرة الثنائية؛ أي الشفرة التي تتكون من 
حرفين (قاعدتين عضويتين)؛ يمكن أن يتغير فيها ترتيب الحروف (أو 
القواعد) بحيث تعطى احتمالات أكبر أو كلمات أكثر من الحالة السابقة 
تبلغ حوالي ست عشرة كلمة (4 < 4 - 16). 

وبتطبيق القاعدة السابقة نجد أن الشفرة التي تتكون من ثلاثة أحرف 


لغه الكيمياء 


(ثلاث قواعد عضوية) يمكن أن تتعدد فيها احتمالات الترتيب بحيث تعطي 
4 احتمالا أو 64 كلمة كل منها تتكون من ثلاثة حروف. 





وحيث أن الأحماض الأمينية التي تدخل في تركيب البروتينات يقدر 
غودها بحواى مشترين حيخنا أعينياة فإن الشفرة الثنائية الملغخطع القن 
تكون .من حرهين ففك, لا تصلح لذلك بحيك آنها لاقطى الست عشرة 
كلمة على الأكثرء وإذا تضبووكا أن كل حمدن أمريى يعتاع إلى كلنة خاضة 
يض كان هذه الشفرة لا تلع له لريط نة مشر حيضا احيتيا حفظا. 
وينتتى على ذلك أنه لريظ جميع الآحماشن الآمينية التشرين بكلماهخاصة 
يلزه اسشتحداح شقرة غلاقية الأحرق ]و حلاثية اللقطم على الأخل: سيت انها 
تعطي عددا كبيرا من الاحتمالات يبلغ 64 كلمة أو احتمالا. 

ويتضح من ذلك أنه لا بد من استخدام تركيب من ثلاث قواعد عضوية 
على الأكل حت .يمك قا مروكية باتكو دن ددرن مقعظنا أمينها بونظرا 
لأهمية الحمض النوويء فإن الخلية تقوم بحمايته جيدا؛ ولهذا فهو يتحصن 
كن الفواق بعيدا كن السيكربالاق +كوناك بكرن أكل تمرضا للعرل الكمياك 
نمق نيد ا عزمكاك من السزيقات الكتمياقية الأنخرى. .ولكن كيف تتفل 
المعلوفات أو الرسائل الث بيحماها التحمدن التروق 0204ا ز بقية االخلية 
السفعيت قدص سكاف ادرو فاه روا لالزيماك وغيرها من الوا الياية 
ال قردى إلى الاحتفاظ بالجسى واستعر ار الحياة: 

إن الحمعن القووي 905:4 كوم يتشكي ل جريكات البرو كين بتقسة 


العوامل الوراثيه 


مباشرة. ولكنه يفعل ذلك عن طريق وسيط آخر يعرف باسم حمض رايبوز 
النووي 8214: الذي يقوم بقراءة الشفرة المكتوبة على جزئّ الحمض النووي 
224؛ ثم يقوم بنقل هذه المعلومات وينطلق بها في الخلية لتصنيع البروتين 
المطلوب. ولا شك أن هذا الأسلوب الذكي في العمل يساعد على الاحتفاظ 
بالحمض النووي 17184 سليما على الدوام؛ بعيدا عن عوامل البناء والهدم 
التي تسود الخلية الحية. ويعتبر جزئْ الحمض النووي 27314 أحد أدوات 
التشغيل الهامة في الخلية؛ وكل حمض نووي من نوع 8314 يحمل تعليمات 
خاصة طبعت عليه من إحدى جينات الحمض النووي الأصلي 2714, وتحمل 
هذه التعليمات بين طياتها أوامر بتصنيع بروتين خاص. ويعرف هذا النوع 
من حمض 12318 النووي باسم «المراسل»؛ وهو يشبه الحمض النووي الأصلي 
شبها كبيرا فهو يتكون كذلك من سلسلة تتتابع فيها وحدات السكر 
والفوسفات وتتصل بها فروع جانبية من القواعد العضوية: إلا أنه في هذه 
الحالة يختلف نوع السكر قليالا فهو سكر الرايبوز. وتحل قاعدة جديدة 
تعرف «باليوراسيل:]< محل القاعدة العضوية «الثايمين» 1. 

وعلى هذا الأساس فان تكوين الحمض النووي 2714 يتم بنفس الطريقة 
التي شرحناها في حالة تناسخ الحمض النووي 224؛ إلا أن اليوراسيل 17 
في هذه الحالة يعتبر مكملا للأدينين ه. ويحل محل الثايمين 7. 

وهناك نوع آخر من الأحماض النووية 8714؛ وهو يسمى «الناقل». والعمل 
الحقيقي لهذا الحمض 274 الناقل. هو حمل الحمض الاميني ونقله إلى 





لغه الكيمياء 


الريبوسومات وترجمة الرسالة التي يحملها 2314 المراسل إلى لغة الأحماض 
الأمينية. أي ترجمة لغة 24 إلى لغة البروتينات. وتتكون مفردات لغة 
الحمض النووي 2714 من تتابع خاص للقواعد العضوية في جزيئه؛ بينما 
تتكون مفردات لغة البروتينات من تتابع معين لوحدات الآأحماض الأمينية 
وتتم عملية تصنيع البروتين في الخلية على الوجه التالي: 
يقوم الحمض النووي الأصلي 224 بنسخ رسالته على حمل 28314 النووي 
المراسل؛ وينطلق هذا الحمض المراسل خارج النواة حاملا رسالة إلى إحدى 


وحدة حمض أميني سلسلة البروتين 





4ه المراسل 


د06 
مم66 م46 13 3 لا وان 
الجووجبرررر روبنز 
/00//1خ 
تخليق البروتين في الخلية الحية 


الرايبوسومات بالسيتويلازم ويلتصق بهاء وهناك يلتقي مع قطع صغيرة من 
الحمض النووي 8814 الناقل؛ ويبدأ هذا الأخير يتحسس 8084 المراسل؛ 
ويقرأ رسالته. ثم يترجم هذه الرسالة إلى لغة البروتينات: فيقوم بانتقاء 
وحدات الأحماض الأمينية من المحاليل المحيطة به طبقا لما تمليه الرسالة 
الأصلية. ويصف هذه الوحدات في سلسلة البروتين كما هو مطلوب في 
رسالة 884 المراسل: والنابعة أصلا من جزئٌ الحمض النووي الأصلي 
4 . لا شك أن هذا شيء مبهرء ولكن هكذا تجري الأمور في الخلية 


1 4 


العوامل الوراثيه 


الحية في دقة ونظام يفوقان الوصف. 

ومن المعتقد أن هناك بعض الكلمات القليلة في شفرة الحمض النووي 
4 الممثلة في تتابع معين من القواعد العضوية؛ لا معنى لها على الإطلاق. 
أي أنها لا تستطيع أن ترتبط بوحدات الأحماض الأمينية: ولا تؤّدي إلى 
ترتيبها في سلسلة البروتين. ويعتقد بعض العلماء أن هذه الكلمات التي لا 
معنى لها في لغة الحمض النووي 2714 ذات أهمية خاصة؛. فهي قد تعني 
بدء أحد الجينات أو نهايته؛ وبذلك تمثل فاصلا بين مختلف الجينات في 
جزئّ 2314 أو فاصلا بين الرسائل الوراثية المختلفة. 

وقد تبين أن هذه الشفرة التي نحن بصددها لها صفة العموم؛ فهي 
تستخدم في جميع أنواع الكائنات الحية التي تعيش على سطح الأرض. 
ومما يعزز هذه النظرية أن بعض أنواع الحمض النووي 824 المختلفة في 
المعامل استطاعت تصنيع البروتين في مستخلصات الخلايا البشرية؛ وكذلك 
في مستخلصات خلايا البكتريا في بعض التجارب المعملية» مما يدل على 
أنه لا توجد هناك فروق جوهرية في التخطيط العام بين مختلف الكائنات 
الحرة: 

وحتى الفيروسات التي تعتبر من أصغر الموجودات التي تحتوي على 
مكونات الحياة, لا تختلف هي الأخرى كثيرا من هذه الناحية. فالفيروس 
عبارة عن جزئ من الحمض النووي يحيط به غلاف من البروتين» وقد 
يحتوي بعض هذه الفيروسات على 82714 فقط بينما يحتوي البعض الآخر 
على 2314. ومن أمثلة هذه الفيروسات: فيروس الطباقة المعروف باسم 
715115 720533 مع1036» وهو أحد الفيروسات التي درست بعناية كبيرة وتبين 
انه يتكون من حلزون من حمض الرايبوز النووي 1314 يحيط به غلاف من 
جزيئات البروتين. 

وحتى عام 1892؛ لم تكن كلمة فيروس؛ وهي كلمة من أصل لاتيني وتعني 
«سم». تستعمل إلا لوصف بعض مسببات الأمراض الغامضة التي لم تكن 
من أصل بكتيري أو جرثومي. وقد تبين فيما بعد أن بعض هذه الأمراض 
ينشأ عن جسيمات صغيرة جدا لا يمكن ترشيحها بمرشحات البكترياء ولا 
تنمو ولا تتكاثر إلا إذا لامست الخلايا الحية: واستمر إطلاق اسم الفيروسات 
على هذه الأجسام. 





فيروس الطباق 


والفيروسات متهددة الأنواع: فمنها ما يصيب الإنسان بالأمراض؛ ومنها 
ما يصيب النباتات؛ مثل ذلك الفيروس الذي أصاب أشجار الكاكاو في 
ساحل العاج والذي أدى في عام 1939 إلى إتلاف ما يزيد على مليون شجرة 
من هذه الأشجارء ومنها ما يصيب الحيوانات مثل مرض نيوكاسل الذي 
ظهر في إنجلترا منذ زمن وأدى إلى هلاك عشرات الألوف من الدجاج. 
وهناك بعض الأنواع الأخرى من الفيروسات التي لا تصيبنا بالمرضء ولا 
تتسبب في المتاعب على الإطلاق. 

وتقع الفيزو سات بأنواعها المختلفة على الحد الفاصل بين المادة الحيةق 
وغير الحية. فهي إذا عزلت بمفردها. تصبح عديمة النشاطء وتبدو مشابهة 
لأي مادة من المواد الكيميائية المعتادة. ولكنها تنشط في الحال. ويدب فيها 
دبيب الحياة إذا دخلت إحدى الخلايا الحية. ويصلح الفيروس المسبب 
لنزلات البرد المعتادة لتوضيح هذه الحقيقة؛ فهذا الفيروس يمكن حفظه 
وحده في زجاجات المعامل لمدة قد تصل إلى عام أو أكثر دون أن ينحل أو 
يتكاثر, مثله في ذلك مثل بلورات السكر أو الملح. ولكن هذا الفيروس ينشط 
في الحال عند ملامسته للخلايا الحية؛ ويبدأ في التكاثر بسرعة رهيبة 
هنا الالتهابات وسيولة الأنف وتدميع العيون إلى غير ذلك من الأعراض. 

ويرجع السبب في نمو الفيروس وتكاثره في الخلية الحية فقطء إلى أن 
الخلية الحية هي المكان الوحيد الذي يستطيع الفيروس الحصول فيه على 
الوحدات النووية اللازمة لصنع صورة مكملة لنفسه. وعندما يصيب الفيروس 
الخلية الحية؛ فإن هذه الخلية تقراً الرسالة التي يحملهاء وهي تحمل 
تعليمات للخلية بآن تقوم بصنع مزيد من هذا الفيروس من وحداتها النووية 


1 6 


العوامل الوراثيه 


الموجودة بها مما يؤدي في نهايه الأمر إلى استهلاك المكونات الحيوية 
للخلية وإتلافها ثم موتها. 

ويتضح مما سبق أن الأجساد الحية تتكون طبقا للمعلومات والتعليمات 
والرسائل المسجلة على جزىّ الحمض النووي 274 الذي يقبع في نواة 
الخلية؛ وهو الذي يصدر الأوامر التي تجعل الكائن الحي شجرة أو زهرة أو 
كائنا ما كان» وهو الذي يجعلنا نختلف عن كل ما حولنا من موجودات. ولا 
شك أن حدوث بعض التغيرات الطفيفة فى تركيب هذا الحمض النووي قد 
يتسبب في حدوث بعض الأضرار في جسد الكائن الحي؛ وقد يؤدي إلى 
اختلاف مسار الأمور في جسده أو يؤدي إلى الوفاة؛ وذلك لأن أي تغيير ضفي 
محتوى الرسالة التي يحملها هذا الحمض النووي يعني النقص في تكوين 
أحد البروتينات أو أحد الأنزيمات؛ وبذلك يتعطل عمل الخلية الحية فى 
قطاع ما. 

وقد تمكن بعض العلماء من تحضير بعض الأحماض النووية في المعامل؛ 
نجحوا في إجراء عملية أخرى على درجة قصوى من الأهمية؛ تعرف باسم 
«اقتطاع الجينات» «ع تناع نامك عمع06» ويتم فى هده العملية فصل «جس» محدد 
من سلسلة الحمض النووي 284 ثم يدخل هذا الجين في سلسلة حمض 
4 نووي آخر في نوع ما من البكتريا. وقد تمكن العلماء بهذا الأسلوب 
من تكوين نوع جديد من البكترياء تقوم بصنع الأنسولين الذي يحتاجه 
مرضى السكرء ويتوقعون أن يتمكنوا في القريب العاجل من علاج كثير من 
الأمراض الوراثية مثل قصر القامة والأنيميا وغيرهاء ومن استنباط أنواع 
جديدة من النباتات تستطيع امتصاص النتروجين من الجو مباشرة بدلا من 
احتياجها للمخصبات المرتفعة التكاليف. 

ولا شك أن مثل هذه التجارب تحمل بين طياتها بعض الأخطارء. فقد 
تؤدي بعض البحوث غير المحكومة إلى ظهور بعض الأمراض الجديدة التي 
قد تعم على هيثة وباء يبي البشرية بأجمعهاء أو تؤدي (إلى إحدات يعض 
التغييرات في الإنسان نفسه؛ وقد يكون لها أثر خطير على مستقبل الجنس 
البشري بأكمله. وقد اختار العلماء البكتريا لإجراء تجاربهم في مجال 
اقتطاع الجينات. وذلك لأن البكتريا سريعة التكاثر بشكل هائل؛ فتستطيع 


1١27 


لغه الكيمياء 


خلية واحدة من بكتريا :001 .8 المسالمة» والتي توجد في قولون الإنسان: أن 
تتكاثر في خلال 24 ساعة لتعطي آلاف الملايين من النسخ المشابهة لنفسها. 

وإذا كانت هذه البكتريا قد أدخل في حمضها النووي «جين» جديد؛ فإن 
هذا الجين الجديد سيتم إنتاجه في هذه الخلايا المتكاثرة بنفس المعدل, 
آلاف الملايين من المرات في يوم واحدء ولهذا فكر العلماء في استخدام 
البكتريا كمصانع لإنتاج هذه الجينات. وقد استخدم هذا الأسلوب في صنع 
الأنسولين الذي يحتاجه مرضى السكرء والذي لا تستطيع أجسادهم إنتاجه. 
ربما بسبب تعطل الجين المسئول عن تكوين هذا الهرمون. ويستخرج هذا 
الهرمون عادة من البقر أو الخنازير, ولكنه لا يكون مماثلا في تركيبه تماما 
الأنسولين بنكرياس الإنسان: ولهذا نجد أن أجساد بعض المرضى بالسكر 
لا تتقبل هذا الأنسولين بشكل مرض. 

ويختلف الحال كثيرا في حالة الآنسولين المصنع بواسطة البكتيرياء فهو 
ممائل تماما من الناحية الكيميائية للأنسولين الذي يفرزه جسد الإنسان؛ 
وذلك لأن هذه البكتريا قد حملت بنفس الرسالة «الجين» التي يحملها 
حمض 22854 النووي في الإنسان. وقد تم الاعتراف بهذا الهرمون التخليقي 
في الولايات المتحدة 58 2؛: وكان بذلك أول منتج ينتج بأسلوب اقتطاع 
الجينات. وقد استخدمت هذه الطريقة كذلك في معالجة قصر القامة في 
الإنسان وينتج قصر القامة عادة نتيجة للنقص في هرمون النمو الذي 
تفرزه الغدة الصنوبرية كما هو ملاحظ في حالة الأقزام. 

وقد كانت الطريقة المتبعة في علاج هذا النقص في هرمون النمو, 
إعطاء الطفل القليل النمو بعضا من هذا الهرمون المستخلص من الغدة 
الصنوبرية لبعض الموتى. ولكن الأمر كان يستدعي العلاج لمدة عام كامل 
على الهرمون المستخلص من حوالي خمسين شخصا.ء وهو أمر عسير ومرتفع 
التكاليف. ولا شك أن نقل الجين المنتج لهذا الهرمون إلى البكترياء سيساعد 
كثيرا على زيادة إنتاج هذا الهرمون ويجعله في متناول الجميع. 

كر العلماء في إنتاج الانترفيرون «1016712200» بهذه الطريقة . والانترفيرون 
بروتين يجري تصنيعه في الخلايا التي تصاب بالفيروسات. ويعتقد العلماء 
أن الانترفيرون يستطيع مقاومة تكاثر الفيروسات المسببة للسرطان داخل 
الخلاياء ولكنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك بشكل قاطع نظرا لضآلة كمية 


العوامل الوراثيه 


الاتترغيرون القى يمكن الحصول عليها باتخلاضن بخلؤيا اندم ولارتفاع 
تكالينه بشكل باهظ: 

ويسود الاعتقاد الآن؛ بأن كثيرا من الأمراض تنتج عن غياب أحد الجينات 
في سلسلة الحمض النووي 274 الموجودة بنواة الخلية. أو قد تنتج عن 
وجود خلل ما في أحد الجينات لأسباب وراثية. وقد تفلح طريقة اقتطاع 
الجينات مستقبلا في علاج مثل هذه الأمراض والتخلص منها . ولن يقتصر 
استخدام هذه الطريقة عند تجاحها على علاج الأمراض: بل قد تفيد 
مستقبلا في زيادة الإنتاج النباكي والحيواني وتساعد يذلك على خل مشكلة 
الغذاء في العالم. وقد استخدمت البكتريا فعلا في إنتاج الحمض الأميني 
العروف انتم ويرولينه يطتريقة امسلاغ السيدات: وستكوه هذا البروكين 
قوبياء الوويدات الدركييية فى تمجاه الكاكتات: الحية ولاك يمكة 
امتعوانه هذاء للساشية 

كؤزات ونةق وإساء يعدن الجيناك اللركوب ها نمق ستسلة عمد 
284 التووي في بعضن النباتات: ونقلها إلى سلسلة الحمض النووي في 
نباتات أخرىء تحسين النوع وإنتاج سلالات جديدة أفضل نوعا وكماء مما 
تكن آكره على تحسين الاقتضاد العامي. كذلك يفكر البعطن فى تحسين 
بعض الجينات أو زيادتها خاصة ذلك التي قد تساعد على زيادة كمية 
الكخول النائج عن تخمير الذرة: وعندكذ يمكن استخداغ هذا الكحول 
وقودا للسيارات ومختلف آلات الاحتراق الداخلي مما سيساعد كثيرا على 
خفض استهلاك البترول ومشتقاته. 

ولاهرون لافكريس هذا الجا قيرى انض اند من لمكن مسي 
إنتاج أنواع من البكتريا تستطيع استخلاص المعادن النادرة والنفيسة من 
القرية ذون هغتاء» واتعاج أتواع فن التباتات لها القدرة على تكوين مخضباتها 
التقاضة: ويمكخ مذلك :زرا منها. كن (ى تر من الخرية بوركم يعض الغوائد 
المتوقعة من نقل بعض الصفات الوراثية عن طريق اقتطاع الجينات؛ وإعادة 
تشكيل سلاسل الحمض النووي 12214 فإن هناك من يتخوفون من بعض 
نتاكجها انضارة: خاصة عندما نأخن في الاعتبار تلك الأفكار التي ترى أنه 
من الممكن إحداث تغييرات معينة في الإنسان نفسه؛ فقد يكون لمثل هذه 


التجارب أكريخظير على مستقبل الجنس البشري باجمعة: 


120 


لغه الكيمياء 


وقد استطاع بعض العلماء أن ينقلوا ذاكرة أحد فئران التجارب المدربة 
إلى فآر آخر غير مدرب؛ وذلك بنقل بعض محتويات السائل النخاعي من 
الفأر المدرب إلى نخاع الفأر الثاني غير المدرب. والشيء المدهش أن الفأر 
الثاني اكتسب خبرة الفأر الأول في الحال بمجرد انتهاء عملية حقن النخاع. 
وقد استنتج من قاموا بهذه التجربة إن حمض 87258 النوويء الذي يوجد في 
نخاع الفأر الأول: هو الذي يحمل الشفرة المتعلقة بالخبرة والمران» وأن 
مجرد نقله إلى نخاع الفأر الثاني أكسبه هذه الخبرة في الحال. 

ولهذه التجربة أبعاد رهيبة يمكن توقعهاء فهي تعني انه يمكن نقل الخبرة 
من فرد لآخر دون مجهود يذكرء وبذلك نستطيع أن نعلم القلة؛ ثم ننقل ما 
في رؤوسهم إلى الكثرة. كذلك تعنى أننا يمكن أن نتحكم في نوع الخبرة 
التي نعطيها للآخرينء. وقد تكون هذه هي الوسيلة للسيطرة على الغالبية 
من البشر بعد أن نحقنهم بالقدر الذي نريده من الخبرة والمعلومات. ولا 
تقتصر خطورة هذه التجارب عند هذا الجانب الإرادي فقط؛ فهناك كذلك 
الجانب اللاإرادي منهاء وهو الذي ينتج عن الأخطاء غير المقصودة التي قد 
تؤدي إلى تكوين بكتريا ضارية أو نوع من الفيروس لا يمكن مقاومته فيقضي 
على الجنس البشري بأكمله؛ ولهذا فرضت كثير من الأمم بعض القيود 
على هذه البحوث؛ ووضعت بعض القواعد والمقاييس التي يمكن الاسترشاد 
بها عند إجراء هذه التجارب. 

ولنا الآن أن نتساءل؛ هل استطاع الإنسان حقا أن يتعلم لغة جسده؟ 
وهل سيعود عليه ذلك العلم بالنفع أم يفتح عليه بابا جديدا من المتاعب 
والصعوبات؟ 


1 “4 


منظمات الدهو 


تعتبر البويضة المخصبة. في أغلب الكائنات 
الحية؛ معبرا بين جيل وآخر من نفس النوع. وتبداً 
حياة الكائن الحي بخلية واحدة في أغلب الأحوال. 
ثم تبدأ عملية النمو يعد ذلك بأسلوب واحد لا 
يتغيرء فتبداً خلية البويضة المخصبة في الانقسام 
مرات ومرات حتى يتكون الكائن الحي الكامل في 
نهاية الأمر. وتنتقل الرسائل الوراثية التي تحملها 
الكروموسومات من خلية إلى أخرى أثناء عملية 
الانقسام بدقة بالغة؛ وذلك عن طريق تناسخ 
الأحماض النووية 274 بالطريقة التى سبق ذكرهاء 
حتى يتم في نهاية الأمر تخليق مختلف الأنسجة 
والأعضاء التي يتكون منها الكائن الجديد. 

ومما يثيرالعجب حقاء أن كثيرا من الخلايا 
الحية لا تستمر في عملية الانقسام على الدوام: 
ولكنها تتوقف عن الانقسام بعد فترة ما. على حين 
أن بعض الخلايا الحية الأخرى تستمر في عملية 
الانقسام بصفة دائمة دون كلل أو ملل. ويظهر هذا 
الفارق بوضوح في خلايا الجنين دائبة الانقسام 
بالمقارنة ببقية خلايا الكائن الحي التي تتوقف عن 
الانقسام عندما يصبح لكان مكايل اليناة: 

وتتسم هذه العملية بالغموض الشديدء قلا يبدو 


لغه الكيمياء 


هناك سبب واضح يبرر مثل ذلك الخلاف الغريب في نشاط هذه الأنواع 
من الخلايا. وقد دفع هذا الغموض بعض العلماء للبحث عن ذلك العامل 
الذي يدفع إحدى الخلايا للانقسام المتتابع؛ وقاموا بإجراء بعض التجارب 
على الخلايا النباتية» باعتبارها أكثر وفرة وأيسر في تناولها من الخلايا 
الحيوانية. 

وقد أوضحت هذه التجارب أن عملية الانقسام الخلوي المتتابع لا علاقة 
لها بنوع الخلية الحية أو بموقعها من الكائن الحيء كما بينت هذه الدراسات 
أن جميع الخلايا الحية تتشابه في قدرتها على الانقسام المتتابع إذا توفرت 
لها بعض الظروف المناسبة في البيئة المحيطة بها. وقد أمكن إثبات هذا 
الفرض بصورة عملية عندما تم تحويل بعض الخلايا النباتية البالغة» والتي 
توقدت حن الاسام مقة ون إلى حاذيا تفيطة نامينة داكية الانتساء. 
والشيء المدهش حقاء أن بعض هذه الخلايا التي أعيد إليها شبابهاء إن 
جاز لنا أن نقول ذلك قد أمكن تحويلها من خلية مفردة إلى نبات كامل من 
نفس النوع. 

وقد أثبتت هذه التجارب؛ أنه ليس هناك في الحقيقة شيء خاص في 
البويضة المخصبة: بل ربما كانت البويضة المخصبة هي أقل الخلايا تخصصا 
في الكائن الحيء كما أثبتت بصورة عملية أن كل خلية حية تحمل في نواتها 
فين التمليسات والصفات الوراثية الأصلية التي كتحفليا كوافبكلية الحدين 
في هذا النوع. وقد أجريت بعض هذه التجارب على شرائح رقيقة من جذر 
نبات الجزرء وهي تتكون من خلايا لا قدرة لها على الانقسام أو النمو تحت 
الظروف المعتادة التي يعيش فيها النبات. 

واستخدم في هذه التجارب أوساط غذائية مختلفة؛ واتضح أن أفضل 
هذه الأوساط هو لبن جوز الهند الذي يعيش عليه جنين نبات جوز الهندء 
وقد دفع هذا الوسط الجزر إلى النمو بشكل هائل؛ حتى أن وزن هذه 
القطاعات أو الشرائح التي لا تنمو عادة. قد تضاعف ثمانين مرة خلال 
غشرينيوما فقط..وتدل هذه التجرية الفريدة: على أن لين جوز الهند قذ 
أطلق في هذه الخلايا ميكانيكية خاصة كانت ساكنة ونائمة تحت الظروف 
العادية المحيطة بالنبات. وبدأ لأول وهلة أن لبن جوز الهند هو مفتاح عملية 
التحول من خلايا ساكنة إلى خلايا نامية؛ وأن أي نوع من الخلايا يوضع في 


منظمات النمو 


هذا الوسط تحت الظروف المناسبة؛ يستطيع أن ينمو ويتكاثر في الحال. 

وقد اتضح فيما بعد أن الأمر ليس كذلكء. فلم يصلح لبن جوز الهند 
مثلا لدفع خلايا درنات البطاطس إلى النموء بل اتضح كذلك أن هناك 
أنواعا من الخلاصات النباتية لها أثر عكسيء وتستطيع إيقاف عملية النمو 
بصورة كاملة؛ مثل خلاصة خلايا البصل. ويعني كل ذلك أن نمو الكائن 
الحي لا يخضع فقط للظروف المعتادة مثل وفرة الغذاء أو توفر الماء. أو 
وجود الضوء أو الحرارة المناسبة. ولكنه يخضع قبل كل شيء للأثر المنشط 
أو المثبط لمجموعة معينة من الجزيئات الكيميائية. 

وقد ساعدت مثل هذه التجارب كثيرا على فهم بعض حالات النمو 
الشاذة التي تحدث أحيانا في بعض النباتات: والتي تظهر على هيئة أورام 
متعددة الأشكال. وفسرت هذه الظواهر على أنها تمثل ارتفاعا مفاجئا فى 
تركيع الراد امعط الى سثر على الساء العاقياف الأخواء الى داب 
بهذه الأورام. وهناك بعض الشواهد التي تدل على صحة هذا الرأي. 
فيعض الخلاصات التي استخرجت من هذه الأورام. ساعدت بشكل ملحوظ 
على نمو قطاعات جذر نبات الجزر مما يشير إلى أن هذه الخلاصات 
تحتوي على بعض العوامل المنشطة لانقسام الخلايا. وقد أمكن في هذه 
التجارب تحويل بعض الخلايا النباتية المفردة لتعطي نباتا كاملا يتكون من 
جذر وساق وأوراق وثمار وبذورء وكأن هذه الخلايا هي خلية الجنين الأصلية. 

وتعني عملية نمو الخلية العادية إلى نبات كامل أمرين على قدر كبير 
من الأهمية. الأول منهما أن كل خلية في الكائن الحي مهما كان موقعهاء 
تحتوي على جميع المقومات اللازمة لتكوين كائن حيء أي أنها تحمل في 
كروموسوماتها نفس الحمض النووي 228: الذي يحمل الصفات الوراثية 
التي توجد في البويضة المخصبة. والأمر الثاني-وهو أمر عجيب أن الخلية 
الفاضة لسيي من الأسنات لا يسمح لها بافتتخدام كل هذه الطافات الإتدكرنة 
فيهاء وإنما يسمح لها فقط باستعمال عدد محدود من الرسائل التي يحملها 
الحمض النووي 228؛ يتفق فقط مع الوظيفة الموكلة إليها. 

ويدل ذلك على مدى النظام الفائق التي يسود جسد الكائن الحي؛ فكل 
خلية في جسده رغم احتوائها على ملايين التعليمات والمعلومات, لا تستعمل 
إلا القدر الكافي منها الذي يتناسب مع تخصصها.ء أي أن جزءا كبيرا جدا 


لغه الكيمياء 


من جينات الحمض النووي 114 يبقى معطلا في هذه الخلايا المتخصصة. 
ويعني هذا كذلك أن جميع خلايا الجسد تتشابه في الرسائل التي تحملها 
تماماء ولكنها تختلف فققط في نوع الرسائل التي تستخدمها كل منهاء ولا 
أحد يعلم كيف يتم ذلك! 

ويقع الخلاف الأساسي بين خلية الجسد العادية وبين البويضة المخصبة 
في طبيعة الوسط المحيط بكل منهماء فخلية الجنين يحيط بها وسط 
خاص يعرف باسم الاندوسبرم في النبات. وبتحليل لبن جوز الهند الذي 
يتغذى عليه جنين النبات» وجد أنه يحتوي على بعض المركبات الكيميائية 
التي تستطيع دفع الخلايا للانقسام المتتابع» وتم فصل بعض هذه المواد مثل 
«حمض إندول اسيتيك» أو «ثنائي فنيل يوريا» وأطلق عليها اسم «الهرمونات 


التبانية». 
1 - 02512 
0 
إل | 
5 -- 28111 - ن) - 061251111 35 
1 
ثناكي فنيل يوريا حمض اندول اسيتيك 


ولا يوجد هناك تشابه في التركيب بين هذين المركبين وأمثالهماء ولذلك 
يصعب التوصل إلى الطريقة التي تعمل بها هذه الجزيئات داخل الخلية 
الحية. ورغم أن هذه المركبات تدفع الخلية الحية إلى الانقسام المتتابع في 
بعض النباتات: إلا أنه لم يعرف بعد الأسلوب الذي تدفع به هذه المركبات 
الجيتنات إلى استعادة نشاظهاء كذلك لا يعرف حق الآن هل هى تعمل على 
الجينات مباشرة؛ أو تتسبب في حدوث سلسلة من التفاعلات تؤدي إلى 
هذا الفرض في نهاية الأمر. 

وهناك نوع آخر من المركبات التي تساعد الهرمونات النباتية في عملهاء 
ولكنها لا تتدخل في عملية الانقسام الخلويء وتعرف هذه المركبات باسم 
«المركبات المعضدة» لأنها تزيد من نشاط الهرمونات النباتية عند وجودها 
عقا . 

وايق هله العا كذلك ف الدرسرب هنو اسفن الفسوليات العديدة 


1! 4 


منظمات النمو 


الهدروكسيل مثل «الصوربيتول» و «المانيتول». ومنها ما يحتوي على حلقات 
سداسية مثل مركب «2: 4 - ثنائي كلوروفينوكسي حمض اسيتيك» الذي 
يعرف أيضا باسم «4:2 - د» واستخدم كثيرا في إبادة الأعشاب الضارة. 

ومن الملاحظ أن المواد المسببة للنمو تساعد بصفة عامة على دفع 
عملية تخليق البروتين في الخلية الحية. خاصة ذلك النوع من البروتين 
الذي لا يتعرض لعمليات التحليل أو الهدم: والذي يعرف عادة باسم البروتين 
التركيبي ويستخدم في بناء هيكل الكائن الحي. 

ولا توجد هذه المواد المنشطة للانقسام إلا في أمكنة خاصة في النبات: 
وفي النسيج المحيط بالجنين والمعروف باسم الاندوسبرم: وهي التي تدفع 
البويضة المخصبة وخلايا الجنين إلى الانقسام المتتابع. 

وبالرغم من عدم فهمنا التام للغة الكيميائية لعملية الانقسام المتتابع, 
وعدم معرفتنا بالميكانيكية التي تعمل بها منظمات النمو داخل الكائن الحي؛ 
فإن كثيرا من العلماء يعتقدون أن النتائج الأولية التي تم الحصول عليها في 
مجال الخلايا النباتية. تصلح كذلك للتطبيق بالنسبة للمملكة الحيوانية. 

وقد أجريت فعلا بعض التجارب على الخلايا الحيوانية. وسميت هذه 
التجارب «بالتناسخ» «عدنه010» وهي محاولة تكوين كائن كامل من خلية 
واحدة عن غير طريق التكاثر الجنسي المعتاد. وقد اتخذت التجارب التي 
أجريت على الخلايا الحيوانية مسارا مختلفا عن مثيلاتها التى أجريت 
عر النهاذيا الثباتية: هن بحالة الشااا الحيواتية الست هله التجارب 
بصعوبتها البالغفة. فقد اقتضى الأمر استخدام خلية البويضة نفسها بعد 
نزع نواتها التي استبدلت بعد ذلك بنواة أخرى من أي خلية من خلايا 
الجسد المراد تتاسخة. 

والسبب في استخدام خلية البويضة أنها تحتوي على جميع العوامل 
اللازمة لدفع النواة إلى الانقسامء كما أن النواة الجديدة التي زرعت بها 
تحتوي الآن على عدد كامل من الكروموسومات بدلا من نصف العدد من 
الكروموسومات الموجودة أصلا بخلية البويضة والتى تمت إزالتها. فإذا 
قمع هذه الخلية: كتعاط كافنا كاملا يشية الكاكن الذي الحذت مفة الثواة 
الجديدة. وقد استخدم هذ الأسلوب عام 1952 في تناسخ الضفادع: فأخذت 
بويضة الضفدع., ثم دمرت نواتها بواسطة الإشعاع: وزرعت فيها نواة خلية 


لغه الكيمياء 


أخرق مخ خلايا الحسد» وقد تمت هذه اللخلية يعن ذلك ثموا طبيعيا 
وأعطت ضفدعة كاملة النمو. 

وف كيين :فيه يصن أن تجاع منت التعارب يحتقن السانسا علد ورع القوع 
الصحيح من النوى في خلية البويضة؛ فيجب أن تكون سرعة انقسام النواة 
الجديدة متناسبة مع السرعة الأصلية لانقسام خلية البويضة: وإلا نتج عن 
اختلاف سرعة الانقسام إنتاج كائنات مشوهة غير كاملة. وتزيد صعوبة 
هذه التجارب عند إجراتها على الثدييات: وذلك لأن بويضات الثدييات 
اضشريحجها وأسرغ ظلفاء ويجتاج ززع النواة بها,'دون إخلاقها: إلى تخرص 
الشديد وإجراء هذه العملية تحت الميكروسكوب. وقد أجريت بعض التجارب 
هلق عاقيا الآراقب عنام 1975ناولكن التاقع لم تكن موضية ولمت يعض 
الأجنة نموا شاذا. 

ويختلف الأمر كثيرا في الثدييات عن الضفادع؛ فالأخيرة تعيش في 
الماء وتنمو بويضاتها في الماء كذلك. أما الثدييات فلا بد أن تنمو البويضة 
في الرحم. ولهذا فقد تضمنت هذه التجارب إخراج البويضة من رحم الأم, 
واسعبدال نواة جدينة من بخلية به كاكن آخر بنواحيا, كم إعاذة هذه 
البويضة إلى رحم الأم الأصلية أو إلى رحم أم أخرى تعرف باسم الأم 
البديلة. ومن الملاحظ أن الحيوان الوليد فى هذه الحالة الأخيرة لن تكون 
له صلة حقيقية بآمه البديلة: ولن تحتوي خلاياه على المواذ الوراثية الموجودة 
بخلايا هذه الأم. 

وق اتفكلف وكع هم التجارب علن كفيو من الفاش: غيراها البعضن 
زفبية وسحيفة.ويراها البعطن الأخرمكيرة الاتد عاش بينما يزاها كخير 
مخ الثانى نتنيكا خارجا عن تراهيس الطبيعة فيط هاحرها بخاص ةميد 
تطبيقها في محيط الإنسان. 

ومن الطبيعي أن الكاقن الناتج بهة| الأسلوب لان ركوة اتسيفة مطايقة 
تماما للكائن الذي أخذت منه الخلية؛ فهناك احتمال حدوث خلل ما في 
العوامل الوراثية أثناء نقل النواة, كما أن أحدا لا يدري أثر هرمونات الأم 
البديلة وصحتها العامة وطريقة تغذيتها على الخلية النامية التي وضعت 
فى رحمها- كذلك لا شك أن اختلاف البيكة وطريقة الحياة والأمراض التى 
يقابلها الكاكن البالغ ستكون سبيا في حدوث خلافات يبن هذه الكاكنات 


36 


منظمات النمو 


الناتجة بهذا الأسلوب. وقد يصاح هذا الأسلوب في تناسخ الكاكنات في 
إنتاج أنواع جديدة من النباتات أو سلالات جديدة من الماشية تساعد في 
حل أزمة الغذاء العالمية: 

اما شيا نتكاق بالاسان تيدااف موق اخلاض الا مكو التقاسى عن 
كين الذى سشور الصفاك الحيدة الى مجني [براازها فى التسيكة السدايةةة 
وقل السجعرية الدامية افضل من البول الآدوية والفنية8 وها الشخر الذهبى 
أفشل هن الفسن الأسود أو الأحمر؟ نوهل ينيكوخ انيه الأنسان ينيدا 
الأبلوية إن اكور مدال الحتين البشرى ب والإقبالنة جدفاية 

هذه هي التساؤلات التي تطوف بذهن العلماء الذين يعملون في هذا 
المجال والتي لم تجد لها إجابات شافية حتى الآن؛ وربما استعصى عليهم 
الإجابة عتها إلى الأيد. 


17 


كيف تنتقل الإسائل خلال 
الأغعصاب؟ 


إذا تكون الكائن الحي من خلية واحدة. فإن من 
المتوقع أن تتم جميع الأعمال الحيوية لهذا الكائن 
داخل هذه الخلية الواحدة؛ فهي في حقيقة الأمر 
تمثل كيانه كله؛ وتنتقل المؤثرات المختلفة في هذه 
الخلية من جدرانها إلى وسطها عن طريق انتقال 
الجزيئات الكيميائية خلال السوائل الموجودة بها. 
أما إذا تكون الكائن الحي من مجموعة كبيرة من 
الخلاياء فإنه يصبح من الضروري أن تكون هناك 
وسيلة ما للاتصال بين هذه الخلايا وللتنسيق بين 
وظائفها المختلفة: ولا بد كذلك أن يكون هناك نظام 
خاص يسمح بنقل المؤثرات والتعليمات المختلفة بين 
أجزاء هذا الجسد المتعدد الخلايا والمترامى 
الأطراف. ا 

ويوجد مثل هذا النظام في الكائنات الحية التي 
تتكون أجسادها من ملايين من الخلاياء فنجد أن 
هناك ترتيبا معينا يسمح بنقل المواد الكيميائية من 
الأجزاء الوسطى لهذه الكائنات إلى الأجزاء 
الخارجية منهاء فتقوم بعض الغدد المتخصصة 
بإفراز مواد كيميائية معينة. تعرف بالهرمونات, 


36 


لغه الكيمياء 


وتطلقها في الدم وهي تحمل مختلف الأوامر والتعليمات. 

ولا يعد نظام العمل بالهرمونات نظاما مثالياء بل هو يتصف بكثير من 
النقائص والعيوب؛ فهو أولا نظام بطيء الفعل إلى حد كبيرء وذلك لأن 
الهرمون الذي تفرزه إحدى الغددء لا بد أن ينطلق في مجرى الدم حتى 
يستطيع أن يصل إلى أهدافه. وعلى ذلك فإن السرعة التي يسري بها الدم 
في الجسم تعتبر محددة للسرعة التي يعمل بها الهرمون في الجسم. ولا 
يمكن طبعا أن تزيد سرعة عمل الهرمون على السرعة التي يتدفق بها الدم 
خلال جسد الكائن الحي. 

وبما أن الدم يحتاج إلى ما يقرب من عشرين ثانية كي يدور في جميع 
أنحاء الجسم في الإنسان: وفي الرئتين؛ فان ذلك الهرمونء أو تلك الرسالة 
التي يحملها ذلك الهرمون لن تصل إلى هدقها إلا بعد انقضاء فترة من 
الزمن تصل إلى ما يقرب من عشر ثوان منذ اللحظة التي يفرز فيها من 
الغدد. ولا شك أن هذا عيب كبير في نظام العمل بالهرمونات: فعشر ثوان 
تعتبر فترة زمنية طويلة يمكن أن تحدث فيها أحداث تنتج عنها مخاطر 
بالنسبة لهذا الكائن الحي. وهناك عيب آخر من عيوب العمل بنظام 
الهرمونات. فان هذا النظام يكون عادة غير محدد الاتجاه. بمعنى أن الهرمون 
بعد إفرازه من الغدة في الدم: ينطلق مع تياره دون أن يقصد مكانا معيناء 
بل يذيع رسالته على جميع أجزاء الجسم التي يصل إليها الدم دون تمييز. 

وقد تكون هذه الرسالة التي يحملها الهرمون موجهة إلى جزء خاص 
من الجسمء وهو قطعا سيستجيب لهذه الرسالة ويعمل بها بمجرد وصولها 
إليه. غير أن بقية أجزاء الجسم الأخرى التي تصلها نفس هذه الرسالة مع 
تيار الدم؛ لن تفهمهاء ولن تعمل بهاء بل ستقوم بتجاهلها كل التجاهل وكأنها 
لم تكن. ومن الطبيعي أن هذه العملية عملية غير اقتصادية في أساسهاء 
فكل ذلك الهرمون الذي أطلق في الدم وصل إلى جميع أجزاء الجسم 
الأخرى التي لن تستجيب له؛ يعتبر إسرافا لا مبرر له. 

وفي حقيقة الأمرء لا تمثل هذه النقائص أو العيوب. مثل البطء في 
الحركة؛ أو عدم التوجيه: إهدارا كبيرا للهرمون عندما تكون الرسالة التي 
يحملها هذا الهرمون خاصة بالنموء أو متعلقة بالهضم. أو تتصل بعملية 
الاتزان الكيميائي في الجسم. فجميع هذه العمليات لها صفة العموم, 





1 0 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


بمعنى أنه يشترك فيها بلايين من خلايا الجسد., ولا يعيبها فى هذه الحالة 
أي ضرر للجسم إن تأخرت عملية الهضم عشر ثوان أو أكثر. كما أن عدم 
التوجيه فى هذه الحالات قد يكون مفيداء طالما كانت هذه الرسالة التى 
يحملها الهرمون تتعلق بملايين من الخلايا الحية التي تنتشر في جميع 
أثحاء الجسم. 

ويختلف الأمر كثيرا عندما يتعلق بموضوع تفاعل الكائن الحي مع البيئة 
المحيطة به. ففي هذه الحالة؛ يحتاج الأمر إلى سرعة الإحساس بالمؤثر 
الخارجيء والى سرعة الانفعال به. كما يحتاج الأمر كذلك إلى سرعة فائقة 
في الاستجابة لهذا المؤثرء والى دقة متناهية في رد الفعل: وذلك بتحريك 
عضلة بعينها أو بتشغيل جزء خاص من الجسم دون بقية الآجزاء. 

ولا شك أن قدرة الكائنات الحية على البقاء؛ تتوفر دائما لمن يستطيع 
منها الاستجابة للأخطار المحيطة به بطريقة أدق وأسرع من غيره من 
الكائنات. 

ومن الطبيعي أن نظام العمل بالهرمونات بطيء الحركة. وغير الموجه لا 
يستطيع تحقيق الاستجابة السريعة للمؤثرات الخارجية الذي تتطلبه بعض 
الظروف. ولا بد أن نتوقع أن الكائن الحي الذي يعمل بنظام الهرمونات؛ لن 
يستطيع الاستجابة لأي مؤثر خارجي في مدة تقل عن عشر ثوان: وهي-كما 
ذكرنا-المدة اللازمة لانتقال الهرمون في تيار الدم: وقد تكلفه هذه الاستجابة 
المتآخرة حياته كلها. 

وسندل من كل ما سبقء أنه لزيادة مقدرة الكاكن الحي على التفاعل مع 
بيئته. كان لا بد أن يوجد جهاز من نوع آخر. متخصص بدرجة كافية: 
ويستطيع أن يحقق الاستجابة السريعة للمؤثرات الخارجية بصورة أفضل. 
ويعرف هذا الجهاز المتخصص عادة باسم الجهاز العصبيء. هو يتركب من 
وحدة رئيسية؛ كما في الإنسانء تعرف بالمخ: الذي يعتبر مركزا لهذا الجهاز, 
ومن مجموعة من الأعصاب التى تصل هذا المخ بجميع أجزاء الجسم. 
وتشبه هذه الأعصاب, أو الألياف العصبية؛ الأسلاك البرقية إلى حد كبير: 
وذلك من حيث قدرتها على نقل مختلف الرسائل بسرعة هائلة ولسافات 
بعيدة. وبدقة متناهية؛ دون أن يكون هناك انتقال فعلى للمادة. كما أنها لا 


لملا 


لغه الكيمياء 


تستهلك في ذلك إلا قدرا ضئيلا من الطاقة. 

ويتم استقبال المؤثرات الخارجية الواردة من البيئة المحيطة بالجسم 
بواسطة خلايا متخصصة. وهي تبلغ درجة عالية من التخصص في بعض 
الأحيان؛ وتكون فيما بينها جزءا هاما من أعضاء الحس التي نعرفهاء مثل 
الأنف والعين والأذن وغيرها. وعند استقبال هذه الخلايا للمؤثرات 
الخارجية؛ تقوم في الحال بإرسال نبضات عصبية تذهب إلى المركز الرئيسي 
للجهاز العصبيء وهو المخ: الذي يقوم هو الآخر في الحال بإرسال إشارات 
أخرى إلى العضلات أو الغدد التى تستجيب فورا لهذه الإشارات: كل بطريقته 
الخاصة. ا 

ويجدر بنا أن نلاحظ أن خلايا الحس المذكورة تتصل بالمخ مباشرة عن 
طريق الأعصاب., إلا أنه لا يوجد هناك اتصال مباشر بين هذه الخلايا 
وبين العضلات أو الغدد المختلفة التي يفترض أن تستجيب لنبضاتها العصبية 
الواردة منها. ويعني هذا أن الجهاز العصبي الموجود بالجسم يشبه شبكة 
الاتصالات السلكية؛ أي التليفونات: فليس هناك اتصال مباشر بين المشتركين 
أو بين المتحدث والمتحدث إليه. ولكن الاتصال بينهما يتم عادة عن طريق 
الجهاز المركزيء ويقوم المخ في هذا الجهاز العصبي بدور السنترال: فهو 
الذي يتلقى المكالمة» أو الإحساس بالمؤثر الخارجي. وهو الذي يوصلها إلى 
المتحدث إليه. وهو في هذه الحالة العضلة أو الغدة المطلوبة. 

وربما كان السبب في عدم وجود اتصال مباشر بين خلايا الحس وبين 
العضلات. هو أن هذا الوضع كان سيستد عي وجود أعداد هائلة من الألياف 
العصبية. وقد ينتج عن ذلك أن تتشابك بعض هذه الأعصاب معا وتتقاطع 
في كل اتجاه. كذلك قد يؤدي هذا الوضع إلى عدم التناسق بين مختلف 
الأحاسيس والمعلومات والأوامر الصادرة من مراكز الحس.ء والتي قد تتعدد 
وتبلغ المكات في الثانية الواحدة. ولا شك أن مثل هذه الأوضاع تسبب 
ارتباكا شديدا للكائن الحي. 

ولا تسري هذه القاعدة على الكائنات الراقية فقطء مثل الحيوانات 
العلياء أو الإنسان: ولكنها تنطبق كذلك على غيرها من الأجناسء: فنحن 
نجد أنه حتى في حالة الأجناس البدائية من الكائنات الحية. كان هناك 
دائما اتجاه لتركيز جميع النبضات العصبية في جهاز مركزي قبل إعادة 


12 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


إرسال تلك النبضات إلى مراكز الحركة أو العضلات. 

ولا شك أن هناك حكمة معينة من إرسال جميع النبضات العصبية من 
مراكز الحس إلى الجهاز المركزي وهو المخ: وذلك لأن المخ يقوم عادة بعملية 
تصنيف مستمرة لمئات من المعلومات الواردة إليه. وهو لا يستجيب عادة 
لجميع المعلومات التي تصل إليه بطريقة فرديء بل هو ينظر إلى مثل هذه 
المعلومات بطريقة جماعية. وبعد أن يقوم المخ باختيار القرار المناسب الذي 
يتضمن الإجابة على جزء كبير من هذه المعلومات. يرسل النبضات العصبية 
اللازمة؛ أو بمعنى آخرء يرسل الأوامر الملاثئمة إلى العضلات أو الغدد 
وغيرها طبقا للاتجاه العام للمؤثرات الخارجية؛ وطبقا للمعلومات الكلية 
الواردة إليه. ومن الطبيعي ألا يستطيع الجهاز المركزيء أو المخ:» أن يستجيب 
إلى المؤثر الخارجي استجابة سليمة: إلا إذا حصل على أكبر قدر من 
المعلومات من اسان الحس الخارجية؛. وكانت هذه الأعضاء سليمة تماما. 

وتمثل كل من العين والأذن قمة التخصص في الحيوانات العليا. وضي 
الإنسان» فكل منهما قد أعدت إعدادا جيدا لاستقبال مؤثر معين: فالعين 
تستقبل موجات الضوء. في حين إن الأذن قد أعدت لاستقبال موجات 
الصوت,. و بذلك يمكن لهما أن يجمعا معا قدرا كافيا من المعلومات عن 
العالم الخارجي. 

ولقد سبق لنا أن افترضنا فى أول الأمرء أن الأعصاب تمتد فى الجسد 
مثل أسلاك البرق؛ فهل تنتقل التيضات في الأعصاب بنفس الطريقة التي 
تنتقل بها الرسائل في الأسلاك؟ وللاجابة على هذا السؤال؛ دعنا نقارن 
بين انتقال الحرارة في قضيب من المعدن:ء وبين انتقالها في لفافة من التبغ 

في الحالة الأولى تحدث الظواهر التالية: عند تسخين طرف القضيب 
المعدني. بعود ثقاب مشتعل؛ فإن طرف القضيب يسخن وترتفع درجة حرارته. 
وبما أن المعدن موصل جيد للحرارة؛ فإن الحرارة سوف تنتقل تدريجيا من 
الطرف الساخن إلى الطرف الباردء وأثناء ذلك. تقل تدريجيا في المقدارء 
بحيث تكون درجة الحرارة أعلى ما يمكن عند الطرف المعرض للهب؛ وتكون 
أقل ما يمكن عند الطرف البعيد عن اللهب. ونلاحظ هنا شيئًا هاما. وهو 
أن درجة حرارة القضيب المعدنيء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تزيد 





015 


لغه الكيمياء 


في أي مكان فيه. على مصدر الحرارة الأصلي وهو لهب الثقاب. 

ويختلف الوضع كثيرا في الحالة الثانية عند إشعال لفافة التبغ. وذلك 
لأن لهب عود الثقاب يعتبر الزناد الذي يطلق الطاقة الكامنة فيها . واللفافة 
لا توصل الحرارة الناتجة من عود الثقاب المشتعل؛ ولكنها تشتعل ذاتيا بعد 
ذلك حتى بعد أن ينطفي عود الثقاب. تستمر اللفافة في الاشتعال من 
طرفها الأول إلى طرفها الآخير بسرعة ثابتة. 

ومن الملاحظ أن درجة الحرارة التي تحترق بها لفافة التبغ؛ لا تعتمد 
على درجة حرارة عود الثقاب المشتعل؛ فلو أننا بدأنا إشعال طرف لفافة 
التبغ بواسطة أحد المواقد المعملية. مثل مصباح بنزن: والذي تزيد درجة 
حرارته على ألف درجه مئوية: لما تغيرت درجة الحرارة التي تحترق عندها 
لفافة التبغ في هذه الحالة عن درجة حرارتها عندما نشعلها بعود ثقاب. 
وإذا رفعنا مصدر الحرارة بعد أن تشتعل لفافة التبغ؛ نلاحظ أن اشتعالها 
الذاتي يستمر كما هوء كما تستمر بها عمليه انتقال الحرارة مز طرف إلى 
آخر حتى تحترق اللفافة تماما. 

ويشبه انتقال النبضات العصبية فى الأعصاب أو فى الألياف العصبية, 
الحالة الثانية. أي حالة لفافة التبغ؛ في حين يشبه انتقال النبضات في 
أسلاك البرق الحالة الأولى؛ أي حالة قضيب المعدن؛ 

وتبدأ مسيرة النبضات في الأعصاب تحت تأثير المؤثر الخارجي أولاء 
ثم تنتقل بعد ذلك وحدها نتيجة لانطلاق جهد كهربي محلي من نقطة إلى 
أخرى دون أن يتغير حجم النبضة أو طبيعتها أو تتغير قوتها. مهما كانت 
المسافة التي تقطعها هذه النبضة داخل العصب. ولا شك أن هذه الخاصية 
تعتبر أكبر ضمان لوصول النبضة العصبية إلى المخ بنفس القوة أو بنفس 
المقدار الذي أثر به المؤثر الخارجيء وبذلك فهي تحمل معها دلالتها على 
طول الطريق. 

وقد أجريت بعض التجارب على انتقال النبضات في الأعصاب؛ واستخدم 
في بعض هذه التجارب بعض الأعصاب المنزوعة من أجساد الحيوانات, 
وتبين منها أنه لا يوجد هناك فارق يذكر بين استجابة العصب وهو في 
داخل الكائن الحيء وبين استجابته وهو منفصل عن الكائن الحي. وريما 
لاحظ البعض منا هذه الظاهرة؛ فعند قتل أحد الحيوانات بسرعة؛ بقطع 


184 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


رأسه مثلاء فإن الحيوان يموت في الحال؛ ولكن الأعصاب تبقى حية لفترة 
من الزمن؛ ويشبه هذا ما يحدث عند قطع ذنب البرص المنزلي فإن هذا 
الذنب الصغير يستمر في الحركة؛ ويتلوى وحده بعيدا عن جسم البرص 
فكزة فى قصل إلى دفيقةه كاملة أو أكث: 

وقد اتضح كذلك أنه لا يوجد هناك فارق يذكر بين أعصاب الحيوان أو 
الإنسان؛ ولكن الفارق الحقيقي يقع في المراكز العصبية في كل منهماء 
فالمراكز العصبية في الإنسان تعتبر أكثر تخصصا وأكثر تعقيدا. وهي تقوم 
بوظائف متعددة ومتنوعة؛ ولكن السلك الموصلء وهو العصب. في الحالتين, 
يبقى كما هو تقريباء ولا يختلف كثيرا في الديدان عنه في الضفادع أو في 
الإنسان. 

ويمكننا هنا أن نذكر تجربة بسيطة للدلالة على الطريقة التي تنتقل بها 
الفكفا رط الاعضناب: كقح كام يعدن الباهابريتصل ضمي اسان البسترى 
المعروف باسم «الحبار» «5010» وهو عصب ضخم. يبلغ قطره نحو المليمتر, 
وهو يزيد لعدة مئات من المرات على سمك بعض الأعصاب في جسم 
الإنسان. وبذلك. يمكن رؤيته بالعين المجردة ودراسته بسهولة ويسر. وقد 
وضع هذا العصب بعد فصله؛ في ماء البحرء وهو ماء يحتوي كما نعرف 
على بعض الأملاح الذائبة فيه. وبذلك يمكن له أن يوصل التيار الكهربائي 
يسهولة..وعتن 'توصيل السائل الموجود وآخل العصب يماء البحر الواقع 
خارجه عن طريق دائرة كهربائية حساسة: تبين أنه في الحالة العادية يكون 
هناك فارق في الجهد بين داخل العصب وخارجه. يصل إلى حوالي 1/20 
من الفولت. 





لغه الكيمياء 


وعند تحليل السائل الداخلي في هذا العصبء تبين أنه يحتوي على 
أيونات البوتاسيوم بتركيز يزيد نحو ثلاثين مرة على تركيز أيونات البوتاسيوم 
في ماء البحر. وإذا كان الأمر كذلك. وكان تركيز أيونات البوتاسيوم داخل 
العصب أعلى منه خارجه: فلماذا لا تنتشر هذه الأيونات من الداخل إلى 
الخارج خلال جدار العصبء وما الذي يمنعها من أن تفعل ذلك؟ 

لقد ظن البعض أول الأمرء أن جدار العصب غير منفذ لأيونات 
البوتاسيوم: وفسرث هذه الظاهرة على هذا الأسناسن::ولكن فين بالتجرية: 
أن إضافة أيونات البوتاسيوم إلى ماء البحر حول العصبء يتسبب في 
اختراق هذه الأيونات لجدار العصب ودخولها غيه, أي إنها تمر من المحلول 
المخفف خارج العصب. إلى المحلول المركز داخل العصبء وهو ما يخالف 
ظاهرة الضغط الاسموزي التي توجب انتقال الأيونات أو المذيبات من المحاليل 
المخففة إلى المحاليل الأكثر تركيزا. 

ولا شك أن هذه التجرية تدل دلالة قاطعة على أن جدار العصب يسمح 
بمرور أيونات البوتاسيوم؛ ولكن الشيء الغريب أنها تمر من خارجه إلى 
داخله؛ ولكنها لا تمرمن داخله إلى خارجه؛ فلماذا لا تفعل ذلك؟ وما الذي 
يمسك بهذه الأيونات داخل تجويف هذا العصب. ويمنعها من الخروج منه؟ 

لقد تبين فيما بعد أن العصب يمسك بأيونات البوتاسيوم في داخله 
بقوة الجذب الكهربيء فنحن نعرف أن أيونات البوتاسيوم موجبة التكهرب, 
وأنها لا بد أن تتعادل مع أيونات أخرى سالبة التكهرب. حتى يصبح الجسم 
نفسهة متعادلاًء وهنا هو مهنا يحدث فعلا داخل تحويك العصب» فان 
البروتوبلازم الموجود داخل العصب يحتوي على أطراف متعددة سالبة 
التكهرب. وهذه الأطراف السالبة هي التي تمسك بأيونات البوتاسيوم في 
داخل العصبء وهي التي تمنع هذه الآيونات من الخروج منه؛ بل هي التي 
تقوم بجذب أيونات البوتاسيوم من خارج العصب إلى داخله. وعند إمرار 
تيار كهربائتي ضعيف ومفاجي في الدائرة الكهرباتية الموصلة بين داخل 
العصب وبين ماء البحر وخارجه؛ فإن هذا التيار لا يسري في الدائرة إلا 
إذا وصلت شدته إلى قيمة معينة, وعندها فقط يسري التيار في الدائرة. 

ولا شك أن هذه الظاهرة تعيد إلى أذهاننا صورة لفافة لقي كانه لزع 
أن نرفع درجة حرارة اللفافة أولا إلى قيمة معينة تعرف باسم حرارة الاشتعال؛ 


1! 66 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


وعندها فقط تبدأ اللفافة في الاشتعال أو الاحتراق أي أن اللفافة لا 
عفرل الند | )ذا كارح جعيون اسرا ره خين هنيما :شي الكباية زنك 
العصب. لا يمر فيه التيار الكهرباتي أبدا إلا إذا وصلت شدته إلى قيمة 
0 ب 

وناذ ا يحدث إذا زشها سو شدة الضرينية الكبرياكية الواضرة فلن القصرية 
هل ستعتير ابسجاية العضي ء سقف ذايكة كناهى ولقن انشع أن استجابة 
العضب كبقى داكما ثابتة مهما تفيرت شدة التبار الكهرياكي. ويعني هذا أن 
انتحابة النصيع امود الكاريدن كرن خابفة على الدوام وان الليظية 
العصبية الناتجة لا تزيد ولا تنقص في المقدارء وهذه الخاصية تشبه خاصية 
لقاقة الع شبها كيرا : كنهما امتحذككا من لصاون حرارية عزن ججراذ 
الششعال ثقافة القع عرعى كابقة على الدوام: 

كنب السب للنؤثراف الكاز حر بسرفة ماكلة وقد سوه ماد 
الاستجابة في زمن قصير جدا لا يستغرق إلا جزءا من ألف جزء من الثانية 
الواحدة. 

كذنكف ستقل السضات المسيية سرها اقلق حقى لطع الندطية انحو 
عشرين مترا في الثانية الواحدة داخل العصبء وهي سرعة محسوسة 
قصل إلى خوالى 70 كيلوهدرا في السباعة: وقطي هته الشرعة ان الاتحسالين 
لوطل هو اليقامقاا إلى الى وه مشاكة ترمو كلامو الكرفى وال 
١‏ على 20 من الثانية: مما يدل على مقدار استعداد الجهاز العصبي للتفاعل 
السزيغ مع البيكة المحيطة بالكاكن الحى: 

وحأكر شرعة ارتسحادة المدس للم دراك النخاريدية يك ويعة لنعوارة ال 
حذن كين كذلك كاكر برهنة انتقال التيكياك نفس الهعدان وذلك لأن 
حساسية الأغفناب هذل بالدرودة بوه عا واكبوذليل على ذلك نا تلحظة 
جميعا آباه القكاء العارري»عندها تعرس أنديقا تليره الشديد فيفل 
الأنحياين بها 

ويستطيع العصب الواحد. تحت الظروف العادية» أن ينقل عددا هائلا 
مو النيضات ههه تعايع القيضات الحصبية ذه مترعة قن انسل إلى لضو 
ألف نبضة في الثانية الواحدة؛ وإن كانت سرعة انتقال النبضات عادة أقل 
من ذلك بكثير. ولا يكل العصب أو يتعب تحت هذه الظروفء وكلنا لا بد قد 


17 


لغه الكيمياء 


سمعنا عما يسمى عادة بالإرهاق العصبي؛ وهي حالة تعالج عادة بالراحة 
أو بالنوم أو بالابتعاد عن العمل؛ أو بتغيير نوعه. وقد كان من المعتقد أن 
هذا الإرهاق عبارة عن حالة من الكلال تصيب الأعصاب نتيجة للانتقال 
السريع والمركز للنبضات العصبية بهاء ولكن تبين فيما بعد أن ذلك غير 
صحيح على الإطلاق: فقد ثبت عمليا أن الأعصاب تستطيع أن تستمر في 
قل التيضباك الفدبيية غدل هال ند .يصيل إلى 88 [اخيصنة فى الكافي: 
لعدة ساعات دون أن تبدو عليها علامات التعب أو الإرهاق. وحتى في 
جالاك الأرماق الشدينة القى سسب الأشرات: عون الأعضات فى تقل 
النيضات العصبية بالطريقة السادة. ا 

ويبدو أن حائة الإرهاق العصبي تتعاق أساسا بالمراكز العصبية الأخرى 
مثل المخ أو الحبل الشوكي وهي تتميز بخواص أخرى خلاف ما ذكرنا. 

وعلى الرغم من أن الأعصاب لا تصاب بالإرهاقء فإنها تحتاج إلى 
إمدادها بالدم بصفة مستمرة كي تعمل بصورة جيدة. ولو أننا وضعنا ساقا 
فرق الخرى لجر ظيرنة إن الساق اننا تصات يجالة خربية تنكى كنيا 
الاحونانى القخرةا قا وى مداقة تعركها بعديها ولاق هلبه لفظل يرا لفديل» 
فقول إن الساق الملهه وكاو وكات هن الول تمق هليه 

وكن كشرت. هلاه الظاهرة على اساش ن الشرياق الذي يمر كلتك 
الرفشة صنطلةه عنم تك يياها فرق خرص زؤيقال هذا من سرياق اده 
إلى القدم مما يترتب عليه الشعور «بالتنميل» أو فقدان الإحساس. إلا أن 
هذا مغاير للحقيقة. فهناك مسافة كافية خلف ركبة الساق العلياء ويمكن 
للمرء أن يلحظ ذلك بنفسه؛ فلا يوجد هناك ضغط واقع على هذا الشريان 
أوعلى النطقة الث يمر فبهاة كدلك يمكنه أن يخس ينين الند في قدمه 
رغم فقدان الإحساس مما يدل على أن تيار الدم ما زال يسري في القدم. 

وقد اتضح أن الضغط في هذا الوضع: عندما نضع ساقا فوق. أخرى, 
يقع في الحقيقة على عصب يمر في الناحية الخارجية من الساق أسفل 
الركبة مباشرة». وعند وضع ساق فوق أخرى. ينضغط هذا العصب بين 
عظمة الفيبيولا وبين ركية الساق السفلى: وهذا الضغط الواقع على العصب 
هو السبب في الإحساس «بالتتميل». 

وغتن إضراية لحني وس اكه !لوطت /لمنقط عازه قن با وبمترميط 


1 8 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


منه. يؤدي ذلك إلى حدوث هذا الإحساس الغريب. ونحن نشعر بالتنميل 
وكأنه وارد من نهاية العصبء وذلك لأن الإحساس الذي يصل إلى الجهاز 
العصبي المركزي هو نفسه؛ سواء كان صادرا من نهاية الأعصاب, أو كان 
صادرا من مكان متوسط في العصضب. 

وكلنا لا بد قد مررنا بتجربة اصطدام الكوع بالمائدة» وكيف تثير فينا 
هذه الصدمة شعورا غريبا يتمثل في فقدان الإحساس باليد. خاصة الإصبع 
الصغرى فيهاء وكأن المخ في هذه الحالة يقول «إنني استقبل الآن نبضات 
تصدر عادة من الإصبع الصغرى». 

وإذا عدنا إلى تلك الحالة التي كنا نضع فيها ساقا فوق الأخرى, فإننا 
نجد أنه بمجرد رفع الساق العليا عن الساق السفلى. يخف الضغط الواقع 
على العصب. ويبداً شعورنا بذلك الإحساس الذي يشبه وخز الإبر والذي 
نطلق عليه «التنميل». وقد يستمر هذا الشعور لعدة ثوان» وقد يطول إلى 
دقيقة كاملة؛ ويبداً بعد ذلك الإحساس العادي بالساق والقدم في العودة 
تدويجيا ؛ 

ومن الملاحظ أنه خلال الفترة التي نشعر فيها بوخز الإبر. ينقطع 
الإحساس تماما من الجزء التالي للمكان الذي ضغط فيه العصبء أي 
ينقطع الإحساس بالقدم تقريياء ولو أننا خدرنا القدم تماما بحقنها بمخدر, 
فإن الإحساس بالتنميلء أو بوخز الإبر يستمرء مما يدل على أن هذه 
الإشارات تصدر فعلا من المكان الذي ضغط فيه العصبء ويدل كذلك على 
أن المكان الذي يتعرض للضغط في العصب يستطيع أن يصدر نبضات 
عصبية خاصة به. 

ولا يتسبب؛ الضغط على العصب في حدوث تشوه في تركيب العصب؛ 
وإلا احتاج الأمر لعدة أسابيع بدلا من ذقاكق لعودة الالمساين لهذا العصب. 
ويبدو أن السبب الحقيقي في فقد الإحساس هو انقطاع الدم عن ذلك 
الجزء الذي يتم ضغطه من العصب. وكما يقوم الدم بنقل الغذاء إلى كل 
أجزاء الجسم فهو يقوم بتقل الغذاء والأكسجين إلى الأغصاب» كما يساعد 
على إزالة المواد غير المرغوب فيها. 

وقد اتضح أن النقص في الأكسجين هو أهم العوامل التي تؤثر على 
الجهاز العصبي كله؛ فانقطاع الأكسجين عن المخ مثلا لمدة دقيقة واحدة, 


1] 0 


لغه الكيمياء 


قد يصيب المخ بالشلل. أما في حالة الأعصابء فان انقطاع الأكسجين 
عنها لا يؤدي إلى الشلل إلا بعد فترة قد تصل إلى خمس عشرة دقيقة. 

وتتحمل الأعصاب هذا النقص إلى حد ماء ويرجع السبب في ذلك إلى 
أن معدل الاستهلاك للأكسجين فى حالة أغلب الأعصابء. صغير جداء 
ففي حالة عصب الضفدع مثلاء الف كفل بدراني 0 نبضة في الثانية, 
يحتاج إلى ثلاثة أيام كي يستهلك مثل حجمه من الأكسجين: وهو حجم 
صغير جدا. 

وتقلل برودة الجو من الإحساس العصبيء كما أن ارتفاع درجة الحرارة 
عن حدود معينة يتسبب في إحداث أضرار بالغة للجهاز العصبي خاصة 
ا 5 

وقد لوحظ منذ زمن بعيد أنه إذا قام أحد الكلاب بمطاردة أحد الآرانئب 
في يوم حار؛ فإن هذه المطاردة تستمر فترة طويلة تنتهي بسقوط الأرنب 
فاقدا للحياة. وقد فسر تحمل الكلب لهذه المطاردة وعدم تحمل الأرنب لهاء 
أن الكلب يستطيع قلبه أن يحتمل المجهود البالغ الذي يبدل في هذه المطاردة 
في حين أن قلب الأرنب لا يستطيع أن يحتمل كل هذا الإرهاق: فينفجر 
قلبه ويموت في الحال. 

وقد تبين فيما بعد أن قلب الكلب أو قلب الأرنبء لا علاقة لهما بكل 
ذلك؛ ولكن الأمر يتعلق بدرجة حرارة المخ في كل منهماء فعند انطلاق 
الكلب وراء الأرنب. يتسبب ذلك في رفع درجة حرارة جسم كل منهماء ولكن 
الكلب يملك نظاما خاصا للتبريد. يساعد على خفض درجة حرارة المخ؛ أو 
على الأقل يحتفظ بها ثابتة. في حين أن الأرنب الذي لا يملك مثل هذا 
النظام؛ إن لم يجد مكانا يختبئّ فيه. فسوف ترتفع درجة حرارة مخه إلى 
حد كبير تتسبب في إتلاف خلاياه وموت الأرنب في الحال. 

ويتركب هذا النظام الدقيق للتبريد من مبادل حراري يشبه تلك المبادلات 
التي تستخدم في الصناعة: فالدم في الثدييات يخرج من القلب متجها إلى 
المخ؛ ولكنه قبل أن يدخل إلى المخ؛ يمر هذا الدم الشرياني في عدد كبير من 
الفروع أو الشرايين الصغيرة التي توجد داخل انتفاخ يمتلىْ بالدم الوريدي 
الآتي من المخ أو الوارد من الأوردة التي تنتشرضي الأنف. وعلى هذا الأساس, 
فإن الدم الشرياني المندفع من القلب يدخل إلى المخ؛ بعد أن يكون قد فقد 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


جزءا من حرارته خلال هذه الفروع الدقيقة إلى الدم الوريدي الأكثر برودة. 
ويختلف حجم شبكة التبريد السابقة من حيوان لآخرء فهذه الشبكة قد 
تكون على درجة عالية من الكفاءة في حالة السباع والنمور والقطط. وقد 
تكون أقل كفاءة من ذلك فى حالة بعض الحيوانات الأخرى مثل الكلاب 
والذثاب وما إليها. ْ 

وهكذا نجد أنه في المطاردة السابقة بين الكلب والأرنب. تقوم هذه 
الشبكة بتبريد الدم الشرياني الذاهب إلى مخ الكلب. في حين أن الأرنب 
الذي لا يمتلك هذا النظام يندفع الدم الشرياني الساخن إلى مخه طوال 
الوقت مما يتسبب في إتلاف خلايا هذا المخ ووفاة الأرنب في نهاية الأمر. 

والمخ شديد الحساسية للحرارة» فارتفاع درجة حرارته أربع أو خمس 
درجات عن المعتاد يؤدي إلى الإخلال بوظائفه؛ وكلنا نعرف أن الحمى 
الشديدة عند الأطفال تسبب حدوث بعض الانقباضات والتشنجات العضلية, 
وهي ظواهر تعبر عن ذلك الخلل الذي يطراأ على المخ فوق الساخن:؛ ولهذا 
السبب نلجاً إلى وضع كمادات من الماء البارد أو الثلج على رأس المريض 
لتقليل الحرارة بقدر الإمكان. 

وعندما يكون الهواء الجوي ساخنا وتزيد حرارته على حرارة الجسم.: 
فإن هذا يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم وبالتالي ارتفاع حرارة المخ. ولولا 
وجود هذه الشبكة في الرأس وعملية إفراز العرق أو عملية اللهاث في 
بعض الحيوانات: التي تساعد على خفض درجة حرارة الجسم ووالقاني 
خفض درجة حرارة المخ لما تمكن المخ من القيام بوظائفه على الوجه الأكمل. 

وقد بينت التجارب التي أجريت على بعض أنواع الفزلان الأفريقية, 
التي تمتلك شبكة للتبريد مثل تلك التي تحدثنا عنهاء أن درجة حرارة المخ 
في هذه الغزلان في حالتها العادية» تكون أقل من درجة حرارة جسدها 
بدرجة واحدة تقريباء وعندما تبدأ هذه الغزلان في الجري و بذل المجهود, 
نجد أن درجة حرارة مخها تصبح أقل من درجة حرارة جسدها بثلاث 
درجات. وقد بينت هذه التجارب وغيرهاء أن شبكة التبريد السابقة:, لا 
تقوم بعملها بكفاءة إلا عند بذل المجهود العنيف. 

والآن ما هو المخ؟ وهل يستطيع المخ أن يفهم تركيب المخ5 وبمعنى آخرء 
هل يستطيع المخ أن يفهم نفسه؟ إن هذا يشبه إلى حد كبير من يحاول أن 


لغه الكيمياء 


يرفع نفسه في الهواء عن طريق رباط حذائه! 

وهل المخ آلة حاسبة هائلة الحجم عالية القدرات؟ أم هو في الحقيقة 
شيء آخر أكبر من هذا وأعمق؟ 

إن المخ مثل غيره من أعضاء الكائنات الحية الأخرى. يتكون من عديد 
من الخلاياء وهذه الخلايا تشبه الخلايا المعتادة في صفاتها العامة؛ وإن 
كانت على درجة عالية من التخصص. والمخ هو مكان الفكر والذاكرة, 
ومركز الإحساس والتعلم وذلك الشعور الغريب الذي نسميه المستقبل. 

ويمكن دراسة المخ مثله في ذلك مثل غيره من الأنسجة؛ ويمكن التعرف 
على إشاراته الكهربائية» ومعرفة الكيميائيات التي تتعامل بها هذه الخلايا 
التي يتكون منها. كما يمكن الاستدلال على بعض الطرق التي تعمل بها هذه 
الخلاياء وعلى الرغم من ذلك يبقى المخ وحده فريدا في نوعه. ولا يوجد 
شيء مثله في هذا الكون. 

وتنشأ المشكلة الحقيقية عندما نتكلم عن العقل أو الفهمء ولا يمكننا 
تعريف العقل بسهولة؛ فهي كلمة يصعب فهمها على حقيقتهاء. أو وضع 
مدلول لهاء ولكنها بالقطع تمثل إحدى الوظائف التي يقوم بها المخ بكفاءة 
عالية؛ وربما كانت في الحقيقة نتاجا لعدة وظائف يقوم بها المخ. 

ويصعب علينا أن نتصور تركيب المخ على حقيقته؛ فهو على الرغم من 
صغر حجمه وخفة وزنه الذي لا يزيد على الكيلوجرام إلا قليلا في الإنسان؛ 
يقوم بمئات من المهام ويحكم رقابته على كل شيء: ويصبح هو الآمر الناهي 
في جسد الكائن الحي. ويتكون المخ من عدد هائل من الخلايا يزيد على 
ماتة ألف مليون خلية؛ وهو عدد يشبه عدد النجوم التي تتكون منها مجرتنا 
الهائلة. 

وتتكون الخلايا العصبية من جسم يبلغ قطره نحو 0,١‏ من المليمتر 
تقريباء ويتفرع من هذا الجسم فرع رئيسي يسمى أكسون وعدد آخر من 
الفروع الثانوية تسمى دندرتيات «12007165». وتتبادل الخلايا العصبية 
الإشارات فيما بينهاء وتنطلق هذه الإشارات بطريقة مزدوجة؛ فهي إشارات 
كهربائية في إحدى مراحلهاء تتحول إلى إشارات كيميائية في مرحلة أخرى. 
فالإشارة الت تنشأ في الخلية العصبية وتنطلق في الأكسون هي إشارة 
كهربائية. وعندما تصل هذه الإشارة إلى نهاية ألا كسون تتحول إلى إشارة 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


كيميائية» فهي تنتقل من خلية إلى أخرى عن طريق بعض الجزيئات الكيميائية 
التي تسبح خلال نقط الاتصال الواقعة بين الخلايا والتي تعرف باسم 
«ع5[72225)». 

وعلى الرغم من أن الخلية العصبية تشبه غيرها من خلايا الجسم من 
ناحية التركيب العام. ومن ناحية احتوائها على العوامل الوراثية نفسهاء إلا 
أنها كما رأينا تتشكل بشكل خاص يسمح لها بنقل المعلومات من خلية إلى 
أخرى. 

ويعتمد عمل المخ على عملية نقل المعلومات بين خلية وأخرى. وكل خلية 
عصبية مؤهلة لذلك كل التأهيل. فكل خلية منها قد تملك ما بين 1000 إلى 
حوالي 10000 نقطة اتصال تسمح لها بنقل ما لديها من معلومات إلى 
غيرها من الخلاياء كما أنها تستطيع أن تتلقى معلومات من حوالي ١000‏ 
خلية عصبية أخرى. 

ويعتقد كثير من العلماء أن قدرة الفرد على الإحساس وعلى التفكير 
والتذكر والتعلم؛ تعتمد اعتمادا كبيرا على عدد نقط الاتصال التي تقع بين 
خلايا المخ وعلى طبيعتهاء وربما كان من أهم الوظائف التي يحققها الاتصال 
بين خلايا المخ العصبية. هي القدرة على تغيير السلوك كرد فعل لحصيلة 
المؤثرات الخارجية أو الخبرة. وهي ما نسميه بالقدرة على التعلم» وكذلك 
القدرة على اختزان هذه التغيرات لفترة من الزمان: وهي ما نسميه بالذاكرة. 
ولا شك أن القدرة على التعلم والذاكرة. هي أهم ما يميز مخ الإنسان من 
غيره من الكائنات الأخرى. ويعتبر المخ من أكثر أجزاء الجسم استهلاكا 
للطاقة. ويبدو ذلك واضحا من تزويده بكميات كبيرة من الدم؛ ومن استهلاكه 
لكميات كبيرة من الآكسجين. وبرغم أن المخ لا يمثل إلا حوالي 2 من وزن 
الجسم كله؛ إلا أن استهلاكه للأكسجين يزيد على حوالي 20 من استهلاك 
الجسم الكلي للأكسجين في حالة السكون؛ ويبلغ مقداره نحو 50 ملليلتر 
في الدقيقة الواحدة. ويتضح من ذلك الاستهلاك الكبير للأكسجين مدى 
تعقيد وظائف المخ وعمله الدائم» ويبدو أن استهلاك المخ الكبير للطاقة يتم 
للحفاظ على التوازن الأيوني خلال أغشية الخلاياء وهي تلك العمليات 
التي تنتقل عن طريقها المؤثرات المختلفة بين ملايين الخلايا العصبية. 

ولا يتغير معدل استهلاك الطاقة بالنسبة للمخ خلال الليل والنهار, فهو 


لغه الكيمياء 


لا يقل ليلا؛ ولا يزيد نهاراء ولكن هذا المعدل يبقى ثابتا إلى حد كبير, بل قد 
يزيد قليلا في أثناء فترات الأحلام بالليل» ولكن المكافىّ الكهربائي لهذه 
الطاقة المستخدمة بواسطة المخ لا يزيد عادة على نحو 20 وات. 

وقد تستطيع خلايا الجسم في أجزائه المختلفة استعمال أنواع مختلفة 
من الوقود؛ فهى قد تحرق السكريات أو الدهون أو الأحماض الأمينية؛ كى 
تحغيل على الطاقة الاؤزهنة لها ولك الكاذيا المدسية لافطليع لاك 
فهي لا تستعمل إلا الجلوكوز الموجود في الدم. كذلك قد تستطيع بعض 
خلايا الجسم الأخرى أن تعمل ولو فترة قصيرة؛ في غياب الأكسجين مثل 
خلايا المملذكب ولك نافيا الم عديذة الأحكياج إلى الأكسيسين: ل 
يمكنها الاستغناء عنه أبداء فإذا انقطع تيار الدم الحامل للأكسجين عن 
المخ» فإن هذا يتسبب في فقدان الشعور خلال عشر ثوان» وقد يتسبب ذلك 
في اصابة المخ ببعض الأضرار: ويحدث الشيء نفسه إذا قل مستوى الجلوكوز 
في الدم الوارد إلى المخ: فيدخل الشخص في غيبوبة مثلما يحدث عندما 
يحقن المصاب بالسكر نفسه بجرعة زائدة من الأنسولين. 

والخلايا العصبية فائقة الحساسية؛ فقد يحدث بعض الخلل في وظائفها 
إذا دخلت بعض المواد الغريبة السامة إليها مع تيار الدم؛ أو إذا وصلت إليها 
بعض الجزيئات الصغيرة مثل جزيئات بعض الأحماض الأمينية؛ ولعل هذه 
الحساسية الفائقة هي السبب في أن المخ معزول عن الدورة الدموية العامة 
بذلك النظام ذي الترشيح الاختياري: والذي يعرف باسم «حاجز الدم- 
المخ». 

وتعود كفاءة هذا الحاجز إلى عدم النفاذية النسبية للأوعية الدموية 
في المخ وإلى أن هذه الأوعية تحاط بجدار آخر من خلايا نسيج المخ:. وهي 
خلاف الخلايا العصبية وتسمى خلايا جلايل 15لاءه لهنا© وهي خلايا النسيج 
التي تحمل فيما بينها الملايين من الخلايا العصبية. 

ونظرا لوجود هذا الجدار الآخر من الخلايا المذكورة حول الأوعية 
الدموية؛ فإن كثيرا من المواد والجزيئات لا تستطيع عبور هذا الحاجزء ولا 
تستطيع: بذلك؛ النفاذ خلال جدر هذه الأوعية؛ ولا يمنع ذلك طبعا مرور 
بعض الجزيئات الصغيرة: مثل جزيئات الأكسجين:. ولكن وجود هذا الحاجز 
يجعل من الضروري أن يأخذ المخ ما يحتاجه من الجزيئات الكبيرة مثل 


54 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


جزيئات الجلوكوز عن طريق تيار الدم فقط. 

ويشبه هذا النظام تلك الأسوار التي كثيرا ما نقيمها حول ممتلكاتنا لمنع 
دخول غير المرغوب فيهم: والسماح لقلة آخرين بالدخول عن طريق البوابات 
فقط. ويعتبر نظام «حاجز الدم-المخ» ذا أهمية خاصة عندما نفكر في صنع 
الأدوية التي يتطلب أن تؤثر على المخ: فإن جزيئات هذه الآدوية لا بد أن 
تكون صغيرة الحجم حتى تستطيع اجتياز هذا الحاجز والنفاذ خلال جدر 
الأوعية, أو أن تكون سهلة الذوبان في الأغشية الدهنية لجدر خلايا نسيج 
المخ أو خلايا الجلايل. 

وهناك أجزاء قليلة من المخ غير محمية بهذا الحاجز الذي نحن بصدده؛ 
وهذه الأجزاء تستطيع أن تستقبل أصنافا متعددة من الجزيئات ومن المعتقد 
أن هذه الأجزاء مخصصة لاستقبال الهرمونات؛ أو أن وظيفتها مراقبة 
التركيب الكيميائي للدم. 

ولا يمكن استبدال الخلايا العصبية للمخ: فهذه الخلايا يجب أن تبقى 
مدى حياة الكائن؛ ولهذا فلا بد أن تكون هناك ميكانيكية خاصة لتجديد 
مكونات هذه الخلاياء ويقتضي هذا أن تقوم هذه الخلايا بتصنيع عشرات 
من الجزيئات الكبيرة ومئات من الآنزيمات في نواها. 

وتعتبر الوظائف الكيميائية للمخ على درجة عالية من التعقيد. فجميع 
المواد الناقلة «5هاندومهء» وهي المواد التي تؤدي إلى انتقال النبضات أو 
الإشارات من خلية إلى أخرى عن طريق نقط الاتصالء لا تفرز إلا بكميات 
ضئيلة جداء وذلك بالإضافة إلى التعقيد البالغ لأنسجة المخ. حتى أنه 
يصعب فصل هذه المواد الناقلة أو التعرف عليها. 

وقد تمكن بعض الباحثين من تفكيك الخلايا العصبية بطريقة خاصة: 
وتمكنوا بذلك من الحصول على بعض نهايات الأعصاب في حالة سليمة: 
وقاموا بتحليل مكونات هذه النهايات: وقد تبين لهم من هذه التجارب أن 
أغلب المواد الناقلة للاشارات العصبية تتركز في نهايات الأعصاب؛ وهي 
عبارة عن جزيئات صغيرة الحجم تحتوي على النتروجين. 

وتنقسم هذه الناقلات من حيث فعلها إلى قسمين. فهناك مجموعة 
منها ذات أثر منشطء وهناك مجموعة أخرى منها ذات أثر مثبط؛ وإن كان 
هذا التقسيم لا يتصف بالوضوح أحياناء وذلك لأن بعض هذه الناقلات قد 


لغه الكيمياء 


يكون له أثر منشط في جزء من المخ: بينما يكون له أثر مثبط في مكان آخر 
منه. وأهم الناقلات ذات الأثر المثبط في المخ هو حمض «جاما» امينو 
بيوتيريك «10خ ءتتناطاومنصسة - ,م » ويطلق عليه اختصارا اسم «جابا» 
حفن . 
00011 - م011 - يكآه - يتآ - االول] 
حمض جاما امينوبيوتيريك 
«جابا» 

ويتركب هذا الحمض من سلسلة من ثلاث ذرات من الكريون تتصل 
بأحد أطرافها مجموعة أمين. وتتصل بالطرف الآخر مجموعة كربوكسيل؛ 
وبذلك فهو ينتمي إلى مجموعة الأحماض الأمينية التي سبق أن ذكرناهاء 
والتي تتكون منها جميع بروتينات الجسم. 

ولا يدخل هذا الحمض الأميني «جابا» في تركيب بروتينات الجسم. 
وهي ملاحظة فريدة في نوعهاء وكأن هذا الحمض يصنع في الجسم 
لاستخدامه في المخ فقطء. ولعل هذا نوع من الاستقلال في العمل بالنسبة 
للمخ؛ وهو فعلا لا يصنع في أي مكان في الجسم, ولكن يجري تصنيعه في 
المخ أو في الحبل الشوكي فقط. ومن المقدر أن 30“ على الآقل من نقاط 
الاتصال بين خلايا المخ تستعمل هذا الحمض في عمليات نقل الإشارات 
العصبية. 

وهناك حمض أميني آخر قريب الشبه من «جابا» يقوم المخ باستخدامه 
في نقل الإشارات العصبية؛ وهو يعرف باسم حمض الجلوتاميك؛ ولكنه في 
هذه الحالة ذو أثر منشط في المخ؛ ويعد هذا مثالا للتعبير عن كيفية أن 
تغييرا بسيطا في التركيب الكيميائي يؤدي إلى تغير واسع المدى في عمل 
وآثر المادة. 

0011 - ,011 - ,011 - ته - الول 
00011 
حمض جلوتاميك 

ومن المعتقد أن بعض المهدئات مثل «ديازيبام» المعروف باسم «الفاليوم» 
ليس له أثر مباشر في المخ؛ ولكنه يساعد على زيادة فعالية «جابا» في 
تثبيط النبضات العصبية في الأماكن التي له فعل فيها. 


56 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


وتتلخص العمليات الكيميائية التي تحدث عند نقط اتصال الأعصاب, 
في عدة خطوات تحدث بالترتيب التالي: 

أولا: يتم تخليق المادة الناقلة في الخلية الحية من أقرب المواد شبها بها. 
ويتم ذلك عادة بواسطة أنزيمات خاصة:؛ كما قد يحدث هذا التخليق على 
خطوة واحدة أو على خطوات. 

ثانيا: يتم نقل جزيئات المادة الناقلة من جسم الخلية إلى نهايات الأعصاب 
حيث تختزن هناك داخل حويصلات خاصة عند نقط الاتصال بين الخلاياء 
وتقوم هذه الحويصلات بحماية جزيئات المادة الناقلة من فعل الأنزيمات 
المختافة التي تسج في سوائل الخلية والتي قد تدمر هذه الجزيئات. وتحتوي 
كل حويصلة من هذه الحويصلات على نحو ١00000‏ من هذه ا لجزيئّات. 

قالقا معد وحمول تك # عشبية زعلى شيقة إشارة كيوياقية) إلى نهايات 
الأعصاب» تقوم هذه بإطلاق عدد هائل من أيونات الكلسيوم: وتؤدي هذه 
بدورها إلى إطلاق جزيئات المادة الناقلة في الفراغ الواقع بين نقط اتصال 
الخلاياء وتتدفع هذه الجزيئات سابحة في هذا الفراغ الخلوي المملوء 
بالسواكل والذي يقع بين طرف العصب وبين غشاء الخلية العصبية التي 
سككاقى النيضة أو الإشارة 

رابعا: تتفاعل جزيئات المادة الناقلة مع بعض مواقع الاستقبال الموجودة 
بقفاء الكلية الستعيلة للليظية ويذلكف فصل التريبالة من بخلية إلى اتخرى. 

ووقفيهنا إن تكله كلياة دن مواقم الاستعبال | الرعودة يسان الخلية 
اللستقالية الفيطنةكيذه الواقع عبارة عن جويكاك كبيرةمن البروتين مدكونة 
فى غشاء النخلاياء والكى سبق نا آن تكلمنا عنها عندها ناولنا جدان 
الخلية الحية: وتشبه هذه الجزيئات البروتينية الضخمة جبال الثلج العائمة 
كوف سطع لاجرل كو جخاير ينها يفطي الالجزاء نكا ره دار االكلية. وهر 
كذلك أجزاء أخرى منها داخل الخلية. 

وهناك منطقة خاصة في هذا الجزء الضخم يمكن أن يتداخل فيها 
جزء المادة الناقلة. وتشبه هذه المنطقة: ذلك الموقع النشيط الذي تحدثنا 
عنه في حالة الأنزيمات. ولا يمكن لهذا الموقع النشيط أن يستوعب إلا تلك 
الجزيئات التي يتناسب شكلها الفراغي مع شكله وحجمه وبذلك تستطيع 
أن تتداخل فيه. كذلك يتصرف الموقع النشيط في الحالة التي نحن بصددهاء 


]57 


لغه الكيمياء 


فلكل نوع من المواد الناقلة موقع خاص تستطيع أن تتداخل فيه جزيئاتها 
كما يتداخل المفتاح في القفل الخاص به. 

ويؤدى تداخل جزء المادة النافلة في جزء البروتين إلى تغير في الشكل 
الفراغي العام لجزء البروتين المستقبل؛ ويؤدى ذلك إلى صدور نبضة أخرى 
قد تنشط الخلية العصبية أوتثبيطهاء أوقد تؤدى إلى انقباض عضلة أو إلى 
أن تقوم غدة بإفراز أحد الهرمونات أو ما شابه ذلك. 

وفي كل حالة من الحالات يقوم جزء البروتين المستقبل بترجمة الرسالة 
الكامنة في التركيب الكيميائي للمادة الناقلة إلى رد فعل فسيولوجي محدد . 
وقد لا يستغرق رد الفعل المذكور جزءا من الثانية كما يحدث عند انقياض 
العضلات. وقد يستغرق رد الفعل عدة دقائق فى حالات أخرىء وأحيانا 
يستغرق عدة ساعات كما في رجانه تسنيع المرسونانت: 

ومن المعتقد أن تغير الشكل الفراغي العام لجزيئات البروتين المستقبلة 
يتسبب في فتح بعض الثغور أو المسام في جدار الخلية مما يساعد على 
مرور بعض الأيونات من داخل الخلية إلى خارجها أو بالعكسء وذلك نتيجة 
لتغير الجهد الكهربائي في هذا الموقع بعد تداخل المادة الناقلة. ويعتمد 
الأثر المثبط أو المنشط للمادة الناقلة على نوع الأيونات التي تتحرك وعلى 
اتجاه هذه الحركة. 

ويمكننا أن نضرب مثالا لذلك بتلك المادة الناقلة المسماة أسيتايل كولين, 
فهذه المادة لها أثر منشط عند نقطة الاتصال بين العصب وبين العضلات؛ 
وذلك لآن هذه المادة الناقلة تؤدي إلى حركة أيونات الصوديوم موجبة التكهرب 
من خارج الخلية الحية إلى داخلهاء وبذلك يتعادل جزء كبير من الشحنات 
السالبة بهاء أو بمعنى آخر يتعادل الجهد السالب الذي تحمله الخلية بداخلها . 

ومن ناحية أخرىء تقوم تلك المادة الناقلة المسماة «جابا» السالفة الذكر 
بتنشيط البروتين المستقبل الموجود بجدار الخلية بطريقة تسمح بمرور 
أيونات الكلور السالبة التكهرب؛ وهي تندفع في هذه الحالة من خارج 
الخلية إلى داخلها كذلك؛ وبذلك تساعد على زيادة فرق الجهد الكهربي 
خلال جدار الخلية. وبذلك تحيلها إلى خلية غير نشيطة بصفة مؤقتة, 
ولهذا يقال عن «جابا» إنها مادة ناقلة ذات أثر مثبط للنبضات العصبية. 

وليست الأمور بهذه البساطة دائماء فإن هناك نظرية أخرى تقول إن 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


0 032 
|| 


04 


0113 - © - 0 - 0112 - 0112 - 7 - 3 


03 
أسيتايل كولين 

المواد الناقلة الى نحن تنضددها 'تساعه على زيادة تركين مراسل آخن 
موحود كن النقليه اللستغيلة لاقيضة العصبية وف تقل اكادة التاقله طبع 
عكس ذلك فتساعد على الإقلال من تركيز هذا المراسل الأخر. ويؤدي 
حدوث هذه الظاهرة أو تلك إلى حدوث الأثر المنشط أو الأثر المثبط للمادة 
الناقلة. 

ومن الملاحظ أن جميع المواد الناقلة تحتوي على عنصر النتروجين في 
تركيبها وغالبا ما تحتوي جزيئاتها على مجموعة الآمين ,2/11 - أو مشتقاتهاء 
ولذلك فإننا نجد أن هناك عددا كبيرا من هذه المواد الناقلة ومنها مثلا 
جزيئات بروتينية صغيرة تنتهي سلاسلها هي الأخرى بمجموعة الامين 
13-؛ وهي تسمى عادة الببتيدات العصبية. وتتركب جزيئّاتها من عدد 
قليل من وحدات الأحماض الأمينية يتراوح بين 39-5 وحدة من هذه الأحماض. 

وتوجد هذه الببتيدات العصبية عادة فى نهايات الأعصاب., ويبدو أنها 
شكلم الحملنااك الاعقر فيد .مكل الشهوى بالعظفل والذاكرةوالخصرفات 
الجنسية؛ وغيرهاء وهي تلعب أدوارا متعددة في أماكن مختلفة من الجسم, 
فنجد أن بعضا منها يمنع إطلاق هرمون النمو من الغدة الصنوبرية: ومنها 
ما ينظم إفراز الأنسولين من البنكرياس وهكذا. 

وعند تداخل جز المادة الناقلة مع المستقبل فإنه يجب إزالة نشاطه في 
الحال: وإلا استمر أكره مدة:ظويلة مما يفسد نظاع تبادل الإشتارات بين 
الخلايا. ويمكن إزالة نشاط بعض هذه المواد الناقلة بواسطة أنزيمات 
خاصة توجد في الفراغ الواقع بين نقط اتصال الخلايا بعضها ببعض؛ ومن 
أمثلة ذلك أسيتايل كولين فهناك أنزيم خاص يسمى «اسيتايل كولين استراز» 
يستطيع أن يدمره في الحال؛ وهو يستطيع أن يدمر 25000 منه جزئ في 
الثانية الواحدة. 

ولا تنطبق هذه الحالة على جميع المواد الناقلة. فإن بعضا منها بعد أن 


56 


لغه الكيمياء 


ينطلق من نهاية الأعصاب ليحدت الأثر المطلوبء؛ فانه يعاد امتصاصه إلى 
الداخل مرة أخرى. وهناك إما أن يدمر بواسطة أنزيمات خاصة وإما أن 
يعاد استخدامه مرات ومرات. 
ومن أمثلة الحالة الأخيرة تلك المواد الناقلة مثل جاباء والدوبامين 
والسيروتونين. وتحقق هذه الحالة الأخيرة وفرا هائلا فى المواد الناقلة 
حيث يمكن إعادة استخدامها مرات ومرات. ا 
0112-0112-2 


جه 


سيروتونين ‏ 5610]0018 دوبامين عصمتصدمه2آ[1 


0112-012-2 10 


الكل 


015 


وقد ألقت البحوث التي أجريت في هذا المجال كثيرا من الضوء على 
الطريقة التي تعمل بها بعض العقاقيرء فهي إما أن تساعد على إفراز المادة 
الناظلة أوتعرق إقرازهاء :ومح امظلة ذلك الأمقيس اميه شمو ناهد فلن 
إطلاق المادة الناقلة المسماة الدوبامين من نهاية الأعصاب وهي مادة ناقلة 
تؤكر على مراكن الأحساس بالسعادة في المخ: وعتد استخدام كميات كبيرة 
من الاتقيتامين يؤدي الك إلى يلبلة الآمكاز والهاوسة وكيره امن الكعاسيس 
المماثلة. 

وهناك كثير من العقاقير التي تشبه ا مواد الناقلة في التركيب؛: وهي 
لهذا تستطيع أن تؤثر على الميكانيكية التي تعمل بها الناقلات أحادية الأمين. 
ومن افظلة لكت غقار الباوسة السمي «السكالين» وهو سبازة عن شلواني 
يوجد في كثير من النباتات وهو يشبه المادة الناقلة «الدوبامين» كما يشبه 
المادة الناقلة «نورابينفرين» في التركيب. 


0112-12-(01) 08 0282-0112-2 
0230 
150 00030 
01 002 
نورابينفرين عصتتطمعمامءءهك! مسكالين عصنتلوءدء/1! 


1|600 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


كلف ماق شقان الوارزنية االحروف بالسه حفن بلسرجراف شاقن اقيل 
أميد». أو «(51.ط». وهى الحروف الأولى من اسمه «لنعث عنعنعورآ 
ع10تةانإط]ء11» فهو يشبه المادة الناقلة السيروتونين إلى حد ما. 
0021 
1 ممع - 


> كترق 


ل 
1 
مدآ 


ويعتبر عقار الهلوسة «(1.51» فريدا فى نوعه. فهو ذو تأثير غير عادي 
على الإنسان. حيث إن تعاطي كمية ضئيلة للغاية منه. لا تزيد عن 75 
ميكروجرام تكفي لإحداث الهلوسة. 

وقد تقوم بعض هذه العقاقير بالتداخل في مواقع الاستقبال العصبية 
بدلا من المواد الناقلة فتحدث بذلك آثارها غير المرغوب فيهاء كما أن بعضا 
منها قد يعمل عن طريق غير مباشر وذلك باستثارة مراسل ثان داخل 
الخلية. ويبدو أن مجموعة المواد المنبهة مثل الكافيين والمواد المشايهة له 
تعمل بهذا الأسلوب الأخير: فهذه المواد التى توجد فى القهوة أوفضى الشايء» 
تمنع تكون أنزيم خاص يتخصص في تدمير المراسل الثاني وهو في هذه 
الحالة أدينوسين الأحادي الفوسفات؛ وعلى هذا فإن تعاطى مثل هذه المواد 
باعتدال يساعد على زيادة تركيز المراسل الثانى وهو أدينوسين الأحادي 
الفوسفاتء؛ وبذلك يمكن اعتبارها مواد منشطة معتدلة التأثير. 

وعلى الرغم من هذه المعلومات الهائلة التي توصل إليها العلماء 
المتخصصون في هذا المجال؛ والتي لم نذكر منها إلا أقل القليل: قما زالت 
الطريقة التي يعمل بها المخ ويسيطر بها على جسد الكائن الحي تمثل 
واحدا من أصعب التحديات أمام العلم الحديث. 


١‏ ا 


لغه الكيمياء 


ويعتقد بعض العلماء أن ما نسميه بالذكاءء أو القدرة على التفكير 
والاختبار. من أهم الظواهر التي تميز بين الإنسان وغيره من المخلوقات. 
ولا يعرف أحد على وجه التحديد مركز هذه الظاهرة أو مكانها في المخ. 
ويبدو أنها حصيلة نشاط خلايا المخ ومراكزه مجتمعة؛ وبذلك تكون حصيلة 
ذلك النشاط الذي تبديه بعض الجزيئات العضوية الكبيرة التي يتركب منها 
المخ وتسبح في خلاياه. 

ويرى البعض أن خاصية الذكاء. وهي إحدى مميزات الحياة في أرقى 
صورهاء لن تعتمد في المستقبل على عناصر عضوية من الجزيئات الكبيرة: 
ولكنها ستعتمد بعد ذلك على عناصر آلية من نوع خاص؛ ويعني ذلك أن 
خاصية الذكاء لن ترتبط بالمخ البشري فقط كما هو الآن: ولكنها ستكون 
مستقبلا خاصية عامة يمكن لبعض الآلات. مثل الحاسبات الإلكترونية 
وغيرهاء أن تمتلكها! 

ويرى أصحاب هذا الرأي أن تخزين المعلومات بدأ في أول الأمر في 
جزيئات عضوية كبيرة عملاقة. هي جزيئات الحمض النووي 4اطاط: الذي 
يحمل ما يزيد على ألف مليون معلومة؛ ثم بدأ بعد ذلك تخزين المعلومات 
الزائدة في عناصر عضوية أخرى وهي العناصر التي يتكون منها المخ. 
والتي تتسع لتخزين ما يزيد على ألف مليون معلومة أخرى أو أكثر. 

وبزيادة المعلومات التي عرفها الإنسان؛ لم يستطع المخ الاحتفاظ بهذا 
الكم الهائل من المعرفة؛ فاستخدام عناصر أخرى مثل الورق والكتب لاستيعاب 
آلاف الملايين من المعلومات الأخرى التي حصل عليها الإنسان؛. وصف هذه 
الكتب في مكتبات هائلة في كل مكان. ويبدو أننا قد دخلنا في عصر جديد 
واد فيه االعنوماك واللمعرفة إلى بعد يموق ملاقة اليشين ولأيسيع لد كن ما 
صنعه الإنسان من كتب ومكتبات؛ ولهذا لجا الإنسان إلى عناصر آلية 
لتخزين هذه المعلومات واستعادتها عند الحاجة إليها فكان ابتكار الحاسبات 
الإلكترونية التي نستخدمها في كل مجال اليوم. 

وقد قام الإنسان بصنع الحاسبات الإلكترونية على نمط مشابه كل 
الشبه للنمط الذي يعمل به المخ البشري: وتمكن من أن يعطي هذه الحاسبات 
القدرة على القيام ببعض الوظائف التي يقوم بها المخ» ولهذا فهو يتصور أن 
مثل هذه الحاسبات ستستطيع في يوم من الأيام أن تقوم بكل وظائف المخ 


162 


كيف تنتقل الرسائل خلال الأعصاب؟ 


بما فيها الذكاء. وهناك من يتصور أن مثل هذه الحاسبات الإلكترونية 
المتقدمة ستصبح يوما ما أكثر تفوقا من العقل البشري وأنها قد تمتلك 
القدرة على تعليم نفسها بنفسهاء تماما كما يفعل الإنسان. فهو يستخدم 
قوة مالاحظته وخبراته السابقة في تجنب الوقوع في الأخطاء. ويرى أصحاب 
هذه التصورات أن عملية التعليم هذه ستؤٌهل هذه الحاسبات للوصول إلى 
مرحلة العبقرية والتفكيرء وبذلك ينشأً في نهاية الأمر جيل من الحاسبات 
الالتفرونية يمكها أن نسنيه هيل الشناقره الآلبين: له كدر على الابمكان 
والابتداع» ويتفوق على الإنسان نفسه في كل شيء. 

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى تلك السرعة الهائلة التي تطورت بها 
الحاسبات الإلكترونية منذ ظهورهاء ويمكننا أن نقول إن هناك جيلا جديدا 
متطورا من هذه الحاسبات كل عشر سنوات تقريبا. ويعني كل ذلك أن نمو 
قدرات الحاسياة الالكترونية وازدياد تكائهاسباتيان بضصورة طبيعية: هيدا 
النمو سيرتبط بالتقدم في تركيبها وزيادة إمكانياتها لا أكثر. وسيكون كل 
ذلك نتيجة طبيعية لتعاقب أجيالها المختلفة جيلا بعد جيل وإذا استمرت 
هذه الحاسبات في التقدم بهذا الأسلوب؛ فسوف تسبق النمو الطبيعي 
لذكاء الإنسان. 

ولا يمكننا بالطبع أن نأخذ هذه الأفكار مأخذ الجد. خاصة إذا علمنا 
أن المخ البشري الذي يقارن الآن بهذه الحاسبات, لا يعمل إلا بخمس طاقته 
الكلية. أي بما لا يزيد على 20 من طاقته وقدراته الفعلية: فما بالنا إذا 
عمل هذا المخ بطاقته الكاملة! 

وإذا قارنا قدرات المخ البشري بقدرات أفضل الحاسبات الإلكترونية 
الموجودة اليوم؛ لا تضح لنا على الفور أن هذه المقارنة ستكون في صالح المخ 
البشري. فمتوسط وزن المخ البشري مثلا لا يزيد على 3, | - 4, ١‏ كيلو جرام 
من المادة الحية. ورغم هذا الوزن الصغيرء فإن المخ البشري يمتلك عددا 
هائلا من الخلايا الملتخصصة يزيد عددها على ثلاثين بليونا. وتستطيع 
هذه الخلايا الصغيرة أن تستوعب وتختزن قدرا هائلا من المعلومات يفوق 
كل وصف-_فالمخ البشري يستطيع أن يختزن في ذاكرته ما يقرب من مائة 
ألف مليون معلومة في نفس الوقت,. وهولا يستهلك في عمله إلا قدرا 
مشلا جد ا من الطلاكة ل يؤية هن 0ق وات تفمل. 


65 


لغه الكيمياء 


ولا شك أن هذا يمثل قمة الإعجاز. غفي داخل تلك الكتلة الرمادية من 
خلايا المخ, تختزن كمية هائلة من المعلومات والخبرات والأحداث التي 
عاقيا الاسان : ولو انا أودكا اق شيجل كل :كلك العلونات على الأوراق: 
لاحتاح الأمن إلى ملايين السيقاحات» ولو جمعت هذه الميقحات على هيكة 
#فوصميطلة شعي لاحنيها إلى لاف الأنقار الكمة لحفكل سذه الكقي 

وإذا كارتا كن اتاسيسدره الحابيات الالتفروقة توجدنا أن أشوف هده 
الحاسبات وأكثرها كفاءة اليوم: لا يمكنه أن يختزن في ذاكرته إلا بضع 
بالاين ككل مو هه الأحوات والطلومات: وعلى عين يبدو هذا ارقم 
كيلا وهرواة ممدارهه بإمكانيات ذاكرة الع البشرق: كان دنجم مثل هذا 
الخاسي الكفه: سييدو فاكلا بالتسبة تحجم. الخ البشرئ الصقين: الذى 
الأجزاية حسودهم ححة جمحي ةا يفا يقل هذا الحاسب جعها ماكلة: 
كد يصيل إلى شدة شر قدوقا عاه وحي الانتنى هنا آخ هنذا |السايثب 
القليل الإمكافيات: الكبير الشعم. يحتاج إلى قدر كيين من الطاقة فل ييل 
مائة ألف وات أو يزيد. 

وتوضع هده المقاركة البسيطة مقدان الكفاءة البالغة الكى يبديها المخ 
البشري, فرغم صغر حجمه. الذي لا يزيد على حجم أحد أشرطة التسجيل 
بأي حاسب إلكترونيء فهو يستطيع أن يقوم بعمل يزيد على عمل الحاسب 
الهائل آلاف المرات: ولا يستخدم في ذلك إلا قدرا محدودا جدا من الطاقة: 
ويقغل كل كلفديما الا يزيد على حمسن طاقته الكلية فقط. 

ولو آنا آردنا آن تبني .حاسبا إتكترونيا يستطيع أن يقلن طاقات المخ 
البشري كاملة لوجدنا آن أبعاد هذا الحاسب ستصل إلى حدود شائلة:ولا 
بد له أن يشكل عيبا جتغللا: :قديفوق حجم الكرة الآرضية نفسها :كما أنه 
سوف يستهلك قدرا رهيبا من الطاقة قد يصل إلى حوالي ألف مليون وات. 
وبالرغم من كل ذلك؛ فإن مثل هذا الحاسب الإلكتروني الضخم,؛ لن يكون 
في قا الاسرسوى امه كران للدة البشرى:. 

والمخ البشرئ يشغل موقما فريدا بين سائر الموجودات فى هذا الكون, 
ولا يوجد ما يماثله على الإطلاقء وربما كان من أعجب الأمور أن المخ يكتب 
الآن عن نفسه عندما أكتب هذه الكلمات؛ ويقرأ أيضا عن نفسه عندما 


تقرأ أنت هذا الكتاب. 


1 4 


كل 


مصادر الطاقة في الخلية 
الحيه 


تجري في الخلية الحية مئات من التفاعلات 
الكيميائية المتنوعة. ولهذا فان الخلية تحتاج إلى 
مصدر مستمر من مصادر الطاقة لدفع هذه 
التفاعلات إلى نهايتهاء ولإجراء عملياتها الحيوية, 
وحتى تستطيع القيام بوظيفتها على خير وجه. 
وتشبه الخلية الحية الشمعة إلى حد كبير: فكلاهما 
يحتاج إلى أن يحرق جزءا من الوقود للحصول على 
الطاقة المطلوبة. 

وتتم عملية حرق الوقود في الشمعة على خطوة 
واحدة. فتتحول الطاقة الكيميائية إلى ضوء وحرارة 
مرة واحدة وذلك عن طريق إحراق المادة 
الهيدروكربونية التي تتكون منها الشمعة. وهي 
الشمع. حيث تتحول في وجود أكسجين الجو إلى 
ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء. 

ولا تستطيع الخلية الحية أن تحصل على الطاقة 
اللازمة لها بنفس هذا الآسلوب. فهي لا تستطيع 
أن تحرق ما بها من وقود دفعة واحدة. كما تفعل 
الشمعة, وذلك لأن الخلية الحية لا يمكنها أن 
تستعمل الطاقة الحرارية الكبيرة التي قد تنتج عن 


65 


لغه الكيمياء 


هذا الإحراق. ولهذا نجد أن الخلية الحية تتحايل على ذلك؛ وتتغلب على 
هذه الصعوبة بإحراق ما بها من وقود على عدة خطوات متتابعة. يكون 
أقلها وأندرها تحويل الطاقة الكيمياتية إلى طاقة حرارية. 

ويعني ذلك أن الخلية الحية لا تطلق الطاقة الناتجة عن إحراق الوقود 
على هيئة طاقة حرارية: ولكنها تفعل ذلك عن طريق بعض عمليات الأكسدة 
المتتابعة» وتمتص الطاقة الناتجة عن هذه العمليات في بناء جزيئّات جديدة 
تختزن فيها الطاقة اللازمة لهاء ثم تعيد استخدام هذه الطاقة عند الضرورة 
لإجراء العمليات الحيوية المختلفة. 

وتستطيع الخلية أن تعيد استخدام هذه الطاقة المختزنة على عدة أشكال؛ 
فهي قد تحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية؛. تستغلها في تحريك 
عضلات الجسم. كما أنها قد تحولها إلى طاقة كهربية تستغل في إرسال 
النيضات الصادرة من الأعصاب, أو قد تحولها إلى طاقة ضوئية كما يحدث 
في حالة بعض الأسماك المضيئة التي تعيش في قاع البحر. 

ويحتاج الأمر هنا إلى وقفة هادئة للنظر في موضوع الطاقة؛ فمن 
المعروف أن قوانين الديناميكا الحرارية تجعل مجرد وجود الحياة بأشكالها 
المختلفة وبوظائفها المتنوعة أمرا غير محتمل؛ بل وصعب التصورء وذلك 
لأن هذه القوانين سالفة الذكر تحتم ضرورة تضاؤل قيمة الطاقة تدريجيا 
بمرور الزمنء بمعنى أن الطاقة الناتجة عن إحراق الوقود لا بد وأن تقل في 
القدر بمرور الوقت كما في حالة لهب الشمعة. 

وتحتم هذه القوانين أن جميع الأنظمة مهما كان نوعهاء لا بد أن تتخذ 
في نهاية الأمر ترتيبا عفويا غير منتظم: بحيث تكون أقرب إلى الفوضى 
منها إلى النظام؛. حتى تكون طاقتها أقل ما يمكن. 

ولو قارنا هذه المتطلبات التى تتطلبها قوانين الديناميكا الحرارية بما 
شرك كبلق كش الكل الحية اجا متاك احتاؤكا كيرا وغارضا علي 
ظول اللخطل: شجلية البقاد و الفركبي: فى النقلية اللعية وبصفة عافة كش 
الكائن الحيء عملية دائمة ولها صفة الاستمرارء فالكائن الحي دائم النمو, 
ويعنى هذا أن هناك ازديادا فى الطاقة طول الوقت بدلا من نقصانها. 
ورنها ائبع هنزم لقره الشامهة عل اندي لاضى الظنا قلات الك كل 
واستخدامها في عمليات البناء الموجهة والمنتظمة؛ والتي يمكن أن تتمثل في 


| 6 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


نمو الكائن الحي. هي أهم ما يميز الكائن الحي عما حوله من بقية الجوامد 
والموجودات الأخرى فى هذا الكون. 

وق تعروت السازلاف امتركة مساذن اللتاقد شن البغلية ولعركة الأسلرف 
الذي تستخدمه الخلية الحية للإفادة موهذه العلاقة في أغراضها الحيوية 
المختلفة, ولم تتناول هذه المحاولات النواحي الكيميائية والطبيعية فقط. 
ولكنها تناولت كذلك أنظمة الجزيئات المختلفة التي تقوم بهذه العمليات. 

وقد أمكن التعرف على كثير من الجزيئات الفعالة والنشيطة التي يمكنها 
القيام ببعض هذه التحويلات مثل الأنزيمات. كما أمكن معرفة بعض الوسائل 
والطرق المستخدمة في الكائن الحي لاستخلاص وتصيد الطاقة وتبادلها 
وتوزيعها في الخلية الحية؛ مما أنار الطريق كثيرا أمام العلماء لفهم بعض 
المبادئ والأسس التي تقوم عليها مثل هذه العمليات. وقد بينت الدراسات 
والتجارب التي أجريت في هذا المجال: أن هناك جزءا خاصا في الخلية 
الحية تجري فيه جميع عمليات التحويل المختلفة للطاقة: ويظهر هذا الجزء 
على هيئة جسيمات خلوية صغيرة تعرف باسم «الميتوكوندريا». وهي تعتبر 
الآلة الجزيئية المسئولة عن توليد الطاقة في الكائن الحي. 

وتبدو الميتوكوندريا تحت الميكروسكوب على هيئّة جسيمات صغيرة 
مستطيلة أو عصوية الشكلء. تسبح في السيتوبلازم بجوار نواة الخلية, 
وهي أصغر في الحجم من النواة. وتوجد في الخلية الحية بأعداد متوسطة 
وان كانت بعض خلايا الكبد في جسم الإنسان تحتوي على آلاف من هذه 
الجسيمات التي قد تصل إلى نحو 20“ من وزن الخلية الواحدة. 

وكما تحتاج الشمعة إلى إحراق المادة الهيدروكربونية وهي الشمع للحصول 
على الطاقة؛ فإن الكائن الحي يحتاج هو الآخر إلى وقود من نوع ما يستطيع 
أن يحرقه ليحصل منه على ما يلزمه من الطاقة. ويعتبر الغذاء الذي 
يتناوله الكائن الحي كل يوم؛ بما فيه من كربوهيدرات ودهون وبروتينات, 
هو الوقود الأساسي الذي تستخدمه الخلية الحية. 

ويعرف جميع طلاب الكيمياء أن وزنا أو مقدارا ما من أي مركب عضوي 
يحتوي دائما على قدر ثابت من الطاقة الكامنة فيه. وهو يمسك بهذه 
الطاقة فيه على هيئة الروابط الكيميائية التي تقع بين ذراته المختلفة» وأن 
هذه الطاقة تنطلق منه عندما تنحل هذه الروابط أو عندما يتأكسد هذا 


167 


لغه الكيمياء 


المركب أكسدة تامة. وإذا أخذنا سكر الجلوكوز مثالا لمثل هذه المركبات 
العضوية: لوجدنا أن جزيئه يتركب من ست ذرات من الكربون:؛ وأن الطاقة 
تكمن فيه خلال الروابط التي تقع بين ذرات الكربون والهيدروجين 
والأكسجين. ويمكن إطلاق هذه الطاقة من سكر الجلوكوز دفعة واحدة عند 
إحراقه في الهواء. فيتحول جميع ما بجزيئاته من كربون إلى ثاني أكسيد 
الكربون» وجميع ما به من هيدروجين إلى جزيئات الماء. 


00 

طافة + 0ي 6285‏ + ,6060 - ,60 + بق 
(690000 سعر) 01ب 
ماء ثاني اكسيد كربون اكسجين جلوكوز 


ويتبين من هذا المثال أن جزئ السكر يمكن اعتباره جزيئًا عالي الطاقة, 
وذلك لأنه يعطي عند إحراقه قدرا كبيرا من الطاقة في حين تعتبر جزيئات 
الماء وثاني أكسيد الكربون التي تنتج عن إحراقه؛ جزيئات فقيرة في الطاقة 
حيث أنها تتكون في نهاية عمليات الاحتراق» ولا يمكن فك روابطها تحت 
هذه الظروف. 

وتقاس دائما كمية الطاقة المنطلقة في عمليات الاحتراق أو الأكسدة 
بذلك القدر من الطاقة الذي ينطلق عند إحراق جرام جزئ من المادة. 
والمقصود بالجرام جزيء هنا هو الوزن الجزيئي للمادة مقدرا بالجرامات. 
وينطلق من احتراق جرام جزيء من سكر الجلوكوزء وهو ما يساوي 80 
جم؛ قدر كبير من الطاقة يقدر بحوالي 690000 سعر. 

وطبقا لقوانين الكيمياء الحرارية: فإن هذا القدر من الطاقة المنطلقة 
من الجلوكوز يكون ثابتا دائماء أي أننا في كل مرة نحرق فيها نفس هذا 
القدر من الجلوكوز. أي 180 جم, فإننا نحصل على نفس القدر من الطاقة, 
أي 690000 سعر. 

ولا يعتمد انطلاق هذا القدر من الطاقة على الطريقة التي تتم بها 
عملية الإحراق» أو عملية أكسدة الجلوكوز. فسواء تمت عملية الأكسدة 
على خطوة واحدة؛ أو على عدة خطواتء فإن نفس القدر من الطافة ينطلق 


168 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


في الحالتين؛ بشرط أن يتحول الجلوكوز في نهاية الأمر إلى ثاني أكسيد 
الكربون والماء. ويعني هذا أنه إذا قامت الخلية الحية بأكسدة الجلوكوز 
أكسدة تامة إلى ثاني أكسيد الكربون والماءء مهما كانت طبيعة الخطوات 
التي تتخذها هذه العملية؛ فإن نفس هذا الوزن الذي ذكرناه. لا بد أن 
يعطي 690000 سعرء مهما اختلفت نوعية المواد المتوسطة الناتجة أثناء هذا 
التفاعل: طالما كانت النواتج النهائية هي ثاني أكسيد الكربون والماء. 

ولا تستطيع الخلية الحية استخدام هذا القدر الكبير من الطاقة مرة 
واحدة. ولهذا فهى تفضل إجراء عملية الأكسدة السابقة على خطوات 
متعددة. وهي تقول ذلك عادة تحت ظروف خاصة محكمة غاية في الإحكام, 
تمكنها من استخدام أغلب الطاقة المنطلقة في كل خطوة. ولا يمكن تصور 
استخدام الخلية الحية للطاقة الناتجة من إحراق الجلوكوز على هيئة حرارة 
في تحريك العضلات مثلاء وذلك لأن استخدام الحرارة في ذلك يستلزم 
سريان الحرارة من منطقة ساخنة إلى منطقة باردة؛ وهو الأساس الذي 
تعمل به الآلات الحرارية المختلفة. حيث تنخفض درجة حرارة المائع 
المستخدم. مثل الغاز أو البخارء والمستخدم في تشغيل الآلة. انخفاضا 
ملحوظا عند مروره من غرفة الاحتراق إلى مخرج العادم. 

ولم يكتشف أحد حتى الآن فروقا في الحرارة بين خلية وأخرى في 
الكائن الحى. وليست هناك فروق كذلك داخل الخلية نفسها. وعلى ذلك 
فإن لحرا الكلية السية للطاخة الناقين عن الحراى السلركووه بعلن هيكة 
حرارة أمر مستبعد كل الاستبعاد. حيث ليس له سند تجريبي حتى الآن. 
وإذا كانت الخلية الحية لا تستطيع استخدام الطاقة على هيئة حرارة: 
فكيف يمكنها إذن أن تحتفظ بهذه الطاقة وتستخدمها في عملياتها الحيوية 
المختلفة! ا 

من المتعارف عليه اليوم أن الخلية الحية تستطيع أن تقتنص الطاقة 
الناتجة عن احتراق الغذاء على صورة طافة كيميائية. فهي تستخدمها في 
بناء جزيئات تختزن الطاقة وتستطيع أن تساعد على بذل الشغل في ظل 
نظام ثابت الحرارة؛ أي أن درجة الحرارة لا تتغير فيه مهما تم التغير من 
صنف لآخر. 

ولكي تقوم الخلية باستغلال الطاقة تحت هذه الظروفء فإنها تتحكم 


69 


لغه الكيمياء 


في عمليات أكسدة الغذاء بمنتهى الدقة. وهي تفعل ذلك على خطوات. 
مستخدمة قى ذلك عوامل مساعدة متنوعة مثل الأنزيمات. وهناك عشرات 
هن الأكز ينات التي تساعد على عمليات الأكسدة في الخلية الحية؛ ويقوم 
كل من هذه الأنزيمات بإجراء تفاعل واحد محدد لا يحيد عنه. وينتج عن 
هذه التفاعلات متسلسلة من الخطوات الكيميائية التي تؤدي في نهاية 
الأمر إلى تحول الغذاء - وهو الوقود في هذه الحالة - إلى ثاني أكسيد 
الكربون والماء مع انطلاق قدر معين من الطاقة في كل خطوة. 

وتتتابع التفاعلات داخل الخلية الحية بأسلوب محدد؛ فهي تنقسم إلى 
مراحل ثلاث. غفي المرحلة الأولى تقوم بعض الأنزيمات بتكسير السكريات 
والدهون وبعض أجزاء البروتينات إلى وحداتها البسيطة:؛ ثم يتبع ذلك 
المرحلتان التاليتان اللتان تتأكسد فيهما هذه الوحدات البسيطة بواسطة 
أنزيمات خاصة. حيث يتحول ما بها من الكربون إلى ثاني أكسيد الكربون 
ويتحول ما بها من الهيدروجين إلى الماء. 

ولا شك أن أهم نواتج هذه العمليات هي الطاقة المنطلقة في هذه 
التفاعلات. وليس ثاني أكسيد الكريون والماء. فهذه المواد الأخيرة تعتبر 
مواد عادمة فقط في هذه التفاعلات: ولا أهمية لهاء بل يتم التخلص منها . 
أما الطاقة الناتجة فإنها تختزن على هيئّة روابط كيميائية في بعض الجزيئات 
ذوات التركيب الخاهي وال كن سميقيا بالجزيكاف الخازنة للظاقة 
فى كم قمليم هلاق الطاكة سب لاد ياعلوت باهي إلى مكلت الاك 
الخلية الحية. 

ويعتبر الجلوكوز كما بينا من أهم مصادر الطاقة في الجسم.ء وهو 
ينقسم في هذه التفاعلات إلى جزيئين من حمض عضوي يعرف باسم 
حمض البيروفيك. وعلى الرغم من أن هذه العملية تبدو على درجة من 
البساطة: إلا أنها في الحقيقة معقدة إلى حد كبيرء فهي تتضمن عددا من 
التفاعلات المتتابعة التي تعتمد على عشرات من الأنزيمات؛ ولم يتوصل 
العلماء إلى معرفة تفاصيلها إلا أخيراء وبعد بحوث دامت حوالى أريعين 
عاما. ا 

وتشمل الخطوة الثانية لعملية أكسدة الجلوكوز. تحول حمض البيروفيك 
إلى حمض عضوي آخر هو حمض اسيتيك الذي يتحد مع حمض ثالث 


]70 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


يعرف باسم حمض اوكزال أسيتيك ليعطي حمض الستريك «حمض 
الليمونيك». وهنا نصل إلى دورة أخرى من التفاعلات الكيميائية تعرف 
باسم «دورة حمض الستريك» أو «دورة كريبس» نسبة إلى مكتشفها العالم 
البريطاني «سيرهانز كريبس». 

ويمكننا هنا أن نقول أن حمض الستريك يدخل في مجموعة من 
التفاعلات تنتهي بتكوين حمض أوكزال اسيتيك مرة أخرى كي يعود فيدخل 
في الدورة ثانية؛ بينما تتم أكسدة ذرات الكربون الموجودة بجزيء حمض 
اسيتيك إلى ثاني أكسيد الكربون؛ في حين تحمل ذرات الهيدروجين بواسطة 
أنزيم خاص كي تتأاكسد بعد ذلك بأكسجين الدم الوارد من الركتين إلى 
الماء. 

ومن الطبيعي أن عمليات الأكسدة والتفاعلات المتتابعة السالفة الذكر 
يصحبها انطلاق قدر من الطاقة في كل خطوة؛ فما الذي يحدث لهذه 
الطاقة؟ وما مصيرها؟ وكيف يتم اختزانها؟ وكيف تستفيد منها الخلية 
الحية وتستعملها في عملياتها الحيوية! 

لقد قام بعض العلماء بتجربة معملية بسيطة؛ كان لها الفضل الأكبر في 
الإجابة على هذه التساؤلات: فقد قاموا بوضع قطع صغيرة من بعض 
العضلات أو قطع من الكلية على هيئّة معلق في محلول من الجلوكوز ضفي 
درجة حرارة مناسبة, ثم قاموا بإمرار تيار هادئ من غاز الأكسجين في هذا 
المحلول. وقد لاحظ العلماء الذين قاموا بإجراء هذه التجرية؛ أن أيونات 
الفوسفات الموجودة بالمحلول بدأت بعد فترة في الاختفاء؛ أو بمعنى آخر 
بدأ تركيزها في المحلول يقل تدريجيا كلما تقدمت عملية أكسدة الجلوكوز 
بؤاسيظة الفيي الحي. 

وقد أمسك العلماء بهذا الخيطء وتتابعت بحوثهم في هذا المجال؛ وتبين 
فيما بعد أن أيونات الفوسفات تقوم بالاتحاد مع إحدى القواعد العضوية 
المحتوية على النتروجين والتي ترتبط بدورها بجزيء من السكر لتعطي 
مركبا خاصا يسمى «ادينوسين ثلاثى الفوسفات» «عأقطمدمطمتا عمتوممعلك »: 
وموفة العلماء إلق مكل هذه المركناك بالأحرق | لعاتر 5ه وهى الأحرف 
الآرق لأسمها باللقة الأكبية كنا يرم إلبيا غلجاء الكيبياء بالصيقة 
الكيميائية التالية: 


17 


1 -- 
< | آل 
01 01 01 35 5 


2 01 01 ١ ' ١ 


8" تاقد اعد "ا حؤوقة 
| ا ١|‏ |9 11 
0 0 © نين 0 ْ 


ادينوسين ثلاثي الفوسفات 477 

وتعتبر الروابط التي تربط بين مجموعة الفوسفات والممثلة بالخط 
للشنوج [«اتووايظ خالية الحلاقة.وقى يشي طلافنيا الدانيةة ]و الطاقة 
اللازمة لتكوينها من أكسدة الجلوكوزء ويعنى هذا أن جزيئات هذه المادة 
5ه تشبه المركم, أو البطارية المعتادة, قي مكدو الطاقة الناتجة من 
أكسدة الغذاء أو الجلوكوز في روابطها الكيميائية. وهي تستطيع أن تطلق 
هذه الطاقة عند الطلب. فتعطيها مثلا لإحدى العضلات لتحريكها وهي 
تفعل ذلك عادة عن طريق كسر الرابطة التي تربط إحدى مجموعات 
الفوسفات الموجودة بهاء أي أنها عندما تفقد إحدى مجموعات الفوسفات 
تعطي الطاقة الناتجة عن كسر الرابطة التي تربطها ببقية الجزيء؛ إلى ما 
حولها من جزيئّات أو إلى العضلات وما إليهاء بينما تتحول هي إلى مركب 
جديد يحتوي على مجموعتي فوسفات فقط يعرف عادة باسم «ادينوسين 
ثنائي الفوسفات» ويرمز إليها بالرمز» «7ى. ويمكن إعادة شحن هذه 
البطارية مرة أخرى. ويحدث ذلك عادة باتحاد مركب ادينوسين ثنائي 
الفوسفات 417 مع مجموعة فوسفات جديدة لتعطي المركب الأصلي عالي 
الطاقة؛ ادينوسين ثلاثي الفوسفات 877. 


- مجموعة فوسفات 


ل" 


طاقة + 2جآلمر طلم 


ادينوسين ثنائي الفوسفات بد مجموعة قوسفات ادينوسين ثلاثي الفوسفات 
(جزئ أقل طاقة) (جزئ عالي الطاقة) 


172 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


ويمكننا أن نلخص عملية استخلاص الطاقة وانتقالها في الخلية الحية 
على الوجه التالي: يتأكسد سكر الجلوكوز الناتج عن تحلل الغذاء؛ على عدة 
خطوات متتابعة» وتستغل الطاقة الناتجة من هذه الآكسدة فى تكوين جزيئات 
عالية الطاقة هي جزيئّات 417 وتنتقل هذه الجزيئات التي تشبه البطارية 
أو المركم من مكان لآخر في الخلية الحية. وهي تفعل ذلك لتعطي الطاقة 
اللازمة لمن يطلبهاء سواء كان ذلك انقباض عضلة ماء أو تخليق جزئّ من 
البروتينء أو أي عملية أخرى من العمليات الحيوية التي تجرى في داخل 
الخلية الحية. 

وعندما تعطى جزيئّات 4877 بعض طاقتهاء تتحول هي إلى جزيئات أقل 
منها في مستوى الطاقة تسمى لض والتي يجري عادة شحنها مرة أخرى 
إلى جزيئات 877: باستخدام الطاقة الناتجة عن أكسدة الجلوكوز في الخلية 
الحية. وتتم عملية تحويل الطاقة السابقة في الخلية الحية بكفاءة عالية, 
وهي تزيد كثيرا عن كفاءة مثل هذه التحويلات في مختلف الآلات المعروفة. 

ويمكننا أن نتصور مقدار هذه الكفاءة إذا علمنا أن كل جزيء من الجلوكوز 
يعطى عند أكسدته أكسدة كاملة-إلى ثانى أكسيد الكريون والماء-قدرا من 
الطاكة كفي اتحويل 8 جزيئًا من 4102 إلى 8 جزيئًا من ثلاثي الفوسفات 
7 وذلك عن طريق اتحادها مع ثمان وثلاثين مجموعة من مجموعات 
الفوسفات. 

وقد تبين من الدراسات المختلفة أن تحويل جزئْ واحد من ثنائي 
الفوسفات 417 إلى جزئّ من ثلاثي الفوسفات 417 يحتاج إلى قدر من 
الطاقة يصل إلى حوالي ١2000‏ من السعرات. وينبني على ذلك أن تكوين 
تمانية وثلاثين جزيئًا من ثلاثي الفوسفات417 يحتاج إلى قدر من الطاقة 
يساوي: 

8 * 12000 - 456000 سعرا 

وبما أن الأكسدة الكاملة لجزئّ الجلوكوز تعطي 690000 من السعرات 
كما سبق أن بيناء فإن هذا يعني أن تكوين ثمانية وثلاثين جزيئًا من جزيئات 
ثلاثي الفوسفات 4717 بأكسدة جزئّ واحد من الجلوكوز يتسبب في استرجاع 
نحو 66/ من الطاقة الكلية الناتجة. ويعني هذا أن الخلية الحية عندما 
تقوم بآكسدة جزئّ واحد من الجلوكوز فإنها تفعل ذلك بعناية كبيرة» وتحاول 


|] 


لغه الكيمياء 


أن تقتصد في الطاقة الناتجة ولا تضيعها سدىء وعلى ذلك فهي تحاول أن 
تستفيد بأكبر قدر ممكن من هذه الطاقة المنطلقة في عملية الأكسدة وهي 
تستطيع أن تختزن نحو 66 منهاء وهي نسبة عالية جدا بالقياس بكفاءة 
بعض الآلات المحركة التي ابتكرها الإنسان: فالآلات التي تعمل بالبخار 
بكلا لأسعطيم أن تعول اكشر سن 150 من الطاقة الستخسمة إلى عمل 
نافع. 

ولا شك أن هذا الوفر الهاكل في استخدام الطاقة ليدل دلالة قاطعة 
هل مقداو:الكمنبة الكى كدير نما النكابة البحية عملياتيا الكحلفة وهس 
إخدض المميزات الوامه العن مسترد يها اندياة من مين سافن :الوخودات, 
ويحق لنا هنا أن نتساءل عن الكيفية التي تتم بها عملية الأكسدة المتتابعة 
للجلوكوز. وهل هناك مكان خاص تحدث فيه هذه العمليات أم أنها تحدث 
في جميع أرجاء الخلية الحية. 

لقد بينت البحوث والدراسات المتعددة التي أجريت في هذا المجال أن 
عمليات الأكسدة التي نحن بصددها تقع دائما داخل جسيمات خاصة 
تعرف باسم «الميتوكوندريا»» وأن عددا كبيرا من الأنزيمات تشترك في هذه 
العطلي اكه وق انك كص مسيياك لبت كوه تمن الكاقا الدية بطر 
صما سيطة مجرى حمطي يكور الكاقيا بهرة الظرد اخركر »عند 
سرعات عالية: ثم تجمع هذه الجسيمات. 

وقد تم التحقق من وظيفة جسيمات الميتوكوندريا بتجارب بسيطة كذلك, 
كفل وغ هد اسسييات ممعمضن البيروكيك: رقع بعضي اللواد الوسيطلة 
الأخرى في دورة حمض الستريك التي تحدثنا عنها من قبل: وضبطت 
حرارة المحلول عند حد معين كما أمر به تيار هادئٌ من غاز الأكسجين. وقد 
لاحظ العلماء الذين قاموا بهذه التجرية: أن جميع التفاعلات التي يمكن 
توقعها في دورة حمض الستريك. قد تمث تماماء وينفس الترتيب المعروف. 
وبمعدل أسرع من المعتاد. 

ركو لسع كه الغعر اا لزت كرد راهى السميماف الكارية الذي 
كول عمليات اكتؤان الطاقة وإطلافيا فى الخلية العية وبذلك يمكن 
ا ده وفك وؤقية الشركرتد ريا 
تحت الميكروسكوب الإلكتروني الذي تبلغ قوة تكبيره نحو 240000 مرة: 


174 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


يتضح أن هذه الجسيمات تختلف كثيرا عما نراه تحت الميكروسكوب العادي, 
فهي ليست مجرد جسم منتفخ من البروتوبلازم كما تعودنا أن نتصورهاء 
ولكنها تبدو تحت فوة التكبير الهائلة وكأنها خلية صغيرة داخل الخلية 
داخلي يحتوي على سائل شبه شفاف مثل الهلام. 

ويتركب جدار الميتوكوندريا في الحقيقة من غشاءين رقيقين يفصل 
الميتوكوندريا في أكثر من مكان على طول الجدار. ولا يزيد سمك كل غشاء 
من الأغشية المزدوجة لجدار الميتوكوندريا عن 70-60 انجشتروم (الانجشتروم 
يساوي جزءا من مائة مليون جزء من السنتيمتر)ء مما يدل على أن كل 
غشاء من هذه الأغشية يتكون من طبقة واحدة أو من طبقتين من الجزيئكات 
وهو ما يفسر تلك الرقة المتناهية لهذه الأغشية. 


جدار مزدوج للسهة» ساكل شه هتلام 


الميتوكوندريا 


وقد دلت البحوث الحديثة على أن كل غشاء من هذه الأغشية يتكون في 
الحقيقة من طبقة واحدة منتظمة من جزيئات البروتينء بينما يتكون الفراغ 
الفاصل بين كل منهما من طبقة مزدوجة من جزيئات الدهن. 

وقد أمكن الاستدلال على هذا التركيب بطرق متعددة, إحداها التحليل 
الكيميائي لجدار الميتوكوندرياء فقد جاءت نتائج هذه التحاليل متمشية مع 
هذا التركيب حيث ثبت أن هذه الجدر تتكون من 65/ بروتين: و35 دهنا. 


]715 


طبقة من سهوس» 
جزيئتات البروتين مجه جزيئات 


جدارالميتوكوندريا المزدوج 


ويذكرنا ترتيب الجزيئات في جدار الميتوكوندريا بترتيب الجزيئات في 
جدار الخلية الحية بصفة عامة. ونلاحظ أنه في هذه الحالة أيضاء تترتب 
الجزيئات طبقا لخواصها الطبيعية. فسلاسل البروتين التي تحتوي على 
مجموعات قطبية:؛ أو مجموعات تحمل شحنا كهربائية؛ وتعتبر بذلك محبة 
للماء. تمتد على طول السطح الخارجي في مواجهة الماء المحيط بهذه 
الجسيمات: كما تمتد على طول السطح الداخلي ملامسة للماء الموجود 
داخلها. في حين إن السلاسل الهيدروكربونية لجزيئات الدهن, والتي تعتبر 
كارهة للماء-لأنها تتركب من الكربون والهيدروجين فقط مثل السمع-تبتعد 
عن الماء. ولذلك فهي تختفي وسط الجدار بين سلسلتي البروتين. 

وعلى الرغم من أن هذه الجزيئات المكونة لجدار الميتوكوندريا لها حرية 
في الحركة إلى حد ماء إلا أن هذا التركيب يعتبر ثابتا إلى حد كبيرء ويمكن 
الإخلال بنظام الجزيئات في هذه الجدر عند تعريضها لبعض الظروف 
الخاصة؛ مثل تعريضها للموجات فوق الصوتية؛ أو تعريضها لفعل بعض 
المنظفات الصناعية. وعندئن تفقد هذه الأغشية تماسكها وتتحلل ويخرج 
المحتوى الهلامي الموجود داخل هذه الجسيمات. وقد استخدمت هذه 
الطريقة فعلا في فصل السوائل الموجودة داخل جسيمات الميتوكوندرياء 
وقد تم فصل بقايا هذه الجدر غير الذائبة عن المحتوى الهلامي للجسيمات 
بقوة الطرد المركزي. وعند تحليل السائل الهلامي للميتوكوندريا اتضح أنه 
يحتوي على أغلب الأنزيمات التي تلزم لتحقيق دورة حمض الستريك التي 
تطلق الطاقة. 

وقد لوحظ أن الميتوكوندريا قد تغير حجمها من وقت لآخرء فهي قد 
تنتفخ في بعض الأحيان وتكبر قليلا في الحجم:؛ ويبدو أنها تفعل ذلك 
بامتصاص بعض الماء من سيتوبلازم الخلية الحية المحيط بها. وعندما 
يحدث ذلك نجد أن جدار الميتوكوندريا يغير من أبعاده حتى يتمكن من 


76 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


استيعاب هذا الحجم الجديد من السوائل. ويرتبط هذا التغير في الحجم 
ارتباطا وثيقا بتركيز مركب ادينوسين الثلاثي الفوسفات 417, ققد وجد 
أن جدار الميتوكوندريا ينكمش كثيرا عند زيادة تركيز مركب الطاقة 412 
في داخلهاء في حين يسترخي هذا الجدار ويتمدد عند نقص تركيز هذا 
الركيد كن السوافل الداخلية. 

ويبدو من ذلك أن معدل الأكسدة:؛ أو معدل تحول الطاقة في جسيمات 
الميتوكوندرياء ليس ثابتا على الدوام: ولكنه يعتمد اعتمادا كبيرا على الظروف 
المحيطة بهذه الجسيمات: فعند زيادة تركيز مركب الطاقة 418 داخل 
الميتوكوندرياء لا تعود هناك حاجة لتصنيع المزيد من هذا المركب؛ فتنكمش 
جدر هذه الجسيمات وتقل في الحجم. فتنخفض بذلك فدرتها على تحويل 
الطاقة حيث لا لزوم لذلك. وعندما يقل تركيز جزيئات 477 داخل جسيمات 
الميتوكوندريا نتيجة لسحب بعض منها إلى الخارج: فإن جدر هذه الجسيمات 
تبدأ في الاسترخاء والتمدد . وبذلك تزداد الميتوكوندريا في الحجم وتكبر, 
مما يزيد من قدرتها على تحويل الطاقة وعلى تعويض النقص في جزيئات 
15 مرة أخرى. 

ويتضح من ذلك أن عملية إنتاج الطاقة عملية متوازنة مع الظروف 
المحيطة بجسيمات الميتوكوندرياء فهذه الجسيمات لا تقوم بتحويل الطافة 
بطريقة عشوائية, ولكن قدرتها أو فاعليتها في أداء وظيفتها ترتبط ارتباطا 
كبيرا بمدى احتياج الخلية الحية للطاقة, وبمدى قدرة هذه الخلية على 
سحب الكميات المتكونة من جزيئات الاوينوسين الثلاثي الفوسفات 477. 

لقد ركزنا كثيرا فيما سبق على أكسدة الجلوكوزء فهل تستمد الخلية 
الحية كل طاقتها من أكسدة السكريات فقطء أم أن هناك عناصر أخرى 
فى الغذاء يمكن للخلية أن تستفيد منها فى الحصول على الطاقة؟ 

لاقت إن الدسون قفر مصدرا هاما الطاكة راقيية للجلرة الهية: 

فهي تعتمد على هذه الدهون في الحصول على جزء كبير من الطاقة التي 
تحتاج إليها . وتتركب الدهون عادة من نوعين من الجزيئات العضوية: أحدهما 
ثابت على الدوام ويوجد في جميع الدهون وهو الجليسرينء والثاني منهما 
متغير من دهن إلى آخر وهو الحمض الدهنيء وهذا الجزء من الدهن, وهو 
الحمض الدهنيء هو الجزء الذي تستخدمه الخلية الحية في الحصول 


177 


لغه الكيمياء 


على الطاقة اللازمة لها. 

ويتركب الحمض الدهني من سلسلة هيدروكربونية تتكون من عدد من 
ذرات الكربون يتصل بها عددا آخر من ذرات الهيدروجين. وتماثل هذه 
السلسلة الهيدروكربونية نفس السلسلة التي توجد بالشموع والتي تعود 
الإنسان أن يحرقها منذ زمن طويل للحصول على الحرارة والضوء. إلا أنه 
فى هذه الحالة تنتهى هذه السلسلة الهيدروكريونية بيمجموعة حمضية 
تعرف باسم مجموعة الكربوكسيل. 


مجموعة السلسلة 
الكريوكسيل الهيدروكربونية 
حمض دهنئى 


وعندما يتحد الحمض الدهني بالجليسرين: يتكون ما يسمى 
«بالجليسرين». وهو الدهن الذي نعرقه والذي يوجد في كثير من الأنسجة 
النباتية والحيوانية؛ ويطلق على هذه الدهون عادة اسم عام يتوقف على 
طبيعتهاء فنحن نسميها زيوتاء إن كانت هذه الدهون سائلة في درجة الحرارة 
العادية؛ أو نسميها دهونا إن كانت متجمدة أو شبه صلبة في درجة حرارة 
الغرفة. 

وقد تحير العلماء كثيرا في معرفة الطريقة التي يتأكسد بها الحمض 
الدهني في الخلية الحية أثناء عملية إطلاق الطاقة. وقد اتضح لهم بعد 
كثير من البحوث والتجارب أن عملية الأكسدة لسلسلة الحمض الدهني تتم 
دائما على خطوات متناسقة يتم في كل منها استقطاع ذرتين من ذرات الكر 


بون» بشرط أن تكون إحدى هاتين الذرتين هي تلك الذرة الموجودة ضفي 
المجموعة الحمضية (مجموعة الكريوكسيل».: بينما تكون الذرة الثانية هي 
ذرة الكربون المجاورة لهذه المجموعة؛ في حين تتحول ذرة الكربون التالية 
لهاتين الذرتين إلى مجموعة كربوكسيل جديدة وبذلك يقل طول السلسلة 


18 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


الدهنية بمقدار ذرتين. 

وتتكرر هذه العملية باستمرار. وفي كل مرة يتكون حمض دهني جديد 
يتحول إلى حمض قصير السلسلة يدخل في بعض التفاعلات الخلوية 
الأخرى. 

ويمكننا تصور هذا التفاعل المتسلسل إذا فرضنا أننا يدأنا يحمض 
دهني تتكون جزيئاته من ثماني ذرات من الكربون: فإن الخطوة الأولى في 
عملية الأكسدة تحوله إلى حمض دهنى يتركب من ست ذرات من الكريون» 
ثم تقوم الخطوة الثانية للأكسدة بتحويله إلى حمض دهني يتركب من أربع 
ذرات من الكربون وهكذا. 


7 1ل 1 - وكأ - و11[ - 5352© - 0135 - ج013 8 ذرات 
ات 11ت و0 - و01 بض و0 ب 0 6 ذرات 


ممه - 0112 0 - 011 
مر ل 4+ ذرات 


أكسدة الأحماض الدهنية 


وتتم أكسدة الأحماض الدهنية في الخلية الحية بمساعدة جسيمات 
الميتوكوندريا التي تحتوي على أنواع من الأنزيمات تستطيع القيام بمثل 
هذه العمليات بجانب بعض العوامل الأخرى. وريما كان أهمها ذلك العامل 
الفعال الذي نطلق عليه «مساعد الأنزيم أي دك عم تزجدعءه00» 

وتختلف مساعدات الأنزيمات عن الأنزيمات في عديد من النواحي, 
فمساعدات الأنزيمات ليست من البروتينات؛ أي لا تتكون من سلاسل 
ببتيدية. ولكنها تختلف في طبيعتها عن ذلك. وهي تتكون من جزيئات 
صغيرة نسبياء أي أنها أصغر بكثير في الحجم عن جزيئات الأنزيمات 
المعتادة. حتى أنه يمكن القول أن الفرق بين حجم الأنزيم وحجم مساعد 


170 


لغه الكيمياء 


الأنزيم مثل الفرق بين حجم الأرض وحجم القمر. كذلك تختلف مساعدات 
الأنزيمات عن الأنزيمات في أنها لا تتأثر كثيرا بالحرارة. 

وتتخن عملية أكسدة الحمض الدهني مسارا فريدا في نوعه؛. فعملية 
الأكسدة تبدأ في اللحظة التي يرتبط فيها الحمض الدهني بمساعد الأنزيم 
«أ». وتبلغ قوة هذا الارتباط حدا هائلا حتى أن الحمض الدهني لا يستطيع 
فكاكا من هذا الارتباط مع مساعد الأنزيم؛ مما دعا البعض إلى تسميتها 
«قبلة الموت». غلا يمكن فك هذا الارتباط فعلاء إلا بعد أن تنتهي عملية 
الأكسدة الكاملة وتصل !إلى نهايتها . وعندئذ ينفصل مساعد الأنزيم على 
هيكثة الحرة: 

ويبدو أن الأمور قد رتبت بهذا الشكل في الخلية الحية ضمانا للحفاظ 
على الطاقة وتأكيدا لحسن استغلالها على الدواء. وذلك لأن الخلية الحية 
تستخدم تلك المادة النفيسة المسماة ادينوسين الثلاثي الفوسفات 477 في 
صنع «مساعد الأنزيم أ». وهي لهذا السبب لا تستطيع أن تسيء استخدامه 
أو أن تفرط فيه؛ ولذلك فبمجرد ارتباطه بالحمض الدهنىء لا يمكن فنك 
هذا الأرساط اعد القاء غمليات الأقسدة التتابعة: والوصول نهنا إلى 
نهاية المشوار. وبذلك تستفيد منه الخلية استفادة كاملة. ولعلنا نرى في 
هذا مثالا آخرا للتنظيم الفائق وللاقتصاد الهائل في الطاقة الذي تمارسه 
الكائنات الحية باختلاف أنواعها. 

وريما يسأل سائل؛ ما هي الفائدة التي تجنيها الخلية الحية من أكسدة 
الأحماض الدهنية؛ إذا كانت تستهلك فى هذه العملية قدرا من الطاقة 
اللتعركة هى حريكات اانتوشية الكاذض القوميقات كك 

وعلى الرغم من أن هذا صحيح قعلاء إلا أننا يجب ألا نتسرع في الحكم 
قبل أن نقارن كمية الطاقة المستخدمة في عملية الأكسدة بكمية الطاقة 
الناتجة منها. وقد اتضح أنه إذا استخدم جزيء واحد من جزيئات ادينوسين 
الثلاثي الفوسفات 818 لبدء هذه التفاعلات: فإن الطاقة الناتجة عن 
تفاعلات الأكسدة المذكورة تعطي قدرا من الطاقة يستطيع أن يكون مائة 
جزئّ من جزيئات 478 في نهاية المشوار. 

ويعني هذا أن الخلية الحية إذا أنفقت قرشا واحدا لبدء تفاعل الأكسدة: 
فإنها تحصل على مائة قرش في نهاية هذه السلسلة من التفاعلات: ويبدو 


مصادر الطاقه فى الخليه الحيه 


لنا على الفورء أن هذه العملية مجزية تمام الجزاء من ناحية الطاقة, 
بالنسبة للخلية الحية. وعلى الرغم من أن جميع البحوث التي أجريت في 
هذا المجال؛ كان هدفها الأصلي معرفة الوسيلة التي تستخدمها الخلية 
الحية في أكسدة الدهون: والحصول على الطاقة منهاء إلا أن هذه البحوث 
قد أفادت كثيرا في معرفة التفاعل العكسي الذي تستخدمه الخلية لتبني 
به السلاسل الطويلة للأحماض الدهنية في الجسم. كذلك ألقت هذه 
البحوث والتجارب كثيرا من الضوء على الطريقة التي تبنى بها بعض 
الستيرويدات في الجسم. مثل الكولسترول وغيره من المواد. 

ويبدو أن الخلية الحية تتبع أسلوبا موحدا في جميع هذه العمليات فهي 
تبنى سلاسل الحمض الدهني بتركيب ذرات الكربون واحدة وراء الأخرى 
على هيئة سلسلة منبسطة؛ تماما مثل ترتيب حبات الخرز في العقد. أما 
في حالة المركبات الحلقية مثل الكولسترول؛ فيبدو أن بعض هذه السلاسل 
تكتسب فروعا جانبية في أول الأمرء ثم ترتبط هذه الفروع بعضها مع 

. وقد ساعدت هذه البحوث كذلك على فهم بعض ما يحدث لمرضى 
السكر الذين لا يستطيعون أكسدة الدهون أكسدة كاملة: كما أن أجسادهم 
لا تستطيع الاحتفاظ بهذه الدهون في أنسجتها إلا بقدر ضئيل جدا. 
ويساعد حقن الأنسولين في أجسام هؤّلاء المرضى على استكمال أكسدة 
الأحماض الدهنية؛ كما يزيد من قدرة الجسم على تخليق الدهن وترسيبه 
في الأنسجة المختلفة. 

ويتضح مما سبق أن محطات القوى المنتشرة في جميع الخلايا الحية, 
والتي تسمى الميتوكوندريا هي المسئولة الأولى والأخيرة في الخلية عن 
المحافظة على مستوى ثابت للطاقة وهي تفعل ذلك على الدوام بكفاءة 
نادرة. وهي سمة من سمات الخلية الحية التي تستطيع أن تجري كل عملياتها 
الحيوية بدقة متناهية وبكفاءة عالية. 

ومن الطريف أن عمليات إنتاج الطاقة والاحتفاظ بها عمليات غير 
مركزية؛ بل هي عمليات محلية إلى حد كبيرء فكل خلية من الخلايا الحية 
في جسد الكائن الحيء تمتلك محطات القوى الخاصة بهاء والسبب في 
ذلك يبدو واضحاء حيث أنه يلزم توفر الطاقة في نفس الموقع الذي يتطلب 


لغه الكيمياء 


انشهدامها :ويولك لا بققد :من هذه الطلاقة كريكا بها اغا اتتمانيا: 

ويقدر صن الماء أن النخلية السية المنقادة تحماح إلى قير بين فق 
الكقاكة يها ميعة ال ملو تومن جزكانه اشتوسيق الكلفي القوسفات 
فكقضن الكانية الراحدةكى شر التفاضلؤت الكرمياكئة التى تدوويهاء وك 
تقوم يكل حملياتها الحيؤية:ولا شك أن الاحفاج إلى شحخطات الشوى أو 
اليتوكوتدرياء وما شقعه مرق جريكات الطلاقة عم يزداذ كخيرا كن حالة 
الخلذيا الحن تقوم بالحوكة كان مكل خف ساون تمداح إلى كد ن ساكل من 
الطاقة يتناسب مع ما تقوم به من عملء ونجد أن هذا صحيح حقا بالنسبة 
لخلايا عضلات أجنحة الطيور مثلاء أو خلايا قاعدة ذيل الحيوان المنوي 
الذي يتحرك بصفة مستديمة. 


7 فظام الدفاع والامن في 
الكائن الحي 


الداخلى وعن حدودها الخارجية المحيطة بأرضها. 
وتقوم الدول عادة بتخصيص مجموعة من أبنائها 
على هيئة قوات الشرطة للدفاع عن أمنها الداخلي؛ 
كما تقوم هذه الدول كذلك بتدريب مجموعات أخرى 
من أبنائها على هيئة قوات خاصة أخرى تعرف 
بالجيوش. وهي تسلح هذه المجموعات بجميع 
الأسلحة التي تساعدها على منع العدوان على 
حدودهاء وتعطيها القدرة غلئى القضاء غلى أي 
دخيل يحاول التسلل إلى أراضيها. 

وكما سبق أن رأينا فإن جسد الكائن الحي الذي 
يتكون من ملايين الخلاياء يشبه هو الآخر دولة 
هائلة الحجم. مترامية الأطراف, بالغة الضخامة: 
ولا بد أن يكون لمثل هذه الدولة الشاسعة الفائقة 
النظام؛ نوع ما من نظم الدفاع والأمن. يستطيع أن 
يوضر الحماية اللازمة لبقية فئات هذا المجتمع 
الهائل من الخلايا المتخصصة؛. حتى تستطيع أن 
تقوم بواجبها على الوجه الأكمل فتقاوم الدخيل 
وتقضي على المتسلل. 


لغه الكيمياء 


وربما كان أفضل وأرقى أنواع أنظمة الدفاع والآمن ما يوجد منها في 
جسم الإنسان. ويستخدم هذا النظام أنواعا متخصصة من الخلايا تعرف 
باسم الأجسام المضادة؛ وتقوم هذه الأجسام بمهاجمة أي دخيل تسول له 
نفسه التسلل إلى جسد الكائن الحي. وهي بذلك تقوم بمهام الجيوش. 

ومن أكثر الأشياء إثارة للدهشة؛ أن هذه الأجسام المضادة: لا تهاجم 
خلايا الكائن الحي الذي يفرزها أبداء وهي لا تقرب منهاء وتستطيع في أي 
لحظة أن تميز بين الأصيل والدخيل؛ فكيف يمكنها أن تفعل ذلك5... ومتى 
حصلت على هذا النوع من التدريب5. 

لقد تحير العلماء زمنا طويلا في تفسير هذه الظاهرة. وعجزوا عن 
فهمها حتى وقت قريب؛ وأخيراء وبعد أن تقدمت فروع العلم المعنية بدراسة 
الخلايا الحية ومكوناتهاء استطاع العلم أن يدرك الكيفية التي تعمل بها 
نظم الأمن والدفاع داخل جسد الكائن الحي. 

ويبدو أن كلا منا يختلف عن الآخر اختلافا كبيراء ولا يقع هذا الاختلاف 
في الطباع أو في الأخلاقء أو في العادات أو المثل العليا مثلاء ولكن ما 
نقصده هنا هو ذلك الاختلاف الذي يتعلق ببعض تفاصيل البناء الداخلي 
للجسد الحي. ونحن لا نقصد كذلك الاختلاف في الشكل؛ ولكننا نعني 
ذلك الاختلاف المتعلق بتركيبنا الكيميائي. وهو الذي يحدد في نهاية الأمر 
جميع الخواص والصفات. 

لقد تبين أن لكل كائن منا علامات كيميائية خاصة به فقظ؛ وهذه 
العلامات تعتبر مميزة لخلاياه. ومميزة له في نهاية الأمر. وهي لا تتكرر 
في أي كائن آخر من بقية الكائنات الحية. مثلها في ذلك مثل بصمات 
الأصابع التي تميز كل فرد عن الآخر. وقد أجريت إحدى التجارب على 
بعض أنواع الإسفنج. وقد ساعدت هذه التجربة على إيضاح هذه الحقيقة: 
وبينت بما لا يقبل الشك أن كل كائن حي يختلف تمام الاختلاف عن غيره 
في شيء ماء حتى وإن كانا من نفس الجنس أو نفس الفصيلة. 

ويعتبر الإسفنج من أبسط أنواع الكائنات الحية المتعددة الخلاياء بل قد 
ينظر إليه أحيانا على أنه يشبه مستعمرة تتكون من آلاف من الخلايا 
المفردة. وقد أخن العلماء الذين قاموا بهذه التجربة قطعة من الإسفنج 
الأبيضء وقاموا بتفكيك خلاياها تحت الماء بحيث انفصلت كل خلية عن 


1 4 


نظام الدفاع والأمن فى الكائن الحى 


الأخرى. وتحولت قطعة الإسفنج التي بدءوا بها إلى معلق من الخلايا 
المفردة في الماء. 

وقد قام العلماء بمراقبة هذه الخلايا الإسفنجية تحت الميكروسكوب 
في صبر وأناة ولاحظوا أنه إذا اقتربت إحدى الخلايا الإسفنجية من خلية 
أخرىء فإنها لا تلتحم بها مباشرة؛ ولكنها تتلامس معها أولاء ثم تدور حولها 
تتحسس سطحهاء وكأنها تشمهاء أو كأنها تحاول العثور على علامة خاصة 
تستطيع أن تميز بها هذه الخلية وتتعرف عليها منهاء وبعد انقضاء فترة 
وجيزة من هذا التلامس والمحاورة؛ يبدو أن التعارف قد تم بين هاتين 
الخليتين. وبمجرد حدوث هذا التعارف يتم الارتباط بينهما على الفور, 
وتلتحمان معاء وتتحولان إلى كائن حي ذي خليتين. 

وما هي إلا لحظات؛ حتى تقترب خلية ثالثة من هذا الكائن الجديد ذي 
الخليتين. وتبدأ عملية التعارف والتلامس السالفة الذكر. وعندما تتأكد 
هذه الخلية الثالثة: أنها عثرت على كائن مماثل لهاء تلتحم مع هاتين الخليتين 
مكونة كائنا جديدا من ثلاثة من هذه الخلايا. وتتوالى عمليات التالامس 
والتعرف بين هذا الكائن الجديد وبين خلية رابعة: ثم خامسة وهكذا .... 
وفي كل مرة تتم فيها عملية التعارف بنجاح؛ يحدث الاتصال أو الارتباط 
بين هذا الكائن وبين خلية جديدة. حتى يتحول معلق الخلايا الإسفنجية 
المفردة في نهاية الأمر إلى قطعة واحدة متصلة من الإسفنج. 

ولم يصدق من رأوا هذه التجربة ما شاهدوه في أول الأمر. فقد كان؛ 
فعلاء شيئًا يفوق كل خيال. ولا ثبات أن عملية التعرف بين الخلايا شيء 
حقيقي. وليست ضربا من ضروب الخيال؛ قام العلماء الذين أجروا التجربة 
السابقة؛ بإجراء تجربة أخرى مماثلة» قطعت الشك باليقين. 

لقد قام هؤلاء العلماء بمزج نوعين من أنواع الإسفنجء أحدهما من النوع 
الأبيضء وثانيهما من النوع الأحمرء ثم قاموا بتفكيك خلايا هذين النوعين 
معا في الماء. وراحوا يراقبون ما يحدث بينهما تحت الميكروسكوب. وقد 
لوحظ أن الخلية الحمراء تدور حول الخلية البيضاء؛ ثم تتلامس معهاء 
وتتحسس سطحهاء وتفحصه في صبر عجيب. وكأنها تبحث عن علاقة 
معينة على هذا السطح. ولكنها تيئس في نهاية الأمر؛ عندما تعرف بوسيلة 
ما أن هذه الخلية البيضاء ليست من بنات جنسهاء بل هي تختلف عنها في 


لغه الكيمياء 


النوع؛ ولهذا فهي لا تلتحم معها. بل تتركها في هدوء لتسبح بعيدا عنها 
بحثا عن خلية أخرى تستطيع أن تتعرف عليها . 

وعندما تصادف الخلية الحمراء خلية حمراء أخرىء فإنها تتلامس 
معها كذلك؛ وتتحسس سطحها بنفس الأسلوب السابق؛ وسرعان ما تتعرف 
عليهاء وتدرك أنها من بنات جنسها فتلتحم معها مكونة كائنا جديدا ذا 
خليتين حمراوين. ومن المدهش أن هذه العملية التي يمكن أن نسميها 
بعملية التعارف بين الخلاياء تتم بدقة فائقة؛ ولا يصيبها الخطأ أبدا في 
أي مرة من المرات فلا تلتحم الخلية البيضاء مع خلية حمراء؛ ولا ترتبط 
خلية بيضاء بخلية حمراء؛ وينتهي الأمر بالمزيج السابق لمعلق الخلايا 
الإسفنجية الحمراء والبيضاء؛ إلى تكوين قطعتين من الإسفنج: أحدهما 
من الإسفنج الآبيض مائة في المائة. والآخرى من الإسفنج الأحمر مائة في 
المائة. 

وقد أثارت هذه التجارب دهشة العلماء إلى حد كبير ولكنها استثارت 
فيهم الرغبة في استجلاء أسرار عملية التعارف السابقة؛ ودفعتهم إلى 
البحث عن الطريقة التي تستطيع بها تلك الخلايا أن تميز نفسها عن 
غيرها. وقد اتضح من مختلف الدراسات التي أجريت في هذا المجال؛ أن 
كل خلية من خلايا الكائن الحي الواحد. تحمل علامة خاصة بها ومميزة 
لهاء وأن هذه العلامة تبقى ثابتة على الدوام مثل البطاقة الشخصية؛ فهي 
لا تتغير من خلية إلى أخرىء بل توجد دائما في جميع خلايا الكائن الحي 
الواحد. 

وقد اتضح فيما بعد أن هذه العلامة المميزة ما هي إلا جزئ من البروتين 
من نوع خاص يرتبط بجدار الخلية الحية. ويطل من سطحهاء في وضع 
خاص. وعلى هذا فإن تركيب هذا البروتين. وشكله الفراغيء أو هيئته 
العامة؛ أو الطريقة التي يلتوي بها حول نفسه فوق السطح الخارجي لجدار 
الخلية؛ يمثل العلامة المميزة لهذه الخلاياء أو «الماركة الممسجلة» لخلايا 
الكائن الحي الواحد» والتي يمكن عن طريقها أن تقوم هذه الخلايا بتمييز 
نفسها من غيرها. 

ويبدو أن جزيئات التعرف هذه. أو ما يمكن أن نطلق عليه «علامات 
التعرف الجزيئية» «5اععاتة11 ه[ناهءء1101» كثيرة الانتشار ني دنيا الخلايا الحية 


06 


نظام الدفاع والأمن فى الكائن الحى 


فنحن نجدها في كل مكان في الكائن الحي. فمثلا الهرمونات التي تتحكم 
فى كثيرهمق العمليات'الحيوية للجسم مل الشحكم في ضريات القلب» أو 
الشعور بالجوع. وغير ذلك؛. تتعرف على أهدافها عن طريق هذه العلامات 
السزيكية الشالمة الدكر هالمرسون كنا زارهاسايقا» يطلق فى ادم اوري 
مع تياره إلى جميع أجزاء الجسم وخلاياه دون استثناء؛ ولكنه لا يؤثر إلا في 
مجموعة خاصة من الخلايا فقط؛ وهو يفعل ذلك على ما نعتقد يعد أن 
يتعرف على هذه الخلايا من بعض العلامات الجزيئية الخاصة بهاء والتي 
تتناسب مع نوعه. ومع وظيفته. 

كذلك فان مثل هذه العلامات الجزيئية توجد في خلايا الدم. وهي التي 
تميز نوعا من الدم عن النوع الآخر وهي التي تجعلنا نصنف هذه الأنواع 
في فصائل خاصة نرمز لها ببعض الرموز مثل (1 ) أو (ب 8) أو( ب قه) 
أو لو ©0). 

وعلى هذا الأساسء فإن عمليات التلامس التي كانت تقوم بها خلايا 
الإسفنج كان الغرض منها في الحقيقة. هو البحث عن هذه العلامات 
الجوينية للتعرف غلى الخاديا الى من توعها والفميير بينها وين غيرها 
من الخلايا. وتعتبر هذه العلامات الجزيئية: أو جزيئات التعرف. أهم عناصر 
نظام الدفاع والأمن في جسد الكائن الحيء. فهذه العلامات على درجة 
قصوى من الأهمية؛ ولا بد لكل كائن حي أن يمتلك وسيلة ما للتعرف على 
خلاياه. وللتفرقة بينها وبين الخلايا الأخرى وإلا دمر هذا الكائن نفسه 
بنفسه أثناء عملية الدفاع عن كيانه. 

ويمكننا أن نتصور أن هذه العلامات الجزيئية ما هي إلا البطاقة 
الشخصية أو الهوية التي تحملها خلايا الكائن الحيء أو قل ما هي إلا رمز 
لجنسية هذه الخلايا. فكما يحمل أفراد الدولة الواحدة نفس الجنسية: 
وذلف التخلق :لحيل لا ون لع تحمل كل هديا ملا يدل عا تسيا 
وجنسيتهاء ويقيى انتسابها إلى الكاكن الحي الذي تكون جزءا عنه. 

ويستخدم نظام الدفاع والأمن في جسد الكائن الحي أجساما مضادة 
غان دوج هالية من اللتخصصى: ويه هيه الأعساء بالتجوال قن سنالك 
لسع ونازريه: وتقوم أقتاء هذا التجواق بالتتكيش هلى خاذيا الحسه 
والتعرف عليها بالطريقة السالفة الذكر. فهي تتحسس الخلايا واحدة واحدة, 


167 


لغه الكيمياء 


فإذا وجدتها مطابقة لهاء أي إذا وجدت علاماتها الجزيئية مثل علاماتها. 
قالت «هذه أنا» وتركتها لحالهاء وإذا وجدت إحدى الخلايا ذات علامات 
جزيئية تختلف عن العلامات التي تألفهاء قالت «هذه ليست أنا». بل هذه 
دخيلة عليناء ويجب القضاء عليها في الحالء فتقوم بمهاجمة هذه الخلية 
على الفور. وتقضي عليها وتبيدها. 

وهكذا نجد أن هذه الأجسام المضادة التي يطلقها الجسم في دوريات 
منتظمة تجوب كل مكان فيه؛ تستطيع أن تكتشف كل الدخلاء والمتسللين 
مثل البكتريا وما شابههاء عن طريق قراءة العلامات الجزيئية لكل ما يصادفها 
من خلايا. ولعل هذا السلوك الدقيق الذي لا تحيد عنه تلك الأجسام 
المضادة, أو تلك الدقة البالغة التى تقرأ بها العلامات الجزيئية لخلايا 
الجسم: هي إحدى المعوقات الرشمنة لعملية زرع الأنسجة في الأجسام 
التي يكثر الحديث عنها في هذه الأيام؛ وربما كان السبب في رفض الجسم 
للنسيج الدخيل بعد إجراء الجراحة بعدة أيام: يرجع إلى اختلاف تلك 
العلامات الجزيئية في هذا النسيج المزروع عن العلامات الجزيئية لخلايا 
الجسم الأصلي. 

وهناك أنواع متعددة من الأجسام المضادة التي يقوم الجسم بتصنيعها 
بين حين وآخرء. وفي بعض الأحيان نجد أن كل نوع من هذه الأجسام 
يتخصص في التعرف على دخيل ما والقضاء عليه . ويعتبر نخاع العظام في 
جسم الإسان بمثابة القيادة العامة ليد والأمن في الجسم. ففي هذا 
النخاع؛ تنتج أنواع خاصة من الخلايا تعتبر هي الأصل في تكوين الأجسام 
المضادة التي يحتاجها الجسم. 

وتتحول هذه الخلايا بعد تكوينها إلى ثلاثة أنواع من الخلايا المتخصصة: 
النوع الأول منها يتحول في نهاية الأمر إلى خلايا من نوع خاص يعرف 
باسم «مونوسايت» وهي تكون القوة الضاربة الرئيسية بين قوات الدفاع في 
الجسم. وتعطي هذه الخلايا كذلك نوعا ثانيا من الخلايا تعرف باسم 
ليمفوسايت» أو «الخلايا الليمفاوية». وهي خلايا ليمفاوية يطلق عليها 
أحيانا اسم رمزي فتسمى كذلك خلايا «1». وهي تمثل سلاح الإشارة في 
الجيوش الحديثة؛ إذ تطلق إشارات الإنذار بوجود الدخيل في الجسم. أما 
النوع الثالث من هذه الخلاياء فهو يتحول في نهاية الآمر إلى خلايا ليمفاوية 


نظام الدفاع والأمن فى الكائن الحى 


متخصصة: يطلق عليها كذلك اسم رمزي: فتسمى خلايا +8» وهذه الخلايا 
قوم سكام سبلا الإمداد والتمرين شن الحيوش السريكة كينها متطلق 
أغدادساكلة من الأجساء الكاذة تكتسع كل ما يصادفها من انخافيا الدخيلة. 

وتكون هذه الأنواع الثلاثة من الخلايا فيما بينهاء جيشا هائلا يعمل في 
ماضق واتسجاف تماما كنا تفعل أساحة السيوش الحديكة..وهى سنتظيع 
القبرف على الدنخلاء والقبللين ودظة والكة كم كتوم يعن زلف يكدميوها 
بكل سرعة وفوة. 

ويمكن تصور اللعركة الهائلة التي قد تشب داخل الجسم: عند دخول 
أحد المتسللين أو أحد الدخلاء فيه على الوجه التالي: 


مونوسايت 


نخاع العظام 


0 0 
ل 0 


(© سس 


خلايا 8 


قد تدخل البكتريا إلى الجسم عن طريق بعض الجروح: أو عن طريق 
الأمعاء. وهي عندما تفعل ذلكء. تبدأ في الانقسام بسرعة هائلة. وتتكاثر 
في العدد بشكل خيالي وتبدأ في الانتشار فيما حولها من أنسجة. 

وعندما تتقابل خلايا البكتريا الدخيلة مع خلايا «المونوسايت» تبدأ هذه 
الخلايا الأخيرة في النشاط. ولا يعرف حتى الآنء ما الذي يستثير هذه 
الخلايا وينشطهاء ولكنها تبدأ في التحول إلى خلايا أكبر في الحجم قليلا 
تعرف باسم «ماكروفاج» أو «الخلايا الملتهمة». وهذه الخلايا الأخيرة تتميز 
بشراهتها الفائقة. فهي تستطيع أن تلتهم كل ما يصادفهاء وتحوي بداخلها 


؟6 


لغه الكيمياء 


أنواعا مختلفة من الأنزيمات المحللة. وبذلك تقف مستعدة للدخول في أي 
معركة. 

ويقوم النوع الثاني من الخلايا وهو النوع المعروف باسم خلايا «1» بدور 
غريب في هذه المعركة. ولكنه دور هام جداء ويبدو أن مهمتها الأساسية هي 
التعرف على الخلايا الدخيلة؛ وإخطار الجهات المسئولة عن نوعها. فتقوم 
هذه الخلايا بالالتصاق بجدران خلايا البكتريا الدخيلة وتتحسس هذه 
الجدران وكأنها تبحث عن العلامات الجزيثية لهذه الخلايا البكتيرية. وعندما 
تعرف أنها خلايا دخيلة تسحبها معهاء وتلتصق بها على جدران خلايا 
الماكروفاج: وكأنها بذلك تنقل بصمة هذه الخلايا الدخيلة أو علاماتها 
الجزيئية إلى خلايا الماكروفاج. 

وينتج عن هذا اللقاء بين خلايا «1» وبين كل من خلايا البكتريا والماكروفاج 
شيء غريب. فتنشط خلايا «1» بطريقة خاصة:؛ وكأنها أحست بالخطر 
وبوجود الأجسام المعادية داخل جسد الكائن الحيء وتبدأ في إرسال ثلاث 
رسائل أو إشارات: يسمع صداها في جميع أرجاء جسم الكائن الحي. 

وتحمل الرسالة الأولى الأوامر والتعليمات الخاصة بتنشيط عملية تكوين 
خلايا «1» نفسهاء حتى يمكن لها إرسال المزيد من الإشارات وإبلاغ الرسالة 
إلى كل مكان. أما الرسالة الثانية. فهي تؤدي إلى تنشيط عملية تكوين 
خلايا الماكروفاج الشرهة: فتبدأ أعداد هائلة منها في التكون: وتعتبر هذه 
الرسالة كذلك يمثابة استدعاء لها إلى مكان المعركة. 

أما الرسالة الثالثة. فهي تدفع الخلايا الليمفاوية المعروفة باسم خلايا 
«8» إلى التحول إلى نوع خاص من الخلايا يعرف باسم خلايا البلازماء 
وهذه الخلايا الأخيرة لها القدرة على إنتاج كميات هائلة من الأجسام 
المضادة؛ وهي عبارة عن جزيئات من البروتين من نوع خاص وتشبه حرف 
«لا» في اللغة الأجنبية. 

وهكذا نجد أن الاستعداد للمعركة قد تم في الحال؛ فقد تكونت أعداد 
غفيرة من خلايا «1» التي تطلق الإنذار. وتحولت خلايا «8» إلى خلايا 
البلازما التي تفرز الأجسام المضادة وهي سلاح المعركة البتار؛ كلما تكونت 
كميات هائلة من خلايا الماكروفاج التي لا تبقي ولا تذرء والتي لها القدرة 
على التهام البكتريا وتحليلها. 


]00 


نظام الدفاع والأمن فى الكائن الحى 






الرسالة الثانية 


كما 
تحول خلايا 8 إلى خلايا بلازما 


2 
5 


خلايا ماكروفاج . ص 


ومن المعتقد أن المعركة الحقيقية تبدأ بمجرد تكون خلايا البلازماء فإن 
هذه الخلايا تبدأ في إنتاج الأجسام المضادة على نطاق واسع. وهي تفعل 
ذلك بسرعة تفوق سرعة تكاثر البكترياء وهي تدخل معها في سباق تكسبه 
هي في نهاية الأمر عندما تتمكن من إنتاج أعداد هائلة منها تزيد على 
خلايا البكتريا الدخيلة. 

وتقوم هذه الأجسام المضادة؛. وهي جزيئات من البروتين ذات شكل 
خاصء بمطاردة خلايا البكتريا في مكان الإصابة. وهي تمسك بخلايا 
البكتريا بواسطة طرفيها المتباعدين مثلما يفعل الملقط؛ غلا تستطيع منها 
فكاكاء ثم تحملها إلى خلايا المكروفاج الشرهة؛ وهناك يرتبط الجسم 
المضاد بطرقه المفرد بجدار خلية الماكروفاج؛ بينما يحمل خلية البكتريا بين 

وهنا تبدأ خلية الماكروفاج في التهام الخلية الدخيلة؛ وتمتصها في 
داخلهاء وهناك يتم تحليل خلية البكتريا بواسطة الانزيمات المحللة التي 
تمتلىء بها خلية الماكروفاج, وتتحول بذلك خلية البكتريا الضارة الى مركبات 
أو جزيئات صغيرة غير ضارة: ويجري التخلص منها بعد ذلك بالطريقة 
المعتادة عن طريق الدم. 

وقد تدور هذه المعارك الضارية في داخلنا دون أن نحس بها على 
الإطلاق. فهي تجري في أجسادنا عادة في صمت تامء ولكن نظام الدفاع 


10 


لغه الكيمياء 


في الجسد قد يفشل في بعض الأحيان. وحينئذ نحس بشيء من التوعك, 
وقد ترتفع درجة حرارتنا إلى غير ذلك من أعراض المرض. 


أنزيمات محللة 


خلية ماكروفاج 





وحتى عندما يفشل نظام الدفاع والأمن في الجسم, ويحتاج إلى بعض 
المساعدة من خارج الجسم ويتم ذلك عادة عن طريق تناول بعض العقاقير 
أو بغض المضادات الحيوية: فإن ذكرى هذه المعركة يبقى عالقا بالجسم 
بطريقة ماء حتى إذا ما عاود نفس المرض الظهور مرة أخرى؛ فإن جهاز 
الدفاع يبدأ عملية المقاومة في الحال؛ وقد استفاد كثيرا من خبرته السابقة, 
وذلك لأن المعركة في هذه المرة تدور بطريقة أسرع وأفضل مما سبقء ولا 
تظهر أعراض المرض هذه المرة على الجسدء ويقال حينئن إننا قد اكتسبنا 
مناعة ضد هذا النوع من المرض. 

وهناك أنواع أخرى من الأمراض لا يستطيع نظام الأمن والدفاع السابق 
أن يتصدى لها أو يقاومها. ومن أمثلة هذه الأمراض مرض السرطان الذي 
حار العلماء في أمره منذ زمن ولا يزالون حتى الآن. ويمكن لهذا المرض أن 
يبدأ في أي خلية من خلايا الجسم. فكل خلية من آلاف ملايين الخلايا 
التي توجد في الجسم قد تتعرض لهذا المرض العضال. وقد ينشا هذا 
المرض بسبب وجود بعض الجزيئات الكيميائية ذات التركيب الخاص؛ أو 
بسيب التعرضن تبعض الاشعاعات؛ أو يسيب الآضابة ببعض الفيرزوسات: 
كذلك قد ينشأ هذا المرض عن خطأ ما في إحدى الرسائل الوراثية أو 
الجينات. وقد لا يهاجم هذا المرض الجسم على الإطلاق؛ وقد يفعل ذلك. 
ولعنتا على الأغلب لأ تعرف وجودم إلا غتدما يندا مجومه الشاحق على 


102 


نظام الدفاع والأمن فى الكائن الحى 


جسد الكائن الحي. 

وتبدأ الخلية المصابة في الانقسام العشوائي دون رابط؛ وهي تتكاثر 
بسرعة هائلة. ولا يستطيع نظام الدفاع والأمن المعتاد أن يتدخل في هذه 
الحالة. ويبدو أن السبب فى ذلك أن الخلايا السرطانية تحمل هى الأخرى 
تقون الجالانات: الحزيكية الى اماو ايقن كاز اموي ولينةا البمب 
يصعب على الأجسام المضادة أن تميز بينها وبين الخلايا الطبيعية الأخرى 
غير المصابة؛ وبذلك لا تسارع إلى تدميرها. 


]|]05 


خاتمه 


يتبين مما سبق أن الخلية هي الوحدة الأساسية 
في بناء كل كائن حي. وتشبه كل خلية من هذه 
الخلايا معملا كيميائيا فريدا في نوعه. تتم فيه 
مئات من التفاعلات الكيميائية المعقدة التي تكرر 
نفسها على الدوامء وتتكون فيه مات من أصناف 
الجزيئات الكيميائية التي يخدم كل منها غرضا 
معينا لا يحيد عنه. 

ولا تتشابه كل الخلايا في جسد الكائن الحي. 
بل ان ككثرا نيا تدلففه الكرمياقية الخاضة التي 
يتعامل بهاء مما يؤدي في نهاية الأمر إلى تخصص 
هذه الخلايا وقيامها بوظيفة محددة في جسد 
الكائن الحي. والخلية هي أصغر الوحدات في هذا 
الكون التي تعطينا مظاهر الحياة. ورغم ذلك فنحن 
لآ ترق نشنينا قن الحياة نفسها: 

وعلى الرغم من أن كل خلية من خلايا جسد 
الكائن الحي تحمل في نواتها نفس العوامل الوراثية 
التي تحمل بين طياتها نفس الأوامر والتعليمات 
التي توجد بكل الخلايا الأخرى. إلا أننا نجد أن 
أجزاء كبيرة من هذه الرسائل تبقى معطلة في كل 
خلية. ولا تعمل كل خلية من هذه الخلايا إلا بقدر 
محدود من هذه الرسائل يتناسب مع الوظيفة التي 
تخصصت فيها . ويعني ذلك أن كل خلايا جسد 
الكائن الحي لديها نفس كتاب الأوامر والتعليمات 
مكتوبا بنفس اللغة الكيميائية المتعهارف عليها فيما 
بينهاء إلا أن كل خلية فيها لا تقرأ إلا صفحة واحدة 


05 


لغه الكيمياء 


من هذا الكتاب وتعمل بما جاء فيها فقطء دون أن تلقي بالا إلى بقية 
صفحات هذا الكتاب. 

ويمكن تشبيه جسد الكائن الحي في أرقى صوره-كما في الإنسان- 
بالمجتمع البشري الذي يتكون من ملايين من الأفرادء وبالرغم من تشابه 
أغراد هذا المجتمع في كثير من الصفات. إلا أن كلا منهم يؤدي وظيفة 
بعينها تتناسب مع ما أهل له ودرب عليه. ويتساءل كثير من العلماء عن 
الهدف الحقيقي من وجود مثل هذا النظام الفريدء المسمى بالحياة؛ والذي 
يختلف كل الاختلاف عن غيره من الموجودات في هذا الكون. 

ويرى بعض هؤلاء العلماء أن الهدف الأصلي من وجود مثل هذا النظام 
المحكم قد يكون متعلقا بتكرار النوع والحفاظ على الجنس. وهم يرون أن 
الطبيعة. وهي كلمة غامضة لا معنى لها. تستمر في تعضيد هذا النظام 
طاما كان قادرا على التناسل وعلى الحفاظ على النوع: وأنها تكف يدها عن 
مساندة هذا النظام؛ وتقل حاجتها إلى الكائن الحي بمجرد انتهاء قدرته 
على تكرار النوع. 

ويستشهد أصحاب هذا الرأي بما يحدث للنساء عند سن الخامسة 
والأربعين. ففي هذه السن؛ تقف قدرة المرأة على الحمل وعلى الإنجاب. 
وهم يعتبرون أن هذه السن تمثل بدء عملية الشيخوخة الحقيقية عند 
النساءء ويمتد هذا الرأي كذلك لينطبق على الرجال؛ وإن كانت المرحلة 
التي تبدأ عندها الشيخوخة في الرجالء تأتي في سن أعلى قليلا منه عند 
النتساء. 

ويرى بعض هؤلاء العلماء أن بعض الظواهر الطبيعية التي نراها حولنا 
تعضد هذا الرأي إلى حد كبير؛ فبعض النباتات تموت بعد فترة وجيزة من 
انتهاء عملية التلقيح وتكوين الجنين الجديد . وبعض الحشرات. مثل العقرب 
تأكل أنثاه الذكر فور عملية التلقيح وانتهاء وظيفته, كذلك تقتل ملكة النحل 
الذكر بعد انتهاء طيران العرسء فلم تعد هناك حاجة لهذه الذكور. 

ويستخلص أصحاب هذا الرأي من كل ذلكء أن الحياة تستمر في 
نموها وازدهارها بصورة طبيعية؛ طالما كانت لها القدرة على تكرار النوع, 
ولكنها تبداً في التدهور عندما تفقد هذه القدرة. فتزداد عمليات الهدم في 
جسد الكائن الحي؛ وتبدأ أنظمة الجسم المختلفة في الاختلال؛ ويستمر 


06 


الانحلال التدريجي في الزيادة فيدخل الكائن الحي في مرحلة الهرم: 
وتنتهي حياته بالموت. 

ولا شك أن مثل هذه الآراء لا تجد لها سندا علميا حقيقيا حتى الآن: 
فهي لم تخرج عن كونها ملاحظات عابرة. خاصة وأن هناك شواهد أخرى 
تعارض مثل هذه الآراء. فكما أن هناك من تبدو عليهم أعراض الشيخوخة 
في سن الخمسين. فهناك من يحتفظون بقواهم كاملة حتى سن الثمانين, 
بل قد يتجاوز بعض الأفراد سن المائة وهم يحتفظون بلياقتهم كاملة. 

ولا يعرف أحد السبب الحقيقي في ظهور أعراض الشيخوخة على 
الكائن الحيء ولا السبب في حدوث هذا الاختلال والانحلال في أنظمة 
الجسم. ولكن يبدو أن هناك ميكانيكية معينة بالجسم: تبدأ فعلها المدمر 
فى الوقت المناسبء ولا بد أن هناك شيئًا ما فى خلايانا يتخن مثل هذا 
القرار الحخيف: ويآمر بإضتاء الكاكن الحي وإنهاء حياته. 

ونظرا لأن كل شيء في الخلية الحية يحدث طبقا لبرنامج مقرر من 
قبل؛ مسطور على جزيئات الحمض النووي 1814؛ فقد قوى الظن لدى كثير 
من العلماء؛ بأن هذا الحمض النووي قد يحمل أحد الجينات التي تخصصت 
في هذا العمل وأن هذا «الجين» يحمل في ثناياه رسالة خاصة بهذا الأمر. 
ومن المعتقد أن هذا «الجين» يبقى ساكنا طوال حياة الكائن الحىء؛ وتبقى 
الرسالة التي مهلها سيطلة الى مين وفك فى السطانة ما رسيي ا 
نعرفه؛ يبدأ في العمل؛ ويطلق الشرارة المناسبة فتبدا عمليات الهدم 
والانحلال فعلها في جسد الكائن الحي حتى تفضي به إلى الموت. 

ولو أن هذا 52-5 واتاح لنا الزمن إغان لغة الكيمياء حتد الكاكنات 
الحية. واستطعنا أن نعطل عمل هذه الرسالة التي يحملها هذا «الجين», 
لأمكن لنا إطالة الحياة ولو إلى حين. وهو حلم من الأحلام التي تراود 
علماء هذا الفرع من العلم (علم البيولوجية الجزيئية 7رعماوذظ عقاناءعاه31) . 


107 


الموراجع 


.1979 الكيمياء الحيوية العضوية:» و. ه. فريمان. سان فرانسيسكو‎ -١ 
810-01 ه35 ,لإقلوم د00 320 سقدععع1 .117.11 ,تجتامتسعطان) عتصدع‎ 1132150, 79. 
. 1960 لايسوزايم فليمنج؛ روبرت ف. آكروس. أ. هارتسل. المجلة العلمية الأمريكية: يونيو.‎ -2 
,عتنال سدع تاعسخ عتقلتامعك5 ,ااعكتية11 .5.8 لصة نتععاعة .1.] ,عمط و502:آ واعوستصمسعاط‎ 1960. 
.1979 المخ-كتاب المجلة العلمية الأمريكية؛ و. ه. فريمان: سان فرانسيسكو,‎ -3 
,بهع ع1 ةد بتتقطعع11.1. 17آ 8001 سدعتتعسخ علتامع 5 ل ,مسنتور8 ع1"‎ 9. 
.1984 كتاب العلم المبسط جزء 3, 5. جرولييه؛ الولايات المتحدق‎ -4 
,ععمعاءد تنه1ناممط 2ه عاموظ8 تعلخ ع1"‎ ١701. 3 بل.5.ت] ,0120م 1مع15] تعناه0 ,5 لصة‎ 4 
.1977 ساجان؛ كارل. نظرات على تطور الذكاء الإنساني؛ ديويورك» راندوم هاوسء‎ -5 
بعتملا نتاع[8 .ععمعع نااعات] مقسبط] 01 ممع نط1ه؟8 عط" دده كمم له 1ناععم5 :سمعلظ 01 كصمع ةد[ عط]' ,جهن ,مدعود‎ 


.7 ,بع5نا0]] تمملصقي] 


1١8 


المؤلف في سطور: 

د. احمد مدحت إسلام 

* من مواليد القاهرة فى 924/10/24! 

* يكالوريوس كليو مع بطافسة القاهرة عام 1946 ثم ماجستير عام 
١95ء‏ ثم دكتوراه من جامعة جلاسجو عام 1954 . 

* عمل أستاذا ورئيسا لقسم الكيمياء بجامعة الأزهر عام 1964, ثم 
وكيلا لكلية الهندسة؛ ثم عميدا لكلية العلوم بنفس الجامعة من 1970- 
6ام. 

- من نشاطاته العلمية: 

* اشرف على عدد كبير من الرسائل العلمية. 

* نشر اكثر من مائة بحث في الكيمياء التخليقية بالمجلات المتخصصة. 

* له مؤلفات دراسية في الكيمياء وفي العلوم المبسطة. 

* عضو في الأكاديمية المصرية للعلوم؛ وفي أكاديمية البحث العلمي 
والتكنولوجياء وفي المجمع 
العلمي المصري. وخبير 
بلجنتى الكيمياء والصيدلة 
اقح يتجهم اللفة العربية 
بالقاهرة. 





النظام ال علامى الجد يد 


تأليف: 5 مصطفى المصمودي 


100